أخصائيو الطب التجديدي يعالجون أطفال سوريا والعراق في الأردن

مستشفى منظمة «أطباء بلا حدود» يعتني بضحايا الحروب الدموية

الفتاة السورية سلام رشيد في المستشفى  (أ.ب)
الفتاة السورية سلام رشيد في المستشفى (أ.ب)
TT

أخصائيو الطب التجديدي يعالجون أطفال سوريا والعراق في الأردن

الفتاة السورية سلام رشيد في المستشفى  (أ.ب)
الفتاة السورية سلام رشيد في المستشفى (أ.ب)

عشرات الأطفال من دول عربية تمزقها الحروب، يفدون إلى هذا المستشفى لعلاج حالات الحروق الشديدة وبتر الأطراف، منهم فتاة سورية بترت ساقاها بعد سقوط قذيفة قربها وفتى عراقي تعرض لحروق شديدة بانفجار سيارة مفخخة. ويعالج المستشفى ضحايا الحروب في العراق وسوريا وغزة.
وسوف يفتتح المستشفى الذي أنشأته في عمان بالأردن منظمة «أطباء بلا حدود» الدولية الخيرية الشهر المقبل جناحا طبيا خاصا بعمليات الطب التجديدي لضحايا الحروب يعتبر جناحا فريدا من نوعه في هذه المنطقة. ويعمل في المستشفى جراحون تمرسوا في مواقع القتال وأخصائيون نفسيون وفي العلاج الطبيعي.
وسوف تجرى في المستشفى الذي يرتفع بناؤه على ثمانية طوابق عمليات إنتاج أطراف صناعية وأجزاء من الجسم مصنوعة بطرق الطباعة المجسمة قريبا. كما أنه يمثل مركزا تعليميا للجراحين العاملين في المنطقة وفي الدول الغربية لتبادل الخبرات واكتساب المهارات.
وقال مارك شاكال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود» في الأردن في حديث نقلته وكالة «أسوشييتد بريس» بأن هذا «هو منطلق جديد جدا في جراحات الحرب». ويجسد المستشفى ما آلت إليه الحروب الدامية في المنطقة.
ويقول الدكتور مخلد سعود جراح التجميل الذي يعالج المصابين بالحروق بأن الكثيرين منهم يردون من وطنه العراق مثل أحمد خليفة عمره 15 عاما أحمد خليفة المصاب بحروق من الدرجة الخامسة الذي خضع لأكثر من عشر عمليات جراحية في العراق والأردن. وزرع الدكتور مخلد له أخيرا جهازا يشابه البالون في منطقة الترقوة يتمدد لكي يكسو جسمه بجلد جديد يحل مواضع الندوب في جسمه.
أما سلام رشيد الفتاة السورية ذات الـ14 عاما التي بترت رجليها قذيفة لدبابة للنظام السوري فإنها ظلت تمشي على وسادات وضعت على ركبتيها. وقد خضعت أخيرا لعملية جراحية لتشكيل الركبتين بهدف تزويدها برجلين صناعيتين.
إلا أن مصطفى عبد الله الطفل البالغ من العمر 4 أعوام هو الطفل المدلل للأطباء والممرضين في المستشفى. وقد انكسر عظم الفخذ له بعد تعرضه لقذائف من غارة قتلت والديه شرق سوريا. ويقول الأخصائي النفسي بلال بودير بأن الكثير من الصغار مصابون بمرض توتر ما بعد الصدمة وأن العلاج الطبي والنفسي يؤهلانهم للتعامل أفضل مع إصاباتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.