لأول مرة حذر أمس الأربعاء البنك المركزي اليوناني من فشل المفاوضات بين أثينا ودائنيها حول مواصلة تمويل هذا البلد، معتبرًا أن ذلك سيؤدي إلى تعثر اليونان عن السداد وخروجها من منطقة اليورو ومن الاتحاد الأوروبي.
ورأى البنك المركزي في تقريره السنوي حول اقتصاد البلاد أن العجز عن التوصل إلى اتفاق سيكون بداية طريق أليم سيقود أولاً إلى تخلف اليونان عن السداد وفي نهاية المطاف إلى خروج البلاد من منطقة اليورو وعلى الأرجح من الاتحاد الأوروبي.
وذكر بيان للبنك «التوصل لاتفاق مع شركائنا واجب تاريخي لا يمكننا تحمل (تبعات) تجاهله»، وأضاف أن من المرجح أن يتباطأ اقتصاد اليونان في الربع الثاني من العام الحالي، وأن الأزمة الحالية أدت إلى خروج ودائع بقيمة نحو 30 مليار يورو (33.84 مليار دولار) من البنوك اليونانية في الفترة بين أكتوبر (تشرين الأول) وأبريل (نيسان).
في غضون ذلك، وجّه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر توبيخًا غاضبًا إلى الحكومة اليونانية، واتهمها بتضليل الناخبين في شأن مقترحات قدّمها للمساعدة في حل أزمة ديون البلد العضو في منطقة اليورو.
وقال يونكر: «أنا لا تعنيني الحكومة اليونانية (...) ما يعنيني هو الشعب اليوناني». وأضاف: «النقاش في اليونان وخارج اليونان سيكون أسهل إذا أعلنت الحكومة اليونانية بالضبط ما الذي تقترحه المفوضية فعلاً (...) أنا ألقي باللوم على المسؤولين اليونانيين لإبلاغهم الشعب اليوناني بأشياء لا تنسجم مع ما أبلغته لرئيس الوزراء اليوناني».
وقال رئيس المفوضية الأوروبية الذي انتقد أخيرًا رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، إن المفوضية لا تؤيد زيادة ضريبة القيمة المضافة على الأدوية والكهرباء، وإنها اقترحت سبلاً أخرى لتحسين الميزانية اليونانية، بما في ذلك إحداث «خفض متواضع» في الإنفاق العسكري.
وفي أثينا، قال المستشار النمساوي فيرنر فيمان الذي يزور اليونان حاليا إنه لا يريد خروج اليونان من منطقة اليورو، وإنه يمكن التوصل إلى حل جماعي، وأضاف فيمان القول متحدثا عن رئيس المفوضية الأوروبية: أساند جون كلود يونكر تماما فيما يخص التوصل إلى اتفاق وكذلك التمسك بالشروط الموضوعة. نحتاج إلى خطة طويلة المدى تحترم الشروط وتعني أن من يريد الاستثمار في اليونان فإنه يستثمر في بلد سيبقي على عملة اليورو.
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إن أي اتفاق بين بلاده والمانحين يجب أن يشمل تخفيفا في مديونية البلاد الثقيلة التي تفوق 340 مليار يورو، وهو نحو 180 في المائة من الناتج المحلي.
وأضاف تسيبراس الذي كان يتحدث مع المجموعة البرلمانية لحزبه (سيريزا) اليساري الراديكالي الحاكم إن حكومته لديها ثلاثة شروط أخرى للتوقيع على اتفاق مع المانحين أولها عدم المساس بالأجور والمعاشات، ووقف أي تهديدات بخروج اليونان من منطقة اليورو، واعتماد تدابير لمواجهة مشاكل تمويل الاقتصاد اليوناني. وفشلت مفاوضات الأحد الماضي في بروكسل بين اليونان والمانحين بعد خمسة أشهر من انطلاقها، ولم تفض إلى أي اتفاق يمكن أثينا التي تعاني من نقص حاد في السيولة، من الحصول على مبلغ 7.2 مليار يورو وهو الشطر الأخير المتبقي من برنامج الإنقاذ الأوروبي للعام 2010 بقيمة 240 مليار يورو.
ومع اقتراب نهاية يونيو (حزيران) الجاري حيث تنتهي المدة المحددة سلفا لتمديد برنامج الإنقاذ والتوصل إلى اتفاق، وأيضا يحين أجل سداد أثينا لـ6.1 مليار يورو من خدمات الدين لصندوق النقد الدولي، لا يعرف بعد المآل الذي ستتجه نحوه المفاوضات وسط تهديدات أوروبية باحتمال خروج اليونان من منطقة اليورو. واتهم تسيبراس خلال لقائه مع نواب سيريزا الدول الأوروبية باعتماد التشدد نفسه الذي يدعو له صندوق النقد الدولي وقال: إنهم يعتمدون توصياته لكنهم يتجاهلون مطالب اليونان بتخفيف مديونيتها.
من جانبه، بدأ صندوق النقد الدولي في تصعيد نبرته حيال موضوع ديون اليونان، وقد أكد علنا على مطالبه في هذا الملف سواء لأثينا أو للأوروبيين، ولو أدى ذلك إلى وصفه بالتصلب، وكان صندوق النقد الدولي يترك حتى الآن شركاءه الأوروبيين يعلنون بارتياح عن «محادثات بناءة» مع أثينا حول مجموعة الإصلاحات المطلوبة منها، لقاء حصولها على دفعة من القروض الجديدة، لكن مع تعاقب الاجتماعات في بروكسل من دون التوصل إلى نتيجة، قرر صندوق النقد الدولي تبديل لهجته بعدما سئمت مديرته كريستين لاغارد تردد أوروبا وموقف اليونان الرافض.
وصدر أول موقف متشدد من المتحدث باسم الصندوق غيري رايس المعروف بنبرته الهادئة عادة، إذ تحدث عن «خلافات كبرى» مع أثينا حول معاشات التقاعد والضرائب، النقطتين اللتين تتعثر عندهما المحادثات، وبعد بضعة أيام دعا رئيس قسم الاقتصاد في الصندوق أوليفييه بلانشار الأوروبيين إلى اتخاذ «قرارات صعبة» بالموافقة على تخفيف أعباء الدين لليونان وصولا ربما إلى وضع خطة مساعدة جديدة، وهي حلول سيجد قادة منطقة اليورو صعوبة في تسويقها لدى ناخبيهم، وهذا الموقف المتصلب الذي كان يبقى حتى الآن محصورا داخل الاجتماعات الدولية المغلقة من غير أن يظهر إلى العلن، لم يساهم في تحسين صورة الصندوق في أثينا، حيث ندد رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس بالمسؤولية الجنائية لصندوق النقد الدولي.
ونقلت صحف يونانية أن تسيبراس قال لمخاطبيه بأن بلاده لن تدفع مبلغ 1.6 مليار يورو لصندوق النقد الدولي بنهاية يونيو وتفضل بدل ذلك أن تدفع الأجور والمعاشات في حين نفى مكتب تسيبراس لاحقا ذلك جملة وتفصيلا.
المركزي اليوناني يحذر من الخروج من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي
في حال عدم التوصل لاتفاق بشأن ديون أثينا
المركزي اليوناني يحذر من الخروج من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة