العليمي: نشجع الوساطة السعودية مع الحوثيين... وأي اتفاق سيكون بين «الشرعية» والانقلابيين

رئيس مجلس القيادة قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحرس الإيراني سبب مشاكل المنطقة

الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني
الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني
TT

العليمي: نشجع الوساطة السعودية مع الحوثيين... وأي اتفاق سيكون بين «الشرعية» والانقلابيين

الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني
الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني

يلخص الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، مشكلة اليمن السياسية في أمرين: الإقصاء والتهميش. ويرى أن علاج ذلك يتمثل في رافعتين: التوافق والشراكة. وهذا ما كان يدفع نحوه حتى قبل أن يتولى قيادة مجلس القيادة الرئاسي اليمني.
ويدعم العليمي الوساطة السعودية مع الحوثيين بمشاركة عمانية، ويؤكد تلقي الحكومة اليمنية تحديثات مستمرة من الجانب السعودي بشأن مسار المحادثات، قائلاً، إن أي اتفاق في نهاية المطاف سيكون بين الحكومة والحوثيين.
مرّ 300 يوم على نقل السلطة في اليمن من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي إلى مجلس قيادة رئاسي برئاسة العليمي وسبعة أعضاء من مختلف القوى السياسية والتشكيلات العسكرية المناهضة للحوثيين.
توجهت «الشرق الأوسط» إلى بروكسل، العاصمة البلجيكية ومركز صنع القرار الأوروبي التي بدأ منها العليمي جولة أوروبية، وأجرت حواراً موسعاً مع رئيس المجلس.
أبرز ما جاء في الحوار تمثل في تشجيع الرئاسة اليمنية وتوضيح موقفها من الوساطة السعودية مع الحوثيين، إلى جانب تأكيدات رئاسية بأن قوات «درع الوطن» التي جرى الإعلان عنها حديثاً لن تحل مكان أي قوات أخرى، فضلاً عن توضيحات واستدلالات وجوانب اجتماعية وسياسية رسم خلالها الدكتور العليمي الذي يقف على عتبة السبعين من العمر جانباً من أفكاره وتصوراته، حاملاً همَّ 30 مليون يمني، يعمل ونوابه وحكومته ليل نهار، لإنهاء كابوس الانقلاب، واستعادة اليمن الذي يعاني ويلات الحرب منذ انقلاب الحوثيين، الجماعة المدعومة من إيران في سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى اليوم.
عدا عن تصالحه الشديد مع ذاته، والذي تمثل في انتقاده نفسه إبان عمله مع «المؤتمر الشعبي العام» لانتزاع «الغالبية المريحة» في البرلمان، وإقصاء بعض القوى، تدور أحاديث الدكتور العليمي على 3 مراكز: الشعب، التاريخ، التجربة.
فإذا تحدث عن نقطة سياسية أخذ يستشهد بقصة أحد أفراد الشعب، أو صديق، أو شخصيات معروفة.
ولا يناقش الصراع من دون الاستشهاد بالتاريخ، بل يصل إلى مرحلة انتقاد أعمال كان مشاركاً فيها إبان توليه مناصب ومهام حزبية إلى جانب المهام الحكومية.
أما التجربة، فتكفي النزاعات التي ألّف حولها كتاباً، وعمل ميدانياً على محاولة حلها، القبلية منها والأخرى التي ترتبط بالدولة كتمرد الحوثيين في الحروب الست، ومن مناصبه المختلفة، نائب رئيس الوزراء وزيراً للإدارة المحلية، أو وزيراً للداخلية أو رئيساً لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية، وغيرها من المناصب الأخرى التي كان العامل المشترك فيها ارتباطه المباشر وغير المباشر بشرائح مجتمعية عديدة.

وساطة السعودية مع الحوثيين؟
عند سؤاله عن التقارير التي تتحدث عن تقدم الوساطة السعودية بمشاركة عمانية مع الحوثيين، استهل الرئيس إجابته بالقول «هذه ليست للمرة الأولى، فقد كانت هناك (تفاهمات ظهران الجنوب) وانقلب الحوثيون على تلك التفاهمات والنقاشات، حتى قبل أن أكون في مجلس القيادة الرئاسي باعتبار عملي السابق كنت مستشاراً للرئيس السابق (عبد ربه منصور هادي) نعرف أن هناك تواصلاً وقنوات اتصال».
علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني اطلع من التحالف على النقاشات التي تجري. يضيف رئيس مجلس القيادة «نعتقد أن النقاشات والتواصل عمل إيجابي؛ لأنه سيخدم عملية السلام والاستقرار في اليمن... الأمر الآخر، سمعناه من الأشقاء في المملكة، وهو أنه لن يكون هناك اتفاق سعودي - حوثي، وإذا كان هناك اتفاق فسيكون بين الحكومة اليمنية والانقلابيين. وإن أسفرت المحادثات عن خريطة طريق تبدأ بتمديد الهدنة، ووقف إطلاق النار، والدخول في مشاورات شاملة تشمل الجانب السياسي والأمني والعسكري والطرق والأسرى وكل القضايا، فهذا سيكون بين الحكومة والحوثيين».
ثم عاد بالتأكيد على تشجيع ذلك، وكرر القول «نحن نرحب به ونعتبر أنه جهد جيد تبذله المملكة وندعمه لأننا نبحث عن السلام والاستقرار لليمن وإنهاء الحرب».

علاقة «الشرعية» والتحالف
كانت هناك انتقادات يمنية لعلاقة الحكومة والتحالف، وربما كانت هناك بعض الأصوات في مشاورات الرياض قد تطرقت إلى ذلك، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
بدأ العليمي إجابته بالتذكير بأن التحالف تشكل بدعوة من الرئيس اليمني (السابق) لاستعادة الدولة اليمنية، واستعادة الشرعية الدستورية التي انقض عليها الانقلابيون، بعد حصار الرئيس وقتل المرافقين وحصار الحكومة وضرب قصر المعاشيق بالطيران، وخروج الرئيس السابق وطلبه التدخل بشكل مشروع وقانوني.
يتابع: تدخل تحالف دعم الشرعية، وهناك من ينتقد أن 8 سنوات من العمل المشترك بين التحالف والحكومة الشرعية لم تسفر عن استعادة الدولة، لكننا نقول بالعكس، لولا هذا التدخل لكان الحوثيون يسيطرون على اليمن كاملاً، ولكانت إيران اليوم هي التي تسيطر على الممرات المائية في باب المندب وبحر العرب، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة في مضيق هرمز، وهناك كثير من الناس الذين يتناسون هذا المنجز. على الأقل تمت المحافظة على جزء كبير من اليمن، كما تم الحفاظ على شرعية الدولة، وهي مصلحة وطنية.
يطرح رئيس المجلس في سياق حديثه سؤالاً: لماذا هي مصلحة وطنية، ثم يجيب قائلاً «دعنا نستعرض نموذجاً، انظر كيف بقي الصومال نحو 30 عاماً بلا هوية ومواطنوه بلا جوازات سفر ولا حكومة. على الأقل اليمنيون الآن لديهم سفارات في الخارج، وتمثيل دولي، واعتراف إقليمي ودولي. يسافر اليمني اليوم بجواز سفر يحمل اسم الجمهورية اليمنية».
وللتأكيد على ما قاله، رسم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني «سيناريو افتراضياً»، فقال «تخيل أن الحوثيين سيطروا على اليمن كاملاً، أنا متأكد أن المجتمع الدولي والإقليمي لن يعترف بحكومة الانقلابيين، وسيقاوم اليمنيون بلا هوادة، كما حدث في الصومال، وقد تستمر معاناة اليمنيين ربما أسوأ مما هي عليه الآن بمراحل، لولا التدخل من قبل التحالف».
«وبغض النظر عن السلبيات وهي موجودة»، يقول العليمي «إن أبرز المنجزات الحيلولة دون استيلاء الحوثيين على كل الأراضي اليمنية، والمحافظة على الممرات المائية تحت سلطة الحكومة اليمنية، والحفاظ على شرعية الدولة والهوية اليمنية».
أما الجوانب الأخرى، «فنستطيع القول كانت هناك أخطاء من الحكومة والتحالف، وهي أخطاء تحصل لأنك تعمل، ومن لا يعمل لا يخطئ، ولكن اجتهد الجميع، وصوّبوا الأخطاء وهي بالنسبة لنا عبرة، عبر وجود استراتيجية واضحة لما ينبغي فعله في المستقبل».
كما يشيد العليمي بكل الدعم المالي والتنموي الذي تقدمه دول التحالف، ولعل آخرها تمثل في بيان أعقب وديعة سعودية بمليار دولار دعماً للاقتصاد اليمني قبل يومين؛ إذ شكر القيادة السعودية، وعدّ ذلك نموذجاً للتضامن، وتأكيداً سعودياً على رؤية مسؤولة تجاه اليمن وهويته وشعبه.

العملية السياسية
يؤمن رئيس المجلس بأن جل مشاكل اليمن التي يعاني منها خلال أزمته، من مشاكل اقتصادية وحرب ونزاعات داخلية وفقر مدقع وحالة إنسانية غير مسبوقة في العالم، سببها واحد؛ عرقلة العملية السياسية.
«قلت للملك اليوم (ويقصد فيليب ملك بلجيكا)، وبدأت له القصة من أحداث 2011. كان رزيناً ورائعاً في إنصاته». يقول العليمي «استعرضت المبادرة الخليجية التي جاءت لتحقن دماء اليمنيين بعد حرب وشيكة قد تستمر لسنوات، وكيف تجاوزت ذلك بعمل حل للمعارضة والمشاركة في حكومة مناصفة ونقل للسلطة بطريقة معينة، ودخلنا في الحوار الوطني الذي شارك فيه الحوثيون ثم لجنة الدستور وكنا على وشك الاستفتاء على الدستور، وكنا سننتخب رئيساً جديداً وبرلماناً جديداً، ثم حصل الانقلاب، وهو خلاصة المشهد (...) قلت للملك هذا المشهد الكامل، الحرب والقضية الإنسانية وكل شيء جاء بعد ذلك كله هو نتيجة لوقف العملية السياسية».
وبسؤاله عما قبل المجلس الرئاسي، حين شكل تحالفاً من 17 حزباً يمنياً مناهضاً للحوثيين. أجاب الرئيس «عندما كنا نفكر في تحالف الأحزاب اليمنية، كنت مع الراحل الدكتور عبد الكريم الإرياني (وزير الخارجية اليمني الأسبق ومستشار الرئيس اليمني السابق) نفكر بالطريقة التي أوصلتنا إلى هذا الحال في اليمن. وجدنا أن المشكلة الرئيسية تكمن في مسألتين: الأولى: الإقصاء، الأخرى: التهميش. ولكي نحل المشكلتين نحتاج إلى رافعتين: التوافق والشراكة».
«بدأنا نفكر في تشكيل تحالف سياسي بين المكونات السياسية اليمنية تقوم على المبدأين. دعونا (الإصلاح) كأول حزب. وقلنا لهم إن القصة باختصار أن ما أوصلنا إلى هنا هو الإقصاء والتهميش، ولا بد من استحداث تحالف للأحزاب، وبدأنا نكتب وثيقة ذلك التحالف، وشكلنا فريقاً لإعداد الورقة وكان من المؤتمر الشعبي أحمد بن دغر، وعبد الوهاب الآنسي من (الإصلاح)، وسلطان العتواني من (الناصري)، وعبد الرحمن السقاف من (الاشتراكي)، ومجموعة أخرى... وبدأنا فكرة التحالف السياسي، واختلفنا لاحقاً لأنه كان لا بد من وجود برنامج لهذا التحالف. استغرقنا عاماً كاملاً حتى خرجنا بالبرنامج، ثم اجتمعنا في سيئون وانتخبوني رئيساً للتحالف واستمررنا حتى جاء تشكيل مجلس القيادة الرئاسي».

الحوثيون والنضج السياسي
يتألم العليمي من مسألة أن «الحوثيين تجاوزوا كل القيم العرفية التي عرفها الشعب اليمني طوال التاريخ»، ويعتبر أن أفعالهم ضربت النسيج الاجتماعي اليمني. ويعتقد بأنه لو جرت انتخابات برعاية الأمم المتحدة في اليمن اليوم، فإن الحوثيين لن ينالوا صوتاً واحداً، مستدلاً بعدم فوزهم إلا مرة واحدة بمقعد واحد، وذلك خلال تسعينات القرن الماضي.
في العام 2018، قال السفير الأميركي الأسبق لدى اليمن ماثيو تولر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحل السياسي اليمني لن يأتي إلا إذا نضج الحوثيون سياسياً. سألت «الشرق الأوسط» رئيس المجلس: متى سينضج الحوثيون سياسياً؟
كانت إجابة الدكتور العليمي رشيقة ومختزلة؛ إذ بدأ مازحاً «قد ينضجون بعد سن الأربعين» (في إشارة إلى أن زعيم الميليشيات لم يبلغ سن الأربعين بعد). وأكمل قائلاً «إذا توفر شرطان من الممكن أن نقول إن هناك بداية لنضج سياسي لدى الجماعة، الأول: أن يتخلوا عن فكرة الاصطفاء الإلهي لحكم البشر، لأن اليمنيين لن يقبلوا بذلك، فاليمنيون أنفسهم قاتلوا ألف سنة لهذا الغرض. وهناك انتقادات لهذه الفكرة حتى من المحسوبين على الميليشيات». وحكى قصة من كتاب ابن الأمير وعصره، حيث رفضوا حصر الإمامة في البطنين، وهي مشكلة تاريخية مزمنة.
الشرط الآخر «أن يتخلوا عن المشروع الإيراني الفارسي التوسعي في المنطقة. فالإيرانيون يريدون تفريغ الدين الإسلامي من محتواه الحقيقي لأهداف سياسية».

إيران... والموقف الأوروبي
لاحظ المهتمون بشؤون أزمات المنطقة أن تزويد إيران روسيا بالطيران المسيّر في الحرب، أسهم في فتح أبواب النقاش عن مخاطر الطائرات الإيرانية من دون طيار. ويشتكي اليمن ومعه المنطقة العربية كاملة من إيران ومشروعها في المنطقة. وبسؤال رئيس المجلس الرئاسي اليمني، قال الدكتور العليمي «كنا نتحدث عنها سابقاً ولم تعرنا تلك الدول أي اهتمام، لكن عندما وصلت إلى أوكرانيا بدأ الغربيون والأميركيون يفكرون بهذه المشكلة لأن مصالحهم الرئيسية الآن تضررت (...) ولذلك، أعتقد أن الموقف الأوروبي تغير، ورب ضارة نافعة، نحن لسنا مع الحرب في أي منطقة حول العالم، لكن لعلها رسالة تجعل المجتمع الغربي والدولي يشعر بالمخاطر التي سبق وأن حذرنا منها، فمن كان يتوقع أن دولاً أوروبية تطالب اليوم بإدراج (الحرس الثوري) الإيراني في قوائم الإرهاب».
وكشف رئيس مجلس القيادة، عن أن اجتماعات الجانب اليمني في بروكسل ركزت على هذا الأمر. «قلت لرئيس الاتحاد الأوروبي هذا الموقف متقدم ونشيد بهذه الخطوة فنحن متضررون منهم، و(الحرس الثوري) الإيراني هو سبب كل مشاكل منطقتنا، فهناك غرفة عمليات واحدة هي التي تدير هذا المشهد من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن، وعبر الحدود ربما لمواقع أخرى. كما قلت له نحن لا نريد أن نقول لكم إن هذا هو الموقف الصحيح، لكننا نعتقد أن هذا هو الموقف الصحيح الذي يجب أن يتخذ من قبل الاتحاد الأوروبي».

الهدنة وتعاطي الحكومة
شهد اليمن هدنة برعاية أممية ودعم من تحالف دعم الشرعية في اليمن. بدأت الهدنة في أبريل (نيسان) وجرى تمديدها أكثر من مرة حتى الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) عندما رفض الحوثيون تجديدها ببنود إضافية ومدة ستة أشهر.
كانت الهدنة قائمة على أربعة بنود: وقف النار، فتح مطار صنعاء، فتح معابر تعز (المحاصرة من الحوثيين)، وتدفق الوقود للحديدة.
التزمت الحكومة اليمنية بكل البنود، بل قدمت تنازلات عديدة وكان بإمكانها عرقلة بعض التقدم، لكنها آثرت خدمة الشعب، في حين لم تلتزم الميليشيات الحوثية بأي من البنود خاصة في معابر تعز، وحتى وقف النار شهد خروقات حوثية واسعة بشكل يومي تقريباً، بحسب اتهامات الحكومة ومنظمات المجتمع المدني اليمنية التي رصدت قناصة يقتلون مدنيين بينهم أطفال ونساء في تعز وفي مناطق أخرى.
ورغم انتهاء الهدنة، فإن الحكومة اليمنية لم تعطل وقف النار، ولم توقف رحلات صنعاء ولا تدفق الوقود للحديدة، بينما ارتكب الحوثيون جملة انتهاكات بعضها تمثل في هجمات صنفها مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والخارجية الأميركية بهجمات إرهابية، وهي تلك الهجمات التي طالت موانئ تصدير واستيراد النفط.
سألت «الشرق الأوسط» رئيس المجلس، لماذا استمررتم في السماح لرحلات مطار صنعاء، لأن ذلك قد يبدو مكسباً سياسياً حوثياً؟ إجابة الدكتور العليمي كانت مفاجئة، إذ لم يعتبر ذلك مكسباً للحوثيين، بل مكسباً للحكومة، وأوضح أنه لا يفكر هنا أصلاً في المكاسب بقدر ما كان منشغلاً بمصلحة الشعب اليمني. وقال، إن «الهدف بالنسبة لنا ليس الحوثيين، ولكن مراعاة أهلنا في صنعاء وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، من مرضى والمضطرين إلى السفر، فنحن في النهاية مسؤولون عنهم؛ لأننا حكومة كل اليمنيين... ولا أعتبر هذا مكسباً سياسياً للحوثيين، بالعكس، هو مكسب للحكومة اليمنية، والأهم أنه مكسب لكل اليمنيين».
يضيف رئيس المجلس «كانت هناك مشاكل حرصت الحكومة على تجاوزها، لأننا نريد رفع المعاناة عن أهلنا في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين. نريد أن يتنفسوا من ذلك الضغط والظلم والارتهان والسجن الكبير الذي يعيشون داخله، وتجاوزنا كثيراً ليس من أجل الحوثيين ولكن من أجل أهلنا في تلك المناطق».

فلسفة نقل السلطة
تم تشكيل مجلس الرئاسة لأهداف ثلاثة. الأول: استعادة الدولة، وجمع الكل تحت هذا الإطار. بهذا يستهل العليمي حديثه عن فكرة مجلس القيادة الرئاسي. «الأمر الآخر، منع الصراعات الداخلية»، ويقول، إن «معالجة القضايا تقتضي منع نشوب أي صراعات قد تظهر داخل مناطق الحكومة الشرعية. وهذه الصراعات لا تخدم أحداً باستثناء الحوثيين».
«هذه فلسفة نقل السلطة، لماذا سبعة نواب والثامن رئيس المجلس... كان من الممكن أن يكون رئيس المجلس مع نائب أو اثنين أو ثلاثة؟» يعلل رئيس المجلس «نحن جمعنا هؤلاء جميعاً لكي نواجه المشروع الإيراني في اليمن. وبالتالي، فإن أي خلل أو مساس لهذا الهدف سيصب في خدمة الحوثيين، وأول مشكلة هي الصراعات البينية في المحافظات المحررة، والصراعات هنا ليست العسكرية وحسب، بل حتى السياسية تخدم الحوثيين».
الهدف الثالث يعتبره الرئيس «رئيسياً ومهماً»، ويتمثل في القضية الجنوبية. «نؤمن تماماً بأنها قضية عادلة. والحديث عنها في هذه اللحظة أو نقاش حلها في هذا الوقت قد يكون غير مناسب». يقول العليمي «عندما نستعيد الدولة، سنضع كل شيء على طاولة الحوار والنقاش ونضع المعالجات بالحوار وليس بالعنف، أو بالفرض».
ويقول الرئيس، إن «معالجة القضية الجنوبية يجب أن تكون في إطار حلول النظام السياسي، مضمون الدولة، وشكل النظام السياسي المستقبلي».
كان لافتاً أنه لم يتحدث عن قضية حساسة من دون وجود ضمانات، إذ قال العليمي «يجب أن نتأكد أن هناك ضمانات إقليمية، الإخوة الجنوبيون يقولون أحياناً ما هي الضمانات؟ ونحن نقول هناك ضمانات إقليمية لحل القضية الجنوبية وفقاً لهذا الإعلان، وبالتالي عندما يقال هذا الكلام فهو يشكل ضماناً رئيسياً لحقوق جميع الأطراف».

درع الوطن
جرى الإعلان نهاية يناير (كانون الثاني) 2023 عن تشكيل قوات «درع الوطن»، وشهد ذلك سجالاً كبيراً يعي رئيس المجلس أنه من باب التعبير عن الرأي. وبسؤاله عن القوات ومهامها، أجاب الرئيس بالقول «قوات (درع الوطن) كانت في الأساس تتشكل قبل حتى إصدار قرار نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، كانت هناك ألوية اليمن السعيد، وهذه الألوية ساهمت في الدفاع عن مأرب عندما كانت تحت حالة حصار شديد، حيث ساهمت بعض كتائب ألوية اليمن السعيد في تماسك مأرب وصمودها».
الأمر الآخر «كنا نفكر في مجلس القيادة تحت إطار خطتنا العسكرية المقبلة، حول ضرورة وجود قوة احتياطية مع الدولة؛ لأن هناك آلاف الشهداء في مختلف الجبهات، في الجوف والضالع ولحج والحديدة وصعدة ومأرب وتعز وشبوة وغيرها، وكثير من الجرحى أيضاً. لذا كان لا بد من وجود دماء جديدة، و(درع الوطن) تمثل هذه الدماء الجديدة. وهي قوة احتياط لا تؤدي أي مهام عوضاً عن أي قوات أخرى، سواء حرس جمهوري أو حرس رئاسي. هي قوة احتياطية لتنفيذ أي مهام يتم توجيهها من قبل مجلس القيادة الرئاسي».

التواصل مع الشعب
يحرص العليمي على إرسال رسائل للشعب اليمني من خلال خطاباته خلال المناسبات الوطنية، لكنه أيضاً يخصص جزءاً كبيراً من خطاباته التي يلقيها على المستوى الدولي في إرسال رسائل للشعب اليمني كاملاً، في المناطق المحررة أو في مناطق سيطرة الحوثيين.
يقول رئيس المجلس «إن الشعب اليمني يعاني في الداخل، ويعاني في الخارج، ويشعر الشخص بألم شديد بالتشرد الذي يعانيه اليمنيون في العالم بحثاً عن اللجوء، أو بحثاً عن لقمة العيش. فتخيل كم من فرد التقيت يبحث عن لجوء، ضباط سابقون وقيادات وأكاديميون ومسؤولون. اليوم قضيت ساعات وهي من أهم واجباتي في استقبال المواطنين الذين قدموا، سواء مسؤولين سابقين أو مواطنين عاديين كانوا معززين مكرمين».
يكمل قائلاً «الألم الأشد الذي نشعر به أيضاً هو عن المواطنين في الداخل، فالذين في الخارج على الأقل هناك أمل بسيط لهم، لكن في الداخل وفي مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون مأساة حقيقية وكبيرة. لا رواتب، ولا مداخيل، وقمع شديد. وسنكتشف لاحقاً ما هو أسوأ بكثير... هناك معاناة كبيرة في قمع النساء داخل مناطق سيطرة الحوثيين، أيضاً المعاقون لا يوجد من يهتم بهم، إلى جانب ضحايا الألغام، الأطفال ومأساة تجنيدهم أو عدم دخولهم المدارس. الناس تعيش مأساة حقيقية».

الشوق إلى صنعاء؟
«هل اشتقت إلى صنعاء؟» سألت «الشرق الأوسط» فأجاب العليمي «أكيد. كثير من الناس يقولون لي إن بيتك أصبح مركزاً لوجيستياً للحوثيين، ومطبخاً، ومقر اجتماعات. فرددت عليهم بالقول: ستعود، إذا عاد الوطن ستعود المنازل».
ثم عدل الرئيس من جلسته وحكى بصوت أهدأ قليلاً: كثير من الإخوة الذين وقفوا في منطقة رمادية من مسألة الشرعية والحوثيين، تحت مبرر الظروف العائلية أو الممتلكات وغيرها. كاشفت أحدهم مرة: هل تستطيع العودة لبيتك في صنعاء الآن وتستمتع بالحرية وتجلس في باحة المنزل بشكل طبيعي في صنعاء؟ قال: لا، فأجبته، بالتأكيد لأن الوطن هو المختطف وليس المنازل، وعندما نستعيد الوطن سنستعيد المنازل، هذه كومة حجار ليس لها معنى أمام الحرية والمواطنة المتساوية، الحقوق، العدالة... هنا يكمن الفرق.


مقالات ذات صلة

استهداف ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليمن

العالم العربي جندي حوثي يقف في حالة تأهب أمام سفينة «غالاكسي» الإسرائيلية التي استولى عليها الحوثيون هذا الشهر (أ.ب)

استهداف ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليمن

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري اليوم (السبت) إنها تلقت معلومات عن تعرض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم على بعد 10 أميال بحرية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا سفينة شحن متجهة إلى اليمن تخضع لآلية التفتيش الأممية (السفارة البريطانية لدى اليمن)

هيئة بحرية بريطانية تعلن إصابة سفينة بـ«جسم مجهول» قرب الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، فجر اليوم (السبت)، إنها تلقت بلاغاً عن تعرض سفينة لأضرار طفيفة نتيجة هجوم على بعد 76 ميلا بحرياً شمال غربي الحديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خلال كلمته في قمة البحرين (سبأ)

العليمي: الحرب التي أشعلها الحوثيون من أكبر التحديات للدول العربية

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أن الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني قبل 10 سنوات، ستبقى من أكبر التحديات للبلدان العربية.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الخليج تهدد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار إضافية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني  (أ.ف.ب)

«الرئاسي اليمني» يدعو أميركا لتكثيف حماية الملاحة من هجمات الحوثيين

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، دعم المجلس الجهود المبذولة على الصعيدَين الإقليمي والدولي؛ للوصول إلى سلام مستدام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث حول الوضع في اليمن (أ.ف.ب)

خريطة طريق أممية مدعومة عربياً وسعودياً للحل في اليمن

أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الاثنين أنه يعمل على ثلاثة محاور لوقف الحرب اليمنية والعودة إلى العملية السياسية.

علي بردى (واشنطن)

أكثر من 200 شخص يؤدون القسم لسد عجز مستشفيات أم درمان

صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)
صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)
TT

أكثر من 200 شخص يؤدون القسم لسد عجز مستشفيات أم درمان

صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)
صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)

أدى 230 من الكوادر الطبية القسَم أمام حكومة ولاية الخرطوم، بعد اجتيازهم للامتحانات في 17 تخصصاً، للحصول على شهادة مزاولة المهنة، وذلك للدفع بهم لسد النقص في المستشفيات العاملة في أم درمان، بالعاصمة السودانية التي تعاني من شح في الأيدي العاملة بهذا القطاع، نتيجة للحرب الدائرة منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وأدت الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من الكوادر الطبية للولايات الآمنة، بالإضافة إلى هجرة واسعة للأطباء إلى خارج البلاد، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وقال مدير مجلس المهن الطبية والصحية بولاية الخرطوم، أيمن يوسف، إن المجلس استأنف عمله بأم درمان في الأول من فبراير (شباط) الماضي، استجابة لمطالب نحو 500 من خريجي الكليات الطبية والصحية، للحصول على التراخيص اللازمة لمزاولة العمل وفقاً للوائح المهن الطبية في البلاد.

وكانت «منظمة الصحة العالمية» قد حذّرت من أن مستشفيات السودان على شفا الانهيار، وعبر تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تحدثت المديرة الإقليمية لشرق المتوسط، حنان حسن بلخي، في أبريل، عن «فجوة دوائية» في البلاد، في وقت تتفشى فيه الأمراض الوبائية بين السكان.

وكشفت كذلك عن أن «نحو 70 إلى 80 في المائة من المستشفيات في الولايات المتضررة من النزاع لا تعمل، إما بسبب الهجمات التي تطولها، وإما لنقص اللوازم الطبية ومستلزمات التشغيل، وإما لنقص العمالة الصحية».


فصائل عراقية تعلن ضربها «هدفاً حيوياً» في إيلات جنوب إسرائيل

ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)
ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)
TT

فصائل عراقية تعلن ضربها «هدفاً حيوياً» في إيلات جنوب إسرائيل

ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)
ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)

قالت فصائل عراقية مسلحة اليوم (الأحد) إنها استهدفت بالطيران المُسيَّر «هدفاً حيوياً» في إيلات جنوب إسرائيل.

وأشارت فصائل «المقاومة الإسلامية في العراق» في بيان على «تلغرام» إلى أن الاستهداف يأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المستمرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مؤكدة استمرارها في تنفيذ عمليات من هذا النوع، حسبما أفادت «وكالة أنباء العالم العربي».


صاروخ يصيب ناقلة نفط في ختام الشهر السادس من الهجمات الحوثية

صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)
صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)
TT

صاروخ يصيب ناقلة نفط في ختام الشهر السادس من الهجمات الحوثية

صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)
صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)

تعرّضت ناقلة، نفط ترفع علم بنما، لهجوم صاروخي في جنوب البحر الأحمر، في مستهل الشهر السابع منذ بدء الهجمات الحوثية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أُبلغت هيئتان بريطانيتان متخصصتان في الأمن البحري بإصابة السفينة بأضرار طفيفة وتلقيها المساعدة لمواصلة الإبحار.

وفي حين لم تتبنَّ الجماعة الحوثية المدعومة من إيران الهجومَ على الفور، كانت قد تبنت، (الجمعة)، إسقاطَ طائرة أميركية من دون طيار كانت في أجواء محافظة مأرب.

وأفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية (السبت) بأنها تلقت بلاغاً عن تعرُّض سفينة لأضرار طفيفة؛ نتيجة هجوم على بعد 76 ميلاً بحرياً شمال غربي الحديدة مساء الجمعة، وأن القبطان أكد تعرُّض الناقلة لأضرار طفيفة بعدما ضربها جسمٌ مجهولٌ، وأن الطاقم بأمان.

في السياق نفسه أفادت «أمبري» البريطانية للأمن البحري، بأنها تلقت معلومات عن تعرُّض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم بصاروخ على بُعد نحو 10 أميال بحرية جنوب غربي المخا؛ ما أدى إلى نشوب حريق على متنها. وأضافت في بيان لاحق أنها تلقت معلومات عن حصول السفينة على مساعدة.

وتهاجم الجماعة الحوثية السفنَ في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت أنها ستُوسع الهجمات إلى البحر المتوسط.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، زعم، (الجمعة) أن جماعته أسقطت طائرة أميركية من دون طيار من طراز «إم كيو 9» عندما كانت تحلق، الخميس، فوق مأرب، مدعياً أنها الطائرة الرابعة التي أسقطتها الجماعة منذ بدء تصعيدها البحري قبل 6 أشهر.

18 سفينة

أصابت الهجمات الحوثية نحو 18 سفينة منذ بدء التصعيد، وتسببت إحداها، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

أفراد السفينة «غالاكسي ليدر» المحتجزون لدى الحوثيين منذ 6 أشهر (أ.ب)

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف شمال الحديدة، حيث حوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وأقرّت الجماعة، الأسبوع الماضي، بتلقي 5 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت مواقع في مطار الحديدة جنوب المدينة، وهو مطار خارج عن الخدمة منذ سنوات، تستخدمه الجماعة لتنفيذ الهجمات البحرية.

كما تبنت الجماعة، الأربعاء الماضي، مهاجمة مدمرة أميركية وسفينة شحن في البحر الأحمر، وزعمت إصابتهما، في حين لم تؤكد وكالات الأمن البحري وقوع أي حادث.

وقال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه، إن قواته هاجمت أكثر من 100 سفينة أميركية، في البحر الأحمر وخليج عدن بالصواريخ والمسيّرات. وتوعد باستهداف السفن كافة في العالم التي تنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسيتها.

وادعى الحوثي تنفيذ 40 هجوماً ضد إسرائيل بـ211 صاروخاً، وحضّ أتباعه على الاستمرار في المظاهرات والفعاليات والتعبئة العسكرية. وقال إن جماعته منذ بدء الأحداث في غزة «تمكّنت من تعبئة وتدريب أكثر من 300 ألف مسلح، كما نفّذت 735 مناورة عسكرية».

الصيادون اليمنيون باتوا عرضة للمخاطر بسبب هجمات الحوثيين والضربات الغربية المضادة (أ.ف.ب)

وأثّرت هجمات الحوثيين، بحسب الجيش الأميركي، على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي، ودفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

هروب من السلام

تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيران في المنطقة، وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية.

ويجزم مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحلّ ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواته المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات. كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض أكثر من 450 غارة، واعترفت الجماعة بمقتل 40 من عناصرها وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خلال حضور القمة العربية في المنامة (سبأ)

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في أحدث تصريحاته، إن الجماعة الحوثية «تواصل الهروب من استحقاق السلام، ودفع رواتب الموظفين، إلى خيار الحرب والتباهي باستهداف المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية التي أضرت بالقضية الفلسطينية».

ووصف العليمي الجماعة بأنها «مارقة (...) لا تملك من الرصيد الأخلاقي ما يؤهّلها للدفاع عن القضايا العادلة»، واتهمها بأنها «تسببت بمقتل أكثر من نصف مليون يمني، وتشريد أكثر من 4 ملايين آخرين»، مشيراً إلى أنها «حاصرت المدن، وصادرت الممتلكات، وفجَّرت المئات من دور العبادة، والمنازل، وأغرقت اليمن بأسوأ أزمة إنسانية في العالم». وفق تعبيره.


اليمن يتحفظ على توصية أممية بشأن السفينة الغارقة «روبيمار»

السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)
TT

اليمن يتحفظ على توصية أممية بشأن السفينة الغارقة «روبيمار»

السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)

تحفظت الحكومة اليمنية على توصيات فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن السفينة البريطانية «روبيمار» والتي غرقت مع حمولتها من الوقود وشحنة من الأسمدة الخطيرة قبالة السواحل اليمنية في مارس (آذار) الماضي بعد أن استهدفها الحوثيون؛ إذ أفاد الفريق بأنه لا يمكن انتشال السفينة من موقعها، وأنه يفضل تركها لتغرق في قاع البحر.

ووفق مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية، فإن فريق خبراء الأمم المتحدة الذي جاء لمساعدة الجانب الحكومي على دراسة وضع السفينة وحمولتها وكيفية تجنيب سواحل البلاد كارثة بيئية نتيجة تسرب حمولتها من الأسمدة الخطيرة والوقود، رأى في تقرير له أنه لا يمكن انتشال السفينة من موقعها، وأن حمولتها يمكن أن تتسرب بشكل تدريجي، وقلل من أثرها على البيئة البحرية.

مخاطر بيئية واقتصادية بسبب غرق السفينة البريطانية «روبيمار» (تلفزيون الجمهورية)

وذكر المسؤول اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الحكومي ما زال يتشاور مع الجانب الأممي عقب هذه التوصيات، وهذا الفهم لوضع السفينة الغارقة، واعتبر هذه النتائج انعكاساً لمبالغة الخبراء الأمميين في تقديراتهم بشأن متطلبات انتشال السفينة الغارقة والتي تحمل 20 ألف طن من الوقود وأكثر من 24 ألف طن من الأسمدة الخطيرة. وقال إن الجانب الحكومي لديه رؤية مختلفة، ويعتقد أن هناك إمكانية لإنقاذ الموقف وانتشال السفينة قبل غرقها.

وبحسب ما أفاد المسؤول اليمني الذي طلب حجب هويته، فإن الزيارة الأخيرة لرئيس لجنة الطوارئ وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي رفقة المختصين في الشؤون البحرية وهيئة حماية البيئة إلى الساحل الغربي وموقع السفينة الغارقة تحديداً، كانت على خلفية هذه النتائج والتوصيات التي خرج بها الفريق الأممي، وأكد أن التواصل مستمر مع الجانب الأممي لمناقشة هذه الاستنتاجات والتأكيد على موقف الجانب الحكومي بهذا الخصوص.

تكلفة كبيرة

فريق الأمم المتحدة الذي فحص السفينة رأى أنه لا يمكن انتشالها بسبب التكلفة المالية الكبيرة التي تحتاجها العملية ونقص المعدات اللازمة لذلك، ولهذا اقترح ترك السفينة في موقعها ومواصلة مراقبتها من خلال مركبة يتم تشغيلها عن بعد، وتكثيف الرقابة في الشريط الساحلي لرصد أي تسرب للوقود من حمولتها والاستفادة من الإمكانات التي توافرت لمواجهة أي تسرب نفطي في الساحل الغربي عند تنفيذ عملية إفراغ الناقلة «صافر» من حمولتها إلى ناقلة بديلة، طبقاً للمصدر اليمني الرسمي الذي أضاف أن الخبراء قالوا في تقريرهم إنهم يأملون أن تغرق السفينة في مرحلة ما في قاع البحر وتتسرب حمولتها من الأسمدة تدريجياً، مما يسمح للأسمدة بالتحلل، وبالتالي لن تكون هناك أضرار كبيرة على البيئة البحرية.

وزير المياه والبيئة اليمني في موقع غرق السفينة البريطانية في البحر الأحمر (إعلام حكومي)

لكن الجانب الحكومي اعتبر ما جاء في التقرير مجرد أمنيات لا تستند على حقائق؛ لأن الخشية هي أن ينشطر جسم السفينة ويحدث تسرب كبير للحمولة وعندها سيحدث ما كان يُخشى منه؛ إذ سيؤدي تسرب هذه الأسمدة إلى تكوين الطحالب بكميات كبيرة وحجب الضوء عن المصايد، ما يؤدي إلى هجرة الأسماك من المنطقة بشكل كامل.

وأوضح المسؤول اليمني أن غرق السفينة وتسرب حمولتها سيجعل أمر انتشال حطامها أكثر صعوبة؛ لأنها ستكون على عمق أكبر وستحتاج إلى معدات وآليات مختلفة عن المعدات اللازمة لانتشالها الآن، وأمل أن يؤدي النقاش مع الجانب الأممي إلى تغيير هذا الموقف، وأن يعمل الجانبان على انتشال السفينة بأقرب وقت ممكن؛ لأن الأضرار ستكون عالية على البيئة البحرية والصيادين في اليمن.

وكان وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي، زار موقع غرق السفينة «روبيمار» لتقييم الوضع والمراقبة عن كثب لمعرفة ما إذا كانت شحنة الوقود والأسمدة غير العضوية على متنها قد بدأت بالتسرب إلى المياه.

وقال الشرجبي إنه تأكد من خلو محيط السفينة والسواحل من أي تلوث قد ينجم عن تسرب شحنة الأسمدة من السفينة الغارقة، مؤكداً أنهم يراقبون الوضع عن كثب ويقومون بجميع الخطوات اللازمة لاحتواء أي تلوث بيئي في المنطقة حال حدوثه.


برامج انقلابية في مساجد صنعاء للتعبئة العسكرية

حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
TT

برامج انقلابية في مساجد صنعاء للتعبئة العسكرية

حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

فرضت الجماعة الحوثية برنامجاً تعبوياً جديداً في مساجد صنعاء لاستدراج سكان العاصمة اليمنية من أجل إخضاعهم لدورات عسكرية في سياق عمليات الحشد والتجنيد التي تنفذها الجماعة الموالية لإيران بذريعة مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وذكرت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن معممي الجماعة دعوا من على منابر المساجد في صنعاء وريفها السكان إلى سرعة الالتحاق مع ذويهم من الذكور فيما أسموه «برنامجاً عسكرياً» مكثفاً تنفذه الجماعة في المساجد من بعد صلاة العصر، وحتى قبيل المغرب.

الحوثيون حولوا المساجد في مناطق سيطرتهم للتعبئة الطائفية (إعلام محلي)

ويشرِف على تمويل البرنامج الحوثي الذي يحوي سلسلة دورات عسكرية وحلقات تعبئة فكرية ما تسمى هيئة الأوقاف بالتعاون مع دائرة «التعبئة العامة» التابعة للجماعة، وفق ما ذكرته المصادر.

وقال شهود في أحياء متفرقة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن المعممين الحوثيين أكدوا أن مراكز التعبئة التي تقام في المساجد سيشرِف على تنفيذها قادة ومشرفون عسكريون، كما يتولى خطباء ومرشدون من صعدة (معقل الجماعة الرئيسي) مهمة تلقين السكان الدروس الفكرية بغية تحشيدهم إلى ميادين القتال.

وتحت مزاعم تحرير فلسطين ونصرة غزة، تنوي الجماعة بنهاية برنامجها دفع المدنيين المشاركين إلى تلقي تدريبات عسكرية ميدانية على مختلف أنواع الأسلحة في معسكرات تابعة لها.

وفي ظل أوضاع بائسة يكابدها ملايين اليمنيين، بمن فيهم الموظفون الحكوميون المحرومون من المرتبات، أكد الشهود أن معممي الجماعة نقلوا من فوق المنابر تعميمات صادرة عما تسمى «هيئة الأوقاف» حضت السكان على ترك أعمالهم وكل ما يشغلهم، والتفرغ للالتحاق في البرنامج الذي يستمر لأسابيع، من أجل إكسابهم مهارات قتالية.

وجاء البرنامج الحوثي للتعبئة في المساجد تنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي دعا في أحدث خطبه إلى زيادة التعبئة العسكرية في أوساط المدنيين، معلناً عن تمكن جماعته من تعبئة وتدريب 300 ألف شخص خلال الأشهر الستة الماضية.

رفض مجتمعي

يتحدث إبراهيم وهو أحد السكان اليمنيين جوار أحد المساجد في حي السنينة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن بدء الجماعة الحوثية بتحويل المساجد في نطاق الحي الذي يقطنه وأحياء أخرى مجاورة إلى منابر تحض على العنف، والقتل، والتحشيد إلى الجبهات.

زعيم الجماعة الحوثية أمر أتباعه بالخروج في تظاهرات أسبوعية لاستعراض القوة (إ.ب.أ)

ولفت إبراهيم وهو اسم مستعار، إلى خيبة أمل كبيرة مُنِيت بها الجماعة منذ أول يوم من إطلاق برنامجها بسبب المشاركة الباهتة لسكان الحي، خصوصاً المجاورين لمسجدي «عمر بن عبد العزيز» و«الفتح». مرجعاً ذلك إلى كون أغلبية اليمنيين ملّوا من الاستماع للخُطب الطائفية التحريضية، والدعوات المتكررة للالتحاق بالجبهات، وتقديم الدعم المادي والعيني.

ولا يعد هذا الاستهداف الحوثي هو الأول للسكان ودور العبادة، فقد سبق للجماعة أن صعَّدت على مدى السنوات المنصرمة من حجم جرائمها وانتهاكاتها بحق حرمة المساجد، مضافاً إليها شن حملات مضايقة واعتداء وتجنيد قسري، طالت مرتادي المساجد، ووصلت بعض الانتهاكات إلى حد القتل والإصابة.

وكانت تقارير حكومية عدة حذَّرت في أوقات سابقة من خطورة استمرار تحويل دور العبادة والمساجد في صنعاء، وبقية المناطق تحت سيطرة للجماعة، إلى ثكنات ومراكز مغلقة لاستقطاب الأطفال والمراهقين وعامة اليمنيين، وإخضاعهم لبرامج التطييف.

وتحدثت بعض التقارير عن استمرار تعرّض اليمنيين من مختلف الفئات والشرائح في مناطق سيطرة الانقلابيين؛ لمزيد من التعسفات والانتهاكات والمضايقات وفق حجج وذرائع واهية، رافقها اتهامات لكثير من السكان بسبب امتناعهم عن حضور الدورات التعبوية التي تعدّها الجماعة إلزامية على الجميع.

أكاديميون يمنيون في جامعة إب خضعوا لدورات حوثية عسكرية (فيسبوك)

وقال المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية تعمل من داخل الولايات المتحدة، إن ما تقوم به الجماعة الحوثية حالياً من تدريب وتحشيد للسكان للالتحاق بمعسكراتها القتالية قد يساهم في تأجيج الصراع، ويتعارض مع تصريحاتها حول تحقيق السلام في اليمن، ويؤكد أن الجماعة ماضية في سياستها القائمة على العنف.

وفي حسابه على موقع «فيسبوك»، أشار المركز إلى أن إجبار الحوثيين المعلمين والقضاة والطلبة، والأكاديميين بعد ذلك في جامعة إب، على حضور الدورات القتالية يعد مساساً خطيراً بقدسية رسالة التعليم التي من المفترض أن تكون بمنأى عن التجاذبات السياسية، والصراعات المسلحة.


«الدعم السريع» تؤكد استعدادها لفتح مسارات آمنة لسكان الفاشر

صبي يحمل طفلاً وهو يقف بجانب أطفال آخرين يجلسون خارج خيمة في مخيم للنازحين بسبب الصراع في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
صبي يحمل طفلاً وهو يقف بجانب أطفال آخرين يجلسون خارج خيمة في مخيم للنازحين بسبب الصراع في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تؤكد استعدادها لفتح مسارات آمنة لسكان الفاشر

صبي يحمل طفلاً وهو يقف بجانب أطفال آخرين يجلسون خارج خيمة في مخيم للنازحين بسبب الصراع في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
صبي يحمل طفلاً وهو يقف بجانب أطفال آخرين يجلسون خارج خيمة في مخيم للنازحين بسبب الصراع في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع» في السودان استعدادها لفتح «مسارات آمنة» لخروج السكان من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تشهد منذ أسابيع اشتباكات أثارت قلق المجتمع الدولي.

وأكدت «قوات الدعم» التي يقودها محمد حمدان دقلو، في بيان نشرته عبر حسابها على منصة «إكس»، «استعداد وجاهزية قواتنا لمساعدة المواطنين بفتح مسارات آمنة لخروج المواطنين إلى مناطق أخرى أكثر أمناً يختارونها طوعاً وتوفير الحماية لهم».

ودعت سكان الفاشر إلى «الابتعاد عن مناطق الاشتباكات والمناطق المرشحة للاستهداف بواسطة الطيران، وعدم الاستجابة للدعوات الخبيثة لاستنفار الأهالي والزج بهم في أتون الحرب».

وتحذّر أطراف دولية عدة منذ أسابيع من مخاطر الاشتباكات في الفاشر، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في إقليم دارفور بغرب السودان، التي لا تزال خاضعة لسيطرة الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، فيما تسيطر «قوات الدعم السريع» على أربع من عواصم الولايات الخمس المشكِّلة للإقليم.

وكانت الفاشر مركزاً رئيسياً لتوزيع الإغاثة والمساعدات إلى ولايات الإقليم، الأمر الذي دفع إلى تصاعد القلق الدولي على مصير المدينة.

ونتيجة احتدام القتال في عاصمة شمال دارفور، أفادت منظمة «أطباء بلا حدود»، الأربعاء، أعلن مستشفى جنوب الفاشر، المرفق الطبي الوحيد العامل في المنطقة وتدعمه المنظمة، مقتل 56 شخصاً من بين «454 ضحية منذ الجمعة 10 مايو (أيار)... لكن من المرجح أن عدد الجرحى والوفيات أعلى بكثير».

وأدت الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل (نيسان) 2023 إلى مقتل الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كما دفعت الحرب البلاد، البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة، إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، حسب الأمم المتحدة.

ونتيجة المعارك أصبح 70 بالمائة من المرافق الصحية السودانية خارج الخدمة، حسب بيانات الأمم المتحدة، كذلك يواجه 1.7 مليون سوداني في دارفور خطر المجاعة.

حذّرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أنها لم تتلق إلا 12 في المائة من تمويل بقيمة 2.7 مليار دولار طلبته لمساعدة حوالى 15 مليون شخص في السودان.


استهداف ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليمن

جندي حوثي يقف في حالة تأهب أمام سفينة «غالاكسي» الإسرائيلية التي استولى عليها الحوثيون هذا الشهر (أ.ب)
جندي حوثي يقف في حالة تأهب أمام سفينة «غالاكسي» الإسرائيلية التي استولى عليها الحوثيون هذا الشهر (أ.ب)
TT

استهداف ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليمن

جندي حوثي يقف في حالة تأهب أمام سفينة «غالاكسي» الإسرائيلية التي استولى عليها الحوثيون هذا الشهر (أ.ب)
جندي حوثي يقف في حالة تأهب أمام سفينة «غالاكسي» الإسرائيلية التي استولى عليها الحوثيون هذا الشهر (أ.ب)

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري اليوم (السبت) إنها تلقت معلومات عن تعرض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم على بعد 10 أميال بحرية تقريباً إلى جنوب غربي مدينة المخا اليمنية. وذكرت «أمبري» أن اتصالاً لا سلكياً أشار إلى أن السفينة أُصيبت بصاروخ، وأن حريقاً اندلع على متنها، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضافت «أمبري» في وقت لاحق أن الناقلة تلقت مساعدة، وأن الأنباء تفيد بأن إحدى وحدات التوجيه بالسفينة تعمل. ولم تذكر الشركة الجهة التي قدمت المساعدة.

وتشن حركة الحوثي اليمنية هجمات على السفن في المياه قبالة البلاد منذ أشهر تضامناً مع الفلسطينيين الذين يواجهون حرباً إسرائيلية في غزة كما يقولون.

ونصحت «أمبري» في مذكرة إرشادية السفن في محيط تلك المنطقة بتوخي الحذر والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه. وكانت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية قد قالت في وقت سابق اليوم إن سفينة تعرضت لأضرار طفيفة في البحر الأحمر بعد إصابتها بجسم مجهول. وأضافت الهيئة في المذكرة: «السفينة وطاقمها بخير وتواصل طريقها إلى ميناء التوقف التالي».

وأوضحت أن الحادث وقع على بعد 76 ميلاً بحرياً شمال غربي الحديدة باليمن. وأجبرت تلك الهجمات شركات الشحن على تغيير مسار السفن ولجأت إلى سلوك طريق أطول وأكثر تكلفة حول جنوب أفريقيا، كما أثارت الهجمات مخاوف من اتساع نطاق الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. وتشن الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات على أهداف للحوثيين رداً على هجمات الجماعة على حركة الشحن.


«قمة البحرين»... قرارات دعم فلسطين تبحث عن آليات تنفيذ

صورة جماعية للقادة العرب بقمة البحرين (رويترز)
صورة جماعية للقادة العرب بقمة البحرين (رويترز)
TT

«قمة البحرين»... قرارات دعم فلسطين تبحث عن آليات تنفيذ

صورة جماعية للقادة العرب بقمة البحرين (رويترز)
صورة جماعية للقادة العرب بقمة البحرين (رويترز)

تصدرت فلسطين اهتمامات القمة العربية بالبحرين، وظهر ذلك بشكل لافت في قرارات قوية، من بينها المطالبة بقوات حفظ سلام، والدعوة لإقامة مؤتمر دولي، والتمسك بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، لكنها تبحث عن آليات للتنفيذ. ووفق مصادر عربية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن هذه الآليات تشمل مواصلة الضغوط العربية دولياً، وتبني تحركات غير تقليدية؛ لاستثمار قرارات القمة الإيجابية سريعاً.

وتبنت قمة البحرين، في إعلانها الختامي الخميس، لغة مختلفة، سواء بالتشديد على وقف إطلاق النار في غزة ووقف عملية إسرائيل برفح فوراً، أو المطالبة بنشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرضي الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين. ويرى المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي أن قمة البحرين اتسمت بـ«الواقعية»، وقال إن توصياتها «خلقت زخماً بأن هناك موقفاً عربياً موحداً تجاه دعم القضية الفلسطينية وأهل غزة».

بيان قمة البحرين، وفق آل عاتي، «يتماشى إلى حد كبير مع الظروف والقدرات الحالية وتداخلات المصالح والنفوذ الدولي في منطقة الشرق الأوسط»، لكنه يشير إلى أهمية تنفيذ قراراتها، وقال: «قضايا الشرق الأوسط متداخلة مع مصالح القوى الكبرى؛ ما يعني أنه إذا كانت الدول العربية تملك اتخاذ القرارات، يبقى الأهم، هل تملك القدرة على تنفيذها؟».

ويجيب المحلل السعودي عن تساؤله: «وقف إطلاق النار في يد إسرائيل، ومن يستطيع الضغط عليها هي الولايات المتحدة، مما يؤكد أن حل القضية لن يكون إلا بأيادٍ متعددة».

تعاطف كبير

في السياق، يقترب عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، من رصد سبل تنفيذ قرارات القمة العربية؛ إذ يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الدولي به درجة كبيرة من التعاطف والدعم للقضية الفلسطينية التي أعيدت لصدارة الاهتمامات، لكن المشكلة الحقيقية في الأدوات الرسمية والتقليدية التي تستخدم في الجامعة العربية وفي أعقاب القمم».

وهنا يطالب بـ«ألا تقتصر آليات التنفيذ على الحكومات والجهود السداسية العربية؛ فمن المهم تفعيل ورقة ضغط جديدة وعبر آليات غير تقليدية بالتواصل مع المجتمع الأهلي والمؤسسات الداعمة للقضية الفلسطينية».

الشوبكي يمضي موضحاً: «تعد المؤتمرات الاستراتيجية التي تقام في عواصم عربية كالمنامة وأبوظبي والرياض وغيرها، ويوجد بها نخب وقادة رأي، فرصة لتعزيز تلك الأدوات غير التقليدية واستكمال الجهود الرسمية».

وعن أبرز قرارات القمة المتمثل في الدعوة لنشر قوات حفظ سلام، يرى الشوبكي أنها «فكرة جديدة، وتعد ورقة ضغط على إسرائيل، لكن ستقابل بـ(فيتو) من تل أبيب؛ لأن الفكرة تحمل في طياتها اعترافاً بالدولة الفلسطينية، ولأن قوات حفظ السلام تكون دائماً بين قوتين معترف بهما، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يعترف بالسلطة الفلسطينية وليس (حماس) فقط».

نتيجة لذلك، يعتقد الشوبكي أن «فرص إقامة مؤتمر دولي للسلام أقوى من نشر قوات حفظ سلام»، مؤكداً أن «الغطاء الدولي لا بديل عنه في حلحلة القضية الفلسطينية، رغم أن أميركا لا تفضل إقامة مؤتمر دولي؛ لأنه سيترتب عليه وجود روسيا والصين».

ويستطرد: «لذا من المناسب البناء على التوافقات التي أوجدتها قرارات المنامة، واللغة المستخدمة فيها الأعلى قليلاً من القمم السابقة، في السعي لامتلاك آليات التنفيذ عربياً ودولياً».

الأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية البحريني (رويترز)

«مخالب عربية»

المحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، يصف بدوره، قرارات القمة بأنها «نقطة مهمة وفارقة حددت فيها الدول العربية علاقاتها من القضية الفلسطينية، ووضعت الكرة في ملعب إسرائيل».

ويشير الحوارات على وجه التحديد إلى طلب القمة نشر قوات دولية، ويرى أنه «بمثابة صفعة حقيقة لواشنطن»، لكنه يستدرك: «المهم التنفيذ، وموقف عربي موحد يضغط بشكل حقيقي على الولايات المتحدة في هذه المرحلة المعقدة». ويضيف: «المضي قدماً نحو تنفيذ تلك القرارات يحتاج إلى مخالب عربية؛ فأميركا وإسرائيل لا تفهمان عادة اللغة الناعمة». أما الخبير الفلسطيني والقيادي بحركة «فتح»، جهاد الحرازين، فيقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القرارات إيجابية، وآليات التنفيذ ستثمر في ظل مواصلة الضغط والدعم العربي في كل الاتجاهات دولياً».

ويمضي موضحاً «اللجان الوزارية العربية، مهمة في إنجاز التحركات، ووضع القرارات العربية محل مشاورات جادة للتنفيذ، وسيكون أمام الدول مهمة التصعيد دبلوماسياً وسياسياً. ويضيف: «من المهم أن يدعم العرب الشعب الفلسطيني في ظل معضلة مالية يواجهها إثر قرصنة إسرائيل لأمواله، بالتوازي مع التصعيد الدبلوماسي والسياسي». الحرازين يلفت إلى أن «المواقف العربية دعمت القضية الفلسطينية في القمة، خاصة الموقف السعودي الجاد والذي يحتذى به ويبني عليه مجموعة من القواعد في التحركات العربية القادمة لتنفيذ القرارات».


حملات ميليشياوية تستهدف المنشآت الصناعية في تعز

منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)
منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)
TT

حملات ميليشياوية تستهدف المنشآت الصناعية في تعز

منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)
منشأة صناعية في تعز استهدفتها حملة حوثية (فيسبوك)

بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملات ميدانية تستهدف المنشآت الصناعية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في المناطق الخاضعة لها من محافظة تعز، حيث فرضت على كثير منها دفع جبايات مالية تحت أسماء متعددة وغير قانونية، منها مخالفة الجودة.

وذكرت مصادر تجارية في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملات التي تنفذها الجماعة الحوثية عبر ما تسمى هيئة المواصفات استهدفت بالتعسف والابتزاز منشآت صناعية عدة بمنطقتي «التعزية» و«الحوبان» شمال وشرق المدينة، منها مصانع البسكويت والحلويات، والإسفنج والسجائر، والمعلبات والمواد الغذائية والكهربائيات، والبلاستيك والألمنيوم والأدوات المنزلية، والسمن والصابون، وزيوت السيارات، والمطهرات والمنظفات.

عناصر حوثيون يتجولون في أحد المصانع في تعز (إعلام حوثي)

وتُعد منطقة الحوبان (شرقي تعز) إحدى أهم مناطق البلاد اقتصادياً؛ إذ يجري فيها عدد كبير من الأنشطة التجارية، وتُعد المقر الرئيسي لأكبر مجموعة تجارية في البلاد، وفيها أهم مصانعها وشركاتها، وشهدت، قبل الانقلاب الحوثي، نشاطاً عمرانياً مكثفاً.

وبرر الحوثيون حملات الاستهداف الحالية بأنها تأتي في سياق ما يسمونه تنفيذ أعمال تفتيش ورقابة ضد جميع المنشآت في المناطق تحت سيطرتهم في تعز التي تبعد نحو 256 كيلومتراً جنوب صنعاء.

ونقل الإعلام الحوثي عن مدير فرع هيئة المواصفات التابع للجماعة في تعز رياض البخيتي، تأكيده أن الحملة تشمل في مرحلتها الأولى سحب كميات من المنتجات الصناعية بزعم إخضاعها للفحص للتأكد من سلامتها، ومدى التزام مُلاك المصانع المستهدفة بما تسميه الجماعة «الاشتراطات الفنية».

ويقول مصدر تجاري في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة من خلال حملتها الحالية تهدف إلى سحب كميات وأصناف مختلفة من المنتجات من تلك المصانع بحجة فحصها، ومن ثم مصادرتها بحجة أنها لا تتطابق مع المواصفات والشروط المطلوبة.

فرض الجبايات غير القانونية وسيلة حوثية لتمويل الجبهات (فيسبوك)

وشكا مُلاك منشآت صغيرة طالهم التعسف الحوثي من البطش والابتزاز، وقالوا إن الجماعة تشن حملات ضدهم لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة تحت أسماء متعددة؛ أبرزها تمويل الجبهات ودعم إقامة الفعاليات.

وذكروا أن مشرفين حوثيين مدعومين بدوريات أمنية ومسلحين داهموا منذ أيام منشآت صناعية في مناطق عدة بتعز، ومارسوا أساليب الاستفزاز والابتزاز ضد مُلاك المصانع والعاملين فيها، بذريعة وجود مخالفات سابقة وجديدة عليهم، مع تهديدهم بالاعتقال والإغلاق والإجبار على دفع مبالغ تأديبية حال عدم الالتزام بالتعليمات.

تنديد بالتعسف

في حين تسعى الجماعة الحوثية للتضييق على التجار لإحلال طبقة جديدة من عناصرهم، ندد مصدر في الغرفة التجارية والصناعية بتعسف الجماعة ضد مُلاك المنشآت الصناعية وقال إن ذلك من شأنه أن يزيد من لهيب الأسعار لمختلف السلع والمنتجات بما فيها الأساسية التي سيتحمل تبعاتها عامة السكان الذين يعانون من الفقر.

ودعا المصدر، الذي طلب حجب هويته، إلى وضع حد لمثل تلك التعسفات المتكررة ضد من تبقى من العاملين بمختلف القطاعات التجارية والصناعية والحرفية وضد السكان في المناطق تحت سيطرة الجماعة.

وأكد المصدر أن الجماعة أجبرت مُلاك مصانع عدة في سياق حملتها على دفع جبايات مالية وعينية مضاعفة بعد أن اتهمتهم بمخالفة التعليمات الصادرة عن فرع هيئة المواصفات ومكتب الصناعة الخاضعين لها في تعز.

جانب من مصنع لتعبئة المياه المعدنية في تعز (فيسبوك)

وسبق أن ضاعفت الجماعة خلال الفترات السابقة من حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان والتجار في المناطق تحت سيطرتها، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات حروبها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.

وكشف تقرير صادر عن مكتب الصناعة والتجارة التابع للجماعة عن تنفيذه منذ عام 2019 حتى منتصف 2022، سلسلة طويلة من الحملات استهدفت نحو 6 آلاف و91 منشأة ومحل تمويني متنوع في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة في تعز.


قيود انقلابية على تنقل اليمنيين بمزاعم مواجهة الغرب

مظاهرة لأتباع الجماعة الحوثية في صنعاء تحت مزاعم مناصرة غزة (رويترز)
مظاهرة لأتباع الجماعة الحوثية في صنعاء تحت مزاعم مناصرة غزة (رويترز)
TT

قيود انقلابية على تنقل اليمنيين بمزاعم مواجهة الغرب

مظاهرة لأتباع الجماعة الحوثية في صنعاء تحت مزاعم مناصرة غزة (رويترز)
مظاهرة لأتباع الجماعة الحوثية في صنعاء تحت مزاعم مناصرة غزة (رويترز)

ظل هاشم سعيد محتجزاً في نقطة تفتيش على الطريق بين العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومحافظة صعدة لأيام عديدة، قبل أن يجري نقله إلى أحد السجون في مدينة عمران شمال صنعاء، حيث تعرّض منذ مارس (آذار) للتعذيب والتحقيق معه بتهمة إرسال إحداثيات إلى تحالف «حارس الازدهار» الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية الملاحة من هجمات الحوثيين.

كان سعيد، وهو اسم مستعار لعامل بناء، عائداً من إحدى قرى مديرية باقم التابعة لمحافظة صعدة معقل الجماعة الحوثية، بعد العمل في بناء منزل أحد قادة الجماعة في المديرية، وبمجرد إفادته عن ذلك في نقطة التفتيش، تمّ اختطافه واحتجازه بتهمة إرسال إحداثيات عن مواقع تابعة للجماعة في منطقة القطينات التابعة للمديرية، والتي تعرّضت لقصف طيران «تحالف حارس الازدهار» في فبراير (شباط) الماضي.

في نقاط التفتيش التابعة للجماعة الحوثية يجري اعتقال السكان والتحقيق معهم عن أسباب سفرهم وتنقلاتهم (أ.ف.ب)

احتجز سعيد أسابيع عديدة، وفق مصادر من عائلته تحدثت لـ«الشرق الأوسط» ولم يستطع إقناع المحققين الحوثيين بسبب وجود في محافظة صعدة، رغم امتلاكه وثائق ضمانة القيادي الحوثي صاحب المنزل الذي كان يعمل فيه، قبل أن يتدخل ذلك القيادي للإفراج عنه، وتقديم ضمانته الشخصية بعدم وجود علاقة مباشرة بينه والقصف الذي تعرّضت له المنطقة المذكورة.

في هذا السياق، ضاعفت الجماعة الحوثية - بحسب مصادر مطلعة - إجراءات تقييد السفر والتنقل بحق اليمنيين تحت مزاعم مواجهة الغرب، وذلك بعد ما يقارب العقد من سيطرتها على أجزاء واسعة من شمال البلاد، في حين لا يزال السكان في حاجة إلى وجود ضمانات وكفالات للوصول إلى محافظة صعدة والعمل أو الإقامة فيها.

وتعدّ إجراءات تنقل السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بالغة التعقيد، خصوصاً في المحافظات والمناطق النائية، بينما تتزايد إجراءات الرقابة وتقييد حركة السكان في قراهم ومناطقهم بالقرب من المواقع العسكرية التابعة للجماعة، أو خطوط التماس مع الجيش الحكومي والمقاومة المساندة له، وتتضاعف بحق المتنقلين أو المسافرين هناك.

وبعد أن اضطرت الجماعة الحوثية إلى استحداث مواقع عسكرية جديدة لها، إما هرباً من غارات الطيران الأميركي، أو لنصب منصات إطلاق الصواريخ على السفن في البحر الأحمر؛ عمدت إلى مضايقة السكان بالقرب من المواقع المستحدثة، وتقييد تحركاتهم وأنشطتهم التجارية، ومنع انتقال سكان جدد إليها.

تقييد الإغاثة

خلال الأيام الأخيرة وقعت اشتباكات بين مسلحة بين أهالي جبل نهرة في مديرية حبيش التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) وأفراد من قوات الصواريخ التابعة للجماعة، بعد اكتشاف الأهالي استحداث الجماعة موقعاً لإطلاق الصواريخ في منطقتهم.

الضربات الغربية منحت الجماعة الحوثية مبررات لاتهام سكان بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل (رويترز)

واختارت الجماعة جبل نهرة لارتفاعه الشاهق وإطلالته على البحر الأحمر، حيث تنفذ منذ أشهر هجمات على السفن التجارية، وعلى القطع البحرية الغربية التي تحمي طرق الملاحة الدولية.

إلى ذلك، فرضت الجماعة قيوداً على أنشطة المنظمات الإغاثية، بما فيها تلك التابعة لها، في المناطق التي تشهد استحداث مواقع عسكرية ومخابئ للأسلحة.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة أوقفت سيارة تابعة لمنظمة إغاثية، في مدينة حجة، (123 كيلومتراً شمال غربي صنعاء)، منتصف مارس (آذار) الماضي، وهي مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، خلال توجّه السيارة إلى مديرية عبس شمال غربي المحافظة، لنقل معدات طبية إلى مستشفى تديره تلك المنظمة، وجرى احتجاز الطاقم أياماً عدة ومنعهم من المرور.

وجاءت هذه الإجراءات بعد تعرض مواقع تابعة للجماعة في المديرية، وتحديداً في منطقة الجرّ، للقصف الأميركي - البريطاني، ورغم أن المنظمات الدولية والمحلية لا تنفذ أي أنشطة ميدانية، مهما بلغ صغرها، إلا بعد حصولها على ترخيص مما يعرف بـ«المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي»، وهو جهة استخباراتية أنشأتها الجماعة للرقابة على أعمال الإغاثة في مناطق سيطرتها، والتحكم بها.

منذ بدء الضربات الأميركية البريطانية لجأت الجماعة الحوثية إلى استحداث مواقع ومخابئ جديدة لأسلحتها (رويترز)

وأعادت الجماعة الحوثية نشر منصات إطلاق صواريخها وطائراتها المسيّرة على السلسلة الجبلية المطلة على منطقة سهل تهامة والساحل الغربي للبلاد والبحر الأحمر، بالإضافة إلى نشر تلك الأسلحة في مزارع السهل والساحل، وحفر خنادق في مختلف المناطق القريبة من البحر.

ومنذ أيام أعلنت الجماعة عن تمكنها من ضبط 10 أفراد من أهالي منطقة تهامة الساحلية، واتهمتهم بجمع معلومات ورصد مواقع عسكرية تابعة لها لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، في خطوة لاقت استنكاراً محلياً، واتهامات للجماعة بالتضحية بالسكان الأبرياء لتأكيد مزاعمها في مناصرة أهالي قطاع غزة.

ترهيب السكان الجدد

لجأت الجماعة الحوثية أخيراً إلى إلزام مسؤولي الأحياء المعروفين بـ«عقال الحارات» في عدد من المدن تحت سيطرتها بالإبلاغ عن السكان الجدد، والإبلاغ عن أي انتقالات جديدة للسكان، مشددة على ضرورة الحصول على معلومات كافية عن السكان المنتقلين حديثاً والكشف عن أسباب انتقالاتهم بصورة سرية، بحسب مصادر مطلعة.

المصادر نقلت لـ«الشرق الأوسط» أنه يُسمح بانتقال السكان واستئجار المنازل في المدن الكبيرة دون قيود مباشرة في البداية، مع إلزام الجماعة مسؤولي الأحياء بجمع المعلومات كافة عن أعمال وأنشطة أرباب العائلات، وأماكن سكنهم السابقة، ثم التحقق والتأكد من صحة تلك المعلومات، قبل استدعائهم ومواجهتهم بكل ما تمت معرفته عنهم وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم مخالفة أنظمة وتعليمات الجماعة.

وفسّرت المصادر هذا الأسلوب في التحري عن السكان لإرهابهم وبث الشعور بالخوف في نفسوهم، وبأنهم واقعون تحت رقابة شديدة؛ ما يجبرهم على الالتزام بأوامر الجماعة كافة.

إجراءات مشدّدة تتخذها الجماعة الحوثية تجاه المدنيين بحجة حماية مواقعها العسكرية من التجسس (أ.ف.ب)

ومن الشروط التي يُحبر السكان الجدد في أحياء تلك المدن عليها، عدم التخلف عن الإبلاغ عن أي نشاط يشتبه بمخالفته لأنظمة وشروط الجماعة في دائرة سكن وعمل جميع أفراد العائلات، إلى جانب الالتزام بدفع الجبايات والإتاوات التي تطلب منهم.

ويواجه السكان القادمون من خارج مناطق سيطرة الجماعة، أو العائدون إليها بعد فترات غياب طويلة، إجراءات رقابية شديدة، قد تصل إلى حد إلزامهم بتقديم إفادات أسبوعية حول أنشطتهم وتحركاتهم.

ولا تقتصر الإجراءات الرقابية على السكان والمنتقلين الجدد على المحاذير الأمنية للجماعة، بل تمتد لتشمل سعيها للحصول على المزيد من الموارد من خلال الجبايات المفروضة على الممتلكات، خصوصاً السيارات والمركبات والأنشطة التجارية.