الحكومة اليمنية تعقد أول اجتماع لها في عدن بعد تحريرها من الميليشيات

شددت على تثبيت الأوضاع الأمنية وإعادة تأهيل المطار والميناء

TT
20

الحكومة اليمنية تعقد أول اجتماع لها في عدن بعد تحريرها من الميليشيات

أعلن أمس وزير الداخلية اليمني اللواء عبده الحذيفي عودته إلى عدن برفقة وزراء يمنيين غداة إعلان الحكومة «تحريرها» من المتمردين الحوثيين. وصرح الحذيفي: «لقد وصلنا ليلة أمس (الجمعة)»، مضيفا أن وزير النقل بدر باسلمة كان برفقته عدد من المسؤولين الأمنيين. وتابع الوزير أن المتمردين طردوا من عدن باستثناء «بعض المجموعات المحاصرة التي ترفض الاستسلام».
وعقدت المجموعة الحكومية اليمنية صباح أمس السبت في عدن أول اجتماع لها مع قيادة السلطة المحلية في محافظات عدن ولحج وأبين جنوب اليمن.
ﻭقال مسؤول بالسلطة المحلية في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع ضم ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺸﺪﺍﺩﻱ ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ، ﻭﻋﻠﻲ الأحمدي ﺭﺋﻴﺲ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ، ﻭﺑﺪﺭ ﺑﺎﺳﻠﻤة ﻭﺯﻳﺮ النقل، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﻣﺎﺭﻡ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ ﺭﺋﺎﺳﺔ الجمهورية، ﻭﻣﺤﺎﻓﻆ ﺃﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻀﺮ السعيدي، ﻭﻣﺤﺎﻓﻆ ﻟﺤﺞ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻀﻴﻞ، ﻭﻧﺎﻳﻒ ﺍﻟﺒﻜﺮﻱ ﻭﻛﻴﻞ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ عدن، ومديري ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﻥ.
وحسب مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن المجموعة الحكومية اليمنية شددت في اجتماعها أمس في عدن على تثبيت الأوضاع الأمنية في المدينة المدمرة جراء 3 أشهر ونيف من الحرب، بالإضافة إلى المهام الرئيسية التي ستقوم بها المجموعة، وهي إعادة تأهيل مطار عدن الدولي والميناء وتثبيت الحالة الأمنية بعد الانتهاء من تصفية الجيوب المتبقية للميليشيات.
وكان نائب الرئيس رئيس الحكومة خالد بحاح قد ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺳﺎﺑﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ الأساسية ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﺪﻥ ﻭﺗﻬﻴﺌﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻟﻌﻮﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻏﺎﺩﺭﻭﺍ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﺷﻬﺮ الثلاثة ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ.
وكان ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺙ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺭﺍﺟﺢ ﺑﺎﺩﻱ قد قال ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﻥ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﺩ الإغاثية بدلا من ﺟﻴﺒﻮﺗﻲ، ﻭﺗﺄﻫﻴﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﻘﺮﺍ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ.
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والموجودة في الرياض أعلنت الجمعة الماضي «تحرير محافظة عدن» بعد نحو أربعة أشهر من المعارك مع الحوثيين وحلفائهم في هذه المنطقة بجنوب اليمن.
وكتب رئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح المقيم بالرياض في صفحته على موقع «فيسبوك» الجمعة الماضي أن «الحكومة تعلن تحرير محافظة عدن في أول أيام عيد الفطر المبارك». وشن مقاتلو «المقاومة الشعبية»، التي تضم الفصائل الموالية لحكومة هادي، الثلاثاء الماضي هجوما أطلق عليه اسم «السهم الذهبي» بدعم من تعزيزات جديدة من المقاتلين المدربين والمسلحين فضلا عن الحملة الجوية للتحالف العسكري الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين. وفجر أمس استهدفت طائرات التحالف قافلة تعزيزات للمتمردين في شرق عدن، ما أسفر عن مقتل 25 مسلحا، وفق ما قال مسؤول عسكري.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت الدرجة الثالثة من حالة الطوارئ الإنسانية، وهي الأعلى، في اليمن؛ حيث أسفرت المعارك عن مقتل أكثر من 3200 شخص، منذ مارس (آذار) الماضي.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن 80 في المائة من الشعب اليمني (أي 21 مليون شخص) بحاجة إلى المساعدة أو الحماية، وأكثر من 10 ملايين شخص لا يجدون الطعام ومياه الشرب.
وبعد هجوم أطلقوه في يوليو (تموز) عام 2014 من معقلهم في صعدة (شمال)، استطاع الحوثيون وحلفاؤهم السيطرة على مناطق واسعة في البلاد من بينها العاصمة صنعاء قبل التقدم نحو عدن.
ومنذ نحو أربعة أشهر يشهد اليمن بعد الانقلاب الحوثي حربا بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا بدعم من غارات جوية للتحالف العسكري بقيادة الرياض من جهة، والحوثيين وحلفائهم من وحدات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة ثانية.



شهر من الضربات الأميركية يكبّد الحوثيين مئات العناصر

أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT
20

شهر من الضربات الأميركية يكبّد الحوثيين مئات العناصر

أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)

دخلت الضربات التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية على مواقع ومخابئ الحوثيين في اليمن شهرها الثاني دون توقف، وتمكنت خلال الشهر الأول من تدمير مخازن أسلحة سرية ومنصات لإطلاق الصواريخ، واصطياد قيادات عسكرية من الصف الثاني، مع استمرارها في ملاحقة قيادات الصف الأول.

وعلى الرغم من التعتيم الشديد الذي تفرضه الجماعة الحوثية على خسائرها جراء هذه الضربات، فإن حسابات كثير من أُسر الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصورهم في شوارع المدن، وعلى السيارات عند تشييعهم، كشفت عن جانب كبير من هذه الخسائر، مع تمكن المقاتلات الأميركية من اصطياد قيادات عسكرية وأمنية في كثير من الجبهات، خصوصاً في صعدة وحجة والحديدة والجوف والبيضاء وصنعاء.

ووفق تقدير مصادر وثيقة الاطلاع في مناطق سيطرة الجماعة تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن أكثر من 300 شخص قد لقوا حتفهم خلال الشهر الأول من هذه الغارات، بينهم قيادات الصف الثاني في التشكيلات العسكرية ومشرفون على الجبهات ومقاتلون.

ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)
ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق هذه المصادر، فقد خسرت الجماعة 68 عنصراً في صنعاء، و75 بالحديدة، وأكثر من 80 في محافظة صعدة؛ المعقل الرئيسي للحوثيين، وأكثر من 43 بمحافظة الجوف، ونحو 39 عنصراً في محافظة البيضاء.

واعتمدت المصادر في بياناتها على صور الضحايا التي توضع على السيارات في أكثر من محافظة، وعلى تعازي عائلات في مواقع التواصل الاجتماعي، والجنازات التي تُنظم في أكثر من منطقة.

تعتيم شديد

وذكرت المصادر أن عدم تأكيد مصرع أي من قيادات الصف الأول يرجع إلى الطريقة التي يتبعها الحوثيون عبر التعتيم الشديد على المواقع المستهدفة، ومنع السكان من الاقتراب منها، والتحكم في الصور ومقاطع الفيديو التي تُنشر بعد أن تخضع لعمليات مونتاج لدى جهاز الدعاية الحوثي، الذي يشرف عليه خبراء من «حزب الله»، ويتولون إدارة الجوانب الفنية والإعلامية بشكل كامل.

وبالاستناد إلى تجارب سابقة، فقد أكدت المصادر أن الحوثيين سيقرّون في وقت لاحق بخسائرهم في الصف القيادي الأول، كما حدث مع القيادي البارز طه المداني، الذي لقي حتفه خلال عملية تحرير مدينة عدن التي قادها «تحالف دعم الشرعية»، ومع ذلك أخفت الجماعة نبأ مصرعه وآخرين نحو عام كامل.

واشنطن استهدفت مواقع حوثية لتخزين الأسلحة وإخفاء قيادات (إعلام محلي)
واشنطن استهدفت مواقع حوثية لتخزين الأسلحة وإخفاء قيادات (إعلام محلي)

ورأت هذه المصادر في تنامي حملة الاعتقالات للسكان، خصوصاً في محافظة صعدة، دليلاً على أن الضربات قد وصلت إلى مواقع حساسة وتمكنت من اصطياد قيادات مهمة في صفوف الجماعة، إلا إن القبضة الأمنية على المحافظة، والتحكم فيمن يدخل إليها ومن يغادرها، يساعدانها على إخفاء تلك الخسائر.

ومع أن قطاعاً عريضاً من اليمنيين كانوا يتوقعون أن تتكرر تجربة استهداف قيادة الصف الأول لـ«حزب الله» اللبناني مع قيادة الحوثيين ويستعجلون ذلك، إلا إن مصادر عسكرية يمنية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مراكز اختباء قادة الجماعة الحوثية تختلف عن تلك الأماكن التي كانت قيادة «حزب الله» اللبناني تستخدمها.

احترازات أمنية

وطبقاً للمصادر، فإن الحوثيين يحُكمون قبضة أمنية مطلقة على سكان محافظة صعدة، ويستفيدون من التضاريس الجبلية للمحافظة لإنشاء مخازن للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة، كما أن هذه القيادات تلتزم احترازات أمنية مشددة، حيث تتنقل هذه القيادات من 3 إلى 4 مرات عند توجهها إلى أي مكان، مع تغيير خط السير في كل مرة، وكذلك السيارات التي يستخدمونها وأفراد الحراسة.

الغارات الأميركية تلاحق قادة الحوثيين في صنعاء (أ.ب)
الغارات الأميركية تلاحق قادة الحوثيين في صنعاء (أ.ب)

وكشفت المصادر العسكرية عن أن الضربات الأميركية «دمّرت مخازن أسلحة سرية في صعدة ومحافظة صنعاء، ومنصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وخلقت حالة من الرعب في أوساط قادة الحوثيين الذين اختفوا عن الأنظار خشية الاستهداف، وغابوا عن مواقع التواصل الاجتماعي، كما باتوا يخشون تبليغ السكان عن مواقع اختبائهم في الأحياء السكنية بمدينة صنعاء، رغم حرصهم على إخفاء هوياتهم والتنكر عند تنقلاتهم المحدودة».

ووفق هذه الرؤية، فإن الجماعة الحوثية، وإلى جانب تدمير مخازن أسلحتها ومنصات إطلاق الصواريخ، خسرت أيضاً جزءاً كبيراً من شبكة الاتصالات التي كانت تُستخدم في توجيه منظومة الأسلحة الجوية، فقد ركزت الضربات الأميركية على مواقع مختارة لهذه الشبكة في صنعاء وعمران والبيضاء وإب وحجة. وجزمت المصادر بأن من شأن ذلك أن يقيّد قدرتهم على استخدام المسيّرات والصواريخ الباليستية.