سوريون يقاومون الأزمة والحرب بالموسيقى العفوية

في الشوارع والأسواق بعيدًا عن الصالات المغلقة

عابر في الشارع القديم يتوقف  ليستمع لأبو غسان  وهو يعزف موسيقى الزمن  الجميل
عابر في الشارع القديم يتوقف ليستمع لأبو غسان وهو يعزف موسيقى الزمن الجميل
TT

سوريون يقاومون الأزمة والحرب بالموسيقى العفوية

عابر في الشارع القديم يتوقف  ليستمع لأبو غسان  وهو يعزف موسيقى الزمن  الجميل
عابر في الشارع القديم يتوقف ليستمع لأبو غسان وهو يعزف موسيقى الزمن الجميل

منذ أكثر من عشر سنوات يقوم مأمون حسنين (أبو غسان) الدمشقي السبعيني بالعزف على العود أمام دكانه الصغير المليء بالأعواد الموسيقية والقريب من مقهى النوفرة بدمشق القديمة حيث كان يجتمع السياح والسكان المحليون ليستمعوا لعزفه ولصوته الجميل وهو يغني ويعزف أغاني الزمن الجميل من أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش.
اليوم ومع غياب السياح عن دمشق منذ بدء الأزمة والحرب قبل أربع سنوات زاد إصرار أبو غسان على الاستمرار في هذه الهواية بل ويعتبر ذلك خدمة لأهل حارته ولزوارها الذين يجتمعون بجانبه يستمعون إليه محاولين نسيان هموم الحرب والأزمة المعيشية ولو لدقائق قليلة.
يتنهد أبو غسان معلّقًا «كان السياح الأجانب وهم يعبرون أمام دكاني متجولين بالمدينة القديمة يتجمعون حولي يرقصون وبعضهم كان يردد معي الأغاني بلغة عربية ركيكة، حاليًا يكفيني سكان الحارة وهناك من كل الأجيال حتى الشباب والشابات يتجمعون حولي ليستمتعوا بأغاني عمالقة الطرب، ويكفي أنني ما زلت أمارس هوايتي هذه التي تسبب لي السعادة».
يضحك أبو غسان وهو يتحدث عن مهنته الأصلية حيث إنه يمتلك مصنعًا صغيرًا لتصنيع الجوارب ولكنه لم يجد نفسه إلا وهو يعزف ويغني، كما يقول، خاصة أنه يحفظ الكثير من أغاني محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهما، ولذلك قرر فتح دكان في دمشق القديمة ليمارس هذه الهواية والتخصص ببيع الأعواد الموسيقية فقط دون غيرها ومنها أعواد قديمة صنّعها دمشقيون منذ عشرات السنين.
من رواده حاليًا من غير أهل الحارة، هناك فنانون ومطربون يأتون عنده ليستمعوا لصوته وعزفه كلما أتاحت الفرصة لهم. يتابع، منهم دريد لحام والمطرب العراقي سعدون جابر وآخرون.
«لدي عشرة أولاد»، يضحك أبو غسان بصوت مرتفع: «أنا منتج؟.. أحدهم وهو الأصغر لديه نفس هوايتي وأتوقع أن يستمر بما أفعله أنا، وأتمنى ذلك أن يحافظ أولادي على هوايتي وعلى دكان الأعواد هذا».
ثمّة تجربة أخرى جماعية للموسيقى في الشوارع في زمن الحرب السورية انطلقت قبل أشهر من خلال شباب سوريين حاولوا تخفيف آثار الحرب والأزمة من خلال مشروعهم «ومضة» بإدارة السورية نغم ناعسة، وهي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية ومشاركة شباب موهوبين حيث قدّموا عروضهم في شوارع وأسواق وساحات دمشقية كالشعلان والصالحية وعرنوس وغيرها.
تقول نغم عن مشروعها: «هو ومضة أمل لكل السوريين ورسالة مشروع ومضة هي البقاء والحب والانتماء وهو مشروع خلق للعيش وكلمة ومضة جاءت من سرعة الزمن الذي نعيشه وما يتخلله من موت وحياة بطرق متنوعة وكأنه ومضة».
ولكن يبدو أن هذا المشروع (ومضة) قد توقف مؤقتا بسبب عدم توفر التمويل لنفقات الفرقة التي تجوب الشوارع وتقدّم موسيقاها مجانًا للناس ولكن تحتاج لتكاليف لا تتوفر حاليًا.
توضح نغم لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع ومضة كان جديدًا بأسلوبه، ومفاجئًا بحالته في هذه الظروف الصعبة حيث الحرب والأحداث العاصفة، ولكن في المحصلة فرقتنا صارت تكبر وتزداد المصاريف ففي هذه الظروف الصعبة لا أحد يعمل دون مقابل مادي وهذا حقّهم. ولدي حاليًا مجموعة من المشروعات والمواضيع لأمسيات قادمة لمشروع ومضة ولكنها كلها موجودة على سطح المكتب. تضحك نغم، وتنتظر التمويل فقط لنطلقها في شوارع دمشق موسيقى وغناء وأداء تمثيليا أمام الناس العاديين الموجودين في الأسواق وغيرها».
شخص آخر أصرَّ على التخصص فقط بأغاني الراحل فريد الأطرش والعزف على العود وحتى أطلق على نفسه اسم (عدنان فريد) ولو أننا سنعرف بعد قليل أن اللقب أعطاه إياه الراحل فريد الأطرش.. عدنان (السبعيني) أيضًا يجمع كل يوم محبّي الطرب الأصيل في أحد مقاهي فنادق ساحة المرجة العريقة وسط دمشق ليسمعهم أغاني ومعزوفات الزمن الجميل (طبعًا مجانًا ودون أي مقابل مادي). يقول عدنان: منذ طفولتي كنت معجبا بصوت فريد الأطرش وتعلمت العزف على العود وأحببته من أجله وصرت أقدّم أغانيه في الحفلات المدرسية بدمشق وفي عام 1970 سافرت للقاهرة والتقيت الراحل الأطرش عن طريق شقيقه فؤاد في منزله. في المنزل قال له شقيقه فؤاد إنني أحفظ معظم أغانيه فابتسم وطلب مني أن أسمعه صوتي فأديت مقطعًا من أغنيته (أحبابنا يا عين) فأعجب به وقال لي أنت موهوب وصوتك كويس ولكن نصيحة مني (لا تقلدش حد) وقال لي «اسمك إيه فأجبته عدنان الكردي فقال لي من دي الوقت ح أعطيك اسمي وح تكون عدنان فريد إيه رأيك؟» فقلت له هذا فخر لي وبالفعل عدت لدمشق وصرت معروفًا بهذا الاسم في الوسط الشعبي وتواصلت المراسلات بيني وبينه وتبادل الصور حتى وفاته. وحاليًا أقدّم وصلة يومية بدمشق. «وفي زمن الحرب أشعر أنّ الموسيقى تخفف من آثارها وخاصة مع وجود (السمّيعة) حولي، والمعروف أنّ للأطرش نحو 300 أغنية أحفظ منها 250 أغنية وأقدمها في هذه الوصلات كذلك أهتم بجميع أفلامه الـ33 وأحفظ تواريخها ومن يمثّل بها والأغاني التي يؤديها فريد فيها».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.