البابا فرنسيس يذكر أميركا اللاتينية بمسؤولياتها حيال «الضعفاء»

يحمل رسالة تدعو للتقدم والتنمية الاقتصادية

البابا فرنسيس يذكر أميركا اللاتينية بمسؤولياتها حيال «الضعفاء»
TT

البابا فرنسيس يذكر أميركا اللاتينية بمسؤولياتها حيال «الضعفاء»

البابا فرنسيس يذكر أميركا اللاتينية بمسؤولياتها حيال «الضعفاء»

وصل البابا فرنسيس أمس إلى الإكوادور في مستهل جولة تستمر ثمانية أيام في أميركا الجنوبية، مذكرا إياها لدى وصوله إلى كيتو بما يتوجب عليها «حيال الضعفاء والمعوزين».
وصرح الحبر الأعظم في كلمته في مطار ماريسكال سوكري في كيتو التي وصلها ظهر أول من أمس بالتوقيت المحلي أن «التقدم والتنمية الاقتصادية القائمة في أميركا الجنوبية يضمنان مستقبلا أفضل للجميع». وأضاف أول بابا يسوعي من أميركا اللاتينية في التاريخ: «لكن يتعين إيلاء الضعفاء والأقليات المهمشة انتباها خاصا، ويتعين على أميركا اللاتينية الاهتمام بهم». وكان الرئيس الإكوادوري رافايل كوريا قد استقبل البابا على درج الطائرة، في حفل استقبال رسمي وشعبي له.
وقد استقبلت مجموعة من أطفال السكان الأصليين بأزيائهم التقليدية البابا فرنسيس الذي استمع طوال دقائق إلى ألحان عزفتها أوركسترا سيمفونية. ثم غادر المطار على متن سيارة صغيرة إلى السفارة البابوية، وقد حيته جموع لوحت بالإعلام البيضاء على جانبي الطريق.
ومن المرتقب أن يغادر البابا، الذي يبلغ 78 عاما، الإكوادور غدا إلى بوليفيا قبل أن يزور من يوم الجمعة إلى الأحد الباراغواي، شارك في الأيام العالمية للشبيبة في البرازيل في 2013.
وفي برقية بعث بها إلى الرئيسين الفنزويلي نيكولا مادورو والكولومبي خوان مانويل سانتوس لدى تحليق طائرته في الأجواء الفنزويلية، دعا البابا أيضا إلى «تعايش سلمي» في فنزويلا وكولومبيا اللتين تواجهان اضطرابات داخلية.
وفي هذه الرحلة التاسعة التي يقوم بها البابا فرنسيس إلى الخارج يزور ثلاث دول يشكل الكاثوليك غالبية سكانها، وواجهت تاريخا طويلا من الفقر والفوارق الاجتماعية التي تمس أساسا السكان الأصليين.
وسيلقي 22 خطابا ويستقل الطائرة سبع مرات لاجتياز 24 ألف كيلومتر.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قال الأب ديفيد دو لا توري المتحدث باسم المؤتمر الأسقفي الإكوادوري إن «الكنيسة تأمل في أن يوجه البابا رسالة قوية حتى نحول أنظارنا فعلا إلى الضواحي، ناحية المعوزين والمهمشين».
ويستقبل الإكوادوريون الذين عمد بعض منهم إلى طلاء منازلهم ورفعوا رايات الترحيب، حبرا أعظم للمرة الثانية بعد زيارة يوحنا بولس الثاني في 1985.
وفي تلك الفترة كان 94 في المائة من السكان يقولون إنهم كاثوليك، وقد تراجع هذا الرقم إلى 80 في المائة من أصل عددهم البالغ 16 مليون نسمة.
ويترافق هذا التراجع مع التقدم الاستثنائي للحركات الإنجيلية التي تمكنت من اجتذاب سكان البلاد الأصليين الذين خذلهم تراجع اهتمام الكنيسة الكاثوليكية بهم.
وفي الإكوادور، احتفل البابا فرنسيس بقداسين في الهواء الطلق، في غوياكيل جنوب غرب، والثاني في كيتو اليوم حيث من المتوقع مشاركة ثلاثة ملايين شخص بينهم آلاف من كولومبيا وبيرو.
وقالت ربة المنزل ماريا كريولو التي تبلغ 44 عاما على مدخل كنيسة في كيتو: «أحب عظات البابا. أنا من محبي القديس فرنسيس الاسيزي، وأحب البابا لأنه متواضع ومحب مثله، ولأنه يعتبر الماء شقيقه والعصافير إخوته».
وتأتي زيارة البابا إلى الإكوادور في إطار من التوتر السياسي بسبب قرار الرئيس كوريا الذي يترشح بصفته «كاثوليكيا يؤمن بمبادئ اليسار الإنسانية»، ويواجه منذ شهر مظاهرات تعارض سياسته الاشتراكية التوجه.
ولدى نزوله من الطائرة، دعا البابا فرنسيس الإكوادوريين إلى استلهام الإنجيل من أجل «تسهيل الحوار والمشاركة من دون استبعاد أحد».
وسيجري البابا الذي يعنى كثيرا بالشؤون السياسية لقاءات أيضا خلال رحلته مع الرئيس التقدمي الكاثوليكي البوليفي ايفو موراليس، ورئيس الباراغواي المحافظ أيضا هوراسيو كارتيس وعدد من القادة الآخرين بينهم الرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر.
وسيزور البابا واحدا من السجون المحاطة بتدابير أمنية مشددة ويعتبر الأسوأ في القارة، وهو سجن بالماسولا القريب من سانتا كروز في بوليفيا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.