نيجيريا: مقتل 55 شخصًا في تفجيرات انتحارية.. و«بوكو حرام» المشتبه الأول

فرنسا والكاميرون تعتزمان توسيع تعاونهما في محاربة الجماعة المتطرفة

نيجيريون في موقع السوق الذي شهد عملية انتحارية بواسطة فتاة كانت ترتدي حزاما ناسفا أدت إلى مقتل العشرات (أ.ب)
نيجيريون في موقع السوق الذي شهد عملية انتحارية بواسطة فتاة كانت ترتدي حزاما ناسفا أدت إلى مقتل العشرات (أ.ب)
TT

نيجيريا: مقتل 55 شخصًا في تفجيرات انتحارية.. و«بوكو حرام» المشتبه الأول

نيجيريون في موقع السوق الذي شهد عملية انتحارية بواسطة فتاة كانت ترتدي حزاما ناسفا أدت إلى مقتل العشرات (أ.ب)
نيجيريون في موقع السوق الذي شهد عملية انتحارية بواسطة فتاة كانت ترتدي حزاما ناسفا أدت إلى مقتل العشرات (أ.ب)

ذكر الرئيس المحلي للدفاع المدني أمس السبت أن تفجيرات انتحارية نفذها أشخاص يشتبه بأنهم إسلاميون متطرفون في شمال شرقي نيجيريا، أسفرت عن مقتل 55 شخصا على الأقل وإصابة مائة آخرين.
وأفادت تقارير بأن عدة نساء فجرن أنفسهن وسط الحشود التي كانت متجمعة في قرية زابارماري مساء أول من أمس بُعيد هجوم آخر نفذه أشخاص يشتبه بأنهم أعضاء في جماعة بوكو حرام. وقال الرئيس المحلي إن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع نظرا لأن عددا من الأشخاص بترت أطرافهم في الانفجارات، ما تسبب في صعوبة التأكد من الرقم الدقيق للجثث، ويعتقد أن هناك أطفالا بين القتلى. كما عثرت الشرطة على قنابل لم تنفجر في الموقع أمس، وجرى التخلص منها من خلال تفجيرها تحت السيطرة.
وعلى صعيد متصل، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عقب انتهاء جولته الأفريقية في ياوندي مساء أول من أمس، أن بلاده والكاميرون «ستوسعان تعاونهما» في محاربة جماعة بوكو حرام المتشددة التي تكثف اعتداءاتها داخل في المنطقة، موضحا في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكاميروني بول بيا أن «فرنسا تقف إلى جانب الكاميرون في مواجهة تهديدات» بوكو حرام.
وتابع هولاند موضحا: «لقد أردنا قبل عام أن يكون هناك تنسيق أكبر لتحركاتنا (...) وسنوسع أيضا هذا التعاون»، خصوصا في مجال الاستخبارات (صور جوية) والتدريب العسكري وتنسيق الخطوات. وبخصوص هروب عشرات آلاف النيجيريين إلى الكاميرون من هجمات الإسلاميين في شمال شرقي بلدهم، اعتبر هولاند أنه «من الضروري أن تكون هناك مساعدة من المجتمع الدولي»، مؤكدا أن «المساعدة الفرنسية ستتواصل وتتوسع». ودعا من جديد إلى انتهاج الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في حضور الرئيس بول بيا الحاكم منذ 32 عاما، قائلا إنه «لا يمكن أن تكون هناك تنمية دون أمن، ودون ديمقراطية أيضا. إننا نولي أهمية لجميع الجهود الممكن القيام بها من أجل أن يكون للتعددية مكانها الكامل.. كما نولي أهمية أيضا لحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان»، وذلك بعد أن أشاد في المحطة الأولى من جولته الأفريقية في كوتونو بالتناوب الديمقراطي في بنين. وختم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تصريحاته بالتأكيد على أنه «مستعد لتنظيم قمة جديدة للدول التي تحارب جماعة بوكو حرام المتشددة»، التي منيت بهزائم خلال الأشهر الأخيرة في حملتها لإقامة دولة إسلامية في شمال شرقي نيجيريا، موضحا أن الطيران الفرنسي «يحلق باستمرار فوق المناطق التي تنشط فيها جماعة بوكو حرام، ومن ثم يمكن أن نمد جيوش الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا بصور يحتاجون إليها. لقد أبلغت الرئيس بيا بأننا سنعزز هذا التعاون، لا سيما في ما يتعلق بإتاحة صور للجماعة، وتدريب الجنود وتنسيق العمليات.. وستستمر المساعدات الفرنسية بل ستزيد. أتعهد بذلك بسبب مشكلة اللاجئين».
وأدت عمليات نفذتها قوات إقليمية إلى طرد المتشددين من معظم مواقعهم، وتوعد الرئيس النيجيري محمد بخاري بسحق فلول هذه الجماعة. ورد المتشددون بمهاجمة أطراف عاصمة ولاية في شمال شرقي نيجيريا مساء أول من أمس، مصعدين الهجمات بعد أسبوع قُتل فيه أكثر من 150 شخصا.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.