تعطل أجهزة الصرف الآلي بسبب «ورقة الألف ليرة» المطبوعة في روسيا.. وخوف من التضخم

اقتصاديون سوريون معارضون يحذرون من الآثار السلبية لاستخدام العملة التركية في المناطق المحررة

ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)
ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)
TT

تعطل أجهزة الصرف الآلي بسبب «ورقة الألف ليرة» المطبوعة في روسيا.. وخوف من التضخم

ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)
ميكانيكي سيارات يعد نقودا استلمها في مدينة حلب شمال سوريا قبل أسبوعين (رويترز)

فوجئ الموظفون والعاملون في الدولة مطلع الشهر الحالي عندما قبضوا رواتبهم من الصرافات الآلية، بغياب الورقة النقدية الجديدة من فئة الألف ليرة سوريا، وبقاء الورقة القديمة فئة الألف ليرة البالية والمهترئة جدا، هذا في الوقت الذي بدأت فيه بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في اعتماد الليرة التركية في دفع رواتب موظفيها.
وقال موظف حكومي إنه اضطر للانتظار ساعة ونصف الساعة أمام الصراف الآلي ليحصل على راتبه بعد تعطل ماكينة الصراف بسبب العملة الورقية الجديدة، والتي كما يبدوا أن طباعتها سيئة جدا وسماكة أوراقها تختلف من ورقة لأخرى مما سبب في تعطل أجهزة الصرف الآلي. ويضيف الموظف أنه «تم تدارك الأمر بسحب الورقة الجديدة من الصرافات الآلية وضخ الأوراق القديمة».
وطرح النظام السوري أوراقا نقدية جديدة من فئة الألف ليرة سورية، بتصميم جديد خلا من صورة الرئيس الأب حافظ الأسد، وتحمل رسوما ترمز إلى تاريخ سوريا القديم، وقال حاكم البنك المركزي أديب ميالة إن «الأوراق الجديدة لن تؤثر على معدل التضخم بل إنها ستحل محل سبعين مليار ليرة من العملة البالية التي سيتم سحبها من السوق».
يشار إلى أن شركة «جوزناك» الروسية هي التي طبعت العملات السورية الجديدة في السنوات الأربع الأخيرة بعد أن امتنعت الشركة النمساوية عن طباعتها منذ عام 2011 بسبب العقوبات الأوروبية المفروضة على النظام السوري.
وسبق لاقتصاديين سوريين أن حذروا من الانعكاسات السلبية لطرح عملة ورقية جديدة من فئة الألف الموجودة بالأساس، إذ رأوا أن ذلك سيهبط بقيمة الليرة ويرفع معدل التضخم، في وقت تدهورت فيه قيمة الليرة السورية، وأنه كان من الأفضل طرح فئة جديدة غير موجودة مثلا ورقة بقيمة ثلاثة آلاف. بينما رأى آخرون أن إصدار طبعات جديدة للعملة لا يحل مشكلة الليرة التي تدنت قيمتها كثيرا في الأشهر الأخيرة. حتى تجاوز سعر الدولار الواحد عتبة الثلاثمائة ليرة وأربع ليرات. وتشهد الليرة السورية تقلبات مفاجئة في سعرها تحت تأثير الأحداث السياسية والعسكرية، فقبل عام 2011 كان الدولار الأميركي الواحد يساوي 46 ل.س.
وتم بعد مناقشات مطولة ضمن بعض فصائل المعارضة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في محافظة حلب، التوصل إلى قرار استبدال الليرة السورية بالليرة التركية واعتمادها عملة تداول في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وأصدرت (اللجنة السورية لاستبدال عملة التداول في المناطق المحررة)، بيانًا أعلنت فيه البدء بتطبيق قرار مشترك من قبل الفصائل المعارضة والفعاليات والمحاكم القضائية التابعة لها استبدال العملة السورية بالتركية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري. ولفتت البيان إلى أن هذا القرار مؤقت ويهدف إلى «الضغط على نظام الأسد اقتصاديًا لحين سقوطه وإصدار عملة وطنية جديدة».
وبدورها أقرت المحكمة الشرعية في حلب القرار ببدء التداول بالليرة التركية، وأكدت عبر شريط مصور نشرته توزيع الرواتب للعاملين لديها بالليرة التركية، وقال رئيس المحكمة في كلمة له في الشريط إن «المؤسسات الثورية اتفقت جميعها على التداول بهذه العملة»، مؤكدًا على حسن استجابة الموظفين في هذه المؤسسات لهذا القرار.
وأكدت مواقع معارضة عدة أن قرار استبدال الليرة السورية بالتركية جاء نتيجة قلق السوريين من هبوط مفاجئ بقيمة العملة السورية، فغالبية التجار يسعون يوميا إلى استبدال فائض السيولة إلى دولار أميركي، ولا يحتفظون سوى بمبالغ سورية ضئيلة تحسبا من انهيار اقتصادي مفاجئ.
إلا أن استبدال العملة المحلية بعملة دولة مجاورة لم يكن بالقرار السهل، وحذر منه اقتصاديون معارضون على اعتبار أنه قرار يستفيد منه كبار التجار العاملين بالاستيراد والتصدير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وهي المناطق لا تزال مرتبطة اقتصاديا بحكومة دمشق، وهناك مئات من العاملين فيها يقيمون بمناطق المعارضة ويتقاضون رواتبهم من حكومة النظام، الأمر الذي سيؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بهم. كما أن الليرة السورية لا تزال العملة الأساسية للتداول ولعمليات الشراء والبيع اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مثل المواد الغذائية والخبز والخضراوات بالإضافة إلى المحروقات والألبسة كلها تُباع حتى الآن بالليرة السورية، باستثناء بعض الأجهزة الإلكترونية كالجوالات والحواسيب فهي تُباع بالدولار، كون أسعارها مرتفعة ولأنها مستوردة بالدولار من الدول الأجنبية.
د.أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن محاذير هذا القرار تتركز في أن الشعب السوري لم يؤخَذ رأيه في الأمر، ولا يجوز لهيئة شرعية أو مؤسسة مجتمع مدني، أو هيئة تنفيذية، أو حتى فصيل عسكري القيام بالتدخل في مسألة سيادية بهذا الحجم، لأن هذا يسمح لهيئة شرعية أخرى في درعا - مثلاً - باستبدال العملة السورية بالريال السعودي أو الدينار الأردني مثلاً. وقال إن لهذا القرار انعكاسات خطيرة على مفهوم السيادة السورية بعد انتهاء الأزمة، ويصعب بعدها استعادة سيادة الليرة مرةً أخرى. وأضاف أن «القرار سينعكس سلبا على الموظفين الذي يتلقون رواتبهم من النظام أو (داعش)، واضطرارهم لتحويل الليرة التركية إلى ليرة سوريا، وما ينتج عن ذلك من تلاعب بسعر التحويل، وسعر السلع».



مصر تشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)
TT

مصر تشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)

تشجع الحكومة المصرية السفارات والبعثات الدبلوماسية بالقاهرة، للانتقال من مقراتها في القاهرة، إلى «الحي الدبلوماسي» بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة).

وناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إجراءات انتقال السفارات والبعثات الأجنبية إلى العاصمة الجديدة، مع رئيس «شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية»، خالد عباس، إلى جانب الحوافز والتيسيرات التي يتم تقديمها للبعثات الدبلوماسية الأجنبية لتشجيعها على الانتقال، وفق إفادة لـ«الخارجية المصرية»، مساء الاثنين.

وزير الخارجية المصري خلال لقائه رئيس «شركة العاصمة الإدارية» (الخارجية المصرية)

وتضم المدينة الجديدة رئاسة الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء، بجانب «الحي الدبلوماسي» المقرر نقل مقار السفارات الأجنبية إليه.

وتبلغ مساحة الحي الدبلوماسي في العاصمة الجديدة نحو 1500 فدان، تسع نحو 200 سفارة، وفق شركة العاصمة الإدارية. وحسب بيان «الخارجية المصرية»، ناقش عبد العاطي مع رئيس الشركة «خطة تنفيذ نقل مقار البعثات والسفارات بتوجيهات من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي»، وأشاد بـ«أعمال إنشاء وتجهيز الحي الدبلوماسي، وجهود توفير بنية تحتية ومرافق حديثة تلبي احتياجات السفارات والبعثات الأجنبية».

وتتركز غالبية مقار السفارات الأجنبية، حالياً، في أحياء راقية بوسط القاهرة، لا سيما المُطلة على نهر النيل، مثل «الزمالك، وجاردن سيتي، والمعادي»، وهي أحياء كانت قريبة من مقر وزارة الخارجية المصرية بوسط العاصمة المصرية، قبل نقله إلى الحي الحكومي في العاصمة الجديدة.

سفير سويسرا يتابع إجراءات نقل مقر سفارة بلاده إلى العاصمة الإدارية في فبراير الماضي (شركة العاصمة الإدارية)

وخلال اللقاء، شدد وزير الخارجية المصري على ضرورة «تقديم الدعم والتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية، لضمان انتقال سلس ومنظم للسفارات والبعثات الأجنبية، إلى مقارها الجديدة»، إلى جانب ضرورة «توفير أفضل الظروف لعمل البعثات الدبلوماسية المعتمدة في مصر»، حسب «الخارجية المصرية».

وتتوالى تعاقدات البعثات الدبلوماسية الأجنبية للحصول على مقرات لها بالعاصمة الجديدة، ووقَّعت «شركة العاصمة»، مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اتفاقاً مع سفارة الكاميرون، لبيع قطعتي أرض بمساحة 8500 متر، داخل الحي الدبلوماسي، لإقامة مقر جديد للسفارة وسكن للسفير، حسب إفادة للشركة.

ولا يوجد موعد محدد لبدء نقل السفارات الأجنبية إلى العاصمة الجديدة، وفق المتحدث باسم شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، خالد الحسيني، وقال إن «البعثات الدبلوماسية الأجنبية، توقع عقود مقراتها تباعاً، على أن تستكمل إجراءات النقل تدريجياً بمرور الوقت»، مشيراً إلى أن التعاقدات التي جرى توقيعها، «تشمل دولاً عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية ومن الأميركتين».

رئيس شركة العاصمة الإدارية وسفير الكاميرون بالقاهرة خلال توقيع عقد مقر جديد للسفارة الكاميرونية بالعاصمة الجديدة (الشركة)

وأشار الحسيني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عملية نقل السفارات الأجنبية لمقراتها للحي الدبلوماسي، أمر اختياري، وفق تقديرات كل دولة»، وقال إن «(شركة العاصمة)، أقامت بالفعل مقرات مجهزة بالحي الدبلوماسي، لتشجيع السفارات للانتقال إليها»، منوهاً بأن «الهدف تخفيف الضغط على مدينة القاهرة، والاستفادة من البنية المتطورة في العاصمة الجديدة».

وفي وقت سابق، قال الرئيس السابق لـ«شركة العاصمة الجديدة»، اللواء أحمد زكي عابدين، إن الشركة «تلقت طلبات من 60 دولة أجنبية وعربية، للحصول على أراضٍ، لإنشاء سفارات لها داخل الحي الدبلوماسي بالعاصمة»، وقال في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، إن من أبرز هذه الدول «الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والإمارات».

ولا يقتصر الحي الدبلوماسي بالعاصمة الجديدة على مقار للبعثات الدبلوماسية الأجنبية فقط، وإنما يضم مكاتب ومقرات للمنظمات الدولية والإقليمية، ضمن رؤية تخطيطية تنفذها الحكومة المصرية للمدينة الجديدة، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد، وأشار إلى أن «تخصيص مصر حياً دبلوماسياً في العاصمة الجديدة، نهج تطبقه دول عربية وأجنبية عند بناء المدن الجديدة، مثلما فعلت البرازيل».

سفير الجزائر بالقاهرة في أثناء توقيع عقد تخصيص قطعة أرض لبناء مقر لسفارة بلاده في العاصمة الإدارية في فبراير الماضي (شركة العاصمة)

ويعتقد أحمد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المقرات الجديدة للسفارات الأجنبية، «ستساعد الحكومة المصرية في توفير متطلبات الحماية الأمنية لهذه البعثات، بجانب تحقيق التجانس السكاني، وفق التخطيط العمراني الجديد».

