الرئيس الكولومبي يعلق الغارات الجوية على معسكرات متمردي «فارك»

قرار سانتوس يؤدي إلى انفراجة في محادثات السلام

الرئيس الكولومبي يعلق الغارات الجوية على معسكرات متمردي «فارك»
TT

الرئيس الكولومبي يعلق الغارات الجوية على معسكرات متمردي «فارك»

الرئيس الكولومبي يعلق الغارات الجوية على معسكرات متمردي «فارك»

أمر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، أمس، بوقف الغارات الجوية على معسكرات متمردي جماعة القوات المسلحة الثورية الكولومبية المتمردة «فارك» مع سعي الحكومة لتلطيف الأجواء مع تلك الجماعة الماركسية أثناء صياغة الجانبين اتفاقية سلام لإنهاء الحرب المستمرة منذ 50 عاما. وقال سانتوس، خلال احتفال عسكري في كارتاهينا شمال كولومبيا: «أمرت بوقف الغارات الجوية على المعسكرات التي تضم تجمعات لأفراد هذه المنظمة». وأضاف أن هذه الغارات لن تحصل «إلا بأمر من رئيس الجمهورية». وأضاف: «هذا سيؤدي إلى تقليل عدد القتلى وتقليل المعاناة والضحايا».
ويأتي هذا القرار بعد أسبوع من إصدار القوات المسلحة الثورية الكولومبية أمرا لوحداتها بـ«وقف كل الأعمال ذات الطابع الهجومي» وإطلاقها سراح ضابط كانت تحتجزه رهينة. ويذكر أن جماعة «فارك» أوقفت إطلاق النار، مما يؤشر على انفراجة في محادثات هددها تصعيد في أعمال العنف في الآونة الأخيرة.
وكان سانتوس أمر في مارس (آذار) الماضي بوقف الغارات الجوية ضد هذه الحركة المتمردة، لكنه قرر استئنافها في أبريل (نيسان) بعد هجوم نفذته الحركة المتمردة أسفر عن مقتل 11 جنديا. وأسفر الهجوم يومها عن أزمة حادة في مفاوضات السلام التي بدأت في هافانا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 بين الحكومة الكولومبية والحركة المتمردة بهدف إنهاء أقدم النزاعات المسلحة في أميركا اللاتينية والذي خلف منذ بدأ قبل نصف قرن نحو 220 ألف قتيل بحسب الأرقام الرسمية. وبعد استئناف القتال قتل 26 متمردا في عمليات قصف في مايو (أيار) الماضي، وضاعفت «فارك» هجماتها على الدوريات العسكرية وكذلك على المنشآت النفطية ومحطات توليد الكهرباء في البلاد. ولكن بعد تسليم مسؤول عسكري كان أسره المتمردون وإعلان الهدنة من قبل «فارك» عادت إمكانية وقف دوامة العنف في كولومبيا.
وكان المتمردون طلبوا مرات عدة إعلان وقف لإطلاق النار من الجانبين، لكن السلطات في بوغوتا رفضت ذلك خوفا من أن تستغل القوات المسلحة الثورية الكولومبية الفرصة لتعزيز مواقعها.
وتجري الحكومة و«فارك» محادثات سلام في كوبا منذ عامين ونصف العام لإنهاء أطول حرب في أميركا اللاتينية، والتي أدت إلى سقوط نحو 220 ألف قتيل وتشريد الملايين على مدى 50 عاما. لكن تصعيدا في القتال هذا العام ألقى بظلاله على المفاوضات. وبدأت «فارك» أحدث هدنة يوم الاثنين الماضي، وتستمر شهرا. وقال سانتوس إنه «سيحلل التقدم الذي أُحرز خلال أربعة أشهر ليقرر ما إذا كانت المحادثات ستستمر».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.