الحكومة اليمنية تعلن استعادة عدن بالكامل من الحوثيين

تحركات نحو «قاعدة العند».. وضربات التحالف مستمرة

مركبات عسكرية تابعة لمقاتلي المقاومة تقوم بتمشيط المدينة المحررة عدن بعد طردها مقاتلي الحوثي من المدينة الساحلية جنوب اليمن (رويترز)
مركبات عسكرية تابعة لمقاتلي المقاومة تقوم بتمشيط المدينة المحررة عدن بعد طردها مقاتلي الحوثي من المدينة الساحلية جنوب اليمن (رويترز)
TT
20

الحكومة اليمنية تعلن استعادة عدن بالكامل من الحوثيين

مركبات عسكرية تابعة لمقاتلي المقاومة تقوم بتمشيط المدينة المحررة عدن بعد طردها مقاتلي الحوثي من المدينة الساحلية جنوب اليمن (رويترز)
مركبات عسكرية تابعة لمقاتلي المقاومة تقوم بتمشيط المدينة المحررة عدن بعد طردها مقاتلي الحوثي من المدينة الساحلية جنوب اليمن (رويترز)

أعلنت الحكومة اليمنية، أمس، مدينة عدن محررة بالكامل من الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وقال مصدر في الحكومة اليمنية إن «الحكومة ستعمل على تطبيع الحياة في محافظة عدن وسائر المدن المحررة وإعادة تأهيل البنى التحتية، والعمل على عودة النازحين، وتأهيل مطار عدن الدولي والموانئ البحرية، واستئناف العملية الدراسية المنقطعة بعد تأهيل المدارس والجامعات». وأشار المصدر إلى أن «محافظة عدن ستكون منطقة مركزية لاستقبال الإغاثة الإنسانية القادمة من الدول الشقيقة والصديقة لتخفيف معاناة الشعب اليمني جراء الأعمال التي قامت بها ميليشيات الحوثي وصالح وفرض حصارها المطبق على أبناء الشعب اليمني ونهب المساعدات الغذائية والإنسانية وتسببها في خلق أزمة اقتصادية خانقة». وأكد المصدر أن «تحرير مدينة عدن من الميليشيات الحوثية وصالح يعد خطوة أولى لتحرير واستعادة كل المحافظات والمدن وتخليصها من ميليشيات الحوثي وصالح التي تسببت في إعاقة كل التسويات السياسية، واستمرت في انتهاج القتل والتدمير وسيلة للانقلاب على مؤسسات ونهب مقدرات الشعب وتسخيرها لصالح ثلة قليلة تدعي التسيد والتميز على أبناء الشعب اليمني العظيم»، حسب المصدر.
من جهة ثانية، اعترف الحوثيون بهزيمة ميليشياتهم والقوات المتحالفة معهم في المواجهات في عدن، واتهموا أطرافا خارجية بالمشاركة في العملية العسكرية التي حررت عدن. ودعا زعيم المتمردين الحوثيين، عبد الملك الحوثي، في خطاب له بمناسبة عيد الفطر المبارك، إلى التحرك الجاد وإلى تكثيف الجهود والعمل المتواصل، وحذر أنصاره من التقصير، على حد تعبيره. وعلى الرغم من تحرير مدينة عدن، تستمر العمليات العسكرية والاستعدادات من قبل القوات الموالية للشرعية الدستورية والرئيس عبد ربه منصور هادي من أجل التوجه لتحرير مناطق أخرى، وفي مقدمة المناطق المستهدفة في عملية التحرير «قاعدة العند» العسكرية الاستراتيجية، وهي قاعدة تبعد، عن عدن شمالا، بنحو 60 كيلو مترا، وتتبع إداريا محافظة لحج المجاورة لعدن. وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن طيران التحالف نفذ سلسلة من الغارات الجوية على القاعدة العسكرية والمناطق المجاورة لها. وتتوقع مصادر محلية البدء في عملية تحرير العند في وقت قريب، حيث سيتم الزحف عليها من أكثر من اتجاه، إضافة إلى الضربات الجوية والبحرية المصاحبة. وتكتسب «قاعدة العند» أهمية استراتيجية، كونها تضم معسكرات ومطارات حربية، وقد كانت القوات الأميركية تستخدم القاعدة في حربها ضد الإرهاب منذ عام 2011، وإلى ما قبل سيطرة الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح عليها، في مارس (آذار) الماضي، كما كانت القاعدة تستخدم، لسنوات طويلة، من قبل الاتحاد السوفياتي، إبان الحرب الباردة. كما تستمر، في عدن، عمليات التمشيط وتطهير المديريات المحررة من أية جيوب للميليشيات الحوثية أو قوات صالح، فقد أكد عدد من المواطنين، لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم عناصر الميليشيات والقوات الموالية للمخلوع فروا من مواقع لم تصل إليها المقاومة بعد، وخلفوا وراءهم الكثير من معداتهم العسكرية وأنهم يحاولون الاختلاط بالمواطنين في المناطق الآهلة بالسكان، بعد أن غيروا ملابسهم العسكرية بالملابس المدنية. وأكد المواطنون أن عناصر الميليشيات يسعون، بكل الطرق، إلى الخروج من المناطق الجنوبية وتحديدا عدن ولحج، إلى المحافظات الشمالية ليكونوا في مأمن من ملاحقة المقاومة لهم.
وعلى الرغم من مناسبة العيد، فقد استمرت التطورات العسكرية والأمنية على الساحة اليمنية، فقد أعلنت المقاومة الشعبية في «إقليم آزال» تنفيذها لسلسلة من العمليات في العاصمة صنعاء ومحافظتي ذمار وعمران. وقال المكتب الإعلامي للمقاومة، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن مسلحي المقاومة نفذوا هجوما استهدف دورية تابعة لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بالعاصمة صنعاء، وإن الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من مساء أول من أمس استهدف طقمين ومدرعة في «جولة عمران»، شمال العاصمة صنعاء، دون ذكر معلومات عن حجم الخسائر الناتجة عن الهجوم.
وتبنت مقاومة آزال، أيضا، هجومين في محافظة ذمار، إلى الجنوب من صنعاء، الأول وسط مدينة ذمار واستهدف بالرصاص الحي والقنابل اليدوية اجتماعا لقيادات ميدانية في منزل بحي هران بالمدينة، فيما استهدف الهجوم الثاني تجمعات لميليشيات الحوثيين وصالح في مدينة معبر، بنفس المحافظة. وقال المكتب الإعلامي للمقاومة إن الهجوم «استهدف مقر المجلس المحلي لمديرية جهران بمدينة معبر، الذي تحتله الميليشيا وكانت توجد فيه قيادات ميدانية، ونفذ بالقذائف والرصاص، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات». وفي محافظة عمران، تبنت المقاومة هجوما «استهدف تجمعا لميليشيات الحوثي وصالح، بمنطقة بئر الطيب بمحافظة عمران، شمال صنعاء». وحسب المكتب الإعلامي، فإن «الهجوم نفذ بعبوة ناسفة وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات»، وأورد المكتب إحصائية لعمليات مقاومة آزال خلال الفترة من 17 يونيو (حزيران) وحتى 11 يوليو (تموز) الحالي، والتي وصلت إلى 9 عمليات، و«أسفرت تلك العمليات عن مقتل 11 من عناصر الميليشيات وإصابة 27 آخرين، وتدمير 4 أطقم. وتنوعت تلك العمليات بين هجوم مسلح وعبوات ناسفة وقنابل يدوية وصواريخ لو».
وتأتي هذه العمليات للمقاومة الرافضة لوجود الحوثيين وسيطرتهم على السلطة، في الوقت الذي تمارس فيه الميليشيات الحوثية تشديدا للإجراءات الأمنية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وفي سياق متصل بالتطورات، واصلت قوات التحالف ضرباتها الجوية التي تستهدف مواقع المسلحين الحوثيين في عدد من المحافظات اليمنية. وذكرت مصادر محلية أن الغارات استهدفت، مرة أخرى، قاعدة الديلمي الجوية بصنعاء وموقعا للميليشيات في مدينة الرضمة بمحافظة إب، في وسط البلاد. وتعد هذه المديرية من أهم مواقع وجود الميليشيات الحوثية في المحافظة، كما استهدف الطيران، أمس، مثلث عاهم ومدينة حرض في محافظة حجة.



شهر من الضربات الأميركية يكبّد الحوثيين مئات العناصر

أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT
20

شهر من الضربات الأميركية يكبّد الحوثيين مئات العناصر

أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)

دخلت الضربات التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية على مواقع ومخابئ الحوثيين في اليمن شهرها الثاني دون توقف، وتمكنت خلال الشهر الأول من تدمير مخازن أسلحة سرية ومنصات لإطلاق الصواريخ، واصطياد قيادات عسكرية من الصف الثاني، مع استمرارها في ملاحقة قيادات الصف الأول.

وعلى الرغم من التعتيم الشديد الذي تفرضه الجماعة الحوثية على خسائرها جراء هذه الضربات، فإن حسابات كثير من أُسر الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصورهم في شوارع المدن، وعلى السيارات عند تشييعهم، كشفت عن جانب كبير من هذه الخسائر، مع تمكن المقاتلات الأميركية من اصطياد قيادات عسكرية وأمنية في كثير من الجبهات، خصوصاً في صعدة وحجة والحديدة والجوف والبيضاء وصنعاء.

ووفق تقدير مصادر وثيقة الاطلاع في مناطق سيطرة الجماعة تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن أكثر من 300 شخص قد لقوا حتفهم خلال الشهر الأول من هذه الغارات، بينهم قيادات الصف الثاني في التشكيلات العسكرية ومشرفون على الجبهات ومقاتلون.

ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)
ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق هذه المصادر، فقد خسرت الجماعة 68 عنصراً في صنعاء، و75 بالحديدة، وأكثر من 80 في محافظة صعدة؛ المعقل الرئيسي للحوثيين، وأكثر من 43 بمحافظة الجوف، ونحو 39 عنصراً في محافظة البيضاء.

واعتمدت المصادر في بياناتها على صور الضحايا التي توضع على السيارات في أكثر من محافظة، وعلى تعازي عائلات في مواقع التواصل الاجتماعي، والجنازات التي تُنظم في أكثر من منطقة.

تعتيم شديد

وذكرت المصادر أن عدم تأكيد مصرع أي من قيادات الصف الأول يرجع إلى الطريقة التي يتبعها الحوثيون عبر التعتيم الشديد على المواقع المستهدفة، ومنع السكان من الاقتراب منها، والتحكم في الصور ومقاطع الفيديو التي تُنشر بعد أن تخضع لعمليات مونتاج لدى جهاز الدعاية الحوثي، الذي يشرف عليه خبراء من «حزب الله»، ويتولون إدارة الجوانب الفنية والإعلامية بشكل كامل.

وبالاستناد إلى تجارب سابقة، فقد أكدت المصادر أن الحوثيين سيقرّون في وقت لاحق بخسائرهم في الصف القيادي الأول، كما حدث مع القيادي البارز طه المداني، الذي لقي حتفه خلال عملية تحرير مدينة عدن التي قادها «تحالف دعم الشرعية»، ومع ذلك أخفت الجماعة نبأ مصرعه وآخرين نحو عام كامل.

واشنطن استهدفت مواقع حوثية لتخزين الأسلحة وإخفاء قيادات (إعلام محلي)
واشنطن استهدفت مواقع حوثية لتخزين الأسلحة وإخفاء قيادات (إعلام محلي)

ورأت هذه المصادر في تنامي حملة الاعتقالات للسكان، خصوصاً في محافظة صعدة، دليلاً على أن الضربات قد وصلت إلى مواقع حساسة وتمكنت من اصطياد قيادات مهمة في صفوف الجماعة، إلا إن القبضة الأمنية على المحافظة، والتحكم فيمن يدخل إليها ومن يغادرها، يساعدانها على إخفاء تلك الخسائر.

ومع أن قطاعاً عريضاً من اليمنيين كانوا يتوقعون أن تتكرر تجربة استهداف قيادة الصف الأول لـ«حزب الله» اللبناني مع قيادة الحوثيين ويستعجلون ذلك، إلا إن مصادر عسكرية يمنية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مراكز اختباء قادة الجماعة الحوثية تختلف عن تلك الأماكن التي كانت قيادة «حزب الله» اللبناني تستخدمها.

احترازات أمنية

وطبقاً للمصادر، فإن الحوثيين يحُكمون قبضة أمنية مطلقة على سكان محافظة صعدة، ويستفيدون من التضاريس الجبلية للمحافظة لإنشاء مخازن للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة، كما أن هذه القيادات تلتزم احترازات أمنية مشددة، حيث تتنقل هذه القيادات من 3 إلى 4 مرات عند توجهها إلى أي مكان، مع تغيير خط السير في كل مرة، وكذلك السيارات التي يستخدمونها وأفراد الحراسة.

الغارات الأميركية تلاحق قادة الحوثيين في صنعاء (أ.ب)
الغارات الأميركية تلاحق قادة الحوثيين في صنعاء (أ.ب)

وكشفت المصادر العسكرية عن أن الضربات الأميركية «دمّرت مخازن أسلحة سرية في صعدة ومحافظة صنعاء، ومنصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وخلقت حالة من الرعب في أوساط قادة الحوثيين الذين اختفوا عن الأنظار خشية الاستهداف، وغابوا عن مواقع التواصل الاجتماعي، كما باتوا يخشون تبليغ السكان عن مواقع اختبائهم في الأحياء السكنية بمدينة صنعاء، رغم حرصهم على إخفاء هوياتهم والتنكر عند تنقلاتهم المحدودة».

ووفق هذه الرؤية، فإن الجماعة الحوثية، وإلى جانب تدمير مخازن أسلحتها ومنصات إطلاق الصواريخ، خسرت أيضاً جزءاً كبيراً من شبكة الاتصالات التي كانت تُستخدم في توجيه منظومة الأسلحة الجوية، فقد ركزت الضربات الأميركية على مواقع مختارة لهذه الشبكة في صنعاء وعمران والبيضاء وإب وحجة. وجزمت المصادر بأن من شأن ذلك أن يقيّد قدرتهم على استخدام المسيّرات والصواريخ الباليستية.