شكّل الاندفاع الذي يمتاز به المراهقون وعدم قدرتهم على النقاش الجاد والتحليل، وما يتلقونه من وعود بمناصب قيادية، أبرز الدوافع لانخراط مراهق لا يتجاوز 16 سنة في صفوف تنظيم داعش، حيث استهدف التنظيمات الإرهابية، وضمنها «داعش»، صغار السن لتنفيذ الأدوار التي تمرر لهم من الخارج.
وأوضح متخصصون في الجوانب الأمنية والتربوية والسلوكية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدوافع التي تغري المراهقين بالانضمام إلى «داعش» تأتي من الحلقة الضيقة من الأهل والأقارب والأصدقاء، وهم مفاتيح التجنيد، كما يجري استغلال وضع أبناء الموقوفين وأسرهم من قبل التنظيم في تنفيذ الأعمال إرهابية.
ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 نفذ تنظيم داعش نحو ثماني عمليات إرهابية في السعودية، هي «الدالوة، ومركز سويف على الحدود السعودية العراقية، وحادثة مقتل جندي أمن المنشآت، وحادثة القديح وحادثة العنود، وحادثة مقتل رجل أمن في الطائف، ومقتل عقيد وتفجير نقطة ضبط أمني في الرياض، وآخرها تفجير مسجد في معسكر أمني تابع لقوات الطوارئ في منطقة عسير)، معظم هذه الحوادث المروعة نفذها مراهقون أو ممن تجاوزوا فترة المراهقة بسنوات قليلة.
وعن استخدام المراهقين في العمليات الانتحارية للتنظيمات المتطرفة، قال الدكتور حسن الشمراني، وهو متخصص في سلوك الأطفال والمراهقين «إن الانفجار الإعلامي، وسهولة وصول (داعش) للمراهقين، وتقديم تبريرات شرعية وأخلاقية لما يقوم به، وصناعة أبطال من المتطرفين، هي عوامل تقود المراهق عديم الخبرة في النقاش والتحليل إلى الانجذاب إلى هذا العالم». ويضيف «المراهق لديه اندفاعية وسرعة في اتخاذ القرارات والإقدام وعدم التفكير في عواقب الأمور، لذلك يسهل استغلاله، وكثير من المراهقين المنتسبين لـ(داعش) كان لديهم توجه ديني منذ الصغر، وكانوا يشاركون ويخرجون مع جماعات منذ المرحلة الابتدائية».
تنظيم داعش الذي يعتبر النسخة المطورة من التنظيم الأم (القاعدة) استهدف المراهقين لأسباب عدة، منها ما كشفت عنه وزارة الداخلية من أن معظم أعضاء التنظيم من المراهقين يجري اختيارهم على خلفية وجود أقاربهم في مناطق الصراع خارج السعودية، ويطمحون للحاق بهم، أو من أولئك الذين لديهم أقارب ما زالوا موقوفين على خلفية قضايا الإرهاب التي ضربت السعودية منذ عام 2003، بحيث يجندون داخل الوطن لتنفيذ عمليات إرهابية تبدأ من بسيطة وتتدرج لتصل إلى عمليات أكثر تعقيدا، بعد أن يتولوا مهمة تشكيل مجموعات صغيرة، يأتي دعمهم اللوجيستي من قيادات إرهابية أكبر سنا داخل البلاد وخارجها، ومن ثم القيام بالتخطيط لعملياتهم التي لا تتطلب الكثير من الجهد، مثل استهداف رجال الأمن، أو مواقع حيوية مختلفة.
من جانبه، يقول أحمد موكلي، وهو باحث في الشؤون الأمنية والسياسية، إن الذي يدفع المراهقين إلى أتون «داعش» عدة أسباب، منها تعرضهم لما يشبه غسل الدماغ، نظرًا لصغر سنهم، فهم أصبحوا كالدمى يحركونهم كيفما أرادوا.
وذكر فيصل المطيري، وهو مستشار تربوي وأسري، أن «تجنيد المراهقين في مجموعة إرهابية لا يمكن أن يتم إلا عبر التواصل المباشر في دوائر ضيقة وخطيرة وهي دائرة الأسرة والأقارب ودائرة الأصدقاء». ويضيف «لاحقا يبدأ التكوين النفسي للمراهق بعد تجنيده، وهنا تكون دائرة التأثير واسعة فتشمل الأقارب والأصدقاء وكل ما يطرح في فضاء الإنترنت من أفكار متطرفة، خصوصا المرئية منها التي تكون في نفس المراهق هذا السلوك الإجرامي». ويشدد المطيري على ضرورة العناية بأسر وأبناء الموقوفين في قضايا أمنية حتى لا يتم استغلالهم من قبل أطراف خارجية.
«داعش» يستهدف المراهقين للزج بهم في الأعمال الانتحارية
مختصون في التربية: التجنيد يبدأ من الأهل والأصدقاء
«داعش» يستهدف المراهقين للزج بهم في الأعمال الانتحارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة