رئيسة البرازيل تزور الولايات المتحدة لطي ملف التجسس

جدول أعمال مزدحم لروسيف في 3 مدن أميركية.. وتركيزها على التجارة والمناخ

رئيسة البرازيل ديلما روسيف
رئيسة البرازيل ديلما روسيف
TT

رئيسة البرازيل تزور الولايات المتحدة لطي ملف التجسس

رئيسة البرازيل ديلما روسيف
رئيسة البرازيل ديلما روسيف

توجهت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف إلى الولايات المتحدة، أمس، في زيارة أُرجئت مرارًا، وتسعى من خلالها إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بعد نحو عامين على إلغائها زيارة رسمية إثر كشف الصحف عن تجسس الاستخبارات الأميركية على البرازيل.
وألغت روسيف زيارتها إلى الولايات المتحدة في عام 2013، إذ تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في النصف الغربي من الكرة الأرضية إلى أدنى مستوياتها، بعد تسريبات إدوارد سنودن حول الاستخبارات الأميركية.
وأكد الجانبان على أن الزيارة الجديدة، التي تستمر لخمسة أيام ووصفت بـ«زيارة رسمية»، وليس «زيارة الدولة»، التي تم تأجيلها، تظهر أن البلدين تخطيا الأضرار التي نجمت عن الكشف عن تجسس وكالة الأمن القومي الأميركي على اتصالات روسيف الهاتفية، واستخدامها للإنترنت.
وقال الدبلوماسي البرازيلي كارلوس بارانوس خلال مؤتمر صحافي في برازيليا: «لقد تجاوزنا الأمر»، مشيرا إلى أن الزيارة تقررت بعد أشهر من اتصالات على مستوى عالٍ، من ضمنها اتصالات مباشرة بين روسيف والرئيس الأميركي باراك أوباما. من جهته، قال كبير مساعدي أوباما للسياسة الخارجية بن رودس «أعتقد أن هذه الزيارة تشير إلى أي مدى قررنا طي الصفحة والمضي قدما».
كما تأتي الزيارة التي ستشمل نيويورك وسان فرانسيسكو وواشنطن، في وقت تواجه فيه أول امرأة تتولى سدة الرئاسة في البرازيل أزمة في بلادها. وشهدت شعبية روسيف (67 عاما) تراجعًا إلى أدنى مستوى لتبلغ 10 في المائة بعد ستة أشهر فقط في فترة ولايتها الثانية. وجاء هذا التراجع خصوصًا بسبب وضع اقتصادي متدهور وفضيحة فساد واسعة النطاق طالت شركة النفط العامة العملاقة «بتروبراس» وحزب العمال اليساري الحاكم.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في معهد «انسبر» البرازيلي للأعمال كارلوس ميلو أن «أهمية هذه الزيارة بالنسبة إلى الداخل (في البرازيل) أكبر بكثير من أهميتها الخارجية. في هذه المرحلة. إنها مهمة للبرازيل أكثر منها للولايات المتحدة». وأضاف أن «صورة لديلما مع أوباما سيكون لها وقع سياسي كبير في البرازيل. فهي رمزيا تتواصل مع رئيس يعتبر الأكثر انفتاحا على العالم والحوار».
وبالإضافة إلى أوباما الذي ستعقد معه محادثات على مدى أربعة أيام في واشنطن، ستلتقي روسيف مع كبار رجال المال والأعمال الأميركيين، سعيا إلى جذب الاستثمارات وإقناعهم بان مبلغ الـ23 مليار دولار الذي ستجنيه الحكومة من خفض الإنفاق ستحسن قريبا من وضع سابع أكبر اقتصاد في العالم.
وفي نيويورك، ستشارك روسيف في مؤتمر لرجال الأعمال تسعى من خلاله للتسويق لحكومتها التي أعلنت أخيرا عن حزمة من 64 مليار دولار لإنفاقها على البنية التحتية.
وسيكون وزير المالية البرازيلي يواكيم ليفي، وهو اقتصادي تلقى تعليمه في جامعة شيكاغو، حاضرا إلى جانب روسيف لتقديم خططه لتجنيب البلاد انكماشًا اقتصاديًا متوقعًا العام الحالي بنسبة 1.2 في المائة. وتعتبر الولايات المتحدة المستثمر والشريك التجاري الثاني الأكبر للبرازيل بعد الصين. وبلغ حجم التجارة الثنائية العام الماضي 62 مليار دولار وفقا لبرازيليا، مع ميزانية راجحة لصالح الولايات المتحدة بثمانية مليارات دولار.
وقال مدير شؤون الأعمال في مجلس الأمن القومي مارك فايرشتاين: «نعتقد أنه يمكننا مضاعفة تلك التجارة مرة أخرى على مدى عشر سنوات مقبلة. وأعتقد أن الخطوات التي ستنتج من هذه الزيارة من شأنها أن تأخذنا في هذا الاتجاه».
ويتضمن جدول أعمال روسيف وأوباما أيضا قضايا المناخ، مع التركيز بشكل خاص على محادثات الأمم المتحدة حول المناخ المقرر إجراؤها في باريس نهاية العام الحالي. وقال فايرشتاين إن الاجتماع في حاجة إلى إرسال «إشارة قوية» بشأن المقترحات التي يستعد البلدان لطرحها في المحادثات التي تهدف للتوصل إلى اتفاق نهائي في شأن الحد من انبعاثات الكربون.
ولم تعلن البرازيل بعد أهدافها للحد من الانبعاثات قبل المحادثات. وهذه الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية، وسابع أكبر منتج للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، تواجه أيضا تحديا يتمثل في الحد القضاء على الغابات في الأمازون، الأمر الذي يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. ولهذا، فهي تتعرض إلى ضغوط لتقديم تعهدات قبل المحادثات. وقال البيت الأبيض إن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن دعا روسيف قبيل زيارتها إلى التأكيد على أهمية العمل المشترك للوصول إلى اتفاق «قوي».
وفي كاليفورنيا، ستتناول روسيف الغداء في جامعة ستانفورد مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، التي تقوم حاليا بتدريس مادة إدارة الأعمال الدولية. كما ستزور مقر شركة «غوغل»، ومركز أبحاث وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.