واشنطن تقر قانونًا يحد من صلاحيات وكالة الأمن القومي

ارتياح وسط المدافعين عن الحريات المدنية وشركات المعلوماتية

واشنطن تقر قانونًا يحد من صلاحيات وكالة الأمن القومي
TT

واشنطن تقر قانونًا يحد من صلاحيات وكالة الأمن القومي

واشنطن تقر قانونًا يحد من صلاحيات وكالة الأمن القومي

صادق الرئيس الأميركي باراك أوباما، مساء أول من أمس، على قانون إصلاحي يحد من سلطات «وكالة الأمن القومي»، خصوصًا على صعيد جمع البيانات الهاتفية المثيرة للجدل.
وكان مجلس الشيوخ صوت قبل ذلك بساعات على مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب قبل بضعة أيام.
وكتب أوباما على «تويتر» قبل توقيعه على القانون: «أنا مسرور لأن مجلس الشيوخ أقر أخيرا قانون الحرية (فريدوم آكت). إنه يحمي الحريات المدنية وأمننا القومي». وفي بيان آخر صدر في وقت سابق، انتقد أوباما أعضاء الكونغرس «على التأخير غير الضروري أو المبرر لعمل هيئات مهمة للأمن القومي»، وذلك طيلة الأيام التي تطلبها إقرار القانون. وتابع: «إدارتي ستعمل بأسرع ما يمكن على ضمان أن يكون للمسؤولين المكلفين الأمن القومي كامل الصلاحيات ليواصلوا عملهم في حماية البلاد».
وينص القانون الجديد على نقل مهمة تخزين المعطيات إلى شركات الاتصالات لتبديد مخاوف الأميركيين حيال المراقبة التي تمارسها حكومتهم. وفي هذه الحال، لن يكون بإمكان السلطات الاطلاع على المعطيات إلا بقرار قضائي. كما ينص على منح «وكالة الأمن القومي» مجددًا سلطة مطاردة الأشخاص الذين يشتبه بأنهم يخططون منفردين لممارسة أعمال إرهابية وإخضاعهم للتنصت.
وصرح السناتور الديمقراطي باتريك ليهي، الذي يعد من مهندسي القانون: «إنها لحظة تاريخية»، وذلك بعد التصويت بغالبية 67 صوتا مقابل 32، ووصف ما حصل بأنه «التعديل الأول لقوانين المراقبة منذ عقود».
وجاء التصويت بعد مشاورات شاقة أدت إلى انقسام بين الجمهوريين؛ بين تأييد إجراءات قوية لمكافحة الإرهاب، والحاجة لحماية خصوصية الأفراد، وذلك بعد التسريبات التي كشفها إدوارد سنودن المتعامل السابق مع «وكالة الأمن القومي» حول النطاق الهائل لعمليات جمع المعلومات. وكان سنودن كشف في يونيو (حزيران) 2013 الحجم الهائل لعمليات المراقبة. وعلقت «وكالة الأمن القومي» جمع هذه البيانات الاثنين الماضي بسبب انتهاء العمل بالمادة 125 من قانون «باتريوت آكت» الذي كان يشرع جمع هذه المعطيات.
وفي المقابل، ندد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بالإصلاح، معتبرا أنه «خطوة إلى الوراء». وكان السناتور الجمهوري راند بول المرشح للانتخابات الرئاسية في 2016 والمعروف بمواقفه المتفجرة في مجلس الشيوخ، تمكن من تأخير إقرار مشروع القانون الإصلاحي، لا سيما بإلقائه خطابا في 20 مايو (أيار) الماضي استمر 10 ساعات.
ويحظى القانون الجديد بدعم كبريات شركات المعلوماتية والإنترنت الأميركية وفئة من المنظمات غير الحكومية التي تدافع عن الحياة الخاصة وتناهض المراقبة الإلكترونية. ورحب عملاق الإنترنت «ياهو» في بيان بإقرار القانون، عادّا أنه يمثل «انتصارًا لمستخدمي الإنترنت في كل مكان» و«يساعد على حماية مستخدمينا من خلال إصلاح مهم للغاية لبرامج المراقبة وممارسات الحكومة الأميركية».
من جهته، وصف جميل جافير، مساعد مدير الشؤون القانونية في «المنظمة الأميركية للدفاع عن الحقوق المدنية» (إيه سي إيل يو) الإصلاح بأنه «خطوة كبيرة». وقال: «هذا أهم قانون في مجال المراقبة منذ 1978، وإقراره مؤشر إلى أن الأميركيين ما عادوا يريدون إعطاء وكالات الاستخبارات توقيعا على بياض»، مشيدًا من ناحية ثانية بدور سنودن في التوصل إلى هذا التغيير. ولكنه في الوقت نفسه حذر من أن هذا الإصلاح لا يحرم الحكومة من وسائل المراقبة «الأكثر تطفلاً والأوسع نطاقًا».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.