مئات القتلى والجرحى في سلسلة عمليات نوعية لمقاومة آزال استهدفت المتمردين وقوات صالح

مصادر مطلعة لـ {الشرق الأوسط} : كتائب موالية لميليشيات الحوثي متخصصة في الاغتيالات وجرى تدريبها في إيران ولبنان تنتشر في صنعاء

مقاتل حوثي أصابه اليأس ووضع سلاحه أرضا خلال تجمع لمليشيا التمرد بالعاصمة صنعاء أول من أمس (غيتي)
مقاتل حوثي أصابه اليأس ووضع سلاحه أرضا خلال تجمع لمليشيا التمرد بالعاصمة صنعاء أول من أمس (غيتي)
TT

مئات القتلى والجرحى في سلسلة عمليات نوعية لمقاومة آزال استهدفت المتمردين وقوات صالح

مقاتل حوثي أصابه اليأس ووضع سلاحه أرضا خلال تجمع لمليشيا التمرد بالعاصمة صنعاء أول من أمس (غيتي)
مقاتل حوثي أصابه اليأس ووضع سلاحه أرضا خلال تجمع لمليشيا التمرد بالعاصمة صنعاء أول من أمس (غيتي)

في ظل انسداد الأفق السياسي لوجود تسوية سياسية شاملة، وفي ظل فشل المساعي الأممية للتوصل إلى حل لإنهاء النزاع المسلح في اليمن والذي اندلع عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى معظم المحافظات الشمالية، ثم توجه الميليشيات الحوثية مسنودة بالقوات العسكرية المتمردة على الشرعية والموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، للسيطرة على الجنوب وتعز، ظهرت المقاومة الشعبية في صنعاء وعمران وصعدة وذمار، كواحدة من أشكال المقاومة للتمدد والتوسع الحوثي والهيمنة العسكرية، وقد كان ظهور هذه المقاومة مفاجئا لكثير من المراقبين وللحوثيين أنفسهم، الذين كانوا يعتقدون أن محافظات «إقليم آزال» مغلقة عليهم بسبب التركيبة السكانية والمذهبية.
وفي أحدث التطورات الميدانية، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، نفذت المقاومة الشعبية في «إقليم آزال» عدة هجمات استهدفت الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات المجاورة، وقد خلفت أحدث تلك الهجمات قتلى وجرحى في هجوم استهدف الميليشيات أمام مبنى وزارة التربية والتعليم في منطقة هبرة، بشمال شرقي صنعاء، وهو هجوم جريء، سبقه هجومان، أحدهما استهدف الحراسات الحوثية أمام منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، في شارع الستين الغربي بالعاصمة صنعاء، والآخر استهدف حراسات البنك المركزي، إضافة إلى هجمات متفرقة، وإلى ما قبل شهرين، لم يكن هناك أي حديث يدور عن مقاومة في «إقليم آزال»، الذي يتكون من صنعاء العاصمة والمحافظة ومحافظات: ذمار وصعدة وعمران.
وفي أول تصريح صحافي، قال مصدر قيادي في المقاومة الشعبية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود المقاومة الشعبية في إقليم آزال جاء كردّ فعل طبيعي لما قامت به جماعات الموت والدمار من إرهاب وما ترتكبه من جرائم بحق أبناء الإقليم»، ويرى المصدر أن «المقاومة في إقليم آزال تكتسب خصوصية من كونها تعمل في مناطق سيطرة الميليشيات»، وردا على أسئلة «الشرق الأوسط»، قال المصدر القيادي، الذي رفض الكشف عن هويته، إن أسباب محدودية العمليات في العاصمة ومحافظات الإقليم ترجع إلى «القبضة الأمنية الشديدة في تلك المناطق، وكون المقاومة لا تزال تتشكل وهي في بداياتها الأولى».
وأضاف المصدر القيادي في المقاومة الشعبية، التي تحب أن تطلق على نفسها تسمية «مقاومة آزال»، أن «طبيعة العمليات، التي تنفذ حاليا لا ترقى إلى مواجهات حربية ومعارك عسكرية، وتقتصر على العمليات المباغتة والمتحركة وبوسائل مختلفة، إذ يتم استخدام الاشتباكات المسلحة المباشرة والقنابل اليدوية وقذائف الآر بي جي وصواريخ لو والعبوات الناسفة التي تستهدف العناصر والقيادات المشاركة في قتل اليمنيين، والنقاط والتجمعات والمعدات الحربية»، وقال المصدر إن «العمليات تتكرر في المناطق الأكثر ملاءمة لتنفيذ مثل هذه العمليات الخاطفة والسريعة والمنظمة، وقد تم تنفيذ عدة عمليات وسط العاصمة صنعاء، بل ووصلت عمليات المقاومة إلى مقر الرئاسة بمنطقة السبعين»، ويرى القيادي أن «الظروف المعقدة التي تعمل فيها مقاومة آزال، جعلتها تحرص، كثيرا، على تنفيذ عملياتها بأقل خسائر ممكنة»، وأرجع سبب عدم إعلان خسائر المقاومة في عملياتها إلى «عدم وقوع خسائر بشرية في العمليات السابقة، إذ لم يسقط فيها شهداء، وهناك عدد قليل من الإصابات»، مؤكدا أن «المقاومة أعلنت في بيانها رقم (1) جاهزيتها الكاملة لمواجهة الميليشيات التدميرية والعمل بكل الوسائل المتاحة لتطهير الإقليم من هذه الأورام الخبيثة التي ارتكبت جرائم إنسانية وجرائم حرب بحق أبناء الإقليم وقتلت آلاف الأبرياء ودمرت بيوت العلم والعبادة وفجرت المنازل وشردت المواطنين من منازلهم ومزارعهم، وجلبت الويلات للإقليم».
في هذه الأثناء، قالت مصادر مستقلة في صنعاء إن تحالف الحوثيين - صالح، شرع في اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية، في العاصمة صنعاء، لمواجهة التداعي الأمني المتزايد، وتحسبا لعمليات عسكرية كبيرة تفضي إلى تحرير العاصمة من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات صالح، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى وضع خطط أمنية وعسكرية للعاصمة، بينها نشر كتائب متخصصة بالاغتيالات وهي موالية للحوثيين وجرى تدريبها في إيران ولبنان، خلال السنوات الماضية، إضافة إلى توزيع الأدوار وتقاسم المهام بين مسلحي ميليشيات حركة «أنصار الله» الحوثية، وأنصار المخلوع صالح وما تسمى المكونات السياسية الموالية للطرفين منهما، وإعطاء صلاحيات واسعة النطاق للمربعات الأمنية التي جرى نشرها مع الآلاف من المقاتلين، إضافة إلى آلاف المخبرين والعسس، وتوزيع النقاط الأمنية بمشاركة عقال الحارات وضباط جهازي الأمن السياسي والأمن القومي (المخابرات)، إضافة إلى تكوينات أمنية وعسكرية أخرى، بتسميات مختلفة، وتشمل إجراءات الحوثيين وصالح في صنعاء، اتخاذ مزيد من الإجراءات والتدابير للتضييق على حرية الرأي والتعبير وقمع أية احتجاجات أو تحركات سلمية شعبية وشبابية وطلابية، إضافة إلى التعاطي الأمني السريع والمباشر مع كل من يحمل وجهة نظر أخرى، إذ يعتبر الحوثيون من يخالفهم الرأي بأنه في صف الطرف الآخر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».