لا يبدو أن مشاريع رجل الأعمال الإسرائيلي - الفرنسي الإعلامية باتريك دراهي تثير أي تساؤلات في فرنسا. فالرجل المولود في عائلة يهودية مغربية عام 1963 أصبح يملك ما تقدر بثالث أكبر ثروة في فرنسا جمعها من مشاريعه في عالم الاتصالات وآخر ما جاء به على صعيد الإعلام اتفاقه مع شركة «نيكست راديو تي في» لرجل الأعمال الفرنسي ألان ويل لشراء حصة تصل إلى 49 في المائة من الشركة التي تمتلك قناة تلفزيونية للأخبار «بي إف إم تي في» وإذاعتي «بي إف إم راديو»، و«راديو آر إم سي». وينص الاتفاق أيضا على أن شركة باتريك دراهي المسجلة في لوكسمبورغ ستتمكن في عام 2019 من شراء كامل أسهم المجموعة الأمر الذي سيحول رجل الأعمال الإسرائيلي - الفرنسي إلى قوة إعلامية ضاربة في الساحة الفرنسية.
في يونيو (حزيران) من عام 2014 استحوذ دراهي على الحصة الأكبر في الشركة التي تصدر صحيفة «ليبراسيون» المصنفة يساريا وهي الجريدة التي شارك في تأسيسها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر. الصفقة كلفته نحو 15 مليون يورو. ولم يمر عام واحد قبل أن يضع دراهي اليد على المجموعة الإعلامية «الإكسبريس» التي تشكل المجلة الحاملة للاسم نفسه قوتها الضاربة. يضاف إلى ذلك ما لا يقل عن 15 مجلة ودورية ضالعة في قطاعات مختلفة أشهرها المجلة الاقتصادية «أسبوسيون». ووقتها قدرت قيمة الصفقة بما يتراوح ما بين 50 و70 مليون يورو. وفي الأيام الماضية، أشارت تقارير صحافية إلى أن دراهي يفاوض أسحاب مجموعة «لو باريزيان» وهي صحيفة صباحية فرنسية لها الكثير من الطبعات وتفترق عن الصحف الأخرى بأنها «أكثر شعبية».
بيد أن المفاجأة الكبرى جاءت أمس عندما أعلن نبأ التقارب بين دراهي وألان ويل. فرجل الأعمال الإسرائيلي - الفرنسي يملك أصلا مجموعة إعلامية في إسرائيل أشهر مكوناتها القناة التلفزيونية المعروفة «آي24» التي يديرها فرانك ملول، الدبلوماسي والمستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان. وبهذه الصفقة يكون دراهي قد بنى إمبراطورية إعلامية وتحول إلى قوة ضاربة إعلاميا وسياسيا لأنها ستشكل خامس أكبر مجموعة في فرنسا. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن «مكتسبات» دراهي الإعلامية لن تتوقف حكما عند آخر مشترياته، فمن الواضح أن وراء ما يقوم به مشروعا معينا ربما يكون سياسيا. ولا شك أن دراهي يستفيد من الأزمات المالية التي تضرب الصحافة الفرنسية كما الصحافة العالمية وبالتالي فإن فرصا جديدة لا بد أن تتوافر في الأشهر والسنوات القادمة. وعلم أن دراهي يفاوض مجموعة «إنتسيا» ليشتري منه مجلة «استراتيجي» المتخصصة في الإعلام والدعاية. وبحسب مجلة «تشالنج» الاقتصادية المعروفة، فإن دراهي يمتلك سادس ثروة «مهنية» في فرنسا بناها في سرعة قياسية.
قبل عامين لم يكن دراهي اسما معروفا في فرنسا. لكنه عندما نجح العام الماضي في شراء شركة «إس إف آر» وهي واحدة من بين الشركات الثلاث «التاريخية» الناشطة في قطاع الاتصالات الخلوية، أصبح اسم دراهي على كل شفة ولسان إذ أنه دفع ثمن الشركة المشتراة 13.5 مليار يورو واستطاع سحب البساط من تحت أرجل الشركة المنافسة «بويغ تلكوم» التي كانت تحظى بدعم السلطات الحكومية. ومؤخرا، قدم دراهي عرضا «سخيا» لشراء «بويغ تلكوم» لكن مجلس إدارتها رفض العرض. وتفيد التقديرات أن دراهي سيدفع نحو 670 مليون يورو للحصول على 49 في المائة من شركة «نكست راديو تي في» التي تمتلك «بي إف إم» وأخواتها.
ولا تقتصر استثمارات دراهي على فرنسا إذ إنه استثمر في البرتغال والولايات المتحدة وإسرائيل. عندما دارت معركة شراء شركة الهاتف النقال: «إس إف آر»، وقف وزير الصناعة وقتها أرنو مونتبورغ ضد مشاريع دراهي. وفي أحد تصريحاته قال إن الأخير «مقيم في سويسرا وشركته مسجلة في لوكسمبورغ ومتداولة في بورصة أمستردام ولنا حسابات معه بخص الضرائب ويتعين عليه العودة إلى فرنسا». لكن تنبيهات الوزير الفرنسي السابق لم تكن فاعلة إذ إن دراهي هو من كسب المعركة. والرجل الذي يقال إن ديونه تزيد على العشرين مليار يورو له اليوم مناصرون داخل فرنسا كما سيتحول في المستقبل القريب إلى طرف فاعل يحسب له حساب في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي بفضل قوته الإعلامية والاقتصادية.
رجل أعمال إسرائيلي - فرنسي يبني إمبراطورية اقتصادية – إعلامية
باتريك دراهي يضع يده على أهم قناة إخبارية وعلى مجموعة من الصحف والمجلات
رجل أعمال إسرائيلي - فرنسي يبني إمبراطورية اقتصادية – إعلامية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة