واشنطن ترفض تقارير التجسس على المفاوضات مع إيران

استئناف المحادثات في فيينا بحثًا عن صيغة نهائية لاتفاق نووي

واشنطن ترفض تقارير التجسس على المفاوضات مع إيران
TT

واشنطن ترفض تقارير التجسس على المفاوضات مع إيران

واشنطن ترفض تقارير التجسس على المفاوضات مع إيران

انطلقت بالعاصمة النمساوية فيينا صباح أمس جولة ثامنة من المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة «5 + 1» على مستوى المدراء السياسيين، بحثا عن صيغة شاملة ونهائية لاتفاق نووي يضع حلا لقضية النشاط النووي الإيراني بتجريده، مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران.
وتزامن ذلك مع اعلان المدعي العام السويسري إن سلطات بلاده فتشت عددا من الفنادق ضمن التحقيق في مزاعم عن عمليات تجسس تمت داخل مقار المفاوضات الايرانية، وسكن المتفاوضين بسويسرا والنمسا.
أكدت الخارجية الأميركية، أمس، أنه لم يحدث أي اختراق أمني للمفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة ومجموعة القوى العالمية (مجموعة خمسة زائد واحد) مع إيران. فيما رفضت تأكيد أو نفي تقارير الشركة الروسية التي تحدثت عن تورط إسرائيل في التجسس على الفنادق السويسرية التي تجري فيها المفاوضات، حيث أكد مسؤولون أميركيون أن واشنطن تأخذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسرية مفاوضاتها.
وأوضح جيف راثكي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أن بلاده على علم ودراية بالتحقيقات التي تم فتحها في هذا الشأن، وأن واشنطن تملك علاقات عمل وثيقة مع كل من سويسرا والنمسا، مؤكدا حرص واشنطن على ضمان أن تبقى تفاصيل المفاوضات سرية وراء الأبواب المغلقة.
لكن عددا من الخبراء أوضحوا أنهم لا يعتقدون أن الفيروس قد تسلل فعلا إلى أجهزة الكومبيوتر، الخاصة بالوفد الأميركي خلال المفاوضات، لأن الولايات المتحدة لا تستخدم أنظمة كومبيوتر الفنادق، بل شبكة آمنة خاصة بها للتواصل مع واشنطن. فيما فضل عدد من المحللين وخبراء المراكز البحثية الأميركية انتظار نتائج التحقيقات السويسرية، مشيرين إلى أن التقنيات المذهلة المتبعة لضمان الأمن قد لا تمنع حدوث اختراقات.
في هذا الصدد قال مسؤول بالخارجية الأميركية في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» إن هذه الادعاءات جاءت من طرف شركة خاصة ولذلك «لن نخوض في هذا الأمر، ونحن حريصون على عدم التفاوض بشكل علني، ونأخذ خطوات لضمان سرية تفاصيل المفاوضات، وبقائها وراء الأبواب المغلقة. لكن لن أخوض في التفاصيل التي نتخذها».
وتابع مسؤول أميركي رفيع من الوفد الأميركي المشارك في المفاوضات موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نستخدم أنظمة الكومبيوتر الخاصة بالفندق، وفي حال حدوث اختراق فيروس لأنظمة الكومبيوتر الخاصة بالفندق، فإن ذلك لن يكون قادرا على إحداث ضرر بنا لأننا دائما نضم الأنظمة الأمنية الخاصة بها عندما نعقد اجتماعات مع الوفد الإيراني داخل الفنادق».
واعتبر ارون ديفيد ميللر، نائب رئيس معهد (ودورو ولسون) أنه لا يوجد شيء غريب في تقارير التجسس، مشيرا في هذا الصدد إلى قيام دول كثيرة بعمليات تجسس على دول أخرى باعتبارها شيئا روتينيا.
من جانبه، أعلن مايكل لاوبر، المدعي العام السويسري، أمس أن سلطات بلاده فتشت عددا من المواقع في إطار التحقيق في مزاعم حول استهداف متسللين للأماكن التي تجري فيها المفاوضات الدولية الخاصة ببرنامج إيران النووي.
وقال لاوبر في مؤتمر صحافي «هناك تحقيق مفتوح بشأن التجسس السياسي في سويسرا»، مؤكدا أن مكتبه يحلل بيانات تم جمعها خلال عمليات البحث.
وكانت شركة (كاسبيرسكي لاب) الروسية للأمن الإلكتروني قد قالت في وقت سابق من الشهر إن فيروسا إلكترونيا (يدعى Duqu) استخدم لاختراق فنادق استضافت محادثات بين إيران والقوى العالمية الست للتجسس على المفاوضات، وذكرت أنها عثرت على برامج الكومبيوتر داخل ثلاثة فنادق أوروبية، وأنه تم الربط بين العدوى الفيروسية، وأحداث ومواقع ذات صلة بالمفاوضات بين الدول العالمية وإيران بشأن الحد من برنامج طهران النووي. لكن المدعي السويسري رفض التعليق بخصوص من يمكن أن يكون متورطا في علميات التسلل. فيما نفت إسرائيل الأسبوع الماضي إمكانية تورطها في الموضوع، وقالت: إن الاتهامات لا أساس لها من الصحة. لكن عددا من خبراء الأمن المعلوماتي ربطوا بين محاولات إسرائيل التجسس على المفاوضات النووية، ومحاولات أخرى جرت عام 2010 عندما تم تصميم فيروس (ستكسنت) للتجسس على مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، وفي ذلك الوقت ألقت إيران باللوم على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في التجسس على مواقعها النووية.
يقول كوستي ناريو، رئيس قسموتشمل قائمة الفنادق التي عقدت بها المفاوضات قصر بو ريفاج في لوزان بسويسرا، وفندق إنتركونتيننتال في جنيف، وقصر كوبورغ في فيينا، وفندق ويلسون بجنيف، وفندق روندفنك هوف في ميونيخ، وفندق رويال بلازا في مونترو بسويسرا.
إلا أن صحيفة «واشنطن بوست» نقلت عن خبراء أمن معلومات أميركيين أنه لا توجد أدلة تفيد بأن ذلك الفيروس كان قادرا على مهاجمة الأنظمة الأميركية، وإحداث اختراق،
نقلت عن مسؤول سابق بالاستخبارات الأميركية قوله إنه من الشائع بالنسبة لإسرائيل ودول أخرى القيام بهجمات تجسس. لكن الشيء الوحيد غير العادي الآن هو انتشار تلك التقارير والمعلومات والإعلان عن تفاصيلها.
وعلى صعيد متصل، أشار مسؤول بالخارجية الأميركية إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يخطط للمشاركة في محادثات مجموعة (خمسة + واحد) عندما يحين الوقت لاجتماع وزراء خارجية المجموعة، موضحا أنه بعد اجتماعات لوزران فإن المحادثات ستتركز على النص الرئيسي وعلى الكثير من الملاحق.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.