دير الزور المنسية في شرق سوريا.. مقسمة بين سلطتين وحصارين

النظام يسيطر على 10 % من أراضيها.. وغياب للغذاء والمواد الطبية

دير الزور المنسية في شرق سوريا.. مقسمة بين سلطتين وحصارين
TT

دير الزور المنسية في شرق سوريا.. مقسمة بين سلطتين وحصارين

دير الزور المنسية في شرق سوريا.. مقسمة بين سلطتين وحصارين

بين قبضة النظام وحصار تنظيم «داعش» يعيش أهالي دير الزور في وضع مأساوي تزيد حدّته يوما بعد يوم، في ظل عدم وصول المواد الغذائية والطبية إليهم منذ أشهر وتلوّث المياه، مما أدى إلى وفاة عشرات الأشخاص بينهم أطفال، فيما عمد التنظيم إلى إعدام عدد من الشباب بعدما حاولوا إدخال المساعدات سرا إليها، وهو الأمر الذي جعل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والناشطون يطلقون صرخة استغاثة محذرين من كارثة إنسانية ومطالبين المنظمات الدولية بالتدخل.
وقال مجاهد الشامي، مؤسس «تجمع دير الزور تذبح بصمت»، إن العائلات في دير الزور تعيش بين الحياة والموت، ولا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والمحاصرة من «داعش»، بشكل أساسي في الجورة والقصور وهرابش والبغيلية والجفرة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 250 ألف نسمة، فيما يقدّر عدد الموجودين في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش في الريف الشرقي والغربي وأجزاء من المدينة المحررة (التي حررها سابقا الحر) نحو 700 ألف نسمة.
ويوضح الشامي أنه وبعد دخول «داعش» إلى دير الزور انقسمت المنطقة إلى جزأين بين النظام و«داعش»، وقد بات النظام يسيطر على نحو 10 في المائة من المدينة إضافة إلى منطقتي الجفرة والبغيلية في الريف، فيما يسيطر التنظيم على الجزء الأكبر منها.
ويضيف: «قبل سيطرة (داعش) كان (الجيش الحر) يسمح بدخول المساعدات إلى المدنيين، وعند بدء معركة التنظيم للسيطرة على المدينة قبل نحو سبعة أشهر عمد إلى محاصرة المدنيين بحجة محاصرة النظام بحيث أصبح الوضع يزداد سوءا، واليوم بات مأساويا»، مضيفا: «في الأشهر الأخيرة بات الوضع قاسيا جدا وقد سجّل وفاة 50 شخصا معظمهم من الأطفال نتيجة الجوع ونقص المياه التي إن وجدت فهي ملوثة بغياب مادة الكلور المعقمة، كما قام (داعش) بإعدام 10 أشخاص لأنهم عمدوا إلى إدخال المساعدات الغذائية. مع العلم أنّ المواد الغذائية باتت تباع في ما يشبه السوق السوداء في دير الزور»، ويلفت الشامي إلى أنها إن توفرت فبأسعار خيالية، إذ بات كيلو الأرز يباع بنحو أربعة آلاف ليرة سوريا (نحو 12 دولارا). وأشار الشامي إلى أن النظام يعمد إلى إنزال المواد الغذائية لعناصره بالطائرات في مطار دير الزور، بينما يتواطأ مع التنظيم بمنع وصولها إلى المدنيين، وخير دليل على ذلك غياب المواجهات بين النظام و«داعش» الذي يقصف المدنيين بدل قصف مراكز النظام.
ونتيجة هذا الوضع الذي يعيشه سكان دير الزور، بدأت تنتشر في الفترة الأخيرة الأمراض والأوبئة، وهو ما ذكرته صفحة «دير الزور تذبح بصمت»، لافتة إلى أن «داء الكلب» أصبح منتشرا بشكل غير مسبوق في أحياء المدينة المحررة والأوبئة تهدد المنطقة، بسبب قلة العناية والدواء، وقد سجلت أكثر من 30 إصابة في المدينة والريف، وأكثر من 5 حالات وفاة، فيما سجّل في الريف الغربي أكثر من 20 حالة إصابة وحالتي وفاة في الأيام الماضية معظمهم في حطلة ومراط، فيما ينتشر داء اللشمانيا أو حبة حلب في الشعيطات والريف الشمالي خط الخابور.
