مظاهرات الماء والكهرباء تمتد إلى مدن وسط العراق

من شعاراتها «باسم الدين باعونا الحرامية»

محتج يحمل لافتة في مظاهرة ضد سوء خدمات الماء والكهرباء في البصرة أمس (رويترز)
محتج يحمل لافتة في مظاهرة ضد سوء خدمات الماء والكهرباء في البصرة أمس (رويترز)
TT

مظاهرات الماء والكهرباء تمتد إلى مدن وسط العراق

محتج يحمل لافتة في مظاهرة ضد سوء خدمات الماء والكهرباء في البصرة أمس (رويترز)
محتج يحمل لافتة في مظاهرة ضد سوء خدمات الماء والكهرباء في البصرة أمس (رويترز)

استمرت أمس المظاهرات في عدد من المحافظات الجنوبية بدءا من البصرة حتى ذي قار ضد سوء خدمات الماء والكهرباء وامتدت حملة الاحتجاجات إلى المحافظات الوسطى ومنها النجف، حيث احتجز متظاهرون غاضبون نائب رئيس مجلس المحافظة لعدة ساعات قبل أن تتمكن القوات الأمنية من إخراجه من قبضتهم.
وفي السياق نفسه يستعد نشطاء آخرون لتنظيم مظاهرات يوم الجمعة المقبل في بغداد التي كانت قد شهدت الأربعاء الماضي أغرب مظاهرة في تاريخها وهي قيام سائقي القطارات بتحريك عدد منها حيث قطعوا عددا من شوارع جانب الكرخ في بغداد، وهو ما دفع الجهات الرسمية إلى أن تعيد الحديث عن «المندسين».
وأمام مكتب محافظ البصرة، تظاهر أمس نحو 500 شخص يرفعون الأعلام العراقية واللافتات للمطالبة بإيجاد حل لمشكلة المياه التي ترتفع بها نسبة الملوحة. وقال الطالب زياد طارق (24 عاما) «نطالب بإقالة المحافظ ومجلس المحافظة، حان الوقت ليحصل سكان البصرة على حقوقهم». وحين خرج نائب المحافظ للاستماع لمطالب المتظاهرين، رشقه هؤلاء بعبوات المياه البلاستيكية وأصروا على أن يلتقوا المحافظ نفسه، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وتابع طارق أن «الحكومة المحلية تعد دائما بتحسين جودة المياه والكهرباء ولكنهم جميعهم كاذبون ولم يعد لديهم أي مصداقية»، مضيفا أن «درجة الحرارة حاليا 54 درجة مئوية في وسط البصرة (...) سكان البصرة غاضبون جدا من قادتهم».
أما رعد جاسم (36 سنة) الموظف في شركة «نفط الجنوب»، فقال إن «غضب سكان البصرة يعود أساسا لعدم استفادتهم من ثروة منطقتهم النفطية». وتابع أن «البصرة تغذي العراق، وتمول الدولة، ولكن ليس لدينا مياه ملائمة».
وبحسب أرقام نشرتها وزارة النفط العراقية أمس، فإن 94.9 من 96.2 مليون برميل نفط صدرها العراق في يوليو (تموز) أنتجتها الحقول النفطية الجنوبية. ورغم ذلك لا تزال البصرة منطقة غير نامية وتعاني من انقطاع دائم للتيار الكهربائي ومن تردي المياه وعدم جمع النفايات فضلا عن مشكلات أخرى، جميعها حثت عددا كبيرا من سكان البصرة على المطالبة بالحكم الذاتي.
وانتشرت القوات الأمنية في محيط مركز المحافظة أمس بعد أقل من أسبوعين على أعمال عنف اندلعت خلال تظاهرة للاحتجاج على انقطاع الكهرباء.
وقال محمد شاكر (52 سنة) أستاذ التعليم الثانوي، «ينتشر الأمن وكأننا نخطط للانقلاب على الحكومة. نحن نتظاهر سلميا وكل ما نريده هو حقنا في شرب مياه نظيفة».
وارتفعت الشعارات ذاتها في مدينة كربلاء، على بعد 75 كيلومترا جنوب بغداد. إذ تظاهر صباح أمس المئات احتجاجا على تردي الخدمات وانتشار الفساد. وسارت التظاهرة باتجاه مبنى الحكومة المحلية وسط إجراءات أمنية مشددة. وهتف المتظاهرون «باسم الدين باعونا الحرامية»، وبينهم طلاب وفنانون وصحافيون.
وقال عبد الحليم ياسر، عضو تنسيقية كربلاء للحراك المدني المنظمة للتظاهرة، «سنواصل هذا الحراك إلى أن تتحقق مطالبنا بتحسين الخدمات لا سيما الكهرباء والقضاء على الفساد والمفسدين وتحسين الأوضاع المعيشية والأمنية». وتابع ياسر «إذا لم تستطع هذه الطبقة (السياسية) طيلة 12 سنة من تحسين الأوضاع عليها أن تستقيل وترحل».
من جهته، طالب الناشط المدني والفنان المسرحي علي الشيباني، المرجعية الشيعية بإصدار فتوى صريحة بالتظاهر إلى أن تتغير الأوضاع، مؤكدا أن «الأمور من سيء إلى أسوأ ولا بد من التحرك الجماهيري ضد هؤلاء الذين سرقوا أموال الشعب وهم يتنعمون بخيراته برواتبهم ذات الأرقام الفلكية ويملكون عقارات بالخارج ويتنعمون بالكهرباء ونحن في حر وعوز وبؤس». وكان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أصدر أمرا الأربعاء لمؤسسات الدولة والمسؤولين بتوفير الكهرباء عبر برامج تقنين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».