استكمالا لجولات التشاور بين مصر والدول العربية حول أبرز قضايا المنطقة، استقبل أمس وزير الخارجية المصري سامح شكري وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي في القاهرة، حيث أكد الوزيران على استمرار التشاور والتنسيق لإيجاد الحلول المناسبة لمختلف القضايا العربية بما يحفظ الأمن القومي العربي ومواجهة الأطماع والتحديات الخارجية، مشيرين إلى التوافق بين القاهرة ومسقط على ضرورة رفض التدخل الإيراني في الشأن العربي، استنادا إلى نصوص القانون الدولي.
وعقد شكري جلسة مباحثات مع بن علوي بحضور وفدي البلدين، وذلك قبل جولة خارجية يقوم بها الوزير العماني إلى دول المغرب العربي. وعقب انتهاء الجلسة، ثمن شكري العلاقات الأخوية ومستوى التنسيق والسعي المشترك على مستوى القيادات للمساهمة في تقديم رؤية عربية يستفاد منها في القضايا العربية والإقليمية والدولية، وقال في كلمة مقتضبة قبل المؤتمر الصحافي المشترك مع بن علوي: «لقد بحثنا مختلف القضايا الثنائية، واتفقنا على تفعيل التعاون وتنشيط مجلس رجال الأعمال وتبادل الزيارات. كما بحثنا الأوضاع الإقليمية والتحديات الراهنة في سوريا واليمن وليبيا وملف الإرهاب».
وأضاف شكري: «لقد تم تبادل وجهات النظر حول هذه القضايا، واتفق على استمرار التشاور والتنسيق لإيجاد الحلول المناسبة بما يحفظ الأمن القومي العربي ومواجهة الأطماع والتحديات الخارجية»، كما أشاد شكري بمستوى العلاقات الوثيقة مع سلطنة عمان ووقوفها بجوار مصر في مناسبات كثيرة، وكذلك اهتمامها بتفهم إرادة الشعب المصري وما تبذله الحكومة لتلبية طموحاته.
ومن جانبه وافق الوزير بن علوي على هذه الرؤية، موضحا أن هناك رغبة مشتركة لتطوير العلاقات وبما يحقق المزيد من المكاسب لصالح البلدين. كما كشف عن جولة يقوم بها حاليا بدأت بمصر وتمر بكل دول المغرب العربي، مؤكدا على أهمية دور مصر في تفعيل العمل العربي المشترك واعتبارها «وجهة يتجه إليها الجميع لإيجاد الحلول التي تتناسب وطبيعة المرحلة».
وأوضح بن علوي أنه استعرض مع شكري الأخطار التي تتعرض لها منطقة المغرب العربي. وقال إن هناك فرصة لحركة عربية لصالح منظومة العمل العربي والتضامن المفقود لصالح القضايا العربية المعقدة. وأضاف: «نحن في مرحلة تشاور.. وهناك إجماع عربي رسمي وشعبي لإيجاد حلول سياسية، لأن العنف والحرب واستخدام القوة يزيد من خطورة الوضع بالمنطقة». وتابع: «إننا انتظرنا الحلول التي تأتي من الخارج ولم يحل شيء، ومن هنا قررنا أن نبدأ بخطوة حتى لا يسيطر اليأس علينا.. وإذا استخدمنا الطريق الأمثل يمكن أن نخطو على الطريق الصحيح».
وردا على سؤال حول أهداف جولته التي يقوم بها حاليا، قال الوزير علوي إن «قضايا المنطقة معروفة، منها ما هو في طريقه للحل، وبعضها يستعصي على الحل.. والأفضل أن نتشاور ونتجاوز ما حدث خلال الربيع العربي، وأن نطرح الحلول السياسية المناسبة التي تخرج المنطقة من دوامة العنف».
وحول إمكانية وجود فرص لحل سياسي في اليمن، قال بن علوي إن «اليمن بلد عربي أصيل وجار، ونتمنى أن تحل الخلافات وأن يعرف الطرفان من القيادات اليمنية الموجودة في الرياض وصنعاء أنه لا حل سوى الوفاق السياسي».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول وصف إيران للعلاقة مع السلطنة بـ«النموذجية»، وإمكانية حدوث ذلك مع كل الدول العربية في ظل التدخل الإيراني في الشأن العربي، أوضح الوزير العماني أن «العلاقة مع إيران جيدة، وقائمة على مبادئ علاقات حسن الجوار.. وأعتقد أنه من واجب الجميع أن تكون العلاقات طيبة». وأضاف أن سياسة سلطنة عمان «قائمة على احترام الجميع، ولا نرى أن يكون هناك استقطاب أو تجمعات لحساب طرف على الآخر».
وردا على سؤال ثان لـ«الشرق الأوسط» حول إمكانية قيام السلطنة بدور مع إيران في مسألة عدم التدخل في الشأن العربي، قال: «نحن لا نتدخل في مثل هذه الأمور، ونرى أن يكون القانون الدولي هو الحاكم في هذا الخصوص، والذي يؤكد وينص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول». وعن موقف السلطنة من القوة العربية المشتركة، قال بن علوي: «نحن نعول كثيرا على إنشاء هذه القوة لأهميتها الضرورية في الوقت الحالي، لكن وفق نظامنا؛ فالقوات العمانية محظور عليها العمل خارج النظام الأساسي».
وعلق الوزير شكري قائلا إن القوة المشتركة للدول التي ترى أن لديها الرغبة في الإسهام بالمشاركة، والتي تهدف إلى تحقيق الاستقرار، لأن القوة ليست موجهة ضد أحد، موضحا أن الحوار أساس نزع فتيل أي توتر قائم في المحيط الإقليمي والقومي. وحول منع التدخل الإيراني في الشأن العربي، أوضح شكري أنه يتوقع من كل الدول أن تلتزم بعلاقات قائمة على عدم التدخل والعمل على تحقيق السلم والاستقرار، مشيرا إلى أن مصر تسعى وتعمل من أجل استقرار المنطقة وصيانة الأمن القومي العربي، وأن «ما يمس أمن الخليج يعد مساسا بمصر، نظرا لارتباطها التاريخي وللمصير المشترك». وعن وجود تفكير في رفع مستوى التمثيل مع إيران، أوضح شكري أن «العلاقة كما هي.. ولا جديد».
ومن جانبه، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي أن الوزيرين شددا على أهمية الحفاظ على الهوية العربية والابتعاد عن الانقسامات المذهبية والدينية والعرقية التي تفرق ولا تجمع. مشيرا إلى أنهما تناولا بشكل مفصل عددا من الملفات الإقليمية الهامة، وعلى رأسها الأزمة السورية وأهمية التحرك في اتجاه الحل السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري ووقف أعمال القتل اليومية للأبرياء. وأشار الوزيران إلى الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في هذا الشأن، ونوه الوزير شكري بأهمية الالتزام بمقررات «جنيف1».
كما ناقش الوزيران تطورات الأوضاع في اليمن والجهود المبذولة لدفع الحل السياسي للأمام وبما يحفظ للبلاد وحدتها الإقليمية، بالإضافة إلى التشاور حول تطورات القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية، فَضْلا عن تشكيل القوة العربية المشتركة للحفاظ علي الأمن القومي العربي.
وعلى صعيد آخر، التقى شكري صباح أمس محمد الدايري وزير خارجية ليبيا، حيث تناول معه تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا في أعقاب التوقيع على اتفاق الصخيرات وأهمية توقيع باقي الأطراف الليبية المعنية على الاتفاق بما يؤسس نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مكافحة الإرهاب وبناء مؤسسات الدولة الليبية وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في بناء دولة ديمقراطية حديثة.
وأفاد السفير بدر عبد العاطي أن الوزير شكري أكد خلال اللقاء على ثوابت الموقف المصري الداعم للشعب الليبي ولجهود المبعوث الأممي برناردينو ليون، وأهمية استمرار الجهود الدولية لضمان توقيع باقي الأطراف الليبية على اتفاق الصخيرات الذي وقعت عليه الحكومة الشرعية وأطراف أخرى بالأحرف الأولى، والنظر في سرعة تنفيذ المجتمع الدولي لتعهداته بالضغط على الأطراف التي تعرقل العملية السياسية وتصر على الاحتكام للسلاح لفرض رؤيتها ومواقفها دونما أي اعتبار لاحترام إرادة الشعب الليبي.
كما بحث شكري أمس مع الدكتور صائب عريقات القائم بأعمال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين، تطورات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لاستئناف مفاوضات السلام طبقا للمرجعيات الدولية المتفق عليها وعلى أساس حل الدولتين.
واستمع شكري خلال اللقاء إلى شرح مفصل من عريقات حول تطورات جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة ومسار القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن إيجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية يتطلب احترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدا على ضرورة توفير الحماية لأبناء الشعب الفلسطيني خاصة في القدس الشرقية، منوها بأن إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية هو السبيل للعمل على مكافحة الإرهاب والتطرف ومنع انتشاره في المنطقة.
توافق مصري عماني على ضرورة رفض التدخل الإيراني في الشأن العربي
بن علوي: لدينا الفرصة لحل القضايا المعقدة «عربيًا» عبر الحوار.. والحروب لا تجلب سوى العنف
توافق مصري عماني على ضرورة رفض التدخل الإيراني في الشأن العربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة