خطت العلاقات السعودية الفرنسية التي تعيش وفق المصادر الفرنسية «شهر عسل» خطوة جديدة بمناسبة زيارة الأيام الثلاثة الرسمية التي يقوم بها ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، إلى فرنسا. فقد شهد قصر الإليزيه عصر أمس، بحضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والأمير محمد بن سلمان، التوقيع على عشرة عقود واتفاقيات ورسائل نيات تبلغ قيمتها نحو 12 مليار يورو من أجل «ترسيخ الشراكة وإعطائها أبعادًا جديدة» بحسب تعبير وزير الخارجية لوران فابيوس. وجاء ذلك بعد اجتماع ضم الأمير سلمان والرئيس هولاند والوزراء من الجانبين، خصص لتناول الأوضاع الإقليمية وللعلاقات الثنائية. وأهم ما جاءت به الزيارة هو بكل وضوح تأكيد الطرفين على إقامة «شراكة استراتيجية استثنائية ودفعها إلى آفاق جديدة والإسراع في بناء طبقاتها. وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي تابع عن قرب مجريات يوم أمس، فإن الجانبين السعودي والفرنسي عازمان على «الإسراع» في بناء هذه العلاقة و«عدم إضاعة الوقت».
وشهدت إحدى قاعات القصر الرئاسي حفل التوقيع على العقود والاتفاقيات العشرة بحضور الوفدين الرسميين السعوديين والفرنسيين ومسؤولي الشركات ذات الصلة حيث تم تبادل الوثائق تحت أنظار الرئيس الفرنسي وولي ولي العهد السعودي.
وفي باب العقود، تجدر الإشارة إلى أن أهمها يتمثل في عزم السعودية على شراء خمسين طائرة إيرباص من الطرازين آي 330 وآي 320 بقيمة إجمالية تبلغ 8 مليارات يورو. يلي ذلك رسالة نيات تحصل السعودية بموجبها على 23 طوافة حديثة وتقدر قيمتها بـ500 مليون يورو. وعلى صعيد الاتفاقيات المالية، أبرز ما تحقق أمس توقيع اتفاقية ضمان القروض بين وزارة التجارة الخارجية «كوفاس» وصندوق الاستثمارات العامة السعودي بسقف مالي يصل إلى 3 مليارات يورو. أما التفاهمات الباقية فتتناول رسالة نيات لإقامة دراسة جدوى من أجل بناء مفاعلين نوويين من طراز EPR في مواقع يتم تحديدها لاحقًا. ومن بين ما تم توقيعه أمس، اتفاقان للتعاون الصناعي والعلمي وآخر للتعاون الصحي ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال إدارة النفايات النووية.
وسيشهد اليوم زيارة وزير الدفاع الفرنسي جان أيف لو دريان، ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، في مقر إقامته في باريس حيث ستكون الملفات الدفاعية والعسكرية على رأس المواضيع التي سيبحثانها. وبالإضافة لما تم توقيعه أمس، ومن المنتظر أن يبحث الطرفان في عقود إضافية للقوات البحرية السعودية حيث من المتوقع أن يتوصل الطرفان سريعًا إلى اتفاق بشأن توريدها ما تم؛ إذ إن الوزير فابيوس أشار في المؤتمر الصحافي إلى أن ما تريده السعودية هو زوارق خفر سواحل سريعة. وقال فابيوس إن «النتائج الاستثنائية والسريعة التي تحققت جاءت بفضل العمل الدؤوب الذي قام به الأمير محمد بن سلمان وبفضل الثقة القائمة بين البلدين». وأضاف الوزير الفرنسي أن البلدين «يدفعان الآن باتجاه رؤية استراتيجية أساسية» بتوجيه من الرئيس الفرنسي، وأيضًا من الملك سلمان بن عبد العزيز، للذهاب بهذا التعاون في العلاقات الثنائية إلى أبعد من ذلك.
من جهة أخرى شدد وزير الصناعة والتجارة السعودي على الأهمية التي توليها الرياض لتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع فرنسا في كافة المجالات واصفا إياها بـ«الشريك الرئيسي» نظرا للمستوى الذي وصلت إليه العلاقات بين الطرفين والآفاق الواعدة المفتوحة أمامها.
واعتبر الدكتور توفيق الربيعة في الكلمة التي ألقاها أمس بمناسبة اجتماع مجلس الأعمال السعودي - الفرنسي في باريس، على هامش الزيارة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى العاصمة الفرنسية، أن بلاده تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف مع فرنسا هي تعزيز التبادل التجاري بين البلدين وإيجاد بيئة فاعلة لتشجيع القطاع الخاص في البلدين على اقتناص الفرص الاستثمارية المتاحة والإسهام في دعم اقتصاديات البلدين في كل المجالات.
وتتلاقى هذه الأهداف الثلاثة مع الأهداف التي تسعى إليها فرنسا كما عرضها السفير الفرنسي في الرياض برتراند بيزانسينو الذي يرى أن علاقات البلدين تشهد «تطورا استثنائيا» تدفع إليه «إرادة سياسية مشتركة وواضحة من قيادة البلدين» من أجل البناء على التقارب في الرؤى السياسية والاستراتيجية للوضع الإقليمي والسعي لتحقيق أهداف مشتركة وتكامل اقتصادي وبناء «وقائع حقيقية تعطي مضمونا ملموسا للشراكة الاستراتيجية» بين باريس والرياض. وأضاف السفير الفرنسي في الرياض أن بلاده تريد «تعاونا بعيد المدى» عنوانه بناء شراكات فرنسية - سعودية ويتناول سوق العمل والتأهيل والتدريب والبحث العلمي وتقاسم التكنولوجيا، مشيدا بالقرار المشترك الذي توصل إليه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس هولاند خلال زيارته الأخيرة للرياض الشهر الماضي والداعي إلى تحقيق «قفزة نوعية» في علاقات البلدين وإطلاق برنامج طموح شعاره الإسراع في إطلاق ما لا يقل عن عشرين مشروعا رئيسيا.
وكان الوزير الربيعة قد قدم عرضا للعلاقات التجارية والاقتصادية مع فرنسا ساردا مجموعة من الأرقام التي تبين أن باريس تمثل ثالث مستثمر في الاقتصاد السعودي بقيمة 14 مليار يورو بينما الاستثمارات السعودية في فرنسا ما زالت ضعيفة ولا تزيد على 700 مليون يورو. أما المبادلات التجارية فقد حققت في العام الماضي أرقاما قياسية إذ زادت على 12 مليار يورو بارتفاع نصف مليار عن عام 2013. وتبلغ حصة فرنسا من السوق السعودية 3.4 في المائة بحيث تأتي في المرتبة الثامنة. وبالمقابل، فإن فرنسا تأتي في المرتبة العاشرة في ترتيب الدول التي تتوجه إليها الصادرات السعودية وتبلغ نسبتها 25 في المائة. ويحتل النفط الخام الأساسي من الصادرات السعودية إليها.
توقيع 10 اتفاقيات تجارية بين الرياض وباريس.. وفرنسا ثالث أكبر مستثمر في المملكة
12 مليار يورو من أجل «ترسيخ الشراكة وإعطائها أبعادًا جديدة»
توقيع 10 اتفاقيات تجارية بين الرياض وباريس.. وفرنسا ثالث أكبر مستثمر في المملكة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة