تونس تصادق على قانون مكافحة الإرهاب تزامنًا مع احتفالها بعيد الجمهورية

تضمن عقوبات مشددة في حق المتطرفين تصل لحد الإعدام

تونس تصادق على قانون مكافحة الإرهاب تزامنًا مع احتفالها بعيد الجمهورية
TT

تونس تصادق على قانون مكافحة الإرهاب تزامنًا مع احتفالها بعيد الجمهورية

تونس تصادق على قانون مكافحة الإرهاب تزامنًا مع احتفالها بعيد الجمهورية

صادق البرلمان التونسي الليلة قبل الماضية على قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، بعد أن حظي هذا القانون الذي أثار جدلا سياسيا كبيرا بموافقة 174 نائبا واعتراض 10 نواب.
وبهذا التصديق يكون البرلمان قد احترم تعهدا سابقا بإنهاء النقاش بشأن هذا القانون، تزامنا مع احتفال تونس بالذكرى الـ58 لإعلان النظام الجمهوري.
وصادق البرلمان على الفصول 3 و7 و35 التي لم تحظ بالأغلبية في جلسات سابقة، وذلك بعد إدخال تعديلات عليها من قبل وزارة العدل. وتضمن القانون الجديد عقوبات مشددة ضد مرتكبي الأعمال الإرهابية تصل لحد الإعدام، بالإضافة إلى تجريم تكفير الآخرين واعتباره جريمة إرهابية.
وتغيب 20 نائبا عن جلسة التصويت على القانون، من بينهم مباركة عواينية أرملة محمد البراهمي الذي اغتيل في مثل هذا اليوم من عام 2013.
ووصف محمد الناصر، رئيس البرلمان، النجاح في التصديق على القانون الجديد بـ«الإنجاز العظيم»، وقال إنه يمثل استجابة لرغبة وحاجة ملحة من التونسيين. وقرأ أعضاء البرلمان الفاتحة بعد إنهاء النقاش حول القانون، وعُزف النشيد الوطني التونسي في رحاب المجلس. ومن المنتظر وفق تصريحات رئيس المجلس أن يحال القانون الجديد إلى أنظار هيئة مراقبة دستورية القوانين للنظر في مدى مطابقته للدستور، وذلك قبل ختمه من قبل رئيس الجمهورية ليصبح نافذ المفعول.
وأشار الناصر إلى أن مكافحة الإرهاب لن تنتهي عند إقرار هذا القانون الجديد، الذي اعتبره جزءا من خطة اتخذتها الحكومة للقضاء على التطرف. وقال إنها تتطلب كذلك جهودا متعددة وتعبئة وطنية للقضاء على آفة الإرهاب.
وكان الحبيب الصيد، رئيس الحكومة، قد حضر الجلسة البرلمانية المسائية، في إشارة إلى أهمية هذا القانون ضمن مخططات الحكومة للقضاء على الإرهاب، وتوفير الحماية لمختلف الأطراف التي تتعاطى مع هذا الملف على غرار أجهزة الأمن والجيش، وانعكس حضوره على عمليات التصويت على القانون والتعجيل بعرضه على البرلمان وحصول التصديق النهائي على مختلف فصوله.
وجاءت عملية التصديق على القانون الجديد لمكافحة الإرهاب في ظل تنامي الإشاعات بشأن عمليات إرهابية محتملة خلال الاحتفال بعيد الجمهورية، إذ اضطرت قوات الأمن والجيش إلى المسارعة بمراقبة وتفتيش معظم مدينة طبرقة القريبة من الحدود الجزائرية، إثر تلقي معلومات حول أعمال إرهابية. كما أبطلت صباح الجمعة مخططا إرهابيا آخر كانت مجموعة إرهابية ستنفذه في مدينة بنزرت (60 كم شمال العاصمة)، واعتقلت 13 عنصرا إرهابيا في جبل سجنان ومدينة منزل بورقيبة.
وبمناسبة عيد الجمهورية، توجه الحبيب الصيد بكلمة إلى التونسيين، حاول من خلالها شحذ الهمم، قال فيها «مثلما أبهرنا العالم بانتقال ديمقراطي سلس فإننا قادرون على شقّ الطريق بثبات وإبهار العالم من جديد»، مضيفا أن حكومته تسعى إلى «تجسيد قيم وأهداف ثورة الحرية والكرامة وصون الوطن واستقراره ونمطه المجتمعي: نمط الوسطية والاعتدال والتسامح ورفع التحديات القائمة وكسب الرهانات الماثلة».
وعلى الرغم من النجاح في التصديق على القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، فقد بقي النجاح الرسمي للحكومة في مكافحته وتنفيذ عدة عمليات أمنية استباقية ضد المجموعات المتطرفة ناقصا نتيجة الفشل في الكشف عن مرتكبي جريمتي اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، ومحمد البراهمي النائب البرلماني عن التيار القومي سنة 2013، وهما من أول ضحايا الإرهاب الذي عرفته تونس منذ الثورة.
وفي محاولة لترضية عائلة البراهمي والتأكيد على أن الحكومة لم تنس قضيته، أطلق البرلمان التونسي أمس اسم محمد البراهمي رسميا على أحد أروقته، بيد أن زوجته مباركة عواينية أشارت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى تمسك أفراد عائلته وكل التونسيين بكشف حقيقة اغتياله ومن يقف وراءها، وقالت إن «إطلاق اسمه لن يغني شيئا ولو سميت كل أروقة العالم وشوارعه باسمه».
وفي السياق ذاته، قال زهير حمدي، الأمين العام لـ«التيار الشعبي» الذي كان البراهمي يتزعمه «نحن نريد أن نجسد المشاريع التي سقط من أجلها الشهداء ونحيي الأجيال التي تحلم بمشروع وطني ديمقراطي يكرس السيادة والديمقراطية والاستقلال الوطني». وبخصوص ذكرى اغتيال البراهمي المتزامنة مع عيد الجمهورية، قال حمدي إنه ليس للذين اغتالوه في هذا التاريخ الوطني أدنى شعور بالوطنية، وإنهم بتصرفهم هذا لن يغتالوا الجمهورية، على حد تعبيره، وأشار إلى تمسك عائلته السياسية بضرورة الكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.