بحاح: جنيف لقاء تشاوري وليس تفاوضيًا.. وأبناء اليمن الورقة الرابحة

أعلن استعداد بلاده لهدنة إنسانية في رمضان شريطة انسحاب المتمردين من المدن

نائب الرئيس اليمني خالد بحاح خلال مؤتمره الصحافي في الرياض أمس (رويترز)
نائب الرئيس اليمني خالد بحاح خلال مؤتمره الصحافي في الرياض أمس (رويترز)
TT

بحاح: جنيف لقاء تشاوري وليس تفاوضيًا.. وأبناء اليمن الورقة الرابحة

نائب الرئيس اليمني خالد بحاح خلال مؤتمره الصحافي في الرياض أمس (رويترز)
نائب الرئيس اليمني خالد بحاح خلال مؤتمره الصحافي في الرياض أمس (رويترز)

في ما يبدو أنه رفض غير مباشر أن يكون مؤتمر «جنيف» طاغيا على مؤتمر «الرياض» أو أي مبادرة خليجية، أو أن يتحول لمباحثات جديدة تتبلور في قرارات تصبح بديلاً عن قرار مجلس الأمن رقم 2216، أكد خالد بحاح، نائب الرئيس اليمني ورئيس الوزراء في الحكومة الشرعية، أن أي لقاء في «جنيف» سيكون تشاوريا لا تفاوضيا، وأن الهدف سيكون تنفيذ القرار الأممي ولا وقت حاليًا للمبادرات السياسية، مشيرًا إلى أنه لا نية للحكومة تشكيل جيش وطني جديد، بينما خاطب أبناء اليمن بأنهم الأمل في هذا البلد والورقة الرابحة، وأكد أن هناك من يستخدم الدين لأغراض سياسية باليمن، وأن اجتماع الحوثي الأميركي في مسقط نتج عنه سقوط شعار «الموت لأميركا»، وأعلن استعداد بلاده لهدنة إنسانية خلال شهر رمضان شريطة انسحاب المتمردين من المدن المحتلة.
وأوضح خالد بحاح نائب الرئيس اليمني خلال مؤتمر صحافي في قصر المؤتمرات بالرياض أمس أن مؤتمر جنيف هو تشاوري لتنفيذ آلية القرار الأممي 2216 واستعادة الدولة، وليس للتفاوض، إذ إن مسألة التفاوض انتهت منذ أربعة أعوام، مشيرًا إلى أن جنيف هي المرحلة الأولى، ثم يأتي استكمال المرحلة السياسية، للجلوس على طاولة واحدة، في إطار تشكيل الهيئة الوطنية تمهيدا لإقرار الدستور والذهاب إلى الانتخابات.
وقال بحاح إن اللقاء التشاوري «ليس ملزما بقدر ما هو ضروري لإيجاد آليات للتنفيذ القرار 2216، لأن التفاوض استكملنا مراحله مستقبلا، على أن لا يتم استخدام شروط في المؤتمر، بل هناك مرجعيات تم الاتفاق عليها، وهي المبادرة الخليجية، ومؤتمر الحوار الوطني، والقرارات الدولية من بينها قرار 2216، وهي ملزمة على كل الأطراف، ولن يتم الخروج عن هذه القاعدة في جنيف أو غير جنيف».
وأشار نائب الرئيس إلى أن «الشأن اليمني ليس بعيدا عن المظلة الدولية، ولا نستطيع أن نكون بعيدا، وتعاطينا مع الدعوة إلى اللقاء التشاوري، على أنها دعوة سلام من السلطة اليمنية بكل مكوناتها، وأن الحكومة اليمنية ليست داعية حرب، ورفضنا الدعوة سيكون ورقة ليس بصالح السلطة، ومن يرد مد يد السلام فنحن معه»، مؤكدًا أن لقاء جنيف سيكون يمنيا يمنيا بمرجعياته تحت مظلة دولية تيسيرية، وليس هناك تدخل من أي طرف كان بما فيها إيران.
وأضاف: «الذهاب إلى جنيف لا يعني كسر قوة المقاومة، إذ إن المقاومة لا تلتفت لأي حوارات ولا تعطيها حقها الكامل، وسنكون داعمين للمقاومة، والذهاب إلى جنيف لا يتعارض مع عملها على الأرض، إذ إن المقاومة نحن نتبعها وليست هي تتبعنا، ونحن هنا ممثلون لهذه المقاومة بما تريد».
وذكر بحاح أن اليمن شعب مسلم مسالم، وليس حاضنا للتطرف الديني، وأن تنظيم القاعدة وأنصار الله (الحوثيون) كلهم في كفة واحدة، وقال: «اقرأوا تاريخ اليمن، الله حبانا بدين واحد، وهناك مجموعة مارقة من الميلشيات استخدمت الدين وسيلة لأغراض سياسية في اليمن وخارج اليمن، ولدينا في المحيط الإقليمي شواهد واضحة، ونقول لإخوتنا باليمن يكفي العبث بالدين».
وأوضح نائب الرئيس اليمني أن الحكومة اليمنية لم تتسلم أي مبادرة من علي ناصر محمد الرئيس السابق، وقال: «لم تصلنا، ونقول له انتهى وقت المبادرات، علينا الآن في آلية التنفيذ، ويكفي سياسة، اليمنيون جائعون يريدون سلاما ودولة، مع الشكر لكل جهد وطني يبذل من أجل وقف النزيف».
وأضاف: «كل الاتفاقيات السابقة التي أبرمت منذ 1989 لم تنفذ ابتداء من اتفاقية الوحدة، واتفاقية العهد والسلام في 1994، واتفاقية السلم والشراكة الذي صيغ من طرف واحد، ومخرجات الحوار الوطني، ومسودة الدستور».
وأشار بحاح إلى أن «الإخوة الحوثيين عاقون، انتقلوا من العمل الإجرامي إلى عمل إجرامي أكبر، ولا يريدون أن يجيدوا السياسة، لأن قوتهم كانت بالإجرام، ونحن لا ننتظر من الحوثيين كثيرا في جنيف، خصوصا أن بعض الدول توسطت في فترات ماضية، ثم بعد ذلك توسط العالم، نحن يد مع السلام وأخرى على المقاومة الوطنية». وأضاف: «ما لم تكن هناك نيات صادقة، فسيكون جنيف مجرد عبث وتعذيب، وليس معنا صكوك نسلمها لهم، وذهابهم إلى جنيف هو اعترافهم بالشرعية الدولية، نحن نتمنى ألا يذهبوا إلى جنيف، ودعونا نعود للوطن ونطبق ما تم الاتفاق عليه».
وأكد نائب الرئيس اليمني أن الحكومة اليمنية لم تكن طرفا في المباحثات التي أجريت في مسقط بين الأميركيين والحوثيين، وقال: «مباحثات مسقط هي عملية تيسيرية عبر وسيط عماني، ولم ينتج عنه سوى شيء واحد، وهو سقوط شعار (الموت لأميركا)، إن كان بمحرم أو غير محرم».
وذكر بحاح أن النشاط الدبلوماسي اليمني توقف تدريجيًا مع ما يسمى بالربيع العربي، ولم يحصل أي تعيينات في الممثليات الخارجية، بل بعض السفراء اليمنيين عادوا إلى صنعاء، مؤكدا أن «إحدى الأولويات الرئيسية هي تنشيط مهام وزارة الخارجية، وإدارة الملف السياسي بأدوات مهنية عبر وزارة الخارجية، وتعمل الوزارة حاليا على تتبع بعض الإجراءات الخاطئة التي تمت على عهد الرئيس السابق، ونعمل على توثيقها».
ولفت إلى أن مؤتمر اليمني بالرياض الذي عقد الشهر الماضي حقق حشدا وطنيا كبيرا لأكثر من 400 شخصية يمنية، ولو أردنا أن نحققه في الداخل قد لا نستطيع، وهناك من قطع 30 ساعة بالباخرة، وآخر خاطر بحياته، من أجل رمزية الحضور الوطني، وهي رسالة للميليشيات أن هناك يمنا واحدا، مشيرًا إلى أن الجيش اليمني باق ولن يتم بناء جيش جديد، وأن المنتمين إلى الجيش الحالي هم جزء من الجيش الوطني المقبل.
وأكد بحاح أن هناك من رفع شعار الهدنة الإنسانية في اليمن بشعار الرحمة وفي باطنها العذاب لليمنيين، حيث توسع المتمردين على الشرعية في المدن، وقاموا بعمليات إجرامية في مدن الضالع وعدن وتعز، بل ساهموا بإطلاق عدة صواريخ على جارتنا السعودية خلال فترة الهدنة، ونحن مستعدون لهدنة خلال رمضان ولكن يجب الانسحاب من المدن المحتلة.
وأوضح خالد بحاح، نائب الرئيس اليمني خلال كلمته في المؤتمر الصحافي أن إدارة الصراع والانتصار للحق وإرادة الشعب هي مسؤولية مشتركة يجب على جميع أبناء اليمن الشرفاء والمخلصين أن يسهموا فيها، وأن تسخر كل الجهود لإيقاف القتل والدمار بعيدًا عن أي حسابات أو مكاسب فئوية.
وقال بحاح إنه «بالوحدة الوطنية والإرادة والعزيمة والثبات على الحق سيتحقق النصر بإذن الله، وأن ما يجري في بلادنا هو اختلال في موازين القوى مكن طرفا من الاعتداء على الآخر، وإن الذين استبدلوا بالولاء للوطن الولاء للأفراد باتوا مع كل خطوة يخطونها يرفعون مستوى الكراهية عليهم، ومع كل طلقة نارية يستنزفون مالهم من رصيد في قلوب أبناء الشعب، فهم الآن في ثوب المعتدي الغاشم الخائن لشعبة ودينه المفارق للجماعة، لن يرحمهم التاريخ وسيضعهم في مزبلته، وإننا وإن نترحم بكل حزن وأسى على كل الشهداء الذين لقوا ربهم دفاعًا عن الأرض والعرض والكرامة الإنسانية فإننا نتمنى الشفاء العاجل لكل الجرحى ونحيي أبطال المقاومة الشعبية الذين سطروا ببطولاتهم صفحات من نور وستتذكر الأجيال القادمة تضحياتهم واستبسالهم في عدن والضالع وتعز وأبين وشبوة ومأرب والبيضاء وغيرها من المحافظات الأخرى».
وأضاف: «إن الحكومة اليمنية التي قررت العودة إلى ممارسة عملها في ظروف معقدة واستثنائية استجابة واستشعارًا منها للحس الوطني تواجه في الواقع تحديات كبيرة، ولا يخفى على الشعب اليمن ولا عليكم جسامة المسؤولية القائمة أمامها، ونحن نطالب بالحرية وإطلاق سراح الوزير محمود الصبيحي وجميع الأسرى والمعتقلين السياسيين، كما نتوجه بالنداء إلى المخلصين من أبناء قواتنا المسلحة بأن آن لكم أن تكونوا في جانب إرادة الشعب، وتثبتوا بأنكم فعلاً حماة الوطن تحديدًا في هذه الأيام الفارقة من تاريخ البلاد».
وأشار نائب الرئيس اليمني إلى أن تحسين الوضع الصحي الذي وصلت إليه بعض محافظات اليمنية هو أولوية في مجال الإغاثة، «ونناشد جميع المنظمات الصحية الإقليمية والعالمية إعارة الجانب الصحي اهتمامها البالغ لوجود شح في الأدوية وانتشار الأمراض المعدية والمطالبة بتوفير السلع والأدوية».
وناشد بحاح المجتمع الدولي بالضغط على الميليشيات الحوثية وصالح بعدم استهداف المنشآت الصحية وأن يكفوا عن الوقوف في وجه الأدوية التي تم توفيرها والتي تسعى لجنة الإغاثة إلى توزيعها على المناطق الأكثر حاجة، «ونؤكد أن كل لحظة تمر دون تدخل إغاثي سريع سنخسر فيها أرواحًا من الأبرياء».
وأشار إلى أن الحكومة الحالية أمام عدد من الملفات المهمة والعاجلة في نفس الوقت، ولعل في مقدمتها ملف الإغاثة حيث تم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نقل أكثر من 90 في المائة، من العالقين اليمنيين في الخارج من مصر والأردن والهند، وبلغ إجمالي عدد العالقين حتى هذه اللحظة 8450 شخصًا.
وثمن نائب الرئيس اليمني الدور الكبير لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وقال: «المركز له دور كبير ومشكور في توفير الموارد المالية لكلفة عملية نقل العالقين، وإن جهود الحكومة اليمنية مستمرة بشكل حثيث، حيث من المقرر خلال الأسبوع المقبل نقل بقية العالقين من ماليزيا وإندونيسيا وتركيا وتونس وإثيوبيا وألمانيا وغيرها الذي يبلغ عددهم نحو 1500 يمني.
وأكد أن استجابة السعودية للنداء الإنساني والأخوي والمتمثل في إنشائهم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وكذلك ما أسفرت عنه المساعي المشتركة بين البلدين بإنشاء عدد من مراكز إعادة الأمل التي تقدم فرصة لعدد من أبناء اليمن لتصحيح أوضاع إقامتهم بالسعودية، إذ تم إنشاء عدد من تلك المراكز في مدينة الرياض وجدة وعدد من المناطق الأخرى، أما في ما يخص جانب الإغاثة فقد بلغ سفن الإغاثة الغذائية عبر الأمم المتحدة 21 سفينة، ونسعى جاهدين إلى أن توزع هذه الجهود الإغاثية بشكل عادل على جميع المحافظات على أن تعطى الأولوية للمناطق الأكثر حاجة.
وأضاف: «نناشد كل المنظمات الإغاثية أن تعمل وفق هذه القاعدة المنصفة، كما عملت الحكومة على تسهيل إجراءات السفن التجارية المحملة بالمواد الغذائية، إذ تم دخول 23 سفينة غذائية محملة بالمواد الإغاثية في الوقت الذي لا تغطي الحد الأدنى من الاحتياجات».
وقال إن «اليمن سعى إلى توفير المشتقات النفطية التي للأسف لم يصل إلى الموانئ منها إلا اليسير بسبب سطو الميلشيات الحوثية وصالح على بعضها واستخدامها للأغراض الحربية، وترويجهم بخطورة المناطق التي لا تخضع لهم»، وزاد: «أدعو المنظمات الدولية لتوزيع المساعدات الإنسانية عبر الموانئ والمطارات الأمنية مثل مطار مصافي عدن وميناء المكلا ومطارها والمخا وغيرها».
وذكر نائب الرئيس اليمني أنه في أقل من شهرين من أداء اليمين الدستورية وتسلمه مهامه كنائب للرئيس، وعودته إلى الحكومة، قام بزيارة كل دول الخليج، وتطرق إلى وضع اليمن اليوم وغدًا، ومكانها الطبيعي بين دول المجلس، ولمسنا من قادة دول المجلس الخليجي تفهما كبيرا لوضع اليمن في المرحلة الحالية والقادمة.
وأضاف: «نتطلع لأن يكون اليمن جزءًا من منظومة مجلس التعاون الخليجي، لكي نسهم معًا في حماية إقليمنا وشبه الجزيرة العربية».
وحول الذهاب إلى جنيف، أكد بحاح أنه تم صياغة ميثاق شرف لكل القوى الوطنية في مؤتمر الرياض، «وسبق لنا كيمنيين أن صغنا خارطة طريق لمستقبل اليمن في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ونؤكد أننا جاهزون ككتل وطنية موحدة رئاسة وحكومة وأحزاب وقوة اجتماعية مدعومة للذهب إلى أي مشاورات أو مفاوضات لإجهاض المشروع الانقلابي واستعادة سلطات الدولة وإيقاف هذه الميلشيات المسلحة عبر تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216».
وأضاف: «سنذهب إلى أي تشاور لأننا مسؤولون عن كل أبناء شعبنا من صعدة إلى المهرة، وإننا معنيون بكل ما يخفف معاناتهم، ويوفر لهم فرص العمل الكريم».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.