أنهى قائد شرطة التحقيق ومكافحة الفساد في إسرائيل، العميد أفرايم براخا، حياته برصاصة في الرأس، محدثا صدمة في الأوساط الإسرائيلية، مع أنه كان قد هدد فعلا بالانتحار. وقد اعتبر الحدث «انتصارا لقوى الفساد السلطوي» وللمافيا الإسرائيلية، التي تعاملت معه على أنه العدو الأول لها، فهو ضابط معروف بشجاعته وإدارته لأبرز ملفات التحقيق الجنائي والجزائي.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد عثرت على جثة العميد براخا (54 عاما) داخل سيارته الخاصة، صباح أمس، على مقربة من بيته في بلدة موديعين. وبدا أن رصاصة واحدة انطلقت من مسدسه واستقرت في رأسه وقتلته في الحال.
خدم براخا في جهاز الشرطة منذ 30 عاما، وتدرج في مناصب عدة، لكنه نجح بالأساس في مجال التحقيقات. وقد اشتهر بداية عندما حقق مع قتلة رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين، (يغئال عمير ومعاونيه)، ثم حقق مع وزير المالية أبراهام أهرونشزون. وحقق كذلك مع زعماء المافيا الإسرائيلية. ويعتبر براخا أحد أبرز الضباط الذين يوجهون الضربات. وكان ينوي قبل انتحاره التحقيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في شبهات فساد، لكنْ طُلِب منه أن ينتظر. ويربط المراقبون بين الانتحار وما جرى للرجل في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ سنة 2012؛ ففي حينها، كان براخا يتردد على كنيس للعبادة، وأقام صداقة مع القائد الروحي ياشيهو بنتو. وقد أصبح أقرب الشخصيات اليهودية إليه. وبنتو اعتاد استقطاب الكثير من الزعماء اليهود في إسرائيل والعالم، ليقدم لهم الفتاوى والدروس الدينية. في هذه الأثناء، تورط الحاخام بنتو مع سلطات القانون، إذ بدأت تصل معلومات عن دفعه رشا في إسرائيل وفي الولايات المتحدة. فتوجه الحاخام بنتو إلى العميد براخا طالبا مساعدته في معرفة خبايا التحقيق معه. ولما رفض براخا، عرض عليه بنتو رشوة تقدر بـ200 ألف دولار نقدا، فتوجه براخا إلى رئيسه في الشرطة وطلب رأيه، فأمره بأن يوافق شرط أن يدور كل شيء خلف الكاميرا. وهكذا حصل، وجرى توثيق تسليم المال، من زوجة بنتو إلى زوجة براخا.
وكان بنتو قد امتدح براخا في التحقيق ونعته بالقديس، ولكن عندما أبلغه المحققون بأن براخا اعترف لهم ووثق تسليم الرشوة، راح يشتمه وينعته بأقذع الصفات، ويقول إنه تلقى منه أكثر من رشوة. وعلى هذه الخلفية، راح وزراء ونواب ومسؤولون آخرون في اليمين الإسرائيلي، يطالبون بمنع ترقيته. وتوجه أحدهم إلى المحكمة العليا لهذا الغرض. وبدأت أوساط عدة في إجراء تحقيقات ونشر تسريبات بأن براخا سيمثل للاعتقال والتحقيق في وقت قريب، فراح براخا يخبر زملاءه بأنه إذا استدعي للتحقيق فإنه سينتحر. ونشر أحد الصحافيين الذين يتابعون براخا ويلاحقونه التهديد.
ويرى المراقبون أن هناك أعداء كثيرين في المجتمع الإسرائيلي للعميد براخا، من بين القيادات السياسية الأولى وحتى زعماء المافيا، وأن هؤلاء جميعا يتنفسون الصعداء الآن بعدما توفي براخا؛ فهم يعتبرونه العدو الأول، لكن هذا لم يمنع غالبيتهم من إصدار بيانات نعي وتعزية، في حين نشر المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين، بيانا قال فيه إن براخا كان ضابط شرطة موهوبا ومستقيما ومخلصا لسيادة القانون.
وقال مقربون من براخا إنه كان يعاني في الفترة الأخيرة حالة نفسية صعبة، بسبب التقارير في الصحافة والاتهام بارتكاب مخالفات. وقال ضابط رفيع المستوى في الشرطة الإسرائيلية لموقع «واللا» الإخباري، إن «الشرطة تحمل الإعلام مسؤولية وفاته». وقال الضابط الذي لم يُذكر اسمه: «قتلتموه مع التقارير والتسريبات من الحاخام بنتو.. الكلمات تقتل».
انتحار رئيس شرطة مكافحة الفساد في إسرائيل
العدو الأول للسياسيين ولعصابات المافيا كان ينوي التحقيق مع نتنياهو
انتحار رئيس شرطة مكافحة الفساد في إسرائيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة