لا حديث في مصر إلا عن قناة السويس الجديدة، وحفل افتتاحها يوم الخميس المقبل، الذي تأهبت له كل أجهزة الدولة المصرية، ليخرج بصورة تليق بهذا الإنجاز التاريخي الكبير وبحجم وثقل ضيوف الحفل يتقدمهم قادة دول عربية وأجنبية، من بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وقد أكد السفير الألماني لدى القاهرة مشاركة بلاده بوفد رفيع المستوى برئاسة زغمار غابرييل، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزير الاقتصاد والطاقة في افتتاح قناة السويس الجديدة. بينما أكدت مصادر أمنية مشاركة عشرة آلاف من رجال الشرطة و230 مجموعة قتالية في توفير الأمن للحفل.
وحول هذا الحدث الهام، قال الدكتور بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، إن العائد المنتظر لقناة السويس الجديدة من شأنه تحقيق تنمية مستدامة على نطاق واسع في جميع أنحاء مصر، وبما يعظم من فوائد السد العالي ونقل المياه والكهرباء من الوادي إلى شبه جزيرة سيناء، تعميرًا وزراعة، الأمر الذي ينطلق بسيناء وبمصر كلها نحو مستقبل أكثر تقدمًا ورخاء.
بينما أكد الخبير الاقتصادي الإيطالي، ماسيمو ديندرياس، أن مشروع قناة السويس الجديدة سيعزز من تنافسية قناة السويس بدرجة كبيرة، بما يجعلها تستوعب 25 في المائة من حركة الملاحة التجارية التي كانت تعبر من خلال قناة بنما. وجاء ذلك في دراسة متكاملة انتهى إعدادها من قبل مجلس الأعمال المصري - الإيطالي عن الآثار الاقتصادية لمشروع قناة السويس الجديدة على التجارة الدولية وعلى حركة الملاحة البحرية العالمية، بحسب ما صرح به عمرو حلمي، السفير المصري لدى روما.
وقال الدكتور بطرس غالي في بيان له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «مشروع القناة الجديدة جاء مواكبًا لما تشهده مصرنا الجديدة من انطلاق نحو غد أفضل»، موضحًا أن «المشروع سيتيح بالضرورة فرص عمل من خلال مشروعات مرتبطة به، وهي مشروعات للتنمية والاستثمار والتصنيع، بما يكفل للمواطن المصري حقوقه، خصوصًا حقه في العيش الآمن الكريم، الذي هو أصل حقوق الإنسان».
وأضاف غالي أنه «كما كانت قناة السويس تحديًا ورمزًا لوحدة شعب مصر وإرادته المستقلة، فإنها ستكون دومًا منارة للسلام والتنوير والانفتاح على العالم الخارجي، الذي تعمل مصر من أجله دائمًا، بما يساهم في تحقيق الاستقرار والسلم العالمي في ظل عالم العولمة».
وقال الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة إن «سفينة المحروسة وهي تبحر في قناة السويس الجديدة إيذانًا بالافتتاح الرسمي، لها أن تفخر وتزهو بشعب مصر العظيم وبقياداته، الذي تدافع وتلاحم بشكل غير مسبوق لإنجاز مشروع القناة الجديدة لتكون منارة ورمزًا للتعاون وتلاقي الحضارات، حتى يعم الأمن والاستقرار والمنافع بين الشعوب في مواجهة قوى الظلام والإرهاب والفوضى».
إلى ذلك، وصفت دراسة مصرية - إيطالية أعدت عن مشروع قناة السويس الجديدة، بأنه «من بين أهم المشروعات الاستراتيجية العالمية». وأكدت أن هذا المشروع العملاق، الذي يأتي ضمن تصور متكامل وضعته الحكومة المصرية لتنمية منطقة قناة السويس بأسرها، سيساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر، التي تطرح مجموعة هامة من المشروعات الاقتصادية المصاحبة من شأنها أن تعزز من تنافسية الاقتصاد المصري وتوفر كثير من فرص العمل للمصريين الذين يتطلعون إلى مستقبل أفضل.
وأكدت الدراسة أن القناة المصرية الجديدة تسمح بعبور أغلب نوعيات سفن الشحن على مختلف حمولاتها، سواء ناقلات البترول العملاقة أو سفن الحاويات الضخمة، الأمر الذي سيشجع شركات الشحن العالمية، خصوصًا تلك المسؤولة عن تنظيم حركة الملاحة التجارية فيما بين آسيا وأوروبا، إلى تفضيل المرور عبر قناة السويس بعد أن ظلت نسبة كبيرة منها تتخذ من الممر المائي لقناة بنما معبرًا تجاريًا رئيسيًا، وأن ذلك ينطبق بدرجة رئيسية على التبادل التجاري من خلال النقل البحري لكل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية وفيتنام والهند مع أوروبا، كما يمكن أن يمتد أيضًا ليشمل حركة نقل البضائع بين ميناء هونغ كونغ ونيويورك وبين شنغهاي ونيويورك وكذلك بين شنغهاي وهيوستن.
وأشارت دراسة مجلس الأعمال المصري الإيطالي إلى أن القناة المصرية الجديدة سترفع من معدلات الملاحة التجارية في البحر المتوسط، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على أنشطة الموانئ البحرية الأوروبية التي سيتعين عليها زيادة الاستثمار في بنيتها الأساسية حتى تتمكن من استيعاب الزيادة الكبيرة في حركة سفن البضائع وناقلات البترول التي ستسجل معدلات مرورها في قناة السويس زيادات مطردة.
وأوضح السفير المصري لدى روما أنه تم بالفعل طرح هذه الدراسة، التي تشمل مجموعة هامة من الإحصائيات عن حركة مرور ناقلات البترول العملاقة وسفن الحاويات الضخمة، على مختلف دوائر الأعمال الإيطالية من شركات وبنوك وأجهزة ائتمانية؛ آخذًا في الاعتبار أنه يجرى التحضير في المرحلة الحالية لزيارة وفد اقتصادي إيطالي رفيع المستوى إلى مصر لبحث الفرص الاستثمارية المتاحة في مشروع تنمية منطقة قناة السويس، سواء تلك المتصلة بمشروعات البنية الأساسية أو الخدمات اللوجيستية في ظل الاقتناع بأن الموانئ المصرية من بورسعيد والسويس ستتزايد أهميتها أسوة بالمكانة التي تستأثر بها مجموعة من الموانئ العالمية مثل شنغهاي وهونغ كونغ وسنغافورة وروتردام وجبل علي ونابولي وجنوة وهامبورغ ونيويورك.
وقال هانس يورغ هابر، السفير الألماني لدى القاهرة، إن «مشاركة بلاده بوفد رفيع المستوى برئاسة زغمار غابرييل، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزير الاقتصاد والطاقة في افتتاح قناة السويس الجديدة يوم الخميس المقبل، يأتي للتعبير عن دعم وإظهار تضامن برلين مع مصر واقتصادها.
وأبدى السفير، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس الاثنين، إعجابه بهذا المشروع الذي وصفه بـ«الإنجاز العظيم الذي يعقد عليه الآمال الكبيرة لمستقبل مصر». وأضاف أن ألمانيا، ثالث أكبر دولة تجارية في العالم، تعد شريكة لمصر من الناحية الواقعية، حيث تستفيد برلين من مرور السفن المحملة بالبضائع من وإلى ألمانيا، مؤكدًا اهتمام بلاده بتوفير تسهيلات لوجيستية بمنطقة قناة السويس.
وردًا على سؤال حول الحوار الاستراتيجي بين البلدين، أكد السفير على أهمية استمرار الحوار والتواصل بين القاهرة وبرلين حول القضايا التي تعد محل خلاف، مضيفًا أنه يوجد حوار استراتيجي بين الجانبين، لكنه ليس بنفس مستوى نظيره بين مصر والولايات المتحدة.
وأوضح أن هناك ثلاثة موضوعات محل خلاف بين مصر وألمانيا، وهي ضمان حقوق الإنسان، وإتاحة فرص للمجتمع المدني، والتعامل مع قانون التظاهر، مضيفًا أن بلاده لديها قناعة بأن كفالة حقوق الإنسان، والحق في التظاهر، ودور المجتمع المدني، تؤدي إلى الاستقرار في مصر، وبالتالي في المنطقة، وهذا خلافًا لما يراه الشركاء المصريون (حسب قوله).
في سياق متصل، أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات كتابًا جديدًا تحت عنوان «قناة السويس الجديدة.. هدية مصر للعالم» يوثق أعمال حفر قناة السويس الجديدة، ويعرض لأهم محطات الحفر الجاف والتكريك خلال عام كامل.
ويتكون الكتاب من ستة فصول، كما أورد الكتاب عددًا من الوثائق ذات الصلة بالقناة، وفي مقدمتها فرمان الامتياز الأول الصادر في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1854، واتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1888، وقرار تأميم القناة، وقرار إنشاء لجنة للإشراف على إنشاء أنفاق تحت قناة السويس، وقرار تخويل هيئة قناة السويس سلطة تأسيس شركات مساهمة.
الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة: قناة السويس الجديدة منارة ورمز لتلاقي الحضارات
خبير إيطالي يؤكد أنها ستجتذب 25 % من حركة الملاحة التي تعبر قناة بنما
الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة: قناة السويس الجديدة منارة ورمز لتلاقي الحضارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة