أستاذ ورئيس قسم.. ووزير أيضًا

عادل إمام في لقطة من المسلسل
عادل إمام في لقطة من المسلسل
TT

أستاذ ورئيس قسم.. ووزير أيضًا

عادل إمام في لقطة من المسلسل
عادل إمام في لقطة من المسلسل

عدت إلى مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» يوم أمس، لأجد أن بطل المسلسل الأستاذ ورئيس قسم في الجامعة قد أضاف وظيفة جديدة عليه، أصبح أستاذًا ورئيس قسم ووزيرًا أيضًا.
متى حدث ذلك؟
عدت إلى الحلقات التي فاتتني، ووجدت أن الحادثة حصلت في الجزء العاشر. الأستاذ فوزي (عادل إمام) موجود في الملهى الذي يصر على أن يجلس فيه مع سائقه (محمد عبد الرحمن)، وطالبه النجيب متولي (طارق عبد العزيز)، ورئيس تجمع شيوعي (لم أحصل على اسمه) والمرأة التي تعمل (بشرفها) في الملهى (انتصار)، عندما يصل إليه هاتف ممن لا نعرف، يخبره فيه أنه بات وزيرًا.
في الحلقة الحادية عشرة تبدأ أزمات المنصب بالظهور. في الواقع هي ليست أزمات المنصب السياسية أو الإدارية، بل أزمات الصدام الحاصل بين شخصيتي فوزي التي يؤديها عادل إمام وعادل إمام نفسه.
هو يرفض، في المسلسل، ركوب سيارة الوزير ويصر على ركوب التاكسي الذي اعتاده. ويرفض الحماية المناطة بالمسؤولين لأنها تحد من حريته. في الحلقة التالية هناك مناوشات بينه وبين الإعلام سببها دكتور نافع (أحمد بدير) الذي كان يمني نفسه بمنصب وزير، لدرجة أنه عزم من يعتقد أنه بات صاحب القرار (أحمد راتب) على مطعم لأكل «الفتّة» (هل هناك إبداع أكثر من ذلك؟). في الحلقة الثالثة عشرة نرى فوزي يحاول حل قضايا العلاقة المتوترة بين زوجته السابقة وأولادها الثلاثة. في الوقت ذاته هناك امرأة غامضة اسمها أحلام تقول نصف جملة في محاولة تعريف نفسها، وتتوقف، ثم تختفي. هذا في الوقت الذي يعلمه محاميه، رئيس التجمع الشيوعي، بأن هناك نحو 150 قضية مرفوعة ضده.
تصوّر الحلقة أيضا أن ثقة الشارع الشبابي به اهتزت. سابقًا كان قائدها الملهم الذي يدعو إلى الإصلاح والثورة على الفساد. الآن بات يدعو للتهدئة.
حتى من قراءة ما سبق (وهو ليس كل ما يرد في تلك الحلقات الأخيرة)، نلحظ التشتت الواسع بين الخيوط التي تتوالى. المفجع أنه لا خيط منها صحيح، ولا العمل مكتوب بدراية. والأهم أنه ليس مكتوبًا لولوج أهم حدث تعرضت له مصر منذ ثورة 1952 ونكسة 1967 وحرب 1973 وهي ثورة يناير 2011.
كان لا بد من العودة إلى هذا المسلسل لأهمية حضوره وسط أعمال رمضان وهذه الأهمية لها مصدران: إنه مسلسل عادل إمام الجديد وثانيًا، يدور حول أحداث سنة 2010 وما بعدها مباشرة.
في هذين المصدرين تكمن المشكلات التي نسفت ضرورته: الجمهور يتوقع عادل إمام كوميديًا وعادل إمام يتوقع نفسه دائمًا كممثل كوميدي. هذا يفترض بعدًا آخر: هل يمكن معالجة موضوع الثورة؟ وكيف كانت مصر أيام حسني مبارك وما حدث لها خلال الثورة ذاتها وما حدث لها بعد عزل الرئيس ووصول السيسي إلى المنصب الرئاسي (المؤقت حينها) كوميديًا؟
هل يمكن أن تكون العناصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وكل ما حدث خلال تلك الفترة مادّة للضحك؟
