دعا البابا فرنسيس، أمس، إلى الحوار في الإكوادور في عظة ألقاها في الهواء الطلق أمام نحو 900 ألف شخص في العاصمة كيتو، في حين تشهد البلاد تظاهرات تطالب برحيل الرئيس الاشتراكي رافاييل كوريا. وقال البابا في إشارة واضحة إلى حركة الاحتجاج في البلاد: «لا بد من العمل للاندماج على كل المستويات، ولا بد من الحوار».
ودعا البابا من جهة ثانية إلى إطلاق «ثورة» للتبشير في أميركا، وإلى «صرخة لبلسمة الجراح» وإلى «بناء الجسور» منددا بـ«الديكتاتوريات والآيديولوجيات والرغبات بالتفرد بالحكم».
وخلال اليومين الماضيين، حضر 1.6 مليون من أبناء الإكوادور عظتين للبابا خلال اليوميين الماضيين. وأفادت وزارة داخلية الإكوادور أن نحو 900 ألف شخص حضروا القداس رغم المطر والبرد في حديقة بيسنتناريو في شمال العاصمة كيتو. وكان نحو 800 ألف آخرين استمعوا أول من أمس إلى عظته في غواياكيل في جنوب غربي البلاد.
وأضاف البابا في إشارة إلى حرب الاستقلال لدول أميركا اللاتينية أن «صيحة الحرية التي صدحت قبل نحو مائتي عام لم تفتقر لا للالتزام ولا للقوة، إلا أن التاريخ يعلمنا أنها لم تكن فاعلة إلا عندما تخلت عن الطموحات الشخصية والرغبات بالتفرد بالقيادة».
وتتزامن زيارة البابا للإكوادور مع تشنج سياسي في البلاد حول الرئيس كوريا الذي يقدم نفسه على أنه «كاثوليكي يساري». وفسر البعض كلام البابا بأنه موجه إلى الرئيس كوريا الذي لا يخفي إعجابه بالبابا.
وقال الطالب فيليبي لإسكانو (22 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية: إنه «يقول بشكل غير مباشر للرئيس بضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أشخاصا لديهم أفكار مختلفة ويطلبون منه تغيير بعض الأمور التي لا يتفق معه الناس حولها». ويواجه الرئيس منذ نحو شهر حركات احتجاج هي الأقوى منذ تسلمه السلطة عام 2007، تعارض توجهاته الاشتراكية وخصوصا مشروعه لزيادة الضرائب على أملاك الأغنياء الذي أجبر على سحبه.
وحاول منذ الأحد الماضي وضع نفسه في خندق واحد مع البابا منتقدا غياب العدالة الاجتماعية، ومعتبرا أن «الفقر والبؤس في قارتنا ليسا نتيجة الافتقار إلى الموارد بل بسبب الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المنحرفة».
وبدا البابا في كلمته أنه يذهب في السياق نفسه عندما دعا إلى «التنبه بشكل خاص إلى إخواننا الأكثر ضعفا وإلى الأقليات الأكثر هشاشة»، معتبرا أن أميركا اللاتينية تعتبر القارة الأكثر افتقارا إلى المساواة الاجتماعية في العالم.
إلا أن البابا الذي عقد اجتماعا مغلقا الاثنين مع كوريا دعاه أيضا إلى «تسهيل الحوار والمشاركة من دون استثناءات لتهدئة التوتر في الإكوادور». والإكوادور هي المحطة الأولى من جولة للبابا ستشمل لاحقا بوليفيا والباراغواي. ويشدد البابا على موضوع العائلة بوصفها العمود الفقري للمجتمع.
وستكون العائلة إحدى القضايا التي ستناقش في الفاتيكان في أكتوبر (تشرين الأول) أثناء اجتماع الأساقفة الذي ستناقش خلاله الكنيسة عددا من القضايا الحساسة من بينها رعاية الأطفال من قبل الأب أو الأم لوحدهما، والطلاق وزواج المثليين. كما ستكون مشكلة الفقر من بين القضايا الرئيسية في رحلة «بابا الفقراء» في أميركا الجنوبية.
وهذه أول زيارة يقوم بها حبر أعظم إلى الإكوادور منذ ثلاثة عقود. وكانت الزيارة الأخيرة للبابا لأميركا الجنوبية إلى البرازيل في 2013 وتكللت بالنجاح مع مشاركة ثلاثة ملايين نسمة على شاطئ كوبا كابانا في ريو دي جانيرو في قداس بمناسبة انتهاء أيام الشبيبة الكاثوليكية. ويتحدر العدد الأكبر من الكاثوليك في العالم من أميركا اللاتينية. وخلال جولته يتوقع أن يلقي البابا 22 خطابا على الأقل ويقوم بسبع رحلات جوية تغطي 24 ألف كم (15 ألف ميل).
وغالبية السكان في البلدان الثلاثة التي يزورها البابا من الكاثوليك ويعانون من الفقر والعوز والتفاوت الاجتماعي خصوصا في صفوف السكان الأصليين. ومنذ انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في مارس (آذار) 2013 يطالب البابا بانتظام بحقوق الفقراء ويتطرق إلى المشكلات الاجتماعية والبيئية.
وهذه الرحلة هي التاسعة للبابا لكنها الزيارة الثانية لحبر أعظم إلى الإكوادور. وزار البابا الراحل يوحنا بولس الثاني هذا البلد في 1985. وحينها كان 94 في المائة من السكان من الكاثوليك مقارنة مع 80 في المائة اليوم في بلد يقدر عدد سكانه بـ16 مليونا. وسجل هذا التراجع مع نجاح الكنائس الإنجيلية في جذب عدد كبير من الأتباع، الكثير منهم هم من السكان الأصليين المستاءين من قلة الاهتمام الذي يحظون به من قبل الكنيسة الكاثوليكية.
اليوم يغادر البابا متوجها إلى لاباز في بوليفيا ومنها إلى الباراغواي الجمعة قبل أن يعود إلى روما في 12 يوليو (تموز) .
مع تصاعد الاحتجاجات.. البابا فرنسيس يدعو إلى الحوار من الإكوادور
1.6 مليون حضروا عظتين له خلال اليومين الماضيين
مع تصاعد الاحتجاجات.. البابا فرنسيس يدعو إلى الحوار من الإكوادور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة