تجدد المفاوضات بين «أحرار الشام» وإيران لوقف القتال في الزبداني

أحد المقاتلين داخل المدينة لـ {الشرق الأوسط}: المعارك أشرس من أي وقت مضى

مقاتلون من جيش الإسلام في حالة استعداد خلف حواجز رملية على جبهة باشكوي قرب مدينة حلب حيث الاشتباك مع قوات النظام (غيتي)
مقاتلون من جيش الإسلام في حالة استعداد خلف حواجز رملية على جبهة باشكوي قرب مدينة حلب حيث الاشتباك مع قوات النظام (غيتي)
TT

تجدد المفاوضات بين «أحرار الشام» وإيران لوقف القتال في الزبداني

مقاتلون من جيش الإسلام في حالة استعداد خلف حواجز رملية على جبهة باشكوي قرب مدينة حلب حيث الاشتباك مع قوات النظام (غيتي)
مقاتلون من جيش الإسلام في حالة استعداد خلف حواجز رملية على جبهة باشكوي قرب مدينة حلب حيث الاشتباك مع قوات النظام (غيتي)

تجددت المفاوضات بين «حركة أحرار الشام» المعارضة السورية وإيران لوقف القتال في مدينة الزبداني الواقعة في ريف دمشق وبلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في ريف محافظة إدلب بعدما كانت قد علّقت منتصف الشهر الحالي، وانهارت الهدنة التي استمرت لعدة أيام نتيجة إصرار الطرف الإيراني وحزب الله على إجلاء مدنيي الفوعة وكفريا ورفض النظام السوري شرط المعارضة تحرير 20 ألف معتقل من السجون، معلنا موافقته على تحرير ألف فقط. وقال أحمد قره علي المتحدث باسم «حركة أحرار الشام» لـ«الشرق الأوسط» إن «جولة جديدة من المفاوضات انطلقت» لوقف القتال في الزبداني كما في الفوعة وكفريا، لافتا إلى أن الطرفين المفاوضين هما الحركة من جهة وإيران من جهة أخرى، رافضا إعطاء أي تفاصيل حول فحوى المفاوضات والنقطة التي انطلقت منها مجددا.
وكان علي قد عزا فشل المفاوضات في وقت سابق إلى تركيز الطرف الإيراني على «التغيير الديموغرافي، وعدم اكتراثه بالوضع الإنساني للمدنيين»، موضحا أن «قرار التهجير هو قرار أكبر من أي فصيل أو جماعة، وهو قرار وطني يخص السوريين كلهم، ونحن أحرص على سوريا من النظام الذي باعها».
وفيما تحدثت شبكة «الدرر الشامية» يوم أمس عن وقف إطلاق نار في كل من الفوعة والزبداني كبادرة حسن نية تمهيدا للدخول في هدنة جديدة صباح الخميس، أبلغ أبو عبد الرحمن، وهو أحد مقاتلي المعارضة الموجودين داخل الزبداني، «الشرق الأوسط»، باستمرار المعارك داخل المدينة وفي القرى المحيطة، لافتا إلى أنّها باتت «أشرس» من أي وقت مضى.
وأوضح أبو عبد الرحمن أنّه «منذ نحو الأسبوع كان حزب الله قد اقترب من السيطرة على كامل المدينة، إلا أن قوات المعارضة نفذت هجوما معاكسا ومباغتا أعاد الحزب إلى نقطة الصفر، بما سمح لنا باستعادة السيطرة على أكثر من نقطة، أبرزها كرم العلالي وجدودنا». وأضاف: «نحن حاليا نسيطر على قسم لا بأس به من المدينة، علما أن المعارك هي بمعظمها كر وفر». وأشار أبو عبد الرحمن إلى أن «النظام السوري سحب المدنيين من كل القرى والبلدات المحيطة بالزبداني وأجبرهم على البقاء في مضايا التي يعاني أصلا قاطنوها من الجوع، أما المدنيون الموجودون داخل الزبداني الذين يبلغ عددهم نحو 500 عائلة، فإخراجهم من المدينة إلى أي منطقة أخرى شبه مستحيل».
من جهته، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن استمرار الاشتباكات «العنيفة» بين قوات الفرقة الرابعة وحزب الله وجيش التحرير الفلسطيني وقوات الدفاع الوطني من جهة، وفصائل المعارضة ومسلحين محليين من جهة أخرى في الزبداني، ترافقت مع قصف عنيف من قبل قوات النظام على مناطق في المدينة. وأفاد المرصد بارتفاع عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي يوم أمس الأربعاء على الزبداني إلى 12، مشيرا إلى معلومات عن مقتل عدة عناصر من قوات النظام خلال اشتباكات مع مقاتلين يعتقد أنهم من تنظيم داعش عند أطراف بلدة بقين القريبة من الزبداني.
وتحدث موقع «روسيا اليوم» عن «مفاوضات نهائية» تجري لوقف العمليات العسكرية بالزبداني وبلدتي الفوعة وكفريا. وقالت وكالة «سانا» السورية الرسمية إن الجيش السوري تمكن من قتل 50 مسلحا من «جبهة النصرة» في ريف دمشق الغربي والغوطة الشرقية ومدينة الزبداني.
بدورها تحدثت مصادر النظام وحزب الله عن اشتباكات قوية تشهدها الزبداني، نافية أن تكون هناك أي هدنة، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتصالات الحالية مع بعض أطراف الفصائل المقاتلة، لا ترقى لمستوى المفاوضات أو الهدن».
وأفاد ناشطون معارضون بقصف مروحيات تابعة للجيش السوري فجر الأربعاء بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدة مضايا بريف دمشق، ما أدى لسقوط جرحى، وإلحاق أضرار مادية في البلدة، وتحدثوا عن «اشتباكات عنيفة مستمرة منذ منتصف ليل الثلاثاء في مدينة الزبداني». وأشارت مواقع مقربة من النظام السوري وإيران إلى أنّه «بعد السيطرة على ساحة العجان التي كانت تحوي أحد أهم غرف العمليات لمقاتلي (أحرار الشام)، تمكنت الوحدات المشتركة من الجيش السوري وحزب الله من السيطرة على كتل أبنية جديدة على الطريق الذي يربط الساحة بأطراف حي البلد وسط الزبداني».
وتحدثت هذه المواقع عن «اشتباكات على محور حي النابوع والمحطة والمنطقة الواصلة بين ساحتي الجسر والعجان وسط قصف مدفعي طال الأبنية التي يتحصن فيها مسلحو أحرار الشام في محيط مسجد الجسر».
ونقلت هذه المواقع عن أحد القادة المرابطين في المحور أن «القوات المسلحة السورية وبالتعاون مع حزب الله تتابع التقدم وسط مدينة الزبداني، ولكن ما يعرقل تقدم قواتنا قليلاً هو وجود أنفاق بشكل كثيف ضمن مدينة الزبداني حيث قام المسلحون ببناء شبكة كاملة من الأنفاق تحت الأرض.. ومركزهم ومعقلهم هو منطقة وساحة الجسر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.