«الفقر الكهربائي» يعوق اقتصادات أفريقيا

قدرة إنتاجها لمجموع دول جنوب الصحراء أقل من كوريا الجنوبية

«الفقر الكهربائي» يعوق اقتصادات أفريقيا
TT

«الفقر الكهربائي» يعوق اقتصادات أفريقيا

«الفقر الكهربائي» يعوق اقتصادات أفريقيا

تكشف الأرقام أن مجمل قدرة إنتاج الكهرباء لدى دول جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية لا يصل لمستوى قدرة كوريا الجنوبية، بجانب أن ربع هذه القدرة معطل في أي لحظة بسبب البنية التحتية المتهالكة لدول القارة.
من جهته، يقدر البنك الدولي أن انقطاعات التيار الكهربائي وحدها تقلص إجمالي الناتج الداخلي لدول جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 2.1 في المائة.
وقد تجلى التأثير السلبي لانقطاع الكهرباء بالمنطقة مؤخرًا في نيجيريا، التي تفوقت على جنوب أفريقيا العام الماضي باعتبارها أكبر اقتصادات القارة.
الملاحظ أن شبكة توزيع الكهرباء النيجيرية تنتج قدرًا ضئيلاً من الطاقة لدرجة أن الجزء الأكبر من البلاد يعتمد على المولدات الخاصة. وعليه، فإنه عندما وقعت أزمة وقود هذا الربيع، سرعان ما أعقبتها أزمة وطنية، واضطربت خدمة الهاتف النقال وأغلقت المصارف أبوابها بصورة مؤقتة وتوقفت الطائرات عن التحليق.
وسلط نقص الطاقة وانقطاعها الضوء على مسؤولين منتخبين، وأجج غضب الناخبين الذين اعتبروا توافر إمدادات طاقة جديرة بالاعتماد عليها أحد مزايا الديمقراطية وثمار النمو الاقتصادي. ويرى خبراء أن تعيين مسؤولين بناءً على اتصالاتهم السياسية، وليس خبرتهم، داخل مؤسسة «إسكوم» المملوكة لجنوب أفريقيا، أسفر عن سوء إدارة شبيهة بما حدث للمؤسسات الحكومية الأخرى.
في هذا الصدد، علق أنتون إيبرهارد، خبير الطاقة وبروفسور الإدارة بجامعة كيب تاون، على الأمر بقوله: «عندما تنطفئ المصابيح، فإن هذا ليس مؤشرًا على الفشل فحسب، وإنما تجربة يعايشها الناس بصورة مباشرة. عندما تكون على وشك البدء في الطهي أو ابنك يذاكر لأنه سيخوض امتحانًا في اليوم التالي، فإن الناس يشعرون بهذا الأمر بصورة مباشرة للغاية. إن هذا تعبير ملموس ودراماتيكي للغاية عن الفشل».
وقد تحول الطلب على الطاقة في أفريقيا إلى قضية دولية كبرى. واضطلعت الصين بدور الريادة في تمويل الكثير من مشروعات الطاقة عبر مختلف دول القارة، خاصة السدود المولدة للطاقة الكهرومائية، وكذلك مصانع إنتاج الطاقة الشمسية ومشروعات استغلال طاقة الرياح. وتعمل شركات خاصة من آسيا والولايات المتحدة وأوروبا على توفير الطاقة لأعداد متزايدة من الدول.
كما اضطلعت الصين بدور ريادي في تمويل الكثير من مشروعات الطاقة عبر القارة، وتتولى جهات خاصة لإنتاج الطاقة حاليًا إمداد بعض دول القارة بالكهرباء.
وخلال زيارة له لأفريقيا منذ عامين، سلط الرئيس أوباما الضوء على أهمية تحسين إمدادات الطاقة بالقارة عبر مبادرة بقيمة 7 مليار دولار بعنوان «أمدوا أفريقيا بالطاقة». وتركز الحكومة الأميركية، وذلك بصورة جزئية عبر كيانات مثل «مؤسسة تحدي الألفية»، على تحسين مستوى البنية التحتية للكهرباء في الكثير من الدول، منها غانا ومالاوي وتنزانيا.
إلا أن الاستثمارات والتغييرات داخل قطاع الكهرباء على مستوى القارة لم تحقق بعد مكاسب كبيرة، ويتوقع خبراء أن يستغرق الأمر عقودًا قبل أن تتمتع دول جنوب الصحراء الأفريقية بالمستوى العالمي من توافر الطاقة الكهربية.
خلال الخطاب الذي ألقاه بمناسبة تنصيبه رئيسًا للبلاد الشهر الماضي، قال محمدو بخاري، إن محاولات بلاده إصلاح قطاع الكهرباء «لم تجلب سوى الظلام والإحباط والبؤس والاستسلام بين النيجيريين». وأشار إلى عدم انتظام إمدادات الطاقة ببلاده باعتبارها العقبة الكبرى أمام اقتصاد بلاده.
يذكر أن قادة نيجيريا يعدون بتوفير إمدادات مستقرة من الطاقة منذ انتهاء الحكم العسكري عام 1999، وأنفقوا قرابة 20 مليار دولار ويعملون على تفكيك الهيئة الوطنية للطاقة الكهربية، التي اكتسبت سمعة سيئة في أوساط النيجيريين بسبب سوء الخدمة.
ومع ذلك، ظلت قدرة البلاد على توليد الطاقة من دون تغيير فعلي، حيث تقدر بنحو ستة غيغاواط في بلد يبلغ عدد سكانه 170 مليون نسمة. يذكر أن الولايات المتحدة، بعدد سكانها البالغ 310 ملايين، لديها قدرة تفوق 1.000 غيغاواط.
من جهته، قال أكبان إكبو، المدير العام لمعهد غرب أفريقيا للإدارة المالية والاقتصادية في لاغوس، العاصمة التجارية لنيجيريا: «لا تحصل غالبية الشركات على أربع ساعات من الطاقة يوميًا من الشبكة الوطنية. وإذا حدث ذلك، فإنها تصبح محظوظة».
ومن المعتقد أن الجزء الأكبر من الـ20 مليار دولار التي أنفقت على إصلاح قطاع الطاقة، ذهب إلى جيوب مسؤولين فاسدين، حسبما أضاف إكبو.
وأشار إلى أنه: «مع بزوغ فجر الديمقراطية، تلقينا وعودًا باستمرار إمدادات الطاقة أو على الأقل تحسين مستواها، لكن ما أثار دهشتنا أن الأوضاع ازدادت سوءًا. في بعض مناطق الطبقة المتوسطة من لاغوس، يكون الناس محظوظين إذا حصلوا على طاقة لمدة 30 دقيقة يوميًا».
أما تاريخ جنوب أفريقيا الحديث مع الكهرباء، فأكثر تعقيدًا، وكانت محط جدال محتدم مع استمرار أزمة انقطاع الكهرباء الراهنة لشهور عدة.
خلال السنوات الأخيرة من حقبة التمييز العنصري، وقبل انتخاب حكومة ديمقراطية عام 1994، وصلت الكهرباء إلى ثلث أسر جنوب أفريقيا فقط، القليل منهم من أصحاب البشرة السمراء.
في ظل حكم حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» - الذي يحكم قادته البلاد منذ ذلك الحين، بعد أن وعدوا بتوفير كهرباء مجانًا وخدمات أخرى كجزء من الديمقراطية الجديدة بالبلاد - تحصل 85 في المائة من الأسر حاليًا على إمدادات كهرباء، وهو إنجاز كبير بجميع المعايير. وقد رفض الرئيس جاكوب زوما بقوة أي لوم عن الأزمة الراهنة في الطاقة، موضحًا أن الضغط على الشبكة الوطنية للكهرباء ناجم عن توصيل الكهرباء لملايين الأسر صاحبة البشرة السمراء التي كانت محرومة من الكهرباء خلال حقبة حكم الأقلية البيضاء.
وأضاف: «إنها مشكلة من زمن التمييز العنصري نعكف على حلها». إلا أن خبراء بمجال الطاقة يقولون إن هذه الأسر، التي ينتمي الكثير منها لأصحاب الدخول المنخفضة، تستهلك القليل من الكهرباء. ويرون أن النقص الحقيقي ناجم عن التعطل المتكرر للمصانع المتهالكة، والتأخر في بناء محطتين جديدتين لتوليد الكهرباء.
جدير بالذكر أنه في عام 1998، حذر تقرير حكومي من أنه من دون توافر قدرات كهربية جديدة، ستواجه البلاد نقصًا خطيرًا في الطاقة بحلول عام 2007. وبعد ذلك بعام، أي عام 2008، عانت جنوب أفريقيا من أول موجة كبرى لانقطاع الكهرباء.
يذكر أن جنوب أفريقيا، التي تملك المحطة النووية الوحيدة لتوليد الكهرباء على مستوى القارة، تتمتع بنصف إجمالي قدرة دول جنوب الصحراء الكبرى على توليد الكهرباء، والبالغة نحو 44 غيغاواط. ومع ذلك، أسهم نقص الكهرباء في تراجع النمو الاقتصادي بالبلاد مؤخرًا وارتفاع معدلات البطالة إلى مستوى 26.4 في المائة، أسوأ مستوى تشهده البلاد منذ أكثر من عقد. وقد أثرت انقطاعات الكهرباء على الجميع، بدءًا من شركات تعدين الذهب العملاقة وصولاً إلى الشركات الصغيرة والأفراد.
حاليًا، هناك إقبال من جانب أبناء جنوب أفريقيا على شراء المولدات الخاصة والمصابيح التي يمكن شحنها. كما أنهم ينظمون حياتهم تبعًا لجداول انقطاع الكهرباء. ومن أشهر التطبيقات التي يقبل عليها سكان جنوب أفريقيا تلك التي تنبه مستخدمي الهواتف الذكية التي تنبه لقرب انقطاع الكهرباء بالحي الذي يقطنوه.
*خدمة «نيويورك تايمز»



الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
TT

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يخفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع، مع إشارات إلى وتيرة معتدلة للتيسير النقدي في عام 2025.

وحصل الدولار على دعم إضافي من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، حيث يثق المتداولون في خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، يوم الأربعاء، مع توقعات بأن يتراجع البنك عن مزيد من الخفض في يناير (كانون الثاني) المقبل، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ورغم تجاوز التضخم هدف البنك المركزي السنوي البالغ 2 في المائة، صرَّح صُناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» بأن الارتفاعات الأخيرة في الأسعار تُعدّ جزءاً من المسار الصعب لخفض ضغوط الأسعار، وليست انعكاساً لانخفاض الأسعار. ومع ذلك يحذر المحللون من أن «الفيدرالي» قد يتوخى الحذر من تجدد التضخم مع تولي ترمب منصبه في يناير.

وقال جيمس كنيفوتون، كبير تجار النقد الأجنبي في «كونفيرا»: «أظهر الاقتصاد الأميركي مرونة أمام أسعار الفائدة المرتفعة، مما يعني أن احتمال زيادة التضخم إذا انتعش الاقتصاد سيكون قضية يجب أن يعالجها الاحتياطي الفيدرالي». وأضاف: «هناك قلق من أن السياسات الاقتصادية للإدارة المقبلة قد تكون تضخمية، لكن، كما أشار محافظ بنك كندا، في وقت سابق من هذا الشهر، لا يمكن أن تستند القرارات إلى السياسات الأميركية المحتملة، وربما يتبع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا النهج نفسه».

واستقرّ مؤشر الدولار الأميركي، الذي يتتبع العملة مقابل اليورو والجنيه الاسترليني والين وثلاث عملات رئيسية أخرى، عند 106.80، بحلول الساعة 06:05 (بتوقيت غرينتش)، بعد أن بلغ 107.18، يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزادت العملة الأميركية بنسبة 0.1 في المائة إلى 153.87 ين، بعد أن سجلت 153.91 ين، في وقت سابق، وهو أعلى مستوى لها منذ 26 نوفمبر. كما ارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.22 في المائة إلى 1.2636 دولار، بعدما سجل أدنى مستوى له منذ 27 نوفمبر عند 1.2607 دولار. في حين ارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة إلى 1.0518 دولار، بعد أن هبط إلى 1.0453 دولار في نهاية الأسبوع الماضي، وهو أضعف مستوى له منذ 26 نوفمبر، متأثراً بخفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لفرنسا بشكل غير متوقع، يوم الجمعة.