ولد الشيخ من صنعاء: أزمة اليمن «كارثية».. وهدفنا الأول «هدنة إنسانية»

الحوثيون استقبلوه بهجوم مسبق على الأمم المتحدة وبمواقف تتعارض والقرارات الأممية

المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ب)
المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ب)
TT

ولد الشيخ من صنعاء: أزمة اليمن «كارثية».. وهدفنا الأول «هدنة إنسانية»

المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ب)
المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ب)

وصل إلى العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، المبعوث الأممي بشأن اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وقال ولد الشيخ عقب وصوله إلى مطار صنعاء، إن زيارته تهدف إلى «الإسراع في التوصل إلى هدنه إنسانية في ظل الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب اليمني»، وإنهم يبحثون «في أسرع وقت أن نتوصل إلى هدنة إنسانية ونتحدث مع كل الأطراف في هذا الأمر وما زلنا متفائلين أننا سنصل إلى ذلك»، وأضاف ولد الشيخ: «نكثف جهودنا من أجل الوصول إلى حل سلمي في هذه الأزمة التي أصبحت كارثية بالنسبة للشعب اليمني خاصة ما يتعلق بالقضايا الإنسانية»، وأكد المبعوث الأممي، للصحافيين في مطار صنعاء الدولي، علي أهمية إيجاد حل سلمي دائم في اليمن، وقال: «القضية المحورية هي حل سلمي يكون دائمًا ويسمح أن ترجع القضية إلى طاولة الحوار وأن يرجع اليمنيون إلى العملية السلمية السياسية».
وهذه هي الزيارة الثالثة للمبعوث الأممي إلى اليمن ويرافقه فيها فريق إنساني تابع للأمم المتحدة والمنسق الإقليمي للقضايا الإنسانية، استقبل الحوثيون المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، بمظاهرات في صنعاء وبتصعيد سياسي وإعلامي واتهامات للأمم المتحدة، إضافة إلى استباقهم للتمهيد لخطوات جديدة على طريق الانقلاب، وهي تشكيل مجلس رئاسي وحكومة إنقاذ، على حد وصفهم، وفي ضوء دعوة ما تسمى «اللجنة الثورية العليا»، والتي شكلها الحوثيون عقب السيطرة على العاصمة صنعاء العام الماضي تظاهر المئات من المؤيدين للحوثيين قرب مطار صنعاء الدولي وهم يرفعون شعارات تنتقد ما وصفته بـ«الموقف المخزي» للأمم المتحدة تجاه الوضع الإنساني في اليمن وتسترها على ما يحصل للشعب اليمني، على حد تعبير اللجنة، كما استبق الحوثيون والقوى السياسية الموالية لهم من الأحزاب والمكونات الصغيرة في الساحة اليمنية، زيارة ولد الشيخ بإعلانهم السعي إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة إنقاذ، وفي مؤتمر صحافي عقدته تلك المكونات في صنعاء، جرى تجديد عدم اعترافهم بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وشرعية حكومته برئاسة خالد محفوظ بحاح، وكشف الحوثيون، في ذلك المؤتمر الذي عقد أول من أمس، عن رفضهم الكامل للانسحاب من المدن إلا بعد الحوار الشامل والتوصل لحل شامل، وعرض الحوثيون النقاط التي طرحوها في مشاورات جنيف، منتصف الشهر الماضي وهي: «إعلان وقف إطلاق النار الدائم بين الأطراف السياسية اليمنية المتحاربة بما يمكن المكونات السياسية اليمنية من بحث حل شامل بما فيه بحث انسحاب كل الأطراف من المدن الرئيسية وآلياته بما لا يمنع التصدي لعناصر القاعدة ومنعها من السيطرة والانتشار، وذلك خلال فترة زمنية محددة بما يفضي إلى إحياء العملية السياسية وفق المرجعيات المتفق عليها، والإنهاء الفوري للحصار المفروض على الشعب اليمني بكل أشكاله بما يكفل دخول كل الاحتياجات دون قيود وبما يسمح بإدخال الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها »، ويتعارض موقف الحوثيين مع المواقف المعلنة للأمم المتحدة والتي تسعى إلى تطبيق القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي (2216)، والذي ينص على وقف لإطلاق النار والانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى المؤسسات الشرعية الرسمية والسماح للمنظمات الإغاثية القيام بعملها، قبل الشروع في أية مفاوضات تفضي إلى تسوية سياسية.
وقالت مصادر يمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما أعلن عنه الحوثيون من سعيهم لاتخاذ خطوات تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مع حلفائهم في الساحة اليمنية، يعد خرقا واضحا لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن والتي تمنع أية تصرفات أحادية الجانب»، وبحسب تلك المصادر، فإن الحوثيين «يضربون عرض الحائط بالقرارات الدولية ولا يريدون من الأمم المتحدة إلا ما يساعدهم على تحقيق غاياتهم»، ومن ذلك الهدنة الإنسانية التي ترى كل الأوساط اليمنية أنها تصب في مصلحة الحوثيين لالتقاط أنفاسهم ولتعزيز مواقعهم، كما حدث مع الهدنة السابقة.
على صعيد التطورات الميدانية، جددت طائرات التحالف، فجر أمس، قصفها العنيف لمواقع عسكرية متعددة في شمال العاصمة صنعاء، وقد سمع دوي انفجارات عنيفة وشوهدت ألسنة اللهب في سماء المدينة جراء تلك الغارات التي استهدفت مخازن أسلحة على ما يبدو، وتركز القصف على موقع «خشم البكرة» بشمال المدينة، أما في محافظة عمران بشمال العاصمة، فقد نفذ طيران التحالف قصفا عنيفا على معسكر قوات الأمن الخاصة ومقر اللواء التاسع، وقال شهود عيان في عمران إن القصف الذي استهدف الاستاد الرياضي، أيضا، أدى إلى تدمير أجزاء منه وإلى فرار كل المعتقلين الذين يحتجزهم الحوثيون بداخل صالاته، وفي تعز، شنت طائرات التحالف، ظهر أمس، سلسلة من الغارات الجوية التي جاءت لمساندة المقاومة الشعبية واستهدفت القصر الجمهوري ومعسكر قوات الأمن الخاصة، في الوقت الذي تشهد المدينة مواجهات بين القوات العسكرية والمقاومة المؤيدة للشرعية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات العسكرية المتمردة على الشرعية والموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وقالت مصادر محلية متطابقة في عدد من المحافظات اليمنية إن العشرات من المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، قتلوا وجرحوا في معارك مع القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في تعز وعدن، وتشهد جبهتا الصراع المسلح في عدن وتعز، مواجهات شرسة بين الطرفين، في الوقت الذي شن طيران التحالف سلسلة من الغارات المساندة لقوات هادي، واستهدفت هذه الغارات المواقع التي يتمركز فيها المسلحون الحوثيون.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.