الأنبار تنتظر تنفيذ وعود المالكي لشيوخ عشائرها

المجلس الأعلى الإسلامي يحذر من التحاق محافظتي نينوى وصلاح الدين بها

المالكي و ابو ريشة (ارشيفية)
المالكي و ابو ريشة (ارشيفية)
TT

الأنبار تنتظر تنفيذ وعود المالكي لشيوخ عشائرها

المالكي و ابو ريشة (ارشيفية)
المالكي و ابو ريشة (ارشيفية)

في الوقت الذي تنتظر فيه الأنبار تنفيذ الوعود التي أطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي خلال زيارته أول من أمس المحافظة حذرت كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، الذي يتزعمه عمار الحكيم، من التحاق محافظات أخرى غير مستقرة، مثل نينوى وصلاح الدين وكركوك، بالأنبار من خلال ما تشهده تلك المحافظات من أحداث أمنية خطيرة.
وكان المالكي قد أعلن عن تعيين عشرة آلاف من أبناء العشائر في الرمادي بالجيش والشرطة فضلا عن تخصيص أموال والسماح لعناصر النظام السابق بالعودة إلى العراق، لا سيما ممن لم تتلطخ أياديهم بالدماء. وبينما عدَّ «أمير» قبائل الدليم، ماجد العلي السليمان، أنه في حال تطبيق الوعود التي أعلنها المالكي فإن الأوضاع في الأنبار وعدد من المحافظات الغربية ستشهد استقرارا واضحا فإن أحد أبرز قادة المظاهرات في الأنبار والشيوخ المناوئين لسياسات المالكي، عدَّ أن سياسة الحكومة وعدم أخذها بعين الاعتبار مطالب المتظاهرين هي التي جلبت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إلى المحافظة.
وقال الشيخ السليمان الذي حضر لقاء رئيس الوزراء مع شيوخ الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المالكي أعلن الكثير من الوعود، لكننا ننتظر تطبيقها على أرض الواقع»، عادا أن «اللقاء كان بشكل عام جيدا ومثمرا، إذ إن المالكي وعد أيضا بدعم نقل ملف النائب (المعتقل) أحمد العلواني إلى الأنبار وتعويض النازحين من مدن الأنبار وعودة كل من لم تتلطخ يداه بالدماء من عناصر النظام السابق إلى الوطن».
وردا على سؤال عما إذا كان لذلك تأثير على الوضع العشائري في الأنبار قال السليمان إن «عشائر الأنبار عانت كثيرا خلال السنوات الماضية من الإرهاب وتداعياته، وبالتالي فإن كل خطوة من شأنها أن تحقق المطالب المشروعة إنما هي مقدمة لاستقرار المحافظة».
لكن الشيخ نواف المرعاوي، أحد الشيوخ المناوئين للحكومة ومنسق المظاهرات، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصحوات التي يدعمها المالكي بعناصر جديدة إنما هي ميليشيات تتحرك بإمرته وضد أبناء الأنبار».
وردا على سؤال بشأن كون عناصرها من أبناء المحافظة، قال المرعاوي إن «تقسيم الأنبار إلى مؤيدين ومعارضين للحكومة هي السياسة التي نجح فيها المالكي بشراء ذمم عدد من الشيوخ»، مضيفا أن «سياساته هي التي جلبت (داعش) وغيرها للمحافظة».
من جهته، حذر رئيس كتلة المواطن في البرلمان العراقي، باقر جبر الزبيدي، من إمكانية التحاق محافظات أخرى بالأنبار وما تشهده من وضع أمني خطير.
وقال الزبيدي في بيان، إن «الأحداث الأخيرة في كركوك والموصل وصلاح الدين تدعونا أن نتساءل ماذا يجري في جنوب الموصل وغربها وكركوك وصلاح الدين؟! هل ستلتحق الموصل بالأنبار وهل ستتحول صلاح الدين إلى فلوجة ثانية؟ إننا نحذر والأيام بيننا!».
وكمؤشر على تدهور الوضع الأمني في وصلاح الدين ونينوى تمكنت قوات الجيش، أمس، من قتل انتحاري يقود سيارة مفخخة قبل اقتحامه مقر سرية للجيش العراقية في ناحية العياضية غرب الموصل، مركز محافظة نينوى، حسبما أفادت مصادر أمنية وأخرى طبية وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي الشرقاط بمحافظة صلاح الدين، اقتحم مسلحون مجهولون منزل العقيد محمود أحمد مدير مكافحة الجرائم الكبرى في الساحل الأيسر في المدينة، وقتلوه مع نجله الذي يعمل شرطيا في نفس الدائرة.
من ناحية ثانية، قال مصدر أمني في كركوك، إن مسلحين مجهولين هاجموا نقطة تفتيش في ناحية تازة جنوب المدينة فجر أمس فقتلوا خمسة من عناصرها رميا بالرصاص.
وأكد الطبيب شيرازاد عمر من الطب العدلي تسلم جثث عناصر الشرطة الخمسة وقال إن إحداها احترقت «إثر سقوط المنتسب على مدفأة بعد إصابته بإطلاق».
وفي حادث منفصل آخر، قتل جنديان إثر هجوم مسلح استهدف حاجزا للتفتيش قرب ناحية الرياض (45 كلم غرب كركوك) وقال اللواء الركن محمد خلف الدليمي قائد الفرقة 12 التي تنتشر وحداتها جنوب وغرب كركوك، إن الاشتباكات استخدمت فيها مختلف الأسلحة، وإن قوات الجيش «ألحقت خسائر كبيرة بالمسلحين الذين لاذوا بالفرار». كما أعلن الضابط العراقي إحباط محاولة 100 مسلح ينتمون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» السيطرة على ناحية الرياض بعد الاشتباك معهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».