«داعش» يواصل هجومه على مدينة الحسكة السورية

استمرار نزوح العائلات باتجاه الأحياء التي يسيطر عليها الأكراد

«داعش» يواصل هجومه على مدينة الحسكة السورية
TT

«داعش» يواصل هجومه على مدينة الحسكة السورية

«داعش» يواصل هجومه على مدينة الحسكة السورية

تستمر المعارك العنيفة اليوم (الجمعة) في محيط مدينة الحسكة التي يحاول تنظيم داعش انتزاعها من قوات النظام السوري، في وقت حصدت فيه الغارات الجوية المتواصلة على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة نحو مائة قتيل في يومين.
وتتجه الأنظار إلى مدينة الحسكة الواقعة في شمال شرقي سوريا التي ستكون، في حال سقوطها، مركز المحافظة الثالث الذي يخرج عن سيطرة النظام بعد مدينتي الرقة الواقعة تحت سيطرة التنظيم المتطرف، وإدلب التي استولى عليها «جيش الفتح» المكون من «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية في 28 مارس (آذار).
وبدأ تنظيم داعش في هجومه في 30 مايو (أيار)، باتجاه الحسكة، مركز محافظة الحسكة، التي تتقاسم السيطرة عليها وحدات حماية الشعب الكردية والقوات النظامية.
وتتركز المعارك جنوب المدينة التي بات التنظيم على بعد نحو 500 متر منها. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «قوات النظام تواصل استقدام تعزيزات إلى المدينة».
وذكر ناشطون لوكالة الصحافة الفرنسية أن عائلات نزحت من الأحياء الجنوبية والشرقية للحسكة التي يسيطر عليها النظام، في اتجاه أحياء المدينة الغربية والشمالية التي يسيطر عليها الأكراد، خوفًا من دخول التنظيم إلى المدينة، أو من تعرض مناطقهم لقصف بقذائف الهاون.
ولم يتدخل المقاتلون الأكراد حتى الآن في المعارك، حسب المرصد.
وقال المرصد السوري اليوم: «لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين قوات النظام مدعمة بكتائب البعث وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر في المشارف الجنوبية لمدينة الحسكة».
وأشار إلى أن «المنطقة تشهد منذ صباح اليوم قصفًا عنيفًا ومكثفًا من الطيران الحربي على تمركزات للتنظيم في محيط المدينة وجنوبها».
وأسفرت العمليات العسكرية منذ اندلاعها عن مقتل 71 عنصرًا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم قائد كتائب البعث في الحسكة، و48 عنصرًا على الأقل من تنظيم داعش، بينهم 11 فجروا أنفسهم بعربات مفخخة في مواقع لقوات النظام.
وتعرض النظام خلال الشهرين الأخيرين لسلسلة خسائر على الأرض، وهو يشن منذ أيام حملة قصف جوي بالطائرات الحربية أو البراميل المتفجرة على مناطق عدة خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا وجنوبها وشرقها. وتسبب هذا القصف «غير المسبوق»، حسبما وصفه عبد الرحمن، بمقتل 94 شخصا خلال الساعات الـ48 الماضية.
كما وثق مقتل 20 طفلاً بين هؤلاء و16 امرأة، «إضافة إلى إصابة مئات آخرين بجروح ودمار في الممتلكات».
وواصل الطيران المروحي التابع للنظام اليوم، إلقاء البراميل المتفجرة على الأحياء الشرقية في مدينة حلب. وتسبب برميل سقط على حي الميسر بمقتل ثلاثة أشخاص هم والد ووالدة وطفلهما.
كما أفاد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الدفاع المدني يبحث عن ضحايا آخرين محتملين تحت الأنقاض.
وأحصت منظمة العفو الدولية في عام 2014، مقتل ثلاثة آلاف مدني نتيجة القصف الجوي من طائرات النظام. وقتل المئات غيرهم منذ مطلع العام الحالي.
وبدأت قوات النظام استخدام هذه البراميل في نهاية عام 2013 على مدينة حلب وريفها، ما أثار انتقادات عنيفة من منظمات دولية وغير حكومية.
في منطقة القلمون شمال دمشق، أفاد المرصد بمقتل ثمانية عناصر من حزب الله اللبناني وقوات النظام في صاروخ أطلقته «جبهة النصرة» أمس على مواقع لهم.
ويقاتل حزب الله إلى جانب قوات النظام السوري في مناطق عدة من سوريا، فيما أفادت مصادر أمنية سورية والمرصد السوري بوصول آلاف المقاتلين العراقيين والإيرانيين أخيرا إلى سوريا لمساندة قوات النظام على الحفاظ على المناطق الخاضعة لسيطرتها، بعد التراجع الميداني القاسي الذي شهدته أخيرا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.