رغم تمسك كل أطراف التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي) به كونه المؤسسة الجامعة للبيت الشيعي ممثلا بائتلاف دولة القانون وبعض القوائم الصغيرة المنضوية تحت لوائه مثل كتلة مستقلون والإصلاح ومنظمة بدر والائتلاف الوطني ويمثله كل من المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، إلا أن رئاسته بعد استيزار رئيسه إبراهيم الجعفري (وزير الخارجية في حكومة حيدر العبادي) تحولت هي الأخرى إلى أزمة بدت شبه مستديمة عمقت من وجهة نظر المراقبين والمتابعين للشأن الشيعي أزمة الثقة بين مكونات التحالف بما فيها تلك التي هي خارج خيمته لكنها جزء من البيت الشيعي.
وبينما لا يجد وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وجود مشكلة بين الاستمرار في رئاسة التحالف وعقد الاجتماعات التي يحضرها موظفون رسميون يملكون عناوين وظيفية أكبر منه (حيدر العبادي رئيس الوزراء ونوري المالكي نائب رئيس الجمهورية) وبين الاستمرار في منصبه الوزاري، فإن الأمر بالنسبة للائتلاف الوطني، وهو الوجه الآخر للتحالف الوطني الذي يمثله دولة القانون، يرى أن من بين الاتفاقات التي تم التوقيع عليها بين القادة الشيعة أنه في حال أصبح منصب رئاسة الوزراء لائتلاف دولة القانون فإن رئاسة التحالف الوطني تصبح من حصة الائتلاف الوطني (المجلس الأعلى والتيار الصدري). غير أن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي جدد أمس تأكيد أحقيته برئاسة التحالف الوطني. وقال القيادي في ائتلاف دولة القانون، صلاح عبد الرزاق، إن هناك «عدة خيارات مطروحة بشأن اختيار رئيس التحالف الوطني، من بينها الانتخاب بالاقتراع السري، أو الرئاسة الدورية»، مبينا أن «المشكلة تكمن في رغبة المجلس الأعلى ترشيح شخص من خارج البرلمان للمنصب رغم عدم جواز ذلك قانونيًا». وأضاف عبد الرزاق، أن «التحالف الوطني كتلة برلمانية، تقدم نفسها كونها الأكبر في مجلس النواب، وليس مؤسسة خاصة»، مشيرا إلى أن «رئيس الحكومة يكلف من التحالف الوطني، لذلك لا يمكن أن يكون رئيسها من خارج البرلمان».
وأوضح عبد الرزاق أن «مشكلة حسم رئاسة التحالف الوطني إذا ما كانت شخصية فإن بالإمكان ترشيح بديل عن علي الأديب للمنصب»، وتابع: «إما إذا كانت القضية تتعلق برفض أي مرشح من ائتلاف دولة القانون، فهذا غير مقبول لأنه الكتلة الأكبر داخل التحالف الوطني وينبغي أن يأخذ استحقاقه». وتابع عبد الرزاق، أن «إبراهيم الجعفري سيبقى على رأس التحالف الوطني لتصريف الأعمال، لحين اختيار بديله، رغم تعقيدات ملف الدبلوماسية الذي يتولى إدارته في وزارة الخارجية»، نافيًا «إمكانية استقالة الجعفري من الخارجية وبقائه على رأس التحالف الوطني كما يعتقد البعض».
لكن المجلس الأعلى الإسلامي الذي، وإن لم يعلن رسميا ترشيح زعيمه عمار الحكيم لرئاسة التحالف الوطني، يرى وعلى لسان القيادي فيه سامي الجيزاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مأسسة التحالف الوطني ضرورية كي يكون مؤسسه قادرة على إدارة العمل السياسي في البلد باعتباره الكتلة الأكبر ولكن هنالك جهات سياسية داخل التحالف الوطني أصبحت معطلة لهذا الدور وأصبحت غير جادة وليست راغبة بأن يكون التحالف الوطني مؤسسة لها القدرة على إنتاج قرار سياسي صحيح يعبر بالبلد إلى الضفة الأخرى». وأضاف الجيزاني أن «العراق اليوم أمام تحد كبير ويخوض معارك شرسة ضد (داعش) ويحقق انتصارات على الأرض، لكن هذه الانتصارات تحتاج إلى حراك سياسي وهذا الحراك السياسي اليوم معطل بسبب غياب الرؤية الحقيقية للتحالف الوطني بسبب استمرار الصراعات والتي عمقت أزمة الثقة بين مكوناته»، مشيرا إلى أن «من الضروري أن يعيد الجميع داخل قوى التحالف الوطني مواقفهم السابقة واللجوء إلى الأطر الدستورية والقانونية حيث اتفقنا إنه من لديه رئاسة الوزراء تكون رئاسة التحالف للشريك الآخر الذي هو الائتلاف الوطني الذي يعيش اليوم في حالة وئام واستقرار عكس الطرف الآخر الذي هو ائتلاف دولة القانون الذي يعيش حاله من التشظي وعدم انسجام». وأوضح الجيزاني أن «ائتلاف دولة القانون يعمل على العرقلة فقط حيث إن من حق الائتلاف الوطني ترشيح إحدى شخصياته ومن حق ائتلاف دولة القانون الاعتراض ولكن ليس من حقه الاعتراض على الحق في ترشيح أحد من داخلها لرئاسة التحالف وحتى الشخصيات التي تم ترشيحها من قبل الائتلاف (في إشارة إلى علي الأديب) لم تحظ بمقبولية بأن تدير وزارة هامشية فكيف يمكنه أن يتحول إلى شخصية أبوية بإدارة التحالف الوطني».
من جهته، أكد القيادي المستقل في التحالف الوطني وعضو البرلمان محمد الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلافات ما زالت مستمرة بين أطراف التحالف الوطني سواء ائتلاف دولة القانون الذي يصر على مرشح واحد له أو الائتلاف الوطني الذي يرى أن السيد عمار الحكيم هو الشخص الأنسب لهذا الموقع». وأضاف الشمري أنه «مع عدم توصل الطرفين إلى حل وسط فإن من غير المتوقع حسم الأمر سريعا رغم وجود قناعة لدى كل الأطراف داخل البيت الشيعي بأن وحدة التحالف الوطني مسألة حاسمة بوصفها الضمانة الحقيقية لمجمل العملية السياسية باعتبار أن التحالف الوطني هو في الوقت نفسه الكتلة البرلمانية الأكبر حيث يملك 183 نائبا في البرلمان».
أزمة رئاسة التحالف الوطني تعيد إلى الواجهة قضية تمثيل البيت الشيعي
ائتلاف المالكي يصر على أحقيته بها ولا يمانع تغيير مرشحه علي الأديب
أزمة رئاسة التحالف الوطني تعيد إلى الواجهة قضية تمثيل البيت الشيعي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة