مع الأوبرا جاءت انطلاقة «مهرجانات بيت الدين» للصيف الحالي، يوم أول من أمس. تألق التينور خوان دييغو فلوريز، الآتي من مسارح عالمية، وأحد أكثر الأصوات الأوبرالية المطلوبة والمرغوبة، وإلى جانبه غنت السوبرانو جويس الخوري، اللبنانية الكندية، على المسرح المنصوب في باحة القصر الشهابي التاريخي، ليعلنا معًا بصوتيهما بدء احتفالية المهرجان بعيده الثلاثين.
كان غريبًا ألا تقال كلمة في هذه المناسبة، وألا يعرض فيلم استعادي مثلاً، يذكّر بالمحطات الساحرة التي مر بها هذا المهرجان وهو الذي تمكن خلال ثلاثة عقود من جمع نجوم تشتهيهم مسارح الدنيا. كان ينتظر أن تتضمن السهرة الأولى لهذا الموسم لفتة ما لإشعار الحضور أن ثمة عيدًا يستحق أن يحتفى به، وبإنجازاته.
تواضع مبالغ به ربما، من قبل منظمي مهرجانات بيت الدين، أو انشغال عن المهم بما هو أهم. على أي حال، بدأ العام الثلاثين عذبًا، مع أوركسترا جواكينو روسيني الفيلهارمونية بقيادة الأميركي كريستوفر فروكلن، وما يزيد على ستين عازفًا، لعبت موسيقى من أوبرا «لا سينرينتولا لروسيني»، ليبدأ بعدها فلوريز الحفل، ويغني بالتوالي مع جويس الخوري، بالفرنسية تارة والإيطالية تارة أخرى، إلى أن جاء دور روميو وجولييت حيث أديا معًا، غناء وتمثيلاً وإيحاء، قبل أن يختتم الفصل الأول من الحفل.
كان الافتتاح مبرمجًا ليضم جزأين. ولم يأتِ القسم الثاني من الحفل مختلفًا عن البدايات من جهة تقاسم الغناء بين الفنانين الموهوبين، أو لناحية العودة إلى روميو وجولييت مرة أخرى، ولكن بمقطع مختلف، لكن يبدو أن الجمهور اندمج متأخر،ا، وما أن أحس أن الحفل يشارف على نهاياته، على بدء التصفيق الشديد، مطالبًا النجمين بالمزيد. وهو ما جعل خوان دييغو وجويس الخوري يتجاوبان بسخاء شديد، وامتدت الحفلة لما يزيد على 15 دقيقة عن الوقت المحدد لها، وسط هتافات الجمهور وتصفيقه.
وينتظر رواد هذا المهرجان، لا سيما الشبان منهم، يوم السبت المقبل مغني الروك البريطاني ديفيد غراي، يليه مارسيل خليفة في الخامس من أغسطس (آب) المقبل، بحفل استعادي، للاحتفال بثلاثينية المهرجان كونه كان أحد الذين ساهموا في إطلاقه. وكذلك من الحفلات المنتظرة تلك التي تقدمها ريبيكا فيرغسون، وحفلات ثلاث للعراقي كاظم الساهر. ولعل أحد الأصوات الأكثر انتظارًا ومهارة لهذا العام في بيت الدين هو ذاك الطالع من حنجرة الروسية الموهوبة أنا نيتريبكو، أما بالعربية فكثيرون بانتظار التحية للسيدة أم كلثوم التي ستقدمها الفنانة المصرية ريهام عبد الحكيم، ومعها تختتم مهرجانات بيت الدين في اليوم الأخير من أغسطس المقبل.
ثلاثون عامًا ومهرجانات بيت الدين مستمرة، دون صخب كبير، لكن بكثير من الاحترافية، وبانتقائية تستحق التقدير والاحترام الشديدين. قد تذهب إلى بيت الدين، ولا تندمج كثيرًا بأجواء الحفل الذي اخترت لأنه لا يناسب مزاجك، لكن طوال السنوات الماضية، كان نادرًا جدًا أن يستقبل هذا المهرجان فنانين لا يروون للجمهور ظمأ أو يشبعون فضولاً. السمة الرئيسية التي لم يرد هذا المهرجان أن يخسرها يومًا هي الحفاظ على ثقة رواده. أن تذهب إلى «بيت الدين»، يعني ألا تعود أبدًا خائبًا حتى ولو صادف أنك لم تكن مسرورًا مما شاهدت وسمعت.
«مهرجانات بيت الدين» انطلقت مع خوان دييغو فلوريز وجويس الخوري
يحتفل بعيده الثلاثين باحترافية ومن دون ضجيج
«مهرجانات بيت الدين» انطلقت مع خوان دييغو فلوريز وجويس الخوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة