انعكست سياسة التقشف الإجبارية التي فرضتها الحكومة العراقية على وزاراتها ومؤسساتها الحكومية بسبب الأزمة المالية الأخيرة التي تعاني منها. ومن الجوانب المتضررة من تلك السياسة خدمة الإنترنت التي تم تقليصها وقطعها في بعض الحالات عن مكاتب الموظفين، الأمر الذي سيتسبب في تأخير إنجاز الكثير من المهام والمشاريع إضافة إلى قطع التواصل مع العالم الخارجي.
وشكا موظفون محليون من البطالة المقنعة التي سببها تقليص أو قطع خدمة الإنترنت عن أقسامهم، واضطرارهم إلى إنجاز أعمالهم في البيوت، إضافة إلى تأخير الكثير من المهام التي تتطلب تواصلاً مع جهات عدة أو مزامنة نشاطاتها وأهمها وزارات النقل والاتصالات والثقافة والصناعة والمعادن وهيئة النزاهة وحتى مجلس النواب العراقي.
وكانت لجنة وزارية في الحكومة العراقية قد اتفقت على وضع خطة تقشفية تتضمن تقليص النفقات غير الضرورية في الوزارات وهيئات الدولة في خطوة لتفادي تفاقم الأزمة المالية والعجز في الموازنة التي يواجهها العراق وهو أحد أكبر مصدري النفط في العالم.
الموظف الحكومي (أحمد. ن) تخصص نصب سيرفرات إنترنت في إحدى الوزارات العراقية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أموال كبيرة صرفت مؤخرًا لنصب (سيرفر) إنترنت وإنترانت داخل الوزارة لكنهم لم يستفيدوا منه، بحجة تقليص النفقات في حين أن الأجور دفعت مقدمًا وفق عقد سنوي».وأضاف: «بعض إجراءات التقشف غير صحيحة لأن بعض الوزارات قامت بحرمان عدد كبير من الموظفين من خدمات الإنترنت في وقت أنه يسهل كثيرا في إنجاز العمل، في حين أن بعضها وبسبب الحاجة إلى خدمات الإنترنت قام باللجوء إلى استخدام (مودم الإنترنت) من شركات الاتصالات المعروفة وهذه تكلف أكثر».
أما الإعلامي سعدون ماهر، فقال: «وزارة النقل العراقية قطعت خدمات الإنترنت عن موظفيها حتى إن مكتبًا يحتوي على 250 موظفًا جهز منهم ثلاثة فقط بالإنترنت بينما ترك الآخرون يتناوبون على العمل أو لا يعملون أصلاً، في حين جرى قبلاً شراء خدمات الإنترنت بأجور مضاعفة على اعتبار جودتها العالية وسرعتها».
المفارقة أن وزارة الاتصالات العراقية، كانت قد أعلنت في مارس (آذار) الماضي، عن أن خدمات الإنترنت في العراق ستشهد توسعًا وتطورًا يجعلها بالشكل المطلوب حتى إنها ستغذي كل المواقع في العراق، وإنها تسعى لأجل الحصول على الرخصة الرابعة في تقديم الخدمات إضافة إلى ما يحققه افتتاح مشروع الكابل البحري الذي يربط العراق بالعالم عبر الخليج العربي وهو ما يسمح بتوسيع عدد الشركات الأهلية التي تستخدم شبكة الألياف الضوئية الواصلة للوزارات عبر الكابل وتجهيز خدمة الإنترنت للمواطنين وللشركات والمكاتب العامة بأسعار مناسبة وبكفاءة وسرعة عاليتين مقارنة بالخدمة المجهزة عن طريق الأقمار الصناعية.
الموظفة جيهان الراوي من وزارة النقل العراقية، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «حجب خدمة الإنترنت عطل عملنا، خاصة وهو يعتمد على متابعة ما يجري من أحداث أو استقبال بريد من شركات مشاركة معنا، بعضنا صار ينقل عمله للبيت بوجود الإنترنت الخاص به وبعضنا الآخر يعطل عمله حتى يأخذ فرصة لفتح الإنترنت من قسم مجاور». وأضافت: «المشكلة أن تقليص الإنترنت في الوزارة لم يحسب بطريقة مدروسة وجرى حجبه بغض النظر عن دراسة أهميته خاصة لبعض الأقسام التي تحتاجه». ووصفت قرار التقشف في موضوع الإنترنت بأنه عودة بالبلاد على عصر ما قبل الاتصالات!.
وزارة الثقافة العراقية، إحدى الوزارات التي شملها إجراء التقشف وقامت بتقليص المستفيدين من خدمات الإنترنت على نحو كبير، الأمر الذي سبب امتعاضًا لدى العاملين كونه يعطل سير التواصل مع العالم الخارجي وعلاقاتهم بالمثقفين والفنانين في البلاد، وهو ما أيده مهند الدليمي وكيل وزارة الثقافة لـ«الشرق الأوسط»: «خدمات الإنترنت مهمة وحيوية في العمل، خصوصًا في عمل وزارة الثقافة بحكم توجهاتها وطبيعة تواصلها مع الآخرين ورصد ومتابعة الشأن الثقافي، وموضوع التقشف الذي طال خدمات الإنترنت فيها قرار مجحف وغير مدروس كونه لا يكلف الميزانية الشيء الكثير».
وأضاف: «التقشف يجب أن يكون له محددات وضوابط، وهناك أمور كثيرة يمكن من خلالها التقشف ومراجعة آليات الصرف واستشهد بتلك الأموال التي صرفت مؤخرًا لأجل فتح مركز ثقافي في باريس لكنه توقف دون معرفة السبب».
تقشف الوزارات والدوائر العراقية يعيدها إلى عصر ما قبل الاتصالات
مختصون يرفضون قرار تقليص خدمة الإنترنت
تقشف الوزارات والدوائر العراقية يعيدها إلى عصر ما قبل الاتصالات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة