أشارت تقارير إعلامية إلى أن تناول الشوكولاته يحسن الذاكرة في فئات العمر ما بين 50 و69 عاما، ولكن مثل هذا التعميم لا يغطي كل الحقيقة. ففي التقرير الأصلي الذي نشرته مطبوعة «نيو ساينتست» أجريت التجربة التي حققت هذه النتائج على أحد مكونات الشوكولاته المستخلصة من حبوب الكاكاو. وعلى الرغم من أنها نتائج صحيحة فإن ترجمتها إلى أكل الشوكولاته يستلزم استهلاك كميات كبيرة جدا من أجل التوصل إلى النتائج نفسها.
والمادة المؤثرة في تحسين الذاكرة اسمها «فلافانول» وهي توجد في حبوب الكاكاو والشاي الأخضر والتوت.
وبغض النظر عن تأثير الشوكولاته على الذاكرة فإنها من أهم أنواع الحلوى التي تباع على مستوى العالم حاليا. وهي اكتشاف يعود إلى أكثر من 3 آلاف عام، وموطنها الأصلي أميركا الجنوبية. ويعني اسم الشوكولاته في حضارة المايا «المياه المُرة» حيث حبوب الكاكاو الطبيعية طعمها يتسم بالكثير من المرارة.
ولكن بعد تخزين الحبوب وتحميصها ثم طحنها ينتج عنها مسحوق الكاكاو الذي يمكن فصله إلى زبدة الكاكاو ومكونات الكاكاو الصلبة. وتصنع الشوكولاته بعد ذلك من المكونين معا مع إضافات أخرى مثل السكر والدهون والفانيليا. أما الشوكولاته البيضاء فهي تصنع من زبدة الكاكاو وحدها من دون مكونات الكاكاو الصلبة.
ويشترط الاتحاد الأوروبي أن تحتوي الشوكولاته الداكنة على نسبة 60 في المائة من مكونات الكاكاو الصلبة، وهي نسبة تنخفض إلى 25 في المائة في الشوكولاته بالحليب ثم تنعدم في الشوكولاته البيضاء. وتدخل الشوكولاته في مكونات الكثير من الحلويات الأخرى مثل الكعك والبسكويت والمشروبات. كما تصنع منها الحلوى التي تقدم في المناسبات.
اكتشاف الكاكاو
وعلى الرغم من اكتشاف الكاكاو في أميركا الجنوبية فإن ثلثي إنتاجه العالمي حاليا يأتي من غرب أفريقيا، نصفها تقريبا من دولة ساحل العاج. وتعود أصول أقدم اكتشاف لمشروب الكاكاو إلى عام 1750 قبل الميلاد في المكسيك، حيث عثر على كوب أثري به بقايا مشروب الكاكاو.
ولم يعرف الأوروبيون الكاكاو حتى القرن السادس عشر. وأحضر كريستوفر كولومبوس، مكتشف أميركا، بعض حبوب الكاكاو لدى عودته إلى إسبانيا. ومنها انتشر بين القصور الملكية بوصفه مشروبا مفضلا، وبعدها انتقل إلى طبقات الشعوب الأخرى.
ويقال إن الطلب على الشوكولاته في أوروبا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر كان من ضمن أسباب انتشار تجارة العبيد، حيث كانت زراعة حقول الكاكاو تحتاج إلى الكثير من العمل اليدوي الذي قام به آلاف من العبيد الأفريقيين.
وفي القرن التاسع عشر تأسست الكثير من شركات إنتاج الشوكولاته المشهورة حتى الآن مثل نستله (1875) ولينت (1879) وكادبيري (1888)، وبعدها انتقلت الصناعة إلى أميركا الشمالية عندما اشترى ميلتون هيرشي معدات صناعة الشوكولاته من المعرض العالمي الدولي في شيكاغو في عام 1893 لكي يبدأ صناعة شوكولاته هيرشي الأميركية.
وفي العصر الحديث تدخل الشوكولاته في الكثير من أوجه الحياة اليومية والمناسبات، حيث يتم تقديمها في الأعراس والمناسبات السارة، كما تشكلت صناعة كاملة في الغرب حول تقديم بيض عيد الفصح المصنوع من الشوكولاته. والشوكولاته أيضا مشروب مفضل للكبار والصغار.
وبخلاف التأثير الإيجابي على الذاكرة الذي لا يمكن الحصول عليه باستهلاك كميات صغيرة من الشوكولاته يوميا.
* هل للشوكولاته فوائد غذائية أخرى؟
* هناك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى فوائد متعددة للشوكولاته، من بينها:
- تفيد الشوكولاته في تحسين الدورة الدموية وخفض خطر الأزمات القلبية.
- الشوكولاته غنية بالمعادن مثل البوتاسيوم والزنك والحديد.
- تشير بعض الأبحاث إلى أن تناول الشوكولاته يمكن أن يفيد في خفض ضغط الدم في البالغين من البدناء وأصحاب الأوزان العادية على السواء.
- الشوكولاته الداكنة يمكنها أن تخفض معدل الكولسترول عند البالغين وإن كان هذا المجال يحتاج إلى المزيد من الأبحاث.
- الشعور الجيد بعد تناول الشوكولاته مفيد للجسم.
- استخدمت حبوب الكاكاو قديما في علاج بعض حالات الإسهال وعلاج المغص المعوي.
* وهناك بعض الأضرار المصاحبة لاستهلاك الشوكولاته أيضا، وأهمها:
- نظرا لاحتواء الشوكولاته على كميات كبيرة من السكريات والدهون فهي كثيرة الدسم وتسبب السمنة عند استهلاكها بكميات كبيرة.
- المكونات الدهنية في الشوكولاته تسبب أيضا عسر الهضم والتهاب المريء لأنها ترخي عضلة المعدة وتسبب صعود أحماض المعدة إلى المريء.
- تحتوي الشوكولاته على مادة أوكسلات التي قد تسبب بعض المتاعب لمرضى حصى الكلى.
- تمتص الشوكولاته أثناء تصنيعها الرصاص من المناخ، وهو عنصر خطر على الصحة.
- من المخاطر الأخرى المرصودة حساسية بعض الأفراد ضد الشوكولاته وإدمان البعض الآخر عليها.
وبغض النظر عن الجوانب الغذائية، فإن الشوكولاته تدخل أيضا في الفولكلور، حيث شكلت موضوعات لكتب وأفلام الأطفال. ومن أشهر الكتب التي ظهرت في الستينات للكاتب رولد دال كتاب عنوانه «نشارلي ومصنع الشوكولاته» عن قصة طفل فقير يفوز في مسابقة لجولة داخل أفضل مصنع للشوكولاته في العالم.
وبعد نجاح الكتاب تم إنتاجه في فيلم في عام 1971، ثم نسخة ثانية من الفيلم في عام 2005 حققت نجاحا غير مسبوق وإيرادات قياسية حول العالم بلغ حجمها 470 مليون دولار.
كما ظهرت رواية مكسيكية في عام 1992 بعنوان الماء والشوكولاته، حول قصة حب تحولت إلى أحد أنجح الأفلام المكسيكية. وترجمت الرواية إلى اللغة الإنجليزية. كما ظهرت رواية أميركية اسمها «شوكولاته» في عام 1999 وتحولت إلى فيلم ناجح بالاسم نفسه حقق 150 مليون دولار من الإيرادات حول العالم.
ويوجد فندق في جزيرة سان لوشيا الكاريبية اسمه «بوكان» وسط مزارع كاكاو وبالقرب من مصانع شوكولاته. وتوجد في الفندق مدرسة لتعليم كيفية صنع تلك الحلوى وبوتيك هدايا به تشكيلات كثيرة من الهدايا.