اعتبر البروفسور كارل هاينس روكريجل أستاذ علم الاجتماع بجامعة نورنبرغ الألمانية، أن المواطنين الإيرانيين من أقل دول العالم شعورا بالقناعة والسعادة، بسبب مجموعة من المعايير منها الأمن والمسكن والعدالة الاجتماعية والدخل والبطالة، مؤكدا أن الحكومة الإيرانية لا يزال أمامها الكثير من الواجبات والسياسيات والخطط القومية من أجل إرضاء مواطنيها.
جاء ذلك خلال ندوة علمية لمنتدى علماء الاجتماع الإيرانيين، التي كان البروفسور روكريجل متحدثًا رئيسيًا فيها. باعتباره خبيرا في شؤون المجتمع الإيراني، حيث زار إيران نحو 14 مرة، كون من خلالها معلومات غزيرة عن المجتمع الإيراني بجميع طوائفه وروافده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وأوضح البروفسور روكريجل أن مفهوم السعادة والقناعة لدى شعوب العالم عامةً والشعب الإيراني خاصة، هو مفهوم عالمي، يستطيع أن يؤثر في جميع المجالات السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك يجب أن يوضع في الاعتبار بشكل خاص في السياسات التنموية لأي دولة في العالم.
وأضاف: «القناعة وضعها كثير من العلماء في اعتبارهم منذ أقدم العصور مثل بن برناك الذي يقول إن الهدف الأساسي والأسمى للاقتصاد هو معرفة وفهم معادلة زيادة قناعة الإنسان»، موضحا أن «اليوم يسيطر على الاقتصاد مفهوم جديد ألا وهو مفهوم اقتصاد السعادة والقناعة».
وذكر البروفسور روكريجل تعريف آدم سميث لمفهوم «اقتصاد القناعة» باعتباره أحد الباحثين البارزين في هذا الأمر حيث يرى أن «الهدف الرئيس لخالق الطبيعة هو إسعاد البشر».
وأشار أستاذ علم الاجتماع بجامعة نورنبرغ الألمانية إلى أنه «طبقًا للعادات والتقاليد القديمة، فإن الإنسان إذا ما كان يعمل عملاً مجهدًا وصعبًا ويحقق به نجاحات عظيمة فإنه يشعر بالسعادة الغامرة، وهذا أيضا ما أثبتته الدراسات الحديثة في مجالات علم النفس، شارحا ذلك بالقول إن «الإنسان إذا كان سعيدًا سيكون بإمكانه أن يذلل كل العقبات في عمله الشاق ويحقق نجاحات وإنجازات مهمة».
وخلال حديثه تناول البروفسور روكريجل عددا من المؤشرات العالمية عن السعادة، قائلا: «في يوليو (تموز) عام 2011، ذكرت الأمم المتحدة أن القناعة والرضا أمر نسبي، ويتوقف على مجموعة من العوامل، وأنه ومن أجل تحقيق هذا الهدف لا بد من اتخاذ قرارات ومواقف حاسمة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية من قبل الدول تجاه مواطنيها».
وجعلت الأمم المتحدة عام 2015 عام عمل الحكومات من أجل تحقيق أعلى معدل قناعة ورفاهية ورضا من جانب المواطنين. وعرضت الأمم المتحدة في تقرير لها صدر هذا العام: «منذ 50 عامًا ماضية تحاول الحكومات على مستوى العالم تحقيق مبدأ معدلات تنمية اقتصادية أكثر = زيادة معدل الرضا لدى المواطنين».
وقد حددت الأمم المتحدة المعايير الخاصة التي تقيس عليها معدلات القناعة والرضا والسعادة لمواطني دولة ما تجاه دولتهم وحكومتهم ونظام الحكم الخاص بهم، ومن بين المحددات والمعايير الخاصة التي حددتها الأمم المتحدة للشعور بالقناعة والرضا (المسكن، الأمن، السلام، الدخل، العمل، التفاعل الاجتماعي بين المواطنين، العدالة الاجتماعية، الرضا عن المعيشة).
ويُعَرف خبراء علم النفس القناعة بأنها «السعادة التي يحصل عليها الفرد عن طريق مجموعة من التجارب الإيجابية، وأنها أيضا إحساس جيد وإيجابي نتيجة نظرة متفائلة للمستقبل».
آخر بحوث خبراء علم النفس تشير إلى أنه من أجل التخلص من صدمة تجربة سلبية يجب التعرض لثلاث تجارب إيجابية. أما فيما يختص بالعلاقات العاطفية فإذا تعرض الفرد إلى صدمة واحدة فإنه يحتاج إلى التعرض إلى خمس تجارب إيجابية من أجل التخلص من الشعور السلبي.
ونوه روكريجل بأن الأبحاث تشير أيضا إلى أن الشخص الذي يحصل على القناعة والسعادة يكون عمره أطول وتجاربه أكثر ومغامراته الحياتية أفضل ودخله المادي أكبر وأفضل، وأنه إذا ما تم تطبيق هذه الشروط والأبحاث على الشعب الإيراني نجد أنه في مواجهة المعايير الخاصة بالأمم المتحدة لتحقيق الرفاهية والقناعة هناك طريقتان للشعور بهذه القناعة؛ الأولى وهي طريقة تقليدية يراها الفرد في الموقع الاجتماعي له وظروف الزواج الخاصة به ودخله المادي الذي يحصل عليه، ويقارن كل هذه العوامل بالآخرين.
والطريقة الثانية وهي طريقة ذهنية بحتة تتعلق بعلاقة الفرد وبحثه واستفساراته عن السعادة والقناعة.
وفي أحدث الدراسات الخاصة بقياس نسبة رضا المواطنين عن حياتهم في مختلف دول العالم، قسمت الدراسات الدول إلى 10 مراتب طبقًا لعدد المعايير الخاصة بالأمم المتحدة، حيث حلت الدنمارك في المرتبة الأولى بثمانية من المعايير، بينما جاء الرقم في ألمانيا 7 من 10 معايير للقناعة، أما في إيران، التي كانت أقل دول العالم في شعور مواطنيها بالقناعة والرضا والسعادة في وطنهم فقد حصلت على 4 معايير فقط، وهذه النسبة هي أقل من المعايير الدولية التي أرستها الأمم المتحدة.
يقول البروفسور روكريجل إن «هذا الرقم إذا ما دل يدل على أن المواطن في إيران يعاني بسبب مجموعة من المعايير، ومنها الأمن والمسكن والعدالة الاجتماعية والدخل والبطالة، وبناءً على ذلك، فإنها تؤثر بالسلب على معدل قناعة ورضا المواطن الإيراني عن ظروفه المعيشية داخل إيران، ويدل أيضا على أن الحكومة الإيرانية لا يزال أمامها الكثير من الواجبات والسياسيات والاستراتيجيات والخطط القومية من أجل إرضاء مواطنيها، أي لا يزال أمامها طريق طويل لتحقيق ذلك».
معدل رضا الإيرانيين عن حياتهم أقل من المعايير العالمية
خبير في المجتمع الإيراني اعتبر أن أمام طهران الكثير لإسعاد مواطنيها
معدل رضا الإيرانيين عن حياتهم أقل من المعايير العالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة