بعد غياب نصف قرن.. علم كوبا يرفرف في سماء واشنطن

البعثة الأميركية ستبدأ عملها غدًا في هافانا بصفتها سفارة

بعد غياب نصف قرن.. علم كوبا يرفرف في سماء واشنطن
TT

بعد غياب نصف قرن.. علم كوبا يرفرف في سماء واشنطن

بعد غياب نصف قرن.. علم كوبا يرفرف في سماء واشنطن

يستعد قسم رعاية المصالح الكوبية بسفارة سويسرا في العاصمة الأميركية واشنطن لرفع العلم الكوبي غدا الاثنين، للمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، وذلك بعد استئناف الولايات المتحدة وكوبا علاقاتهما الثنائية.
ومن المقرر أن يزور وزير خارجية كوبا برونو رودريغيز واشنطن لحضور المراسم التي ستقام في قسم رعاية المصالح الكوبية بالسفارة السويسرية، بينما ستقود الفريق الأميركي في المراسم روبيرتا جاكوبسون مساعدة وزير الخارجية، التي قادت المحادثات بين أميركا وكوبا.
كما أقيمت سارية حديثة لرفع العلم الكوبي عليها أمام المبنى الحجري الذي يعود لعام 1917 والواقع في حي نورث ويست بواشنطن.
وستبدأ البعثة الأميركية في هافانا العمل غدا الاثنين بصفتها سفارة، لكن ستقام مراسم رسمية لرفع العلم هناك في وقت لاحق من هذا الصيف خلال زيارة من المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية جون كيري.
وسيجري رودريغيز وكيري محادثات في وزارة الخارجية الأميركية، وسينضم علم كوبا إلى أعلام دول أخرى مرفوعة في مدخل وزارة الخارجية الأميركية، وستمثل تلك الإجراءات الخطوة الأخيرة في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين التي قطعتها واشنطن مع الجزيرة الشيوعية منذ عام 1961 بعد الثورة الكوبية التي أدت إلى تولي النظام الشيوعي بقيادة فيدل كاسترو السلطة.
وكانت الولايات المتحدة قد رفعت كوبا الشهر الماضي من قائمتها للدول الراعية للإرهاب، وذلك بعد 33 عاما، وقد كان هذا مطلبا رئيسيا لكوبا في المفاوضات لإحياء العلاقات الدبلوماسية. وبعد ذلك فتح الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو، شقيق الزعيم الثوري المريض فيدل كاسترو، الباب أمام استئناف العلاقات بتبادل السجناء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد 18 شهرا من المحادثات السرية التي توسط فيها الفاتيكان. وقد وصف أوباما هذا التحول السياسي بأنه تحول طال انتظاره بعد أن فشلت عقود من العزلة في تحقيق تغيير في أسلوب الحكم في هافانا. كما دعا الكونغرس الأميركي إلى رفع الحظر التجاري الذي تسبب في عزل كوبا اقتصاديا، والذي لا يمكن رفعه إلا من خلال إجراء تشريعي.
وبفضل هذه الجهود المتواصلة، سيرفع للمرة الأولى منذ سنة 1961 العلم الكوبي في أميركا، وسيشارك في الحفل 500 شخص من البلدين، ووزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز، وذلك في أول زيارة رسمية لوزير خارجية كوبي إلى واشنطن منذ سنة 1959، وسيتوجه رودريغيز بعد ذلك إلى وسط واشنطن للقاء نظيره الأميركي جون كيري في مقر وزارة الخارجية. وهناك أيضا سيرفع العلم الكوبي وسط أعلام جميع الدول التي تقيم لديها واشنطن سفارة.
أما في هافانا، فسيتحول المبنى الذي يضم الممثلية الدبلوماسية الأميركية إلى سفارة في وقت متزامن، لكن دون حفل رسمي في انتظار زيارة محتملة لجون كيري. وبهذا الخصوص، قال تيد بيكون، الاختصاصي في شؤون كوبا بمركز «بروكينغز» للأبحاث، إن التقارب جاء ثمرة «هذه الذهنية البرغماتية الجديدة التي تطبع المناخ» بين البلدين، مشيرا إلى أن واشنطن تريد الاقتراب من الحكومة الكوبية للمشاركة في نهاية المطاف في تطوير المجتمع الكوبي، فيما تحتاج هافانا إلى «محرك اقتصادي» أميركي من أجل «تحديث نموذجها الاشتراكي من دون أن تحتاج لإجراء إصلاحات سياسية». وأضاف الخبير أن «هناك نقاطا مشتركة في المقاربتين، ولكن أيضا اختلافات كبرى، والثقة ستكون أساسية للذهاب قدما».
من جانبها، أوضحت روبيرتا جاكوبسون مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون أميركا اللاتينية، أن إنهاء الوضع الدبلوماسي القائم هو تحسن بحد ذاته حتى وإن لم ترفع كل القيود على السفارة الأميركية في هافانا.
وعدّ بيدرو فريري، المستشار القانوني لعدة شركات أميركية في كوبا، أن التقارب الدبلوماسي سيحفز الثقة تجاه الشركات الأميركية التي لن يكون لديها انطباع بأنها «في أرض مجهولة» ودون حماية قانونية. وفي هذا الاتجاه، ستبدأ شركة الطيران «جت بلو» هذا الصيف برحلة «تشارتر» أسبوعية بين نيويورك وهافانا، كما أضافت «إيربنب كوبا» إلى برنامجها، فيما بدأت الولايات المتحدة منح تراخيص لنقل الركاب بحرا إلى كوبا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.