قال ائتلاف أحزاب الأغلبية الرئاسية في موريتانيا خلال مؤتمر صحافي أول من أمس (الاثنين) إن الحوار السياسي وصل إلى طريق مسدود بسبب عدم جدية أطراف في المعارضة الراديكالية، واتهم الائتلاف هذه الجهات بوضع عراقيل أمام الحوار السياسي من أجل إفشاله.
وقد أثار فشل الحوار السياسي حالة من التأزم السياسي في موريتانيا، لتشتعل حرب كلامية بين طرفي المشهد تبادلا فيها الاتهامات حول المسؤولية عن إفشال الحوار، حيث تقول المعارضة إن الحكومة لم تكن جادة في الحوار حين رفضت الرد بوثيقة مكتوبة على المعارضة. في غضون ذلك شدد رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد محم، على أن «الأغلبية مستعدة للحوار السياسي من دون أي شروط أو أي خطوط حمراء»، وأوضح أنهم في الأغلبية الرئاسية «قدموا قدرًا كبيرًا من التنازلات من أجل نجاح الحوار غير أن المعارضة لم تكن بنفس القدر من الجدية»، على حد تعبيره.
واتهم ولد محم الذي يقود أكبر حزب سياسي في الأغلبية، المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وهو أكبر تشكيل سياسي معارض في موريتانيا، بأنه «لم يحترم القواعد المطروحة للتفاوض حيث كان يسرب للإعلام تفاصيل الجلسات التحضيرية للحوار وينشرها في البيانات الصحافية». وأوضح ولد محم خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته الأغلبية بنواكشوط، أن المعارضة تبرر تقاعسها عن الحوار بعدم حصولها على رد مكتوب من الأغلبية، وأضاف: «لم نتفق مع منتدى المعارضة على أن تكون الردود مكتوبة، فجميع المفاوضات التي تجري في العالم لا تكتب إلا محاضرها النهائية»، على حد قوله.
وكان منتدى المعارضة قد سلم للحكومة وثيقة تضمنت ما قال إنها «ممهدات الحوار»، طالب بتنفيذها قبل الدخول في أي حوار مع النظام، وتضمنت هذه الممهدات عدة نقاط مثيرة للجدل من ضمنها حل كتيبة الحرس الرئاسي وتعهد الرئيس بعدم تغيير الدستور للبقاء في السلطة، بالإضافة إلى تشكيل حكومة ائتلاف وطني وتصريح الرئيس بممتلكاته.
ورفضت الحكومة الرد على وثيقة المنتدى بوثيقة أخرى، فيما أبلغتها شفويًا بأنها تقبل بجميع الممهدات ما عدا تشكيل حكومة ائتلاف وطني، واقترحت إحالة النقطة المتعلقة بحل كتيبة الحرس الرئاسي إلى الحوار لمناقشتها، واعتبرت أن التزام الرئيس بعدم المساس بالدستور أمر يضمنه القانون وبالتالي لا داعي لأن يكون مطلبًا ممهدًا للحوار؛ وأوضح رئيس الحزب الحاكم أنهم «قبلوا بشروط المعارضة مع معرفتهم بأنها عراقيل تم طرحها لإفشال الحوار السياسي».
من جهة أخرى قال القيادي في منتدى المعارضة محفوظ ولد بتاح، خلال مؤتمر صحافي عقده المنتدى نهاية الأسبوع الماضي، إن الحكومة هي من وضع حدًا لمساعي الحوار السياسي بسبب عدم جديتها في الدعوة إليه منذ البداية؛ وقال ولد بتاح: «الحوار السياسي انتهى منذ بدأ الرئيس زياراته للولايات الداخلية»، وذلك في إشارة إلى جولات داخلية نظمها الرئيس خلال الأشهر الأخيرة تقول المعارضة إنها «حملة سابقة لأوانها» من أجل التمهيد لتعديل الدستور.
وركز ولد بتاح في سياق حديثه عن الحوار على ما سمّاه «تباينًا في وجهات نظر الحكومة والأغلبية» حول بعض الممهدات التي طرحتها المعارضة، مشيرًا إلى أن هنالك خلافا داخل هذه الأوساط حول نقطة تصريح الرئيس بممتلكاته، مشددًا على أن «القانون صريح في إعلان رئيس الجمهورية لممتلكاته ونشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية».
ويلف الغموض مستقبل المشهد السياسي في موريتانيا بعد فشل الحوار، فالخيارات التي يتحدث عنها المراقبون تشمل احتمال تفكك المعارضة وهو الاحتمال الذي تراهن عليه جهات في الأغلبية، بينما تطرح جهات في المعارضة خيار الخروج للشارع من أجل الضغط على النظام للحصول على تنازلات حقيقية.
وتعاني المعارضة الموريتانية من حالة انقسام كبيرة، فالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الذي يمثل المعارضة الراديكالية، يتشكل من 11 حزبا سياسيا وعدد من النقابات وهيئات المجتمع المدني وبعض الشخصيات المستقلة، وتتباين مواقف هذه التشكيلات من مدى التمسك بالحوار مع النظام.
الجدل يحتدم في موريتانيا بعد فشل الحوار السياسي
الأغلبية الرئاسية تتهم المعارضة بإفشاله وتؤكد أنها قدمت جميع التنازلات
الجدل يحتدم في موريتانيا بعد فشل الحوار السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة