التوتّر يسود «السويداء» بعد «مجزرة إدلب».. وجهود للتهدئة بمواجهة استغلالها طائفيًا

مصادر «الاشتراكي»: النظام يسعى لتوريط الدروز في مواجهة السنّة.. ورئيس «التوحيد العربي» : مستعدون لتأليف جيش

تشكيلات الجبهة الجنوبية تسقط طائرة حربية للنظام في ريف درعا (موقع الهيئة السورية للإعلام)
تشكيلات الجبهة الجنوبية تسقط طائرة حربية للنظام في ريف درعا (موقع الهيئة السورية للإعلام)
TT

التوتّر يسود «السويداء» بعد «مجزرة إدلب».. وجهود للتهدئة بمواجهة استغلالها طائفيًا

تشكيلات الجبهة الجنوبية تسقط طائرة حربية للنظام في ريف درعا (موقع الهيئة السورية للإعلام)
تشكيلات الجبهة الجنوبية تسقط طائرة حربية للنظام في ريف درعا (موقع الهيئة السورية للإعلام)

بين التوتّر الذي يسود منطقة السويداء منذ أيام عدّة والمجزرة التي وقعت في صفوف عدد من الدروز في منطقة «قلب لوزة» في جبل السماق بإدلب، مساء أول من أمس، أخذ الموضوع بعدًا آخر في محاولات لاستغلاله طائفيًا ومذهبيًا من خلال بعض المواقف، بينما دخل مسؤولون من الطائفة الدرزية وعلى رأسهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، على خط التهدئة مجددًا دعوته إلى أهمية المصالحة مع أهل درعا والجوار.
وحذّر جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» من أن كل الكلام التحريضي على المنابر حول أحداث إدلب، قد يعقد الأمور أكثر، مذكّرًا أن سياسة الرئيس السوري بشار الأسد هي التي أوصلت سوريا إلى الفوضى، محذرًا كذلك من التحريض الإسرائيلي حول العرب الدروز في سوريا. وسيعقد جنبلاط اليوم مؤتمرًا صحافيًا سيخصصه لمحاولة «التهدئة» كما أشارت مصادر قريبة منه. وقالت المصادر إن «على أهالي السويداء أن يدركوا أن النظام ساقط عسكريًا، وأن مصلحتهم مع أهلهم في سوريا لا مع أي أحد آخر».
وكان لرئيس «حزب التوحيد العربي» النائب السابق، وئاب وهاب، موقف تصعيدي، معتبرًا أنّ «ما حصل في إدلب ليس مشكلة فردية بل مجزرة ارتكبتها جبهة النصرة بحق الدروز»، ومؤكّدًا الاستعداد لتأليف جيش يضم أكثر من مائتي ألف شخص من دروز سوريا ولبنان والعالم للدفاع عن السويداء».
وحمّل وهاب، في مؤتمر صحافي، «تركيا التي تدعم جبهة النصرة، وقطر التي تمولها، مسؤولية المجزرة، منبهًا إلى أن «سقوط السويداء يعني سقوطنا جميعًا». وشدّد على أنّ «كل من يتعامل مع جبهة النصرة على الأراضي اللبنانية غير مرغوب فيه»، في إشارة إلى مواقف جنبلاط الذي سبق له أنّ أعلن أنّ «النصرة» ليست منظمة إرهابية. وأشار وهاب إلى أن «أي تأخير بتأمين السلاح في السويداء تتحمل مسؤوليته الدولة السورية». ودعا الجميع إلى التطوع للدفاع عن هذه المدينة وأهلها. وقال: «ما يحمينا هو محور المقاومة وخيارنا السياسي يحمينا وإلا فنحن على أبواب كارثة كبيرة». وأضاف: «لا نريد رضى أحد غير أهلنا وشبابنا، لأن أي اعتداء على أهلنا هو اعتداء على كل الدروز في العالم وكفانا انحطاطًا في مواقفنا السياسية».
وفي هذا الإطار، أشارت مصادر من «الحزب الاشتراكي» تعمل بشكل مباشر على محاولات التهدئة في سوريا، أنّ النظام السوري ومن يقف خلفه يحاولون استغلال ما حصل في إدلب لتوتير الأجواء في السويداء وتوريط الدروز وإدخالهم في مواجهة مع الطائفة السنيّة، ردًا على الانهيارات المتتالية التي يصاب بها النظام، واضعة الكلام الذي أطلقه وهاب في هذا الإطار. وبينما أكدت أن القذائف التي أطلقت، يوم أمس، على مناطق في السويداء مصدرها النظام وليست فصائل المعارضة، أشارت إلى أن «فصائل الجبهة الجنوبية» تعهّدت بأن الهجوم على «مطار الثعلة» لن ينتج عنه أنّ اعتداءات على مناطق الدروز المجاورة، مؤكدة أن الجهود التي تبذل على خط التهدئة تتخذ منحى إيجابيًا.
وتعليقًا منه على ما حصل، استنكر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ نعيم حسن بشدة «الاعتداء على عدد أبناء من الطائفة، داعيًا إلى مواكبة الاتصالات التي جرت وتجري على مختلف المستويات لإنهاء ذيول الحادث». ودعا حسن في بيان إلى عدم الانجرار خلف بعض الأصوات المحرضة التي من شأنها أخذ الأمور إلى ما لا يريده السوريون، وعدم الانزلاق إلى أتون الفتنة المميتة والثبات على وحدة قضية الشعب السوري في نضاله للحصول على حقوقه».
من جهته، استنكر «الائتلاف الوطني» في بيان له، «أي شكل من أشكال الاقتتال الداخلي الذي يوظف ويستثمر من قبل قوى كثيرة، ويحقق أهدافًا ومآرب لا تخدم إلا مصالح النظام الطائفي والمتربصين بالثورة السورية والمجتمع السوري، وتعمل على تضليل الرأي العام ببث أخبار مغلوطة حول الأحداث».
وبينما أشار الائتلاف إلى تلقي رئيسه اتصالاً من جنبلاط ومن وجهاء وزعماء الطائفة الدرزية، مشددين على اللحمة الوطنية السورية، وعلى الهوية العربية السورية للدروز، لفت إلى أن القوى الثورية الفاعلة على الأرض في تلك المنطقة سارعت إلى احتواء الموقف؛ مما قطع الطريق على كل محاولات تغذية الخلاف بين أبناء الوطن الواحد.
وتعتبر منطقة جبل السماق، الواقعة في شمال سوريا على الحدود التركية مع محافظة إدلب موطنًا لأكثر من عشرين ألف مواطن من أبناء الطائفة الدرزية توزعوا في خمسة عشر قرية صغيرة أهمها «نابل - قلب لوزة».
ويشكل الدروز نسبة ثلاثة في المائة من الشعب السوري البالغ تعداده قبل الحرب 23 مليونًا. وهم ينقسمون بين موالين إجمالاً للنظام السوري، وبين متعاطفين وناشطين في «الحراك الثوري»، وبين من بقي على الحياد.
ووقعت معارك في 2013 بين فصائل في المعارضة المسلحة ومجموعات درزية موالية للنظام في ريف السويداء (جنوب)، قتل فيها عدد من الدروز في المعارك أو في القصف، لكن الدروز في قلب لوزة لم يكونوا أصلاً يحملون السلاح، بحسب المرصد وناشطين.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن عن مقتل عشرين درزيًا على الأقل برصاص عناصر من «جبهة النصرة» في محافظة إدلب إثر مشادة بين الطرفين تطورت إلى إطلاق نار.
وروى مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ قياديًا في جبهة النصرة يحمل جنسيّة تونسيّة «حاول مصادرة منزل مواطن درزي في قرية قلب لوزة في منطقة جبل السماق، بحجة أن صاحبه موال للنظام، إلا أن أفرادًا من عائلة صاحب المنزل حاولوا منعه، فحصل تلاسن، ثم احتجاج، ثم إطلاق نار».
وأشار عبد الرحمن إلى أن القيادي في «النصرة» الذي يقدم نفسه باسم «السفينة» استقدم «رجالاً واتهم سكان القرية الدرزية بالكفر، وبدأ إطلاق النار مع مرافقيه عليهم؛ مما تسبب بمقتل عشرين شخصًا بينهم مسنون وطفل واحد على الأقل». ورد بعض السكان بالمثل؛ مما تسبب بمقتل ثلاثة عناصر من «جبهة النصرة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.