شاشات: صعاليك وحشرات وثورة في ليبيا

شاشات: صعاليك وحشرات وثورة في ليبيا
TT

شاشات: صعاليك وحشرات وثورة في ليبيا

شاشات: صعاليك وحشرات وثورة في ليبيا

* «تحت السيطرة» لتامر محسن مخرجًا ومن كتابة مريم نعوم يدور حول عدّة شخصيات مدمنة على المخدرات. تصوّر أنك جالس في البيت بانتظار مدفع الإفطار أو أنهيت وجبتك مع العائلة وجلست تشاهد موضوعًا كهذا. ستشعر بثقله وبأهميّته، لكن هل ستشعر بأنك تريد مشاهدته؟ لكن «تحت السيطرة» جاد وجيّد في نواحيه الثلاث الأهم لكل مسلسل وهي الكتابة والإخراج والتمثيل.
بطلته نيللي كريم (اسمها على اسم الكاتبة مريم) التي تناجي نفسها في الحلقة الأولى كما في السادسة ممهدة للأحداث التالية. مدمنة تجرأت وتوقفت لكنها تعرف مدمنين وبعضهم يؤمن لها المخدرات. إنها في صراع بين ما تريده، وهو الامتناع، وبين ما يغريها (الإدمان). وثمّة مواقف كثيرة تعكس هذا الصراع في أكثر من حلقة. والأخيرة منها تتركنا وهي في أوج هذه الأزمة مع محاولة أصدقائها الحميمين مساعدتها.
* على صعيد مختلف تمامًا، لدينا «الصعلوك» لأحمد صالح عن سيناريو محمد الحناوي. هنا يؤدي خالد الصاوي دور مرسي الشيال (العتّال) وكانت الحلقة الأولى أحسنت إيجاز عالمه: إنه في مولد ديني. كاميرا هائمة تبحث عن هدف. بطلنا يسير بين المحتفين في مشهد ليلي. الأناشيد الدينية مرتفعة والجمهور يتحلّق حول الراقصين الصوفيين والمخرج لا يود توديع المشهد، وآلة الناي تدخل في كل المشاهد الخطأ فيما بعد. مرسي مهتم بحكاية يقصّها الراوي وتعنيه كما لو كانت تحدث معه اليوم. وهناك عصابة مخدرات يقودها رجل شرس تعطيه حمولة لإيصالها لكنه يختفي. تلاحقه الآن لأن رئيسها يرتاب في أنه باعها لحسابه.
هناك كل ذلك الترداد بين سرد حكاية مثيرة للاهتمام وسوء التعبير، فنيًا، عن أهميّتها. لا ينقذ العمل في الأساس سوى ممثله الأول خالد الصاوي. تستطيع أن تقول إنه حتى الآن على الأقل - من تلك المسلسلات التي تشاهدها إعجابًا بأداء ممثلها الأول.
* في هذا الوقت، وبينما «العرّاب - نادي الشرق» يزداد سخونة (ابنة العراب جمال سليمان تختفي وهناك بحث جار عنها من نهاية الحلقة الثالثة وإلى الآن)، هناك مسلسل سوري آخر للممثل جمال سليمان عنوانه «وجوه وأماكن». هو أيضا مميز بممثليه. عندنا هنا، لجانب الممثل سليمان، يارا صبري وسوسن أرشيد ونوار يوسف ودارينا الجندي ورمزي شقير وآخرين.
الموضوع هنا تعبر عنه جملة ترد على لسان جمال سليمان في الحلقة السادسة، إذ يتساءل إذا ما كان ما يمر به هو «فيلم لصباح وعبد الحليم». وما يمر به يتبدّى، من الحلقة الثانية وما بعد، مكيدة نسائية: هناك امرأة شابة جميلة ومتحررة منزعجة من أن الرجل المتزوج سليمان لديه حالة استقرار عاطفية تربطه بزوجته وعائلة رائعة تحيط به. وهي تراهن على أنها تستطيع أن تهز كيانه الهادئ هذا وتنجح.
الحلقة السادسة تطالعنا بعد خراب البيت (ولو على نحو غير كامل بعد). لقد اكتشفت الزوجة أن زوجها واقع في المكيدة إياها. تترك البيت. وها هم بعض أولادهما يحاول إصلاح ذات البين، والبعض الآخر ينهار باكيا.
في الدقائق العشرين الأولى من هذه الحلقة السادسة هناك 3 مشاهد بكاء (وبكاء هستيري من إحدى بنات العائلة). لكن اللافت أن المقدّمة الإعلانية تنتقل بين عدّة مشاهد ومواقع بينها مشهد لمظاهرة سورية تأييدًا للثورة الليبية!
* رغم منواله الدقيق وتكرار الأماكن والتداولات، كتب هيثم حقي المسلسل بدراية وأخرجه بمهارته الحرفية بحيث من السهولة تجاوز الثغرات القليلة التي تطالعنا بين الحين والآخر.
هذا هو الوضع ذاته بالنسبة لمسلسل «أستاذ ورئيس قسم». الحلقة الخامسة من المسلسل الذي يقال إن عادل إمام نال 4 ملايين دولار ونصف للقيام ببطولته (هكذا يتردد القول) هي استكمال لما بدأ سابقًا.
الأستاذ فوزي (عادل إمام) يقترب من وزير الداخلية، طالبًا منه أن يعتقله هو ويفرج عن الطلبة: «من حقي كمواطن أن أعتقل»، يقول له. وهو يأوي في منزله رجلين: شاب هارب من البوليس بسبب مواقفه الثورية التي تجهر بعدائها للنظام (أحداث ما قبل الثورة الأخيرة) وذلك الفلاح الذي تم طرده من الوظيفة التي دبّرها له الأستاذ فوزي ولا يجد مكانًا يأوي إليه.
* في إحدى محاضراته حول الحشرات، كونه عالمًا، يقوم الأستاذ بشرح بعض أنواعها قائلاً إن هناك حشرات تمص الدم. بعضها يزحف كالبعوض وبعضها يطير كالناموس لكن هناك «حشرات تلبس بدل» (بذلات) وذلك في إشارة إلى واقع الحال قبل ثورة 2010.
* طبعًا، حتى الآن لا يوجد - وحسب علمي - مسلسل يدور مباشرة عن الثورة. هذا أمر صعب لأكثر من سبب. في مقدّمتها أن الثورات العربية التي وقعت في تونس ومصر وسوريا وليبيا تترابط، بحيث إنه من غير السهل عدم النظر إليها ككل. وأيضا لأن المحطّات المستقبلة لمسلسلات رمضان تتبع وجهات نظر مختلفة تمامًا كالمشاهدين في بلدانهم، بل في كل بلد على حدة. مما يجعل مهمّة التوفيق بين كل الآراء (مع وضد وبين بين) مستحيلة. ناهيك بأن المسلسل «الثوري» ليس «بزنس» ناجحًا.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.