وأعلن الأسبوع الماضي عن وفاة طفلين لا يتجاوز عمرهما الأشهر في المناطق المحاصرة من قبل تنظيم داعش، بسبب عدم توافر المياه الصالحة للشرب.
وأكد الشامي المعلومات التي سبق أن تم التداول بها لجهة دفع المواطنين المال لعناصر قوات النظام مقابل السماح لهم بالخروج، موضحا أن «اللواء محمد قدور قائد منطقة الحسكة ودير الزور يعطي أذونا للمدنيين بالخروج من المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام إلى تلك الواقعة تحت سيطرة داعش مقابل نحو 75 ألف ليرة سوري، أي ما يقارب 250 دولارا».
وكان موقع «كلنا شركاء» المعارض، قد أفاد قبل أيام بسماح قوات النظام بخروج عشرات العائلات من سكان أحياء المدينة الخاضعة لسيطرتها والمحاصرة من «داعش» في مدينة دير الزور.
وجاءت موافقة قوات النظام لبعض العائلات بالخروج، بحسب مصادر ميدانية، بعد حصولهم على موافقة من الأفرع الأمنية في المدينة، واقتصرت الموافقات في الأغلب على النساء والأطفال وبعض الشيوخ.
ويشترك كل من النظام والتنظيم في حصار سكان حيي الجورة والقصور الخاضعين لسيطرة النظام في دير الزور، حيث يمنع النظام ما يقارب من مائتي ألف نسمة من المغادرة، في حين يمنع التنظيم دخول المواطنين والمواد الغذائية والطبية إلى هذه الأحياء، بحيث بقي المجال الوحيد لهم هو المطار العسكري الذي توقفت حركة طائرات الشحن فيه أيضًا بسبب اقتراب التنظيم من نقاط صعود وهبوط هذه الطائرات.
وكان الائتلاف الوطني السوري، طالب، على لسان نائبة رئيسه نغم غادري، الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة العالمية، ومنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، باتخاذ إجراءات فعالة لإنقاذ نحو 250 ألف مدني محاصرين داخل أحياء مدينة دير الزور (الجورة - القصور - هرابش - البغيلية) من قبل تنظيم داعش للشهر السابع على التوالي، في ظل انقطاع تام للتيار الكهربائي وندرة المواد الغذائية، التي لا تكفي سوى 25 في المائة من الأهالي، حسب تقرير صادر عن حملة «معًا لفك الحصار عن دير الزور».
وذكرت الحملة أن الحصار بات أشد على الأحياء بعد أن تمكن تنظيم داعش من إغلاق جميع المنافذ ومنع عمليات تهريب الغذاء والمواد الطبية، مشيرة إلى أن ذلك أتى بالتزامن مع تقليل كميات الغذاء المنقولة من قبل نظام الأسد للتجار المرتبطين به، وسجلت الحملة وفاة طفلين رضيعين نتيجة نقص حليب الأطفال، إضافة إلى وفاة طفل يبلغ من العمر (11 عامًا) وامرأة (53 عامًا) نتيجة الجوع.
وشددت غادري «على أن من أصدر قرارًا يلزم نظام الأسد بدخول لجنة لتحديد المسؤول عن استخدام الكيماوي، يستطيع أن يفرض إدخال المساعدات الإنسانية للمحاصرين في جميع المناطق المحاصرة في سوريا، ومنها حي الوعر بحمص والغوطة الشرقية والزبداني بريف دمشق، وذلك استنادًا لقرار مجلس الأمن 2139».
كما طالبت غادري بإصدار قرار يلزم النظام بالسماح للمنظمات الإغاثية ومنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، باستخدام مطار دير الزور من أجل نقل المساعدات الإنسانية، بوجود إشراف دولي على عملية النقل والتوزيع أيضًا، وتسهيل خروج المدنيين من الأحياء المحاصرة وإزالة كل العراقيل المتمثلة بمنع الرجال بين 16 و45 عامًا من المغادرة، وإلغاء دفع المبالغ المالية المرتفعة التي يطلبها النظام من المطالبين بالخروج.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.