استقالة قيادي كبير في طالبان بسبب خلافة الملا عمر

الملا طيب أغا: اختيار أختر منصور كان خطأً كبيرًا.. وعلى الحركة إدارة شؤونها من داخل أفغانستان

حفلات تأبين للملا محمد عمر زعيم طالبان الراحل في مدينة كويتا الباكستانية الحدودية أمس (إ.ب.أ)
حفلات تأبين للملا محمد عمر زعيم طالبان الراحل في مدينة كويتا الباكستانية الحدودية أمس (إ.ب.أ)
TT

استقالة قيادي كبير في طالبان بسبب خلافة الملا عمر

حفلات تأبين للملا محمد عمر زعيم طالبان الراحل في مدينة كويتا الباكستانية الحدودية أمس (إ.ب.أ)
حفلات تأبين للملا محمد عمر زعيم طالبان الراحل في مدينة كويتا الباكستانية الحدودية أمس (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول كبير في حركة طالبان الأفغانية، وهو الملا سيد محمد طيب أغا مسؤول المكتب السياسي للجماعة في العاصمة القطرية الدوحة، استقالته من منصبه بعد وفاة زعيم الحركة الملا عمر قبل سنتين وأربعة أشهر، وهو أول مسؤول رفيع في الحركة يستقيل من منصبه بعد التأكد من أن الزعيم الروحي للجماعة لم يعد موجودا.
وقال مصادر مقربة من أغا، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرجل استقال احتجاجا على إخفاء خبر رحيل مؤسس الحركة عن القادة البارزين خصوصا عن المكتب السياسي في قطر، وهو الجهة المخولة رسميا من قبل الملا عمر بإجراء مساعي الحوار والتواصل مع الحكومة الأفغانية أو المجتمع الدولي لإنهاء الصراع الجاري في البلاد. وأشار المصدر إلى أن طيب أغا استقال أيضًا احتجاجا على تعيين الملا اختر منصور زعيما جديدا للحركة. ونقل المقربون من الملا أغا قوله: «إن كتمان خبر وفاة الملا عمر زعيم الحركة على مدى عامين ونصف العام كان خطأ تاريخيا، وإن الموافقة على إجراء المفاوضات عن طريق باكستان لعبت دورا مهما في إبراز ذلك الخبر».
من جهته، يقول حكمة الله صافي، خبير الشؤون الأفغانية الذي يتابع شؤون الحركة وأنشطتها عن قرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن استقالة الملا طيب أغا مؤشر على وجود خلافات داخل الحركة بعد وفاة زعيمها، مشيرا إلى أن طيب أغا، وهو المسؤول المباشر عن فتح قنوات التواصل مع الحكومة والمجتمع الدولي، أصيب بخيبة أمل بسبب إخفاء خبر وفاة الملا عمر عنه لسنوات طويلة، كما أن الرجل يعتقد أن تعيين زعيم جديد للجماعة من خارج أفغانستان ستكون له نتائج عكسية وكارثية على مستقبل طالبان، في إشارة إلى انتخاب الملا اختر منصور أميرا جديدا للمسلحين في مدينة كويتا الباكستانية.
وأوضح طيب أغا في بيان وزعه أمس على أجهزة الإعلام أنه قرر بنيّة خالصة إنهاء عمله على رأس المكتب السياسي لحركة طالبان، وأنه لا دخل له في البيانات المنسوبة للحركة أو القرارات والإجراءات التي تتخذ باسمها. وأضاف أنه لن يقابل بعد اليوم أيا من أطراف الداخل أو الخارج إلا بوصفه مواطنا أفغانيا وعضوا في الحركة وزميلا لزعيمها الراحل.
ودعا طيب أغا مسؤولي الحركة للانتقال إلى أفغانستان كي يتخذوا قرارات وصفها بالمهمة، ومنها انتخاب القيادة الجديدة للحركة بحرية تامة. كما دعا المسؤولين العسكريين والقادة الميدانيين إلى التزام الوحدة والاستقلالية وحفظ أرواح المواطنين وأموالهم، وألا يستهدفوا الدول والأطراف التي قال إنها تسهم في إعمار أفغانستان.
من ناحيته، قال نظير محمد مطمين، وهو كاتب سياسي وخبير في شؤون جماعة طالبان، إن الانقسامات أمر طبيعي في طالبان بعد وفاة زعيمها، وإن استقالة طيب أغا لن تكون حالة نادرة، وإنه لن يكون الضحية الأولى لعملية السلام في البلاد، مشيرا إلى استقالات أخرى ستحصل في الجماعة.
ونقل راديو «بي بي سي» أمس عن الملا أغا قوله «إن الجماعة المسلحة يجب أن تتعامل مع شؤونها من داخل أفغانستان بما في ذلك تعيين زعيم جديد لها، غير أنه لم يشر بشكل مباشر إلى الملا أختر منصور الذي كان قد أعلن زعيما جديدا للحركة عقب اجتماع لها في باكستان».
تجدر الإشارة إلى أن أختر منصور قد تولى مؤخرا قيادة حركة طالبان المناوئة للنظام الحاكم في أفغانستان بعد أن تأكدت رسميا وفاة القائد السابق الملا عمر، حيث انسحب ابن وشقيق الملا عمر من اجتماع الحركة الجمعة الماضية احتجاجا على اختيار أختر لقيادة الحركة.
وفي العاصمة الأفغانية كابل، تتناقل وسائل إعلام محلية الأخبار التي تتحدث عن وقوع اشتباكات دموية بين فصائل مختلفة في حركة طالبان على خلفية تعيين زعيم جديد لها، حيث يقول الإعلام الأفغاني إن الأنباء الواردة من مدينة كويتا الباكستانية لا تبشر بخير بالنسبة لحركة طالبان، حيث تفيد الأنباء الواردة من هناك بأن معارك اندلعت بين أنصار الملا اختر منصور ومعارضيه في مناطق مختلفة من كويتا أدت إلى مقتل عدد من قادة الطرفين.
وقال النائب الأول لرئيس البرلمان الأفغاني ظاهر قدير إن المعلومات تشير إلى أن نجل زعيم طالبان السابق الملا يعقوب قتل في كمين لأنصار أختر منصور في كويتا، غير أن طالبان نفت مقتل الرجل.
كما تشير الأخبار إلى أن اشتباكات متقطعة وقعت بين فصائل طالبان المؤيدة للزعيم الجديد ومعارضين له في كل من منطقة تورا بورا وولاية هلمند ومنطقة وزيرستان، والأوضاع مرشحة لمزيد من التصعيد بين الطرفين.
إلى ذلك، حظرت السلطات الأفغانية أول من أمس التجمعات المرتبطة بالحداد على وفاة زعيم حركة طالبان السابق الملا عمر، محذرة من أن أي مراسم من هذا النوع ستعتبر «هدفا شرعيا» للقوات الأفغانية. وأكدت حركة طالبان، الخميس، وفاة الملا عمر الذي قاد الحركة نحو 20 عاما. ويأتي إعلان السلطات الأفغانية الاثنين بعد ساعات من استهداف القوات الأفغانية لجنازة رمزية للملا عمر في ولاية غزني شرق البلاد، مما أسفر عن سقوط قتلى بين المتمردين.
وقال المتحدث باسم مديرية الأمن الوطني حسيب صديقي إن «الملا عمر كان المسبب الأكبر للحرب والتخلف في تاريخ أفغانستان الحديث، وكان مسؤولا عن قتل آلاف الأفغان». وأضاف «لذلك أي مراسم تأبين أو حداد عليه تعتبر إهانة لآلاف الشهداء في هذه الأمة. وتابع صديقي أن «الحكومة الأفغانية أمرت كل قوات الأمن والدفاع باعتبار أي تجمعات لدعمه هدفا عسكريا شرعيا».
من جهته، قال نائب حاكم غزني محمد علي أحمدي إن حركة طالبان نظمت مراسم أول من أمس قرب عاصمة الولاية. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن الحركة «طلبت من السكان المحليين تأمين ثلاثة آلاف رغيف خبز، فضلا عن خرفان وأبقار لذبحها. وأغلق المتمردون الطرقات الرئيسية وأجبروا السكان والمارين على حضور المراسم. وأشار إلى أن «القوات الحكومية شنت هجوما قتلت فيه خمسة من طالبان على الأقل وأوقفت الاحتفال قرب مدينة غزني». وأكد عضو في مجلس ولاية غزني الحادث، مشيرا إلى «مقتل عدد من عناصر طالبان».
ونظمت مراسم شبيهة في باكستان أيضا. وأدى حافظ سعيد، رئيس المنظمة الإسلامية الباكستانية التي تعتبر غطاء للمجموعة المسؤولة عن اعتداءات مومباي الدموية في 2008، الأسبوع الماضي صلاة «الجنازة» أمام ألف من مريديه في مدينة لاهور شرقا، وفق متحدث باسم المنظمة.
وأنهى تأكيد وفاة الملا عمر سنوات من الشائعات حول مصيره، وهو الذي لم يظهر إلى العلن منذ عام 2001 بعد الغزو الأميركي لأفغانستان.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.