مشروع قانون تونسي يضع عقوبة الإعدام لجريمة التكفير

ساركوزي يتضامن من «باردو» مع تونس في «معركة الحضارة»

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يضع إكليلا من الزهور عند مدخل متحف باردو حيث شيدت لائحة بأسماء ضحايا الهجوم الإرهابي  في مارس الماضي (رويترز)
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يضع إكليلا من الزهور عند مدخل متحف باردو حيث شيدت لائحة بأسماء ضحايا الهجوم الإرهابي في مارس الماضي (رويترز)
TT

مشروع قانون تونسي يضع عقوبة الإعدام لجريمة التكفير

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يضع إكليلا من الزهور عند مدخل متحف باردو حيث شيدت لائحة بأسماء ضحايا الهجوم الإرهابي  في مارس الماضي (رويترز)
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يضع إكليلا من الزهور عند مدخل متحف باردو حيث شيدت لائحة بأسماء ضحايا الهجوم الإرهابي في مارس الماضي (رويترز)

توصل أعضاء لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي، أمس، إلى التوافق بشأن تجريم التكفير في قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال بعد أن كان محل خلاف بين النواب. وأوضح رئيس لجنة التشريع العام، عبادة الكافي، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أن أعضاء اللجنة توصلوا إلى اتفاق ينص على تجريم التكفير والدعوة إلى التباغض بين الأديان والأجناس والمذاهب في الفصل 13 من قانون مكافحة الإرهاب. وأوضح الكافي أن عقوبة جريمة التكفير إذا ترتب عنها الموت تصل إلى الإعدام، وبخلاف ذلك فإن العقوبة تكون عادية وتتراوح بين عام واحد وخمسة أعوام.
ومع انتهاء الخلاف حول هذه النقطة، فإنه ينتظر التصويت على القانون برمته خلال جلسة عامة في البرلمان، بعد أن تم التصويت عليه في مرحلة أولى في لجنة التشريع فصلاً فصلاً. وأوضح الكافي أن مكتب رئيس مجلس النواب سيحدد جلسة عامة في وقت لاحق للتصويت على القانون.
وبدأ النظر في القانون الجديد منذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وتعطلت عملية المصادقة بسبب خلافات حول عدد من فصوله، لكن مع تواتر العمليات الإرهابية حثت رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية على الإسراع بالمصادقة عليه لتعزيز جهود عناصر الأمن والجيش في التصدي للإرهاب.
وسيحل القانون الجديد محل قانون عام 2003 الذي وضع في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن على في إطار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، لكن تم التخلي عنه بدعوى مخالفته لحقوق الإنسان.
ويتزامن ذلك مع زيارة الرئيس الفرنسي السابق وزعيم حزب الجمهوريين اليميني، نيكولا ساركوزي، تونس، معلنًا دعمه لـ«معركة الحضارة ضد الوحشية»، في هذا البلد الذي شهد اعتداءين دمويين نفذهما جهاديون.
وقال ساركوزي خلال زيارة إلى متحف «باردو»، أمس، حيث وضع إكليلاً من الورود تكريمًا لضحايا الهجوم الذي أدى إلى مقتل 21 سائحًا أجنبيًا وشرطي تونسي في 18 مارس (آذار) الماضي، إن «هدف الزيارة بسيط جدًا.. تونس تعيش أوقاتًا صعبة جدًا. وأصدقاء تونس يجب أن يكونوا هنا عندما تكون الأمور على ما يرام وعندما لا تكون كذلك».
وفي 26 يونيو (حزيران) وقع هجوم آخر أسفر عن مقتل 38 سائحًا في فندق في سوسه التونسية. وتبنى تنظيم داعش الهجومين.
وقال ساركوزي الذي استقبله، صباح أمس، الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إن «السبب الثاني لهذه الرحلة هو أن التونسيين لا يخوضون مجرد معركة من أجل تونس (...)، إنها معركة تذهب أبعد من تونس وحدها. إنها معركة من أجل الحضارة ضد الوحشية». وتابع: «من الضروري عقد قمة لأصدقاء تونس لتعبئة الوسائل الاقتصادية من أجل السماح بإرساء الديمقراطية التونسية بسلام».
وتشهد تونس منذ الثورة التي أنهت نظام زين العابدين بن علي في يناير 2011، تصاعدًا للتيار المتشدد الذي قتل عشرات من رجال الشرطة والعسكريين وسياحًا أجانب. وواجه ساركوزي عندما كان رئيسًا انتقادات حادة واتهم بدعم نظام بن علي حتى اللحظة الأخيرة.
وبعد لقائه الرئيس التونسي، صباح أمس، قال ساركوزي إن «الربيع العربي الوحيد الذي نجح فعلاً هو الربيع التونسي. تونس ديمقراطية ولأنها ديمقراطية يهاجمها اليوم كل الذين يرفضون الديمقراطية وفي العمق الحضارة». وأضاف: «تونس تحتاج إلى وقائع عملية أكثر من تشجيعنا وخطبنا وأقوالنا. والمعركة من أجل أمن تونس هي المعركة من أجل كل الدول الحرة».
ويرافق ساركوزي في زيارته وفد يضم وزيرة العدل السابقة، رشيدة داتي، والأمين العام المساعد لحزب الجمهوريين، إيريك سيوتي، ورئيس كتلة الجمهوريين في الجمعية الوطنية، كريستيان جاكوب.
وكان من المرتقب أن يشارك الرئيس الفرنسي السابق، مساء أمس، في اجتماع عام مع أول حزب تونسي (نداء تونس) الذي أسسه قائد السبسي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.