غير أنه لا يرجح استكمال إجراءات الانتقال بشكل كامل للسفارات الأجنبية للعاصمة الجديدة، على المستوى القريب، وقال: «هناك سفارات دول كبرى تحتفظ بمقرات تاريخية لها في وسط القاهرة، وربما ستكتفي في الوقت الحالي بافتتاح مكاتب اتصال لها بالمقرات الجديدة بالعاصمة»، إلى جانب «وجود صعوبات مالية تواجه بعثات بعض الدول التي لا تمتلك موارد لشراء مقرات لها في الحي الدبلوماسي الجديد».

وإلى جانب سفارات الدول الأجنبية، سيضم الحي الدبلوماسي مقرات للمنظمات الدولية والأممية، ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الجديدة مقرات مؤسسات أفريقية، من بينها، «مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاع»، والمقر الرئيسي لـ«البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد».


حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
TT

حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)

«أشتري الآن أم أنتظر؟»، سؤال وجَّهه المصري محمد عبد الحميد، لرفقائه على المقهى بوسط القاهرة، خلال جلستهم نهاية الأسبوع الماضي، مستفسراً حول مناسبة الوقت الحالي لاستثمار حصيلة مدخراته المُقدَّرة بـ70 ألف جنيه (نحو 1475 دولاراً)، في شراء الذهب، بعد ارتفاعات متتالية في أسعاره طوال أيام الأسبوع، ليستقبل المهندس الأربعيني نصائح متضاربة: «اشترِ فوراً، فالسعر لن يرحم»، «انتظر، فالانخفاض قادم»، وصولاً إلى سخرية مريرة من أحدهم: «انتظر حتى يصل الغرام إلى 10 آلاف جنيه».

وبينما لم يتلقَّ المهندس الأربعيني إجابةً شافيةً لقلقه من خطوة الشراء، فإن ما شهدته أسواق الذهب المحلية والعالمية، خلال تعاملات (الاثنين)، من ارتفاعات قياسية جديدة، بعدما سجَّلت أوقية الذهب أعلى مستوى في تاريخها، جعله يحسم أمره، والتوجُّه إلى سوق «الصاغة» الشهير، لشراء سبيكة ذهبية وزن 10 غرامات بمبلغه المُدَّخر.

وأغلق سعر الذهب في مصر (الاثنين) على ارتفاع كبير ليسجِّل مستوى تاريخياً جديداً، مدفوعاً بازدياد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية بشكل أكبر، إلى جانب عودة التوترات الجيوسياسية التي تزيد من الطلب على الذهب بوصفه ملاذاً آمناً، بحسب منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

وارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية بنحو 100 جنيه للغرام، خلال تعاملات الاثنين، بينما ارتفعت خلال التعاملات الصباحية، الثلاثاء، 60 جنيهاً، ليسجل سعر غرام الذهب عيار 21 (الأكثر تداولاً في مصر) مستوى 5960 جنيهاً، وهو أعلى مستوى يسجله على الإطلاق.

زيادة أسعار الذهب لم تُثنِ المصريين عن الشراء (الصفحة الرسمية لشعبة الذهب والمجوهرات المصرية)

لم يكن عبد الحميد وحده هو مَن قصد «الصاغة»، إذ جذب بريق المعدن الأصفر العشرات غيره إلى المنطقة، حيث «تشهد السوق حركةً نشطةً، ورغم الارتفاعات القياسية في أسعار الذهب، فإن الإقبال على الشراء لا يزال قوياً، لكن مع تغيّر واضح في نمط الشراء»، وفق ما يؤكده أمير رزق، تاجر الذهب والخبير المصري في مجال المصوغات والمشغولات الذهبية لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «منذ أكثر من 50 عاماً، هناك قاعدة ثابتة في السوق المصرية (كلما ارتفع سعر الذهب، زاد الإقبال عليه)، فالناس تشتري عندما ترتفع الأسعار، وتُحجم عندما تنخفض، خوفاً من الخسارة».

وبينما وصل حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال عام 2024 إلى 50.1 طن، و32.5 طن خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، بحسب «مجلس الذهب العالمي»، فإن رزق يشير إلى أن الإقبال على الشراء لأغراض استثمارية يشهد زخماً غير مسبوق، حيث يتركز الإقبال على السبائك الصغيرة، قائلاً: «الطلب الأكبر حالياً على السبائك ذات الأوزان الصغيرة 2، و5، و10 غرامات، أما الذهب لأجل الزينة، فلا يُشكِّل أكثر من 5 إلى 7 في المائة من المبيعات؛ بسبب ارتفاع الأسعار».

وفق بيانات «آي صاغة»، ارتفعت أسعار الذهب محلياً بنحو 45 جنيهاً خلال الأسبوع الماضي، بينما سجَّلت أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفاعاً بنحو 2050 جنيهاً، منذ بداية 2025.

يتوازى مع سجال المقهى، سجال رقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر، التي يطرح روادها أسئلةً بشكل مكثف حول مناسبة الوقت لشراء الذهب.

داخل أحد محلات الذهب بحي مصر الجديدة بالقاهرة، يوضِّح تاجر الذهب، مدحت عليش، أن الزيادات المتتابعة للذهب أدت لحالة من «التخبط» يعيشها المستهلك المصري، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الذهب يصعد، ثم يهبط، ثم يعاود الصعود... هذا التذبذب خلق حالةً من الترقب. الجميع يسأل: نشتري الآن أم ننتظر؟»، لافتاً إلى أن إجابته دوماً على هذا التساؤل هي أن «الذهب دائماً أفضل من السيولة النقدية».

ويلفت عليش إلى تحول جذري في ثقافة شراء الذهب لدى المصريين، قائلاً: «كانت (الشَّبكة) - هدية الزواج - تمثل العمود الفقري للمبيعات في العقود الماضية، لكن الطلب الآن ينصب بالكامل على السبائك والجنيهات الذهبية لأغراض الادخار فقط».

بدوره، يؤكد رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية المصرية، هاني ميلاد، أن السوق المحلية لا تزال تشهد طلباً نشطاً، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الارتفاع في الأسعار غالباً ما يدفع الناس إلى الشراء بدافع الخوف من زيادات إضافية، فعندما يرون السعر يتحرك صعوداً، يتسابق كثيرون للشراء قبل أن يرتفع أكثر».

ويؤكد أن السوق تشهد تحولاً في نوعية الزبائن، موضحاً: «مفهوم الاستثمار في الذهب جذب شرائح جديدة من المستهلكين، لم تكن معتادة على الشراء سابقاً، حيث دخل مستثمرون كبار، إلى جانب أفراد من الطبقة المتوسطة الذين يشترون كميات صغيرة، ما وسَّع قاعدة المشترين بشكل غير مسبوق».

سلوك المصريين في الإقبال على الذهب رغم ارتفاعاته، يُرجعه الخبير الاقتصادي، عادل عامر، إلى دوافع اقتصادية واجتماعية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دوافع اقتصادية مباشرة، أبرزها الخوف من التضخم، وتآكل القوة الشرائية للجنيه، ما يجعل الذهب ملاذاً آمناً لحفظ القيمة، كونه لا يتأثر بالتضخم بالطريقة نفسها التي تتأثر بها العملة المحلية، كما أنه في الوعي الجمعي المصري ليس مجرد سلعة، بل رمز للأمان في أوقات الأزمات».

ويتابع: «الإقبال على شراء الذهب، خصوصاً السبائك، ليس نزعة استهلاكية، بل سلوك دفاعي عقلاني في بيئة اقتصادية تتسم بعدم اليقين، لذا يستمر هذا الاتجاه رغم الارتفاعات». وهو الاتجاه الذي يؤكده الأربعيني محمد عبد الحميد، مُعللاً اتجاهه لشراء سبيكته، بقوله: «أغلى سعر اليوم... هو أرخص سعر غداً».


وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
TT

وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)

رفضت وزارات في الحكومة اليمنية سلسلة البيانات المنسوبة إليها أو إلى موظفين فيها، والتي تحدثت عن انحياز مؤسسات حكومية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي ودعمه في إجراءات التصعيد التي ينفّذها في محافظتيْ حضرموت والمهرة.

جاءت هذه المواقف في أعقاب موجة بيانات سياسية أصدرها وزراء ونواب وزراء ووكلاء وزارات وقادة مؤسسات ومحافظون محسوبون على «الانتقالي»، أعلنوا فيها تأييدهم العلني للخطوات الأحادية التي اتخذها المجلس في شرق البلاد، فيما عدَّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خروجاً واضحاً عن مبدأ الشراكة ووحدة القرار.

وفي وقت سابق، كان مصدر مسؤول بمكتب رئاسة الجمهورية قد عبّر، في بيان، عن «قلق بالغ» من «خروج بعض الوزراء والمسؤولين التنفيذيين عن مهامّهم الوظيفية»، وتحولهم إلى التعبير عن مواقف سياسية «لا تنسجم مع المرجعيات الدستورية والقانونية»، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وحذّر البيان من استغلال المناصب الحكومية لـ«تحقيق مكاسب سياسية» خارج الأُطر الشرعية، مؤكداً أن مجلس القيادة هو الجهة الوحيدة المخوَّلة بتحديد المواقف العليا للدولة.

رفض البيانات المنسوبة

في هذا السياق، نفت وزارة الأوقاف والإرشاد أي صلة لها ببيان جرى تداوله مؤخراً، تضمّن «مضامين سياسية لا تندرج ضمن اختصاصاتها». وأكدت الوزارة أن الشرعية السياسية «المعترَف بها محلياً وإقليمياً ودولياً» تتمثل حصراً في مجلس القيادة الرئاسي، وأن أي موقف خارج هذا الإطار لا يمثلها، ولا تتحمل مسؤوليته. كما شددت على التزامها بتحييد ملف الأوقاف والحج والعمرة عن أي تجاذبات سياسية؛ حفاظاً على سُمعة اليمن ومصالح مواطنيه.

في الاتجاه نفسه، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة رفضها القاطع أي «مواقف أو قرارات صادرة خارج الأطر الدستورية»، محذّرة من خطورة الزج بالمؤسسات الخِدمية في سياقات سياسية قد تضر بيئة الأعمال وتؤثر على مناخ الاستثمار وثقة القطاع الخاص. وجددت الوزارة أنها تعمل تحت مظلة الحكومة الشرعية وبما يخدم «الاستقرار الاقتصادي ووحدة المؤسسات».

حشود في مدينة عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

أما وزارة الشباب والرياضة فعبّرت عن «استهجان بالغ» لنشر بيانٍ نُسب إلى موظفين فيها بعدن، وأعلنت رفضها «الزج بالمؤسسة في مواقف سياسية منحازة». وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية والإدارية ضد كل من يثبت تورطه في إصدار أو الترويج لبيانات تنتحل صفة الوزارة، مشددة على أن التزامها سيظل كاملاً بتوجيهات رئيس المجلس الرئاسي ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

الاتجاه نفسه اتخذته وزارة العدل، التي رأت أن البيان المنسوب إليها «تضمّن توصيفات ومسميات تتجاوز المرجعيات الدستورية»، مؤكدة أن أي استخدام للصفة الوظيفية للتعبير عن مواقف سياسية خارج إطار الشرعية يُعد «مخالفة جسيمة تستوجب المساءلة». وجدّدت الوزارة التزامها باستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين، مؤكدة أن مؤسسات الدولة «تمثل جميع اليمنيين ولا يجوز القفز عليها».

وفي السياق نفسه، كانت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة قد أعلنت رفضها أي «اصطفاف سياسي أحادي»، أو استخدام للصفة الرسمية في مواقف سياسية. وشددت على أنها لن تتهاون مع أي محاولات لفرض أمر واقع إعلامي أو سياسي خارج إطار الشرعية، مؤكدة التزامها الكامل بإعلان نقل السلطة والتوافق الوطني.