الجواب نعم، لكن مشروطة بوجود منهج (قد يكون سورياليًا) وبوجود كاتب أهل للمهمّة ومخرج من النوع الذي يستطيع خلق المعالجة المطلوبة بأسلوب قص ناجح، وكذلك بوجود إنتاج مُدار على نحو أفضل. لا شيء من هذه الشروط متوفر هنا - رغم ذلك يحاول المسلسل أن يكون كوميديًا.
لديك عادل إمام، لديك شخصيات كاريكاتيرية (بينها الممثلان سائق التاكسي ورئيس التجمع الشيوعي)، لديك تناقضات الأوضاع والظروف.. لكن ليس لدى المسلسل السيناريو السليم للمهمة ولا للإخراج المعالجة الصحيحة التي تخوّله الوصول إلى هذه الغاية.
في الحقيقة ليست هناك معالجة صحيحة للمسلسل أساسًا. الكاميرا ووظيفتها في مكان. التمثيل في مكان آخر. هي مجرد فتح عدسة على الموضوع. الإخراج، حسّا واهتماما ومن ثم إبداعًا، في مكان ثالث. المسلسل جثّة هامدة في أكثر من موقع. عمل يُفترض به أن يُصوّر لكي يُسلّم ويُعرض ويُقبض عنه. نهاية الكلام. ضمن هذا الوضع، هذا مسلسل آخر من بطولة عادل إمام الذي لم يعد له، ومنذ سنوات كثيرة، أن يمثل إلا عادل إمام. لا دور في فيلم ولا شخصية في مسلسل يجب أن تستولي على عادل إمام فيدخلها هو لكي يؤديها كما يجب، بل عليها أن تستجيب هي له. لذلك مشاهد مثل رفضه الحراسة أو ركوب سيارة الوزير أو (قبل ذلك في حلقة من تلك الأولى) الإشارة بيده إلى المتظاهرين الصاخبين كافية لهدوئهم. هذا ما يحبّه ويفضله عادل إمام لنفسه، لكن هذا ليس الواقع والمتلقي لا يجد في هذا التجاوز ما يضحكه (طالما أن المسلسل كوميدي) ولا يمنحه مدادًا من الفائدة والمعلومات (طالما أن الموضوع يدور حول هذا الحدث التاريخي الذي كان يتطلّب سيناريو عمل مختلفًا تمامًا). لهذا، وعلى سبيل المثال، نجد أن الممثلين الكوميديين عادة أحمد راتب وأحمد بدير ينجزان حضورهما على نحو أفضل من أي ممثل آخر، لأن دوريهما لا ينصان على أن يضحكا. شخصيتاهما مثيرتان بحد ذاتهما. مقبولان كما هما. فيهما بعض الواقع وخاليان من أي تناقض أو صدام.
حين يمثّل عادل إمام شخصية الوزير، يريد أن يفرض منهج تفكيره على الواقع. أن يتصرّف كفوزي كما يراه هو كعادل إمام وليس فوزي الشخصية التي كان يجب أن تنفصل عنه. هذا ليس وضعًا فريدًا بالنسبة للكوميديين: لوي دوفونيس، تشارلي تشابلن، وودي ألن هم أنفسهم في معظم ما قاموا به من أداءات، لكنهم على الأقل تمتعوا بسيناريوهات أفضل منحت شخصياتهم ما يُثير الاهتمام وليس مجرد الفرجة عليها.
«أستاذ ورئيس قسم» كان يحتاج إلى شجاعة الخروج من الموقع الأمن المعتاد والمتكرر إلى توظيف ميزانية قدرها نحو 10 ملايين دولار، وممثل ما زالت لديه قاعدة جماهيرية كبيرة، وموضوع يريد أن يحتوي أحداثًا ما زالت ماثلة، ولا تستطيع أن تنسف واقعيتها ودلالاتها كما تشاء، في سبيل تقديم ما هو أعلى وأرقى وأكثر أهمية. وإذا كان الوصول إلى ما هو أعلى وأرقى وأكثر أهمية يشترط تغيير جلد الممثل وتخليه عن ذاته وتحقيق عمل جاد أو كوميديا مجنونة تقلب الموائد وتنجز ما تعد به كل كوميديا من نتائج يتطلب مثل هذا التغيير، فليكن. هذا لو تم، سيكون أفضل حالاً من مجرد ركوب ظهر فكرة تتحوّل إلى مط يخرج عن الحقيقة وتصطدم فيه مصلحة الممثل مع الواقع.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.