بعد أقل من شهر على إطلاقه، يواجه موقع «هافينغتون بوست عربي» وابلاً من الانتقادات من الإعلام، وخصوصا الغربي منه، بسبب ما تضمنته بعض المواد التي نشرها على صفحاته.
نشر الموقع بعد أيام على حفل الإطلاق الذي نُظّم في العاصمة البريطانية لندن في 27 يوليو (تموز) الماضي، بحضور أريانا هافينغتون مؤسسة الشركة الإعلامية، ووضاح خنفر مؤسس الموقع العربي الذي شغل سابقا منصب المدير التنفيذي لقناة «الجزيرة» وشخصيات إعلامية مرموقة، مجموعة من المواد قابلها الإعلام الغربي والكثير من القراء على وسائل التواصل الاجتماعي، بسهام النقد.
نالت مدونة محمد السنوسي الباحث الجزائري التي وجّهها إلى «الأمة الإسلامية الشابة»، النصيب الأوفر من النقد. ندّد السنوسي بـ«السيلفي» واعتبره أحد أعراض «وباء» العالم الغربي.
وحل مقال بقلم مساهم مصري يدعى عمار مطاوع، في المرتبة الثانية من النقد، اعتبر فيه الكاتب أن حكومة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تدير «حملة ممنهجة لعلمنة الشعب».
«إنّها حملة مغرضة موجهة ضدّ (هافينغتون بوست عربي)، وموقعنا متاح للجميع، كما أن لهم الحرية في تكوين آرائهم الخاصة»، ملمّحا إلى الشفافية والتعبير الحر عن الرأي في هذا الموقع. هذا ما صرح به مصدر من «هافينغتون بوست» لـ«الشرق الأوسط»، رافضًا كشف هويته وممتنعًا عن الإجابة عن أي سؤال آخر.
شاء سوء الحظ أن يلعب دوره، عندما ترجم موقع «بازفيد» الإخباري المنافس لـ«هافينغتون بوست»، المدونة إلى اللغة الإنجليزية لتصل إلى كثير من القراء في دول أجنبية، وتبدأ حملة صارمة ضد توجه النسخة العربية من الموقع.
كتب السنوسي تحت عنوان «الأمة الإسلامية وفصل جديد من استيراد الأمراض الثقافية... السيلفي محل نقاش»، قائلاً: «تركنا همّنا وعدنا نجري وراء الصور».
واعتبر التطور «انحلالاً أخلاقيًا وانحرافًا لشباب المجتمع الإسلامي». واستطرد: «أصبح العرب يستوردون قيمًا غربية أضحت الأصل والحضارة، وقابلتها قيمنا وتقاليدنا ماركة مسجلة للجهل والتعقيد، حسب شريحة مسّها مرض العولمة».
ثم اتخذ من التقاط «السيلفي» مثالاً، وتابع: «سيلفي وقت الصلاة. سيلفي أمام الكعبة المشرفة. سيلفي مع رهائن. سيلفي مع معتقلين من (داعش). حتى ساعات النوم لم تسلم من هذه الظاهرة المرضية التي عصفت بحرمة الحياة الخاصة وحرمة الشعائر الدينية وسترة أعمالنا وتصرفاتنا».
ودعا «شباب الأمة الإسلامية.. إلى التخفيف في تبني هذه السلوكيات المرضية التي تأتي على قيم وعادات ومرتكزات الهوية الثقافية للإنسان، وتعمل على تدمير الموروث الحضاري والثقافي للعرب والمسلمين بشكل عام». فرأى الإعلام الغربي ومغردون على «تويتر»، أن مضمونها لا يتوافق والمنهج الليبرالي لـ«هافينغتون بوست».
لم تمر سوى أيام، ليعود الموقع وينشر مقال رأي للمساهم المصري مطاوع، بعنوان «رحلة في العقل العلماني»، قوبل أيضًا بكمّ هائل من الانتقادات.
يذكر الكاتب في سطوره، أن نظام السيسي «علماني»، وأنه يُقصي الإسلاميين. كما يزعم الكاتب أن السيسي «يدير حملة ممنهجة لعلمنة الشعب المصري».
ويتحدث مطاوع في إطار تقديمه لبعض الأمثلة، عن «ظهور مقطع رقص إباحي في أحد مقار الأحزاب، أو تنظيم مؤتمر صحافي للمتهمين بالشذوذ في قلب القاهرة، أو فتح بعض القنوات في برامجها لملحد يهاجم ثوابت الدين، تحت زعم الحرية»، معتبرًا معارضي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، محاربين «للمشروع الإسلامي».
فأثار المقال ردود فعل غاضبة لمضمونه، واعتبره متابعون دليلا على سياسة الموقع، وأشاروا إلى أن القائمين عليه مقربون من جماعة الإخوان المسلمين، كما تساءلوا عن طبيعة توجه الموقع وسياسته التحريرية.
من جانبه، أكد نيكولاس سابلوف مدير تحرير «هافينغتون بوست» لموقع «بازفيد»، أن «المحتوى المنشور هو رأي واحد، عبر عنه كاتب واحد، ولا يعكس بالتالي وجهة نظر المؤسسة». وبعد أقل من 36 ساعة على نشر المقال والزوبعة الإعلامية التي تلته، قرر فريق الموقع حذفه «لمخالفته سياسة النشر لديه»، حسبما جاء في الصفحة.
وكُتب مكان المقال المحذوف: «قرار الحذف أمر يحترمه المدون ويقدره»، متمنيا للمشروع التوفيق والنجاح وإثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت.
يذكر أنه عند إطلاق النسخة العربية، نقلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن رئيسة مجموعة «هافينغتون»، أريانا هافينغتون، قولها: «كان إطلاق الموقع العربي بمثابة حلم، فهناك حاجة كبيرة لمنصة عربية تساعد على فهم أعمق للحياة في هذا العالم، من مشكلاته إلى إنجازاته، وحتى إمكاناته التي لم تستغل».
كما أكدت أن الموقع سيطرح كل الموضوعات الحساسة من دون خطوط حمراء.
وحسبما نقلت صحيفة «إندبندنت» البريطانية هذا الأسبوع، كانت أريانا (65 سنة)، قد تعهدت مؤسسة موقع «هافينغتون بوست» الإخباري، بتطبيق قيم ورؤية الموقع الإنجليزي على النسخة العربية، مشيرة إلى أن الخدمة العربية ستكون منصة للأصوات «الحرة»، سياسيًا واجتماعيًا، واستطردت قائلة: «من أهم أسباب وجود مكاتب الموقع العربي في كل من لندن وتركيا، هو تفادي أي نوع من الرقابة أو التحكم بمحتوى الموقع».
ووفق «إندبندنت»، أفادت أريانا بأن الموقع سيقف وراء الكتاب والمدونين المساهمين بكل الأساليب والطرق الممكنة. بينما يتساءل مراقبون عن إمكانية تحقيق النسخة العربية رؤية أريانا، بعد هذه البداية الشائكة.
بداية شائكة لـ«هافينغتون بوست عربي».. والإعلام الغربي ينتقد محتواها
مصدر من الموقع العربي لـ «الشرق الأوسط»: إنها حملة مغرضة موجهة ضدنا
بداية شائكة لـ«هافينغتون بوست عربي».. والإعلام الغربي ينتقد محتواها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة