شاشات: عندما تحتاج الكتابة لإعادة كتابة.. أحيانًا

مي عز الدين في «حالة عشق»
مي عز الدين في «حالة عشق»
TT

شاشات: عندما تحتاج الكتابة لإعادة كتابة.. أحيانًا

مي عز الدين في «حالة عشق»
مي عز الدين في «حالة عشق»

عندما ينصب الكاتب نفسه طبيبًا نفسيًا هل يراجع حالات معيّنة ليحكم عليها؟
هل يفتح على صفحة من صفحات «غوغل» ليطّلع على ما يشابه الحالة التي يريد الحديث عنها أم يتصل بطبيب نفسي يعرفه ويتناقش معه في المسألة؟ أو تراه يعود إلى كتاب في علم النفس، الحديث أو القديم، يستمد منه المعلومات التي يحتاج إليها؟
غالبًا لا شيء مما سبق.
طريقة الكتّاب الممارسة جيلاً بعد جيل، هي التنظير واستخدام العناوين العريضة التي يمكن إسقاط حالات عدّة تحتها حتى لا يبدو البحث خارجًا عن الواقع.
يقول الطبيب النفسي د. عاصم (يقوم به الممثل المتمرس سامح الصريطي) لمريضته (مي عز الدين) في مسلسل «حالة عشق» بأنها تعاني من وجود شخصيّتين في جسد واحد. يتحمّل اتهامها له بأنه معتوه (لم تقل كذلك لكن هذا ما وضعته في طيات حوارها) ويحمل الكومبيوتر ماركة «ماكبوك برو» ليريها صورتها وهي جالسة على كنبة عريضة تنظر إلى الأعلى ويقول لها: «صورة مين دي؟»، ترد عليه: «دي صورتي».
يضغط على زر آخر ويريها صورة ثانية لها وهي جالسة وراء مكتب وتنظر إلى شخص ما أمامها «ودي؟»، ترد: «برضو صورتي».
يضع الماكبوك مكانه ويقول لها: «بس الاتنين مش واحد».
لها حق أن تسخر منه وتقول: «يا سلام؟»؛ ذلك لأن البرهان الذي قدّمه لها لا يعني في الواقع أي شيء ملموس. صحيح أنها تلعب شخصيّتين واحدة باسم «ملك» والأخرى باسم «عشق»، لكن صورتيها لا تشكلان دليلاً على أنها تعاني حالة انفصام في الشخصية.
رغم ذلك، شغل كاتب مسلسل «حالة عشق»، محمد صلاح العزب، هو التأكيد على أن الطبيب هو الذي على حق ولو عبر ابتكار مثل هذا المشهد الذي لا يقدّم ولا يؤخر.
مثل سواه من المسلسلات المنتشرة، يتطلب «حالة عشق» الكثير من الحلقات ليصل إلى حدث حاسم. ومثل الكثير منها أيضًا، يقوم على مواجهات متواصلة. لا أحد راض عن أحد هذه الأيام. الكل يزعق في الكل. هي في الطبيب، ابنة في أبيها. رجل عصابة برجل يعمل لديه. امرأة بتلك الابنة القاسية... إلخ. بعض الزعيق مستوحى من الحياة التي نمر بها والأنفاس الضيّقة للناس، لكن ذلك لا يعني أن الجميع يتحدث بالنبرة ذاتها مع اختلاف الكلمات.
والحديث عن الكلمات يقود إلى تكرار المتداول من الحوارات. من الصعب هنا تفنيد كل حوار منتشر بين المسلسلات السابقة والحالية. أشياء مثل «مفيش عد يعلى عليّ» و«أنا مخنوق» أو «من فضلك فكينا من السيرة دي»… والكثير سواها. طبعًا في بعض الحالات هي عبارات واجبة، لكن في غالب الحالات هي متكررة على طريقة الأفلام القديمة التي كان قريب المريض يسأل الطبيب: «طمني يا دكتور». فيقول لها بلهجة المستسلم «والله إحنا عملنا اللي علينا والباقي على ربنا»، أو ذلك المحقق الذي لا يجد إلا الكلمات ذاتها: «يعني أفهم من كلامك ده إنك مكنتش هناك ساعة الحادثة؟»… أعتقد أن الرسالة وصلت.
أكثر من ذلك، الصراخ بين الممثلين لا يجسّد حالة الغضب، بل يجسد حالة السعي للتعبير عنه بأقل قدر ممكن من الفن. تمامًا كتلك المناجاة الداخلية التي نسمعها في أكثر من مسلسل. ومثل تلك الموسيقى التي لا يعرف إلا القليل من المخرجين متى يستخدمونها (هذا عدا عن عدم معرفة الكثير من مؤلفيها كيفية كتابتها).
* واحد من حسنات مسلسل «نادي الشرق» (سابقًا «العراب - نادي الشرق») في أن كم الصراخ معدوم. الصراع مترجم إلى أفعال. حين يهدد جمال سليمان من يعتقد أنهم يسعون لمشاكسته، يفعل ذلك بصوت بالكاد يسمع تاركًا للنبرة الخافتة حمل جديّة إيصال الغاية وما يشعر به حيال الموضوع الذي يتم بحثه.
في حلقة أخيرة يفعل ذلك، لكن ما يقوم به وآخرون من تمثيل جيّد، لا يكفي لإخراج المسلسل من حالة يعتقدها معظم من تحدثت معه حوله: رتيبة.
بمراقبة تصميم الديكور وتصميم الإنتاج واستخدام الإضاءة فإن الغالب أن المخرج حاتم علي يريد التماثل بتلك المواصفات المزروعة في «العراب» الأميركي. ذاك أيضا حمل تصاميم مدروسة وبعضها (الداخلي) داكن وخشبي اللون والإضاءة مبتسرة في بعض المشاهد. لكن ذلك كان ضروريًا لناحية أن الأحداث تقع في الخمسينات ثم تعود، في الجزء الثاني، إلى الثلاثينات. الديكور في هذا الوضع ملائم للفترة الزمنية. لكن «نادي الشرق» يريد أن تقع أحداثه في الزمن الحالي بديكورات وإضاءة الزمن الماضي.
هل أصبت في هذا التحليل؟ أعتقد ذلك إلا إذا كان هناك غرض آخر خفي عني.
ما يؤدي إليه هذا الأمر هو وضع المشاهد في أسر حالة يحاول تفسير ضرورتها. المادة جيّدة ولو مطّاطة. الإخراج أيضا (ولو أنه ليس مبهرًا) والأداء مفعم باللحظات الرائعة (من جمال سليمان على الأخص)، لكن الاختيارات التي نحت إليها المعالجة هي التي تمنح هذا المسلسل وضع من أتيحت له الفرص، لكنه توقف عند منتصف الطريق حتى الآن.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.