شاشات: {خواطر} الشقيري.. بعيدًا عن الترفيه المفتعل لبعض المسلسلات

أحمد الشقيري
أحمد الشقيري
TT

شاشات: {خواطر} الشقيري.. بعيدًا عن الترفيه المفتعل لبعض المسلسلات

أحمد الشقيري
أحمد الشقيري

هناك ممثلان في مسلسل واحد بأسنان مفقودة.
المسلسل هو «حارش ووراش» والمفترض به أن يكون مسلسلا كوميديًا. تستطيع أن تعرف ذلك من عنوانه. هل يمكن لعنوان كهذا أن يكون سيرة حياة ابن رشد أو دراما عن صراع رجال أعمال يحلمون بالثروة والوصول إلى لوائح «فوربس»؟ دراما اجتماعية مستوحاة من «هاملت»؟ لا. لا بد أن تكون كوميديا وعلى الطريقة التي صاغها الإنتاج التلفزيوني العربي منذ أن تأسس.
مشاهد ركيكة لمجموعة من الممثلين المطلوب منهم أن يهرّجوا. كل منهم يقدم «الحتّة بتاعته»، كما التعبير المصري معتقدًا أنه كلما زادها نجح أكثر وجلب ابتسامات أكثر ومن يدري… لعله ينتقل عبر المسلسل إلى بطولة مسلسل من النوع ذاته في رمضان المقبل. ليس مسلسلا أفضل، لأن هذا ليس في خطة أحد، ولا لمسلسل أسوأ، لأنه لا يمكن أن يكون هناك أسوأ. إذن هو في السليم.
ممثلان بأسنان مفقود، بينهما أحد بطلي المسلسل واسمه حارش (عبد الناصر درويش) وفمه فيه ضرسان مفقودان لجهة اليمين، والثاني لم أستطع معرفة اسمه لا الحقيقي ولا الحركي، أسمر البشرة ولديه ضرس مفقود على الجهة اليسرى.
فكّرت في أنه لو أن ذلك مقصود لسبب ما (رسالة ضد إهمال رعاية الأسنان أو رسالة ضد فواتير أطبائها) ربما لكان ذلك مقبولاً، لكن أغلب الظن أن الممثلين بالفعل لديهما أضراس ضاعت في زحمة الأيام. مرّة أخرى، لو أن المسلسل جيد لما كان ذلك مهمّا. هناك ممثل بأنف طويل وآخر بفم عريض وثالث بعينين جاحظتين ولكل الحق أن يمثل. ما يفعل بهذا الحق هو المشكلة. في أحد المشاهد من حلقة يوم أول من أمس يجتمع الممثلان المذكوران لنحو أربع دقائق كاملة يتحدّثان من خلال فجوات فمهما. ليس أن الحوار مأسوف عليه، لكن المرء يجد نفسه منجذبًا للنظر إلى الفم غير الملآن متسائلاً عن التاريخ الشخصي الذي أدّى به لخسارة كامل طقمه وعما إذا ما لم يكن في المقدور زيارة طبيب أسنان وزرع بدل عن ضائع.
ليس كل مسلسل خليجي كوميدي وليس كل مسلسل خليجي يعاني من كل التراكمات السلبية التي يلحظها الناقد ويدرك أنه كان من الممكن، بذكاء غير مكلف، صياغتها بنجاح وجودة أعلى من دون أن يخسر البرنامج ما يهدف إليه سواء أكان الهدف كوميديًا أو تراجيديًا.
في الواقع هناك مسلسل سعودي بلا تراكمات سلبية على الإطلاق وعنوانه «خواطر» (تعرضه mbc وقنوات أخرى). فكرت في أن السبب في نجاح هذا العمل كفكرة وكتقديم وكغاية هي أنه ليس تمثيليًا. هو أحد البرامج الرمضانية القليلة التي تهدف إلى رصد ظواهر وجوانب وكفاءات وتحقق ما تصبو إليه. مقدّمه، أحمد الشقيري، يذكر في أكثر من حلقة منه أن الغاية هي «ترويج ثقافة الممكن». و«إظهار الجوانب المضيئة في حياتنا». ما يصنعه هو تشجيع المشاهد على تقدير المواهب والكفاءات ومنح الراغب والمستعد تحديًا يستطيع أن يقوم به أو بما يماثله إذا أراد. وهو يسعى ويبرهن فعلاً على أنه إذا ما أردت الأفضل فستحصل عليه. أين تجد مثل هذه الرسالة الإيجابية في إعلامنا اليوم؟
مثل هذه الرسالة مفقود لا بين برامج رمضان فقط، بل بين برامج العام بأسره، خصوصا أننا نعيش زمنًا يردد فيه الناس كل ما هو سلبي ومحبط كما لو كان أغنية عاطفية. يلحظون ما يدور حولنا ويحاولون الهرب منه بالركض إليه.
«خواطر» يأتي لكي يعيد الثقة كاشفًا عن مواهب لا برامج لها. لا يطلب من هذا أن يغني ومن ذاك أن يمثل ولا يأتي بلجنة تحكيم وبجمهور يملأ الاستوديو ليتفرج على ملابس مقدمات البرامج، بل يذهب إلى حيث يلتقي بنفسه مع مواهب رائعة. حلقة أول من أمس مثلاً جمعت ما بين شاب مصري يتحدث 17 لغة. كلما سأله المقدّم سؤالاً، أجاب عليه بلغة مختلفة. قدّم كذلك لاعبة شطرنج تستطيع أن تلاعب دزينة من النساء والرجال وتفوز عليهم جميعًا. تمر بهم وقد جلسوا متتابعين وتحرك حجرها لتمضي صوب الآخر وتواصل ما كانت بدأته وهكذا.
ليس فقط أن فكرة البرنامج بسيطة وفاعلة، بل هناك التقديم الجاذب من الإعلامي أحمد الشقيري: بسيط وسهل من دون أن يكون ساذجًا أو مضيعة للوقت. تقديم غير جاف ما يساعد كثيرًا على دفع الاهتمام بالمضمون إلى ذروته ومن دون تكلّف.
الآن قارن بين هذا البرنامج الثقافي - الحياتي الرائع وبين برنامج آخر (وعلى المحطة ذاتها) هو «رامز ياكل الجو» لتدرك الفارق بين من يريد تقديم ما يخدم البشر وبين من يريد الضحك عليهم.
كنت اعتقدت أنني سوف لن آتي على ذكر هذا البرنامج ذي الروح السادية، لكني لم أستطع. الفارق بين العملين يدعو للعودة إلى ذلك البرنامج الذي يعيش على السخرية من الغير وتطويع المشاهدين في البيت ليقبلوا ويوافقوا على تفاهات العمل وساديّة دوافعه.
بالعودة إلى الكوميديا، أجد أمامي عملاً آخر من تلك التي تعتمد على قدر كبير من الافتعال، وإن ليس بالقدر ذاته الذي يتميّز به «حارش ووارش». المسلسل هو السوري «أبو دزينة» من كتابة وإخراج فادي غازي وفكرته طريفة في الواقع: رجل اسمه درويش (نزار أبو حجر) لديه عشر بنات يشتغلن شحاذات لأنه لا يستطيع إعالتهن وفوقهن زوجته وحماته.
لكن، وكما هو الحال في غالبية ما نراه، ليس هناك من الأحداث القدر الكافي لإثراء كل حلقة. طبعًا الشخصيات وحواراتها تثير بعض الضحك وأحيانًا بعض الابتسامات، لكن القيمة الشاملة لما نراه لا تزيد على تصوير الحالة ذاتها في كل مرّة مع تطوّر يشبه ذيل الطائرة المدنية التي يمكن مشاهدتها تحلق في يوم صاف.
في الحلقة الثالثة عشرة نرى رب الأسرة، أبو دزينة هذا، وهو يقنع وسيطًا بأن يسعى لدى رجل قادر على شراء 13 هاتفا جوالا لكي يبقى مع بناته على اتصال. الوسيط يشتري 12 هاتفا ويبقي معه واحدا يعرضه على زوجته، في حين يرغب أبو دزينة وبناته في التقاط صورة جماعية بأحد هذه الهواتف. عندما تنهض الحماة البدينة لكي تنضم إلى المجموعة يطلب منها أن تبقى في مكانها لأنها أكبر من أن تجد لها مكانًا أمام الكاميرا… هل ضحكت بعد؟
لا ألومك في الحالتين، لكن إذا كان هناك برنامج واحد تحضره بعيدًا عن الترفيه المفتعل فليكن «خواطر» لأحمد الشقيري.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.