بوارج التحالف تقترب من سواحل الحديدة.. والطيران يكثف غاراته على مقار الميليشيات

الحوثيون يعززون انتشارهم في المدينة قبل المواجهة

حارس مناصر للرئيس عبد ربه منصور هالدي امام المركز الحكومي في تعز بعد استعادتها من المتمردين (أ.ف.ب)
حارس مناصر للرئيس عبد ربه منصور هالدي امام المركز الحكومي في تعز بعد استعادتها من المتمردين (أ.ف.ب)
TT

بوارج التحالف تقترب من سواحل الحديدة.. والطيران يكثف غاراته على مقار الميليشيات

حارس مناصر للرئيس عبد ربه منصور هالدي امام المركز الحكومي في تعز بعد استعادتها من المتمردين (أ.ف.ب)
حارس مناصر للرئيس عبد ربه منصور هالدي امام المركز الحكومي في تعز بعد استعادتها من المتمردين (أ.ف.ب)

اقتربت بوارج قوات التحالف العربي من سواحل محافظة الحديدة، غرب اليمن، بشكل كبير بالتوازي مع تكثيف شن طيران التحالف العربي من غاراته وعلى مدار يومين بشكل مستمر على المقار العسكرية للميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح في المدينة، غرب اليمن، في حين قصف طيران التحالف منذ الصباح الباكر، ليوم أمس، مواقع لميليشيا الحوثي وصالح في ميناء الحديدة، الذي تسيطر عليه ميليشيات الحوثي، وذلك في الوقت الذي اقتربت فيه بوارج التحالف العربي إلى ميناء الحديدة، كما وقصف التحالف مخازن للأسلحة خاصة بالميليشيات المتمردة في القاعدة البحرية بالحديدة بعدما قصف الطيران، أول من أمس، المقر الرئيسي لميليشيات الحوثي في نادي الضباط ومخازن الأسلحة في هناجر المؤسسة الاقتصادية ومواقع في الكلية البحرية؛ الأمر الذي قوبل من قبل الميليشيات المتمردة بإطلاق مضاد الطائرات بشكل هستيري ما تسبب في خلق الرعب والهلع لدى أهالي مدينة الحديدة، وخصوصا النساء والأطفال وكبار السن.
وقال أحد العاملين في ميناء الحديدة لـ«الشرق الأوسط»، إن «طيران التحالف شن سلسلة من الغارات الجوية لمواقع المسلحين الحوثيين، بالإضافة إلى أن الغارات دمرت بشكل كلي أرصفة الميناء رقم 5 و6 و8، واستهدفت سفينة المعونة مونا التي كانت ترسو على الرصيف 5؛ ما جعل المسلحين الحوثيين وأنصار صالح يفرون هاربين من الميناء تخوفا من استهدافهم من طيران التحالف العربي».
ويضيف: «استمرت طائرات التحالف العربي في التحليق في سماء مدينة الحديدة لساعات في حين سمع ذوي انفجارات كثيفة تهز المدينة ما جعلنا وجميع العاملين في الميناء نفر هاربين، بالإضافة إلى رؤية عدد من المسلحين الحوثيين الذين يحتلون قلعة (الكورنيش) التاريخية على الكورنيش بساحل البحر الأحمر، يفرون أيضًا بشكل هستيري إلى الأحياء المجاورة والأحياء البعيدة أيضًا متخوفين أن يستهدف طيران التحالف قلعة الكورنيش وهم بداخلها ولا يزال معتقلون من الحراك التهامي والناشطين والمناوئين لهم معتقلين في القلعة»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»: «وصلتنا أخبار بأن طيران التحالف استهدف أيضًا باخرة وقود خاصة كانت ترسو في رصيف الميناء وأن هذه الباخرة خاصة بأحد المتنفذين المحسوبين على جماعة الحوثي المسلحة وتحمل كميات كبيرة من البنزين، بالإضافة إلى قصف معسكر كتيبة الدفاع الجوي المجاور للميناء».
ويأتي شن طيران التحالف بقيادة السعودية لغاراته لعدد من المواقع للميليشيات الحوثية وصالح في مدينة الحديدة، غرب اليمن، في الوقت الذي اقتربت فيه بوارج قوات التحالف من سواحل الحديدة في إطار خطة التحالف لتحرير المحافظة الساحلية من ميليشيات التمرد الذي قد يرافقه أيضًا عملية إنزال بحري ستقوم بها قوات التحالف العربي عن طريق سواحل الحديدة والذي من شأنه أن يقطع طرق إمداد المسلحين الحوثيين والتقدم نحو باب المندب ودعم المقاومة الشعبية في إقليم تهامة وتعز وإب لطرد المسلحين الحوثيين وأنصار صالح.
من جانبه، قال مصدر عسكري من مدينة الحديدة لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما تقوم به قوات التحالف يحمل في طيه معنى واحدًا، وإن عملية إنزال بحري باتت وشيكة وقريبة، وإن الغارات واقتراب بوارج التحالف من سواحل الحديدة سيرافقه من دون شك إنزال بحري لقوات يمنية ربما قد تم تدريبها في السعودية للمساعدة في تحرير محافظة الحديدة من الميليشيات الحوثية وقوات صالح، وهو ما سيعزز من قوة المقاومة الشعبية في إقليم تهامة التي تعمل على استهداف ميليشيات صالح والحوثي في مدن ومحافظات إقليم تهامة وسيعزز أيضًا من قوة المقاومة الشعبية في المحافظات المجاورة كمحافظة تعز التي طهرت المدينة ما نسبته 90 في المائة ومحافظة إب».
وأضاف المصدر أنه «بالإضافة إلى الإنزال البحري لقوات تساعد في تحرير المحافظة الساحلية من الميليشيات المتمردة قد تعمل أيضًا على دعمهم وتقديم السلاح النوعي للمقاومة الشعبية لتستطيع مواجهة الميليشيات ودحرها من كل إقليم تهامة لاحتياج هذه الأخيرة للأسلحة النوعية، واستهداف التحالف العربي للقاعدة البحرية يؤكد أن الميليشيات لا تستطيع المواجهة وسيتم دحرها في القريب العاجل من إقليم تهامة ومدينة الحديدة».
وفي الوقت الذي تستمر فيه المقاومة الشعبية التهامية في استهداف ميليشيات الحوثي وصالح في مدن ومحافظات إقليم تهامة وتكثف انتشارها بالمدينة بالإضافة إلى حشد مقاتلين لها من صعدة وحجة وذمار ونصب عدد من النقاط الأمنية لهم في الشوارع الرئيسية والأحياء السكنية، يقول بسيم الجناني، صحافي من الحديدة وأحد الملاحقين من المسلحين الحوثيين وهددوه بقطع أصابعه، لـ«الشرق الأوسط»: «لا تزال ميليشيات الحوثي تكثف انتشارها بمحافظة الحديدة وتحشد مقاتليها بصورة لافتة من محافظات الإقليم لعاصمة الإقليم بمدينة الحديدة، حيث نصبت خلال الأيام الماضية عدد كبير من النقاط الأمنية وانتشار لعشرات الأطقم عند مداخل المحافظة جنوبًا على الحدود مع تعز وتتخذ الكثير من المرافق الحكومية والمؤسسات مقرات لها ولتخزين أسلحتها التي قامت بنهبها من الألوية العسكرية».
ويضيف: «تأتي هذه التحركات تحسبًا لأي عملية تسعى لتحرير المحافظة من قبضتهم خاصة بعد العمليات النوعية المباغتة التي تتكبدها الميليشيات من قبل المقاومة الشعبية لإقليم تهامة على النقاط الأمنية والتجمعات وتخشى من إنزال يقوم به التحالف بالتنسيق مع المقاومة الأمر الذي جعل مقاتليها بعتاد ثقيل ومدافع ينتشرون على الشريط الساحلي الواصل إلى المخأ»، مشيرًا إلى أنه «في الوقت الذي يشن فيه طيران التحالف غارات مكثفة منذ يومين على أماكن تجمعاتهم ومقراتهم وكان آخرها في ساعة متأخرة، مساء أمس، حيث قصف ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه الميليشيات، حيث استهدفت الحاويات والأرصفة سعيًا لإيقافه وإخراجه عن الجاهزية، كما قصفت صباح اليوم المدينة السكنية لهيئة تطوير تهامة الذي يتجمع فيها ميليشيات الحوثي إلا أن القصف طال أسرة من المدنيين القاطنين بالمدينة وتدمير منزل رئيس الهيئة ومنزل نائب مدير الأمن بالمحافظة المعين من قبل الحوثيين وشهدت المدينة السكنية نزوح أغلب السكان منها بعد دخول الميليشيات إليها».
ويؤكد الصحافي الجناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك سخطًا واسعًا لدى السكان جراء ما تشهده المدينة من عسكرة لشوارعها ووسط الأحياء، حيث يقيم عدد من القيادات الحوثية واتخاذ مؤسسات حكومية مقرات لها مما يعرضها للقصف ويعرض حياة المواطنين للخط، وبأن الأهالي قد طالبوا لمرات كثيرة إخراج الميليشيات من المدينة ومديرياتها التي تنتشر فيها بكثافة وعدم تعريض حياة أبناء تهامة للخطر».
ولا تزال حملة الاعتقالات والاختطافات مستمرة، حيث تستمر ميليشيات صالح والحوثي بمداهمة الكثير من المنازل والقرى للقبض على المناوئين لها من صحافيين وسياسيين وناشطين حقوقيين، حيث قامت خلال هذا الأسبوع بحملة واسعة شملت كل المديريات ضد قيادات وكوادر حزب الإصلاح واختطفت العشرات منهم وتتحفظ عليهم بأماكن مختلفة تتخذهم كدروع بشرية، ويؤكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحين من المقاومة الشعبية استهدفوا نقطة للميليشيات الحوثية وأنصارهم من قوات صالح في نقطة المطاوفة في مديرية جبل رأس بالحديدة مستخدمين أسلحة الكلاشنيكوف، وأنباء عن سقوط قتلى وجرحى من الحوثيين».
وأضاف الشهود: «أقدم ميليشيات الحوثي بإطلاق الرصاص الحي على 3 شبان من أبناء قبيلة المجاملة في مديرية بيت الفقيه بالحديدة عند إحدى النقاط التابعة لهم، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم وجرح الثالث، وأن المنطقة سادها التوتر، حيث وأبناء القبيلة توعدت بالانتقام منهم والدفاع عن أبنائها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.