السعودية تمنع العمل تحت أشعة الشمس.. والمقاولون يقلصون ساعات الشغل

لهيب الصيف وشهر رمضان يخفضان إنتاجية قطاع المقاولات بنسبة 40 %

عمال في أحد المشاريع في السعودية («الشرق الأوسط»)
عمال في أحد المشاريع في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية تمنع العمل تحت أشعة الشمس.. والمقاولون يقلصون ساعات الشغل

عمال في أحد المشاريع في السعودية («الشرق الأوسط»)
عمال في أحد المشاريع في السعودية («الشرق الأوسط»)

بات ارتفاع درجات الحرارة في المدن السعودية الثلاث الكبرى (الرياض، جدة، الدمام)، مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، سببًا رئيسيًا في تخفيض قطاع المقاولات لساعات العمل، في قرار من المتوقع أن يخفض حجم الإنتاجية خلال أيام شهر رمضان بنسبة تصل إلى 40 في المائة.
ويدخل نظام منع العمل تحت أشعة الشمس المباشرة في السعودية، حيز التنفيذ اعتبارًا من اليوم الاثنين، حيث قررت وزارة العمل في البلاد حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتبارًا من منتصف الشهر الحالي، وحتى منتصف شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك اعتبارًا من الساعة 12 ظهرًا وحتى الساعة الثالثة مساءً، يأتي ذلك في وقت استثنت فيه الوزارة العمال الذين يعملون في شركات النفط والغاز، وكذلك عمال الصيانة للحالات الطارئة، على أن تُتخذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم.
وفي هذا السياق، أكد عدد من مديري مؤسسات المقاولات في العاصمة الرياض لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن لهيب الصيف عادة ما يقلل معدلات الإنتاج بنسبة تصل إلى 20 في المائة، مشيرين إلى أن تزامن لهيب الصيف مع حلول شهر رمضان المبارك يضاعف من هذه النسبة.
ولفت هؤلاء إلى أن كبرى شركات المقاولات تحرص عادة على منح 30 في المائة من عامليها إجازاتهم السنوية خلال شهر رمضان، وقالوا: «هذا الإجراء بات أمرًا طبيعيًا، ففي شهر رمضان تتحول كثير من الأعمال إلى فترات المساء، وهنا تكون متطلبات العمل أقل».
وتبلغ درجات الحرارة في العاصمة الرياض خلال أوقات الذروة مستويات 50 درجة مئوية، وهي مستويات عالية تعرض الأيدي العاملة لإمكانية الإصابة بضربات الشمس، مما دعا وزارة العمل في البلاد إلى تحديد ساعات عمل معينة، لمن يعملون تحت أشعة الشمس.
وفي هذا الشأن، أوضح عيد نادر، وهو صاحب عدد من مؤسسات المقاولات في السعودية، أن إنتاجية قطاع المقاولات خلال شهر رمضان تتراجع عادة بنسبة تصل إلى 30 في المائة، إلا أن تزامنها مع ارتفاع درجات الحرارة يرفع هذه النسبة إلى 40 في المائة.
وقال نادر خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لا نراهن كثيرًا على الإنتاجية خلال الأيام الـ35 المقبلة، حتى إن أصحاب المشروعات أنفسهم لا يلوموننا كثيرًا على مستوى الإنتاجية خلال فترة شهر رمضان، نظرًا لخصوصية هذا الشهر الكريم لدى المسلمين، وما يحمله من أهمية كبرى في نفوسهم».
وأشار نادر إلى أن مؤسسته أصدرت قرارًا يقضي بتخفيض ساعات العمل خلال أيام شهر رمضان إلى 6 ساعات فقط، مضيفًا: «3 منها خلال ساعات الصباح الأولى وتحديدًا من الساعة الخامسة فجرًا وحتى الساعة الثامنة صباحًا، والثلاث الأخرى تبدأ في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً، وحتى الساعة العاشرة والنصف».
ولفت إلى أن ساعات العمل خلال موسم الصيف تنخفض إلى 7 ساعات يوميًا، في حين أنها خلال وقت الشتاء واعتدال الأجواء تستقر عند 9 ساعات عمل يوميًا»، مبينًا أن جلّ نشاط مؤسسته يرتكز في بناء الفلل السكنية والعمائر التجارية في العاصمة الرياض.
من جهة أخرى، أكد يوسف العنزي الذي يمتلك إحدى شركات المقاولات في الرياض، أن معظم عقود المقاولات تضع في اعتبارها انخفاض الإنتاجية الملحوظ خلال شهر رمضان المبارك، وقال: «العقود المبرمة تضع في اعتبارها أمورًا عدة تتعلق بمستوى الإنتاجية، منها ارتفاع درجات حرارة الصيف، وحلول شهر رمضان المبارك».
من جهة أخرى، توقع تقرير صدر العام الماضي عن الأمانة العامة لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، أن يسجل قطاع المقاولات في الدول الأعضاء نموا خلال الأعوام المقبلة، مما يتيح فرصا استثمارية واعدة للقطاع الخاص، خاصة في المشروعات الحكومية التي رصدت ميزانيات ضخمة، ولفت التقرير إلى عدد من التحديات التي تواجه قطاع المقاولات بدول المجلس وتجب معالجتها من خلال التشاور بين القطاعين العام والخاص.
واستند التقرير في توقعاته الإيجابية لسوق الإنشاءات في دول مجلس التعاون إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي بنسب تتراوح بين 5 و6 في المائة، إذ سيصل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج إلى 3.6 تريليون دولار بحلول 2016، في مقابل 2.4 تريليون خلال عام 2012، بالإضافة إلى النمو السكاني السريع لدول المنطقة وتطور البنية التحتية والحاجة الملحة لزيادة المساكن وتطوير الخدمات.
وتوقع التقرير أن يصل حجم المشروعات الإنشائية في المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة إلى نحو 800 مليار دولار، تتنوع في مشروعات البنى التحتية والخدمات، مما يسهم في نمو القطاعات المساندة لها مثل قطاع التجهيزات والمعدات.
وأكد التقرير أن القطاع الحكومي الخليجي سيظل المحرك الأول للمقاولات والإنشاءات الجديدة في دول الخليج لاستئثاره بما يزيد على 50 في المائة من المشروعات، خصوصا مشروعات البنية التحتية والمرافق الخدمية الحكومية، موضحا أن دول مجلس التعاون تخصص ميزانيات ضخمة للاستثمار في مختلف قطاعات البنية التحتية لتلبية الطلب المتزايد للتركيبة السكانية، لذا فإن هناك شركات عالمية وخليجية عدة تتنافس على هذه المشروعات، مما يحسن التنافسية في بيئة الأعمال.
وتشمل المشروعات التي تنفذها دول الخليج مشروعات الطرق، والموانئ، والسكك الحديدية، والمطارات، مما يحقق نموا في قطاع الإنشاءات والمقاولات يصل إلى 35 في المائة حتى عام 2015، بدعم من الإنفاق الحكومي المتوقع لاستكمال المشروعات التنموية، إلى جانب دخول الاستثمارات الأجنبية، مما ينعكس بشكل إيجابي على دخل قطاع الإنشاءات والمقاولات، في حال تمكن القطاع من تجاوز التحديات المقبلة والمتعلقة بارتفاع أجور الأيدي العاملة.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.