سعد الدوابشة يلحق بولده علي.. والسلطة تتعهد: لن تمر الجريمة من دون عقاب

آلاف المشيعين يطالبون بالانتقام وسط استهداف منزل ثانٍ بالنيران.. ومسؤول {الشاباك} السابق: داخل دولتنا تنشأ دولة «يهودا»

قريبات الدوابشة الأب والابن يبكينهما أمس في قريتهما دوما بالضفة الغربية (رويترز)
قريبات الدوابشة الأب والابن يبكينهما أمس في قريتهما دوما بالضفة الغربية (رويترز)
TT

سعد الدوابشة يلحق بولده علي.. والسلطة تتعهد: لن تمر الجريمة من دون عقاب

قريبات الدوابشة الأب والابن يبكينهما أمس في قريتهما دوما بالضفة الغربية (رويترز)
قريبات الدوابشة الأب والابن يبكينهما أمس في قريتهما دوما بالضفة الغربية (رويترز)

التحق سعد الدوابشة بابنه الرضيع علي، أمس، بعدما فارق الحياة في مشفى إسرائيلي، متأثرًا بجراحه الدامية التي سببها له مستوطنون أحرقوه وعائلته الجمعة الماضي، في قرية دوما جنوب نابلس. وجاء ذلك بينما فشل هجوم ثانٍ بالقنابل الحارقة لمستوطنين على منزل آخر في منطقة قريبة أمس.
وشيع آلاف من الفلسطينيين الغاضبين الأب دوابشة إلى مثواه الأخير في مقبرة قرية دوما، ودفنوه إلى جانب ولده الصغير، بينما علت الصيحات المطالبة بالانتقام «يا شهيد ويا مجروح دمك هدر ما بروح». وحظي سعد بجنازة كبيرة ومهيبة حضرها آلاف من الفلسطينيين وعشرات المسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير وعدد كبير من ممثلي الفصائل وقادة الأجهزة الأمنية ومدراء المؤسسات الرسمية والخاصة.
واستقبل الفلسطينيون جثمان سعد على مدخل قرية دوما التي يحيط بها كثير من المستوطنات، وساروا به لأكثر من كيلومترين إلى مثواه الأخير، وهم يهتفون «بالروح بالدم نفديك يا شهيد».
وزادت وفاة سعد من حالة الغضب التي تملكت الفلسطينيين هذا الأسبوع بعد هجوم شنه المستوطنون على منزل سعد الجمعة قبل الماضي، بالزجاجات الحارقة، وأدى إلى وفاة ابنه الرضيع علي (18 شهرًا) على الفور، وإصابة سعد وزوجته بحروق تصل إلى 90 في المائة في حالة خطيرة، قبل أن يتوفى سعد، ويفيق ابنه الثاني أحمد (4 سنوات) الذي يعالج في مستشفى تل هشومير، حيث قال الأطباء إنه فتح عينيه ويتواصل مع المحيطين به، ولكنه لم يتجاوز بعد مرحلة الخطر مثل والدته.
وبينما تعهدت السلطة الفلسطينية بمواصلة كل الجهود الدبلوماسية والقانونية، من أجل ملاحقة المجرمين الإسرائيليين، «انتصارًا لحق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية»، طالبت حركة حماس بفتح مواجهة شاملة مع الاحتلال، ورفع الإسرائيليون من حالة تأهب قواتهم في الضفة الغربية. وقال المتحدث باسم الحكومة، إيهاب بسيسو، في بيان: «إن السبيل الوحيد لوقف هذه الجرائم يتمثل في إنهاء هذا الاحتلال». وأضاف: «إن استشهاد سعد دوابشة، والد الطفل الشهيد على دوابشة، دليل إضافي على فداحة الجريمة التي ارتكبتها مجموعة إرهابية من المستوطنين استهدفت حرق عائلة دوابشة بأكملها قبل أيام في قرية دوما بنابلس». وأشار بسيسو إلى أنه «تم خلال العشر سنوات الأخيرة توثيق 11 ألف اعتداء من المستوطنين بحق شعبنا، وخلال خمس سنوات تم توثيق إحراق 20 مسجدًا و5 كنائس، بينما تستمر حكومة إسرائيل في تشجيع جرائم المستوطنين بحق شعبنا من خلال التحريض المستمر ضده، والمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية على الأراضي المحتلة عام 1967 والتمدد الاستيطاني المستمر وإخطارات الهدم والإزالة كما يحدث في قرية سوسيا بالخليل». وجدد بسيسو مطالبة الحكومة للمجتمع الدولي بتوفير «الحماية لأبناء شعبنا من هذه الجرائم والانتهاكات المتكررة». وفي المقابل، دعا إلى «تعزيز أجواء الوحدة الوطنية، في مواجهة هذه الجرائم التي لا تفرق بين أبناء الشعب الواحد».
وأكد وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أن جريمة إحراق عائلة دوابشة البشعة «لن تمر دون عقاب»، معبرًا عن استيائه لصمت المجتمع الدولي من عدم اتخاذ إجراءات فاعلة وصريحة ضد الإرهاب الاستيطاني اليهودي في الأرض المحتلة، ومشددًا على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية الحقوقية مسؤولياتهم لمحاسبة المجرمين وسلطات الاحتلال على جرائمهم المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته.
وأشار المالكي إلى أن وزارة الخارجية استنفرت جميع قطاعاتها المختصة وبعثاتها وسفاراتها بالخارج، من أجل فضح الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته، خصوضًا إرهاب واعتداءات المستوطنين المستمرة، والمطالبة بإدراج هذه العصابات الاستيطانية على قائمة الإرهاب الدولي، كذلك المطالبة بضرورة دعم قرارات القيادة والحكومة الفلسطينية بتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني المحتل والعمل على إنهاء الاحتلال.
وأوضح المالكي أنه شرح للمدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية وطاقمها المختص بملف دولة فلسطين، أن «الجريمة الإرهابية اليهودية الأخيرة هي انعكاس واضح لسياسة التحريض والكراهية التي تبثها الحكومة الإسرائيلية بمكوناتها المختلفة يوميًا ضد الوجود الفلسطيني عمومًا». وأردف: «هذه الجرائم البشعة بحق شعبنا الأعزل لن تمر دون محاسبة وعقاب، وأن أرواح عائلة دوابشة ستكون بداية إنهاء الاستيطان والمستوطنين».
ويواجه الفلسطينيون هذه الأيام تنظيمًا استيطانيًا مختلفًا بعض الشيء، يؤمن بإقامة «الخلافة اليهودية»، وقد أبدى كثير من المسؤولين الإسرائيليين تخوفهم من ارتداد هذا «الإرهاب» إلى داخل إسرائيل.
وقال يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشابك): «تنشأ شيئًا فشيئًا إلى جانب دولة إسرائيل، دولة أخرى هي دولة (يهودا)». وحذر ديسكين من أن الوضع قد يطرأ ولن يتسنى إصلاحه، مضيفًا: «تتبع في دولة (يهودا) معايير مختلفة، وأخلاقيات مختلفة، وآيديولوجيا الفوضى، وعنف وعنصرية، وكلها تقابل بتفهم قضائي من قبل منظومة القانون والقضاء الإسرائيلية».
وتابع: «من يعتقد أن الأمر يتعلق ببضع عشرات من الشبان المهووسين، فإنه مخطئ. في دولة (يهودا) المئات من الشبان يمارسون العنف على مختلف أشكاله بصورة يومية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم. وهنا العشرات منهم على استعداد لممارسة العنف والإرهاب من دون أي تردد ضد إخوتهم اليهود؛ إذ إن قدسية الأرض هي من يحرك أفعالهم. وفي حالات معينة، فإن هذه الأرقام قد تصبح كبيرة جدًا».
وعد ديسكين أن «الإرهاب اليهودي سرطان ينخر جسد الدولة». منتقدًا طريقة تعامل الحكومة الإسرائيلية مع «الإرهاب».
وتأكيدًا على وجود تنظيم استيطاني آيديولوجي، حاول مستوطنون آخرون استهداف منزل فلسطيني ثانٍ بزجاجات حارقة.
وأكد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، أن المستوطنين ألقوا زجاجتين حارقتين على منزل محمود فزاع كعابنه، في منطقة قريبة من دوما، إلا أنهما اصطدمتا بجدار المنزل قرب النافذة، في حين أصابت الحجارة رب الأسرة.
وأضاف دغلس أن «ما جرى فجر اليوم هو محاولة لارتكاب جريمة جديدة من خلال حرق المواطنين الفلسطينيين داخل منازلهم، في ظل صمت الحكومة الإسرائيلية المطبق، وعدم اتخاذ إجراءات رادعة ضدهم».
وحتى الأمس لم تكن إسرائيل اعتقلت أي مشتبه به في جريمة إحراق عائلة الدوابشة. ولا يثق الفلسطينيون بنيات إسرائيل محاسبة المتطرفين.
وفي هذا السياق، دعا منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، مجددًا، أمس، إلى تقديم مرتكبي جريمة حرق عائلة دوابشة في قرية دوما في 31 يوليو (تموز) الماضي، إلى العدالة.
وقال ملادينوف في بيان: «إنني أشعر بحزن عميق لوفاة سعد دوابشة، والد الطفل علي الذي قتل في هجوم متعمد على منزلهم في قرية دوما في 31 يوليو».
وأضاف: «أكرر الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بتقديم مرتكبي هذا العمل الإرهابي الشنيع، الذي أدين عالميًا، إلى العدالة على وجه السرعة كما أدعو القادة السياسيين والاجتماعيين والدينيين من جميع الأطراف إلى العمل معًا، وعدم السماح للمتطرفين بتصعيد الوضع والسيطرة على جدول الأعمال السياسي».
وتابع: «إن أفكارنا وصلواتنا من أجل شفاء الابن الثاني أحمد البالغ من العمر أربعة أعوام، وزوجته ريهام، اللذين يصارعان من أجل الحياة».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».