رغم مضي عشرة أعوام على توحيد إدارتي إقليم كردستان (إدارة الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، وإدارة الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل)، فإن بعض الأصوات داخل الإقليم ما زالت تروج لنظام الإدارتين، بينما اتهم نائب في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، إيران بالوقوف وراء هذه الأصوات للنيل من تجربة الإقليم وتعكير أوضاعه.
وكان رئيس إقليم كردستان اتهم في حديث لقوات البيشمركة، خلال تفقده جبهات القتال في محاور شرق وغرب الموصل وبعشيقة في ثاني أيام عيد الفطر، المروجين لمشروع الإدارتين بأنهم «لم يتعظوا من دروس الماضي، وأن نضال شعبنا والتضحيات التي قدمها لم تكن من أجل تقسيم كردستان ولا يمكن أصلاً تخيل هذا الأمر، ولن يستطيع أحد تقسيم كردستان»، مشددًا على أن من لا يرغب بوجود إدارة موحدة في الإقليم فليبحث عن مكان آخر يعيش فيه.
وانتهى نظام الإدارتين في إقليم كردستان مع تشكيل الكابينة الخامسة لحكومة الإقليم عام 2005 برئاسة رئيس الحكومة الحالي، نيجيرفان بارزاني، واستطاعت هذه الحكومة أن تنقذ مواطني الإقليم من نظام الإدارتين اللتين تشكلتا بسبب الحروب الداخلية التي شهدها الإقليم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني ما بين عامي 1992 ولغاية 1998.
من جانبه، اتهم بشار مشير، النائب في برلمان الإقليم عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إيران بتحريك الأطراف التي تطالب بتقسيم الإقليم. وأضاف: «لا يختلف الأشخاص الذين يدعون إلى تقسيم الإقليم عن (داعش) الذي يريد تخريب كردستان، هؤلاء هم أعداء شعبنا ويعملون بتوجيهات من إيران، وطهران تحاول تعكير الوضع في الإقليم والنيل من تجربتنا الديمقراطية». وألمح مشيرًا إلى أن «بعض الكوادر الشابة من الاتحاد الوطني وحركة التغيير بدأوا بالظهور على شاشات التلفاز ويتحدثون بلغة متشنجة ويعتبرون إنفسهم أبطالاً، ويدلون بتصريحات تفوح منها رائحة الحرب الداخلية، ويحاولون تخريب أوضاع الإقليم»، مؤكدًا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني «لم يفاتح حتى الآن هذه الأحزاب لإسكات هذه الدعوات الصادرة من بعض كوادرها».
وكان رئيس مجلس محافظة السليمانية، هفال أبو بكر، من حركة التغيير، قد هدد في تصريح له خلال الأيام الماضية، بإعلان محافظة السليمانية إقليمًا إذا استمرت حكومة الإقليم بتهميش المحافظة، على حد قوله، بينما يتهم قياديون في الاتحاد الوطني الكردستاني، وباستمرار، الحزب الديمقراطي الكردستاني باحتكار ملف الطاقة، لكن الديمقراطي الكردستاني ينكر ذلك دائمًا، ويؤكد أن حكومة الإقليم لم تهمش السليمانية.
وفي هذا السياق، قررت كتلة الديمقراطي الكردستاني في برلمان الإقليم استدعاء نائب رئيس الحكومة، قباد طالباني (القيادي في الاتحاد الوطني)، إلى البرلمان لتقديم توضيح حول أسباب عدم إبلاغه حزبه بالتفاصيل.
بدوره، قال فرحان جوهر، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط»: «نائب رئيس الحكومة، قباد طالباني، واحد من قياديي الاتحاد الوطني، ولأن المكتب السياسي للاتحاد يدلي دائمًا بتصريح حول عدم معرفتهم بوضع الطاقة في الإقليم؛ لذا نريد من خلال استدعائه تقديم توضيح عن أسباب عدم تقديمه المعلومات والتوضيح لقيادة حزبه حول الخطوات في ملف الطاقة، خصوصًا أنه عضو في اللجنة الإقليمية العليا للنفط والغاز في كردستان».
من جهته، قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس مسعود بارزاني قصد في حديثه كل من يعادي تجربة الإقليم سواء أكان داخل الإقليم أم خارجه، فوحدة شعب كردستان وأراضيه خط أحمر، وتأكيد الرئيس على هذه النقطة بالذات يعني أنه لا يمكن أن تعود مرة أخرى عقارب الساعة إلى الوراء في وقت دفع شعب كردستان آلاف الضحايا من أجل وحدة الإقليم أرضًا واقتصادًا وسياسة، ومن يستهدف وحدة أراضي كردستان يستهدف وجود الإقليم وكردستان برمتها».
وتابع محمود: «هناك حراك سياسي في الإقليم وهذا الحراك ما زال في طوره الصحي، وهو يعبر عن حيوية الأطراف السياسية الكردية وتمسكها بالتجربة الديمقراطية». وقال: «كل الأحزاب السياسية في الإقليم تجتمع اليوم حول مصالح البلاد العليا، ورموزها المتمثلة برئيس الإقليم مسعود بارزاني ومؤسساتها الدستورية مؤسسة الرئاسة والبرلمان والحكومة».
بدوره، أكد بيستون فايق، النائب عن حركة التغيير في برلمان الإقليم، لـ«الشرق الأوسط» أن «نظام الإدارتين في الإقليم كان تجربة سيئة ندفع لحد الآن ضريبتها، وإعادة هذا النظام يعني العودة لعدة مراحل إلى الوراء ويجب أن نقف ضد أي طرف أو شخص يريد إعادتها، وحركة التغيير ليست مع الإدارتين، حتى إننا أكدنا خلال حملتنا الانتخابية على أننا نعمل من أجل إلغاء طابع الإدارتين في الإقليم، ونحن مع حكومة وطنية موحدة في الإقليم، وفي الوقت ذاته نؤيد وجود نظام لا مركزي بحيث يتم إعطاء السلطات للإدارات المحلية في المحافظات».
وفي الشأن ذاته بين القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، فريد أسسرد، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لسنا مع إعادة نظام الإدارتين في الإقليم، فهذا النظام كان نتيجة لأوضاع خاصة، والاتحاد الوطني الكردستاني، وبعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين عام 2003، أعلن عن إلغاء حكومته في السليمانية، وعمل من أجل توحيد حكومة الإقليم، فالحكومة الحالية هي الحكومة الموحدة التي نتجت من اتحاد الإدارتين السابقتين، فلولا أننا ألغينا حكومتنا لما تأسست حكومة موحدة في كردستان؛ لذا نحن نعمل وبكل جهودنا من أجل حماية وحدة الإقليم».
وعن موقف الاتحاد الوطني من استدعاء قباد طالباني إلى البرلمان، قال أسسرد: «إذا كان الاستدعاء حسب الإجراءات القانونية، فنحن لسنا ضده، وهذه مسألة مرتبطة بالبرلمان، وعندما يريد البرلمان الاستفسار عن مسألة ما، فمن حقه استدعاء أي مسؤول من مسؤولي الحكومة، لذا ليست لدينا أي مشكلة بهذا الخصوص».
نائب برلماني عن حزب بارزاني يتهم إيران بالوقوف وراء المروجين لتقسيم كردستان
اتهامات لكوادر في حزبي طالباني وحركة التغيير بالسعي لتخريب أوضاع الإقليم
نائب برلماني عن حزب بارزاني يتهم إيران بالوقوف وراء المروجين لتقسيم كردستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة