كغيرهن من الجدات والأمهات تؤمن النمساويات بأن مطابخهن صيدليات مجربة لا غناء عنها وذلك لاعتمادهن لكثير من المواد الغذائية كعلاج لا يختلف كثيرا عما تؤمن به على سبيل المثال الجدة والأم العربية والإسكندنافية والأفريقية كل حسب بيئته وموروثاته كعلاج تقليدي في متناول اليد وله مفعول نفسي فعال.
هذا النوع من التداوي جزء مما أصبح يتعارف عليه حديثا باسم «الطب البديل» اعتمادا على نباتات ووصفات طبيعية يتم تداولها بحكم التجربة. وفي هذا السياق يقول أطباء «لا يوجد أي دواء بديل ولكن يوجد دواء يعمل ودواء لا يعمل».
تنتشر ثقافة الطب البديل في النمسا لا لقلة الأطباء أو لضعف في نظام التأمين الصحي أو لكون أن الأدوية والعلاجات الحديثة غير متوفرة، وإنما لاعتقاد راسخ وشائع أن قدامى النمساويين عاشوا وسط جبال الألب في عزلة شبه تامة، اعتمادا على البيئة الطبيعية من حولهم، وهكذا فإنهم بحثوا واستنبطوا علاجات طبيعية ساعدتهم في حالات المرض، ويفتخر النمساويون بأان متوسط أعمارهم يفوق الـ81 عاما للرجال و88 للنساء.
من أشهر الاستخدامات التقليدية التي وقفت عليها «الشرق الأوسط» كدواء أو مسكن بديل يخرج من المطبخ النمساوي مباشرة، وأحيانا كبقايا بعد إعداد الوجبات، استخدام الملح كعلاج شائع لنزلات البرد والرشح، وذلك بتذويبه في ماء مغلي واستنشاق بخاره. ولمزيد من الراحة فإنهم يستنكفون استنشاق بخار البصل لتسليك مسارات الأنف من أي انسداد. واستخدام الملح كعلاج لأكثر من استخدام مثل عمل لبخات من الملح تربط حول الركب لتخفيف الآلام.
وتشتهر النمسا بصنع الحلويات، ويحب النمساويون الحلويات المحشوة بالكريمة سيما تلك الكاملة الدسم التي يسمونها «توبفن» والتي يستخدمونها كذلك كمرهم يساعد في علاج حالات التقرحات كتلك التي تعاني منها بعض المرضعات، فينصحن بمسح حلمات أثدائهن بقليل من التوبفن لعلاج ما يصيبها من قروح مؤلمة.
أيضا يستخدم التوبفن كعلاج ناجع لحكة فروة الرأس الجافة، وحتى في حالات الحمى توصي الجدات النمساويات بلف القدمين بفوطة محشوة بتوبفن بارد يمتص الحرارة.
أما في حالات الحريق فإنهن يرطبن الجلد المحروق بالحليب البارد، مؤكدين أنه يسرع بالشفاء. كما يستخدم الحليب كمنظف للبشرة ولإزالة مخلفات أدوات التجميل. وللشوكولاته استفادات قصوى كسائل يطري البشرة أما مشروبها الساخن فهو علاج سريع ومسهل للبطن.
وتعتبر زهرة البابونج الزهرة البرية التي لا يخلو منها مطبخ نمساوي كشاي وكعلاج لآلام البطن وأوجاع الطمث ولنظافة العيون وإزالة الهالات الزرقاء وكمشروب دافئ يساعد على نوم هادئ.
وحتى الكروم أو الملفوف وهو خضار يعشقه النمساويون لدرجة الهوس كنوع من خضراوات السلطات والأغلب تخليله والتهامه بكميات ليس عشقا في مذاقه وحسب وإنما كوقاية تحمي الجهاز الهضمي من قرحة المعدة ومن الحرقة...!! وفي هذا السياق يؤمنون بأن شرب كوب من ماء مخلل الملفوف يساعد على نوم صحي.
ونادرا ما تنصح الأمهات النمساويات بتناول علاجات صناعية ضد الإمساك مكتفيات بتناول التين سواء ظازج أو مجفف أو عصير صاف ومركز دون إضافة أي ماء.
أما البطاطس فلهم فيها وصفات سواء كأطعمة أو علاجات بما في ذلك لتدليك البشرة لإزالة الشوائب وتنعيمها أو كعصير لتخفيف الوزن أو سلقها وهرسهها ومن ثم وضعها دافئة كقلادة لإزالة آلام الحلق والتهاباته.
ومع انفتاح الأسواق النمساوية على بقية شعوب العالم ظهرت أخيرا الحلبة لعلاج البطن وتنقية البشرة ولإدرار الحليب للرضع.
إلى ذلك يعشق النمساويون السير لساعات طويلة في غاباتهم المنتشرة حتى داخل مدنهم بما في ذلك العاصمة فيينا، والتي تمدهم بكثير من النباتات البرية التي يخرجون لالتقاطها كمواد غذائية ودوائية.
النمسا ترجع إلى طبها البديل وغاباتها العلاجية
التمشي فيها يساعد على التركيز ويقلل الإحساس بالاكتئاب

النمسا ترجع إلى طبها البديل وغاباتها العلاجية